القاهرة - العرب اليوم
دعا "محمد" صديقيه "هاني" و"نبيل"، صباح الخميس، لتناول وجبة الإفطار في شقته، في غياب زوجته، لكنه لم يعلم أن تلك الجلسة ستكون سببًا في أن تضع حدًا لحياته، حيث قتله صديقه على مرأى ومسمع من أهالي منطقة المنيرة الغربية في إمبابة.
كعادته جلس "سعد" - (33 عامًا)، على مقهى مختار المقابل للعقار رقم 14 في حارة الجندي، لأخذ قسط من الراحة بعد عناء يوم عمل طويل، بينما يصعد "هاني" و"نبيل" شقة صديقهما "محمد البرنس" بالطابق الثالث، وقد أحضرا وجبة الإفطار، المحلات لم تفتح أبوابها بعد، حركة المارة قليلة، هدوء يسود المنطقة يقطعه صوت استغاثة في تمام العاشرة والنصف "الحقوني هموت"، ليخرج أحد الجيران من شرفة منزله المواجهة لشقة "البرنس" طالبًا النجدة "اطلعوا بسرعة.. محمد بيموت".
"الباب الخارجي الحديد مقفول من الداخل وباب البيت مفتوح ومحمد غرقان في دمه على الأرض وصديقه نبيل مكبل اليدين بجواره" يقول "سعد" إنهم طالبوا "هاني" بفتح الباب فكان الرد: "المفتاح مش معايا"، فكرر الجيران نفس الطلب لإنقاذ حياة صاحب الـ36 عامًا، فجاء الجواب صادما "ما تخافوش سطحية سطحية".
مع فشل محاولات فتح الباب وعدم استجابة شرطة النجدة -حسب شهود عيان- استنجد الأهالي بالقائمين على نقطة شرطة المنيرة التي تبعد نحو 10 دقائق عن محل الواقعة، وحضر أمينا شرطة، فظن الجميع أنهما "طوق النجاة" لكن كانت المفاجأة "مش هنقدر نفتح الباب لازم يكون في ضباط موجودين"، وقد وقعت كلمات الشرطيين على الأهالي كالصاعقة لتسود حالة من الهرج والمرج وسط إصرار "هاني" على عدم فتح الباب، وأن إصابة صديقه سطحية رغم أن "مدخل الشقة والسلم كان كله دم زي السلخانة"، يقول مالك محل بقالة.
بمرور الوقت، حضر ضابطان من قسم شرطة إمبابة وطالبا "هاني" بفتح الباب فكان جوابه "أنا ماليش دعوة.. نبيل هو اللي قتله وأنا كتفته علشان ما يهربش"، أثارت تلك الكلمات غضب الأهالي ليؤكد أحدهم "حرام عليك بطل افترى"، ليطلب رجال الشرطة الجميع بالانصراف "محمد مات.. والنيابة جاية دلوقتي تعاين الجثة"، فيما شكّل رجال المباحث دائرة بمسرح الجريمة تزامنًا مع وصول فريق من النيابة والمعمل الجنائي، يبحثون ملابسات الجريمة ليؤكد لهم أحد الجيران "هاني ربط نبيل وقتل محمد وهو نائم حتى لا يقاومه".
وفي مدينة السلام بمحافظة القاهرة، كانت زوجة "محمد البرنس" رفقة "كنزي" 4 أعوام -ابنة محمد من الزوجة الأولى- وطفلتها "ساجدة" عامين، لتطمئن على جدها لمروره بوعكة صحية منذ يومين، إذ تتلقى اتصالا هاتفيا من أحد الجيران "البقاء لله.. جوزك اتقتل"، لتسقط مغشيًا عليها، رافضة بعدها محاولات أسرتها بمنعها من الذهاب لاكتشاف حقيقة الأمور، وبينما يصطحب رجال المباحث هاني ونبيل مكبلي اليدين إلى ديوان القسم، حضرت زوجة "محمد البرنس"، لتنهال بالسباب على المتهمين "اتفوا عليكم.. انتم واكلين عيش وملح مع بعض.. تقتلوه"، ملقية باللوم على رجال الشرطة لتأخر وصولهم من ناحية، وجارهم المقيم بالشقة المقابلة من ناحية أخرى "إزاي مالحقتهوش؟".
"ماحدش بيقتل حد وهو فايق، هاني كان شارب مخدرات، الشرطة وجدت شريط برشام أبتريل فاضل قرصين فقط"، يؤكد "أحمد إبراهيم"، أحد قاطني المنطقة، أن المجني عليه كان يتمتع ببنيان قوي مقارنة بالمتهمين "هاني ونبيل مايجوش حاجة جنب محمد".
يلتقط أحد قاطني المنطقة طرف الحديث مستنكرًا الجريمة "أبو هاني وأمه وأخته ماتوا بحالة تسمم من سنين، واللي كان بيصرف عليه محمد"، مؤكدًا أن الضحية كان يساعد "هاني" أثناء سجنه على ذمة عدة قضايا "كان بيقوم له محامي غير الأكل والشرب". قتل "محمد البرنس" عاد بذاكرة الأهلي إلى مقتل شقيقه "عمرو" منذ 10 سنوات "اختلف وصديقه على شريط برشام، وصاحبه جه علشان يصالحه قدام بيته لكن طعنه في قلبه وهرب"، يقول الرجل السبعيني صاحب محل البقالة المجاور لمنزل الضحية "أول ما سمعت بقتل محمد كنت لسه فاتح، قفلت المحل بسرعة وروحت"، واضعًا كلتا يديه على وجهه "مش بستحمل أشوف المصايب دي.. ربنا يصبرهم".
مع غروب الشمس، اتشحت المنطقة بالسواد، تجمع الأهل والجيران أمام منزل قديم مكون من 6 طوابق، لمواساة "طارق" و"حمادة" شقيقي الضحية، اللذين انهمرا في البكاء لـ"سقوط ثالث أوراق شجرة العائلة". تحريات الرائد محمد مجدي، معاون مباحث قسم إمبابة، أشارت إلى أن مشادة كلامية وقعت بين "محمد البرنس"، (36 عامًا)، السابق اتهامه في 17 قضية، وصديقيه "عبد الحميد م."، (39 عامًا)، ترزي، وشهرته "هاني"، السابق اتهامه في 6 قضايا، و"نبيل ح."، 33 عاما، السابق اتهامه في 4 قضايا؛ وذلك بسبب خلافات مالية سابقة بينهم.
وأوضحت تحريات معاون مباحث قسم إمبابة، الرائد كريم أبو العباس، إلى أن "محمد" استدعى صديقيه إلى مسكنه لإنهاء الخلاف، فوقعت مشادة تطورت إلى مشاجرة، تعدى خلالها محمد على "هاني" بسكين مُحدثًا إصابته بجرحين قطعيين بكف اليد اليمنى وأصبع السبابة اليسرى، قبل أن يستخلصها منه الأخير، ويسدد لها 8 طعنات بالصدر والرقبة والظهر..
أرسل تعليقك