جبال القصرين ثروة غابيّة هامة ونادرة في تونس
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

جبال القصرين ثروة غابيّة هامة ونادرة في تونس

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - جبال القصرين ثروة غابيّة هامة ونادرة في تونس

مدينة القصرين
تونس-تونس اليوم

وأنت تتجوّل وسط مدينة القصرين ليلاً، تظهر لك أعمدة النّار وخطوط الدّخان جليّة متناثرة من جبالها الّتي تحيط بها من كلّ صوب.لهيب يأكل بعنف غابات جبل السلّوم وسمّامة شرقاً في الوقت الذي يحترق فيه الشعانبي على مهل غرب مدينة القصرين. نار لم يسلم من بطشها جبل تيويشة وبيرينو وغيرهما شمال المدينة، ما أضفى على متساكني الجهة شعوراً إضافيّا بالغبن لأسباب سنأتي على شرحها تباعا في هذه الورقة:

الشّعانبي ورحلة الشّتاء والصّيف:

يمثّل جبل الشعانبي، أعلى قمّة في الجمهوريّة التونسيّة ب1544 متراً على سطح البحر، رمزًا إعتباريّا لسكّان الجهة. ليس بطوابقه السّبعة المسترسلة من  سفحه إلى  القمّة فحسب، بل لأنّه كان قبل أكثر من عقد من الزّمن، قبلة الزوّار من المحليّين والأجانب، في الصّيف والشّتاء، بحثا عن جولة ترفيهيّة، في منطقة تحتوي مثل جلّ مناطق القصرين الغابيّة حيوانات نادرة مهدّدة بالانقراض كالأرو والأيل والكروان وابن آوى والضّبع المخطّط والحجل والخنزير والأرنب البرّي، وغيرها. حيوانات عاشت في غطاء نباتيّ متنوع يظمّ خصوصًا الصّنوبر الحلبيّ والكشريد والعرعار والإكليل...

سنوات انتكاسة الجبال:

منذ سنة 2012، ومع تواتر أخبار تحصّن مجموعات التّكفير والإرهاب بمختلف تسمياتهم في جبال القصرين، تغيّرت المشهديّة، وأصبحت جلّ الغابات في المرتفعات الّتي كانت مصدر فخر كلّ الأهالي  وموطن رزق أكثر من 70 ألف نسمة يقطنون المناطق الغابيّة (16% من مجموع سكّان ولاية القصرين)، أصبحت موطن نقمة، استشهد فيها المدنيّ والأمنيّ والعسكريّ، أو بُترت أطرافه داخلها في أقلّ الحوادث وطأة على القلوب. وباتت جلّ تلك المرتفعات مناطق عسكريّة مغلقة تدور في شعابها رحى الحرب على الإرهاب. وما يزال الدّاخل إلى ظهرانيها مهدّد والخارج من قلبها شهيد أو مصاب أو محظوظ.

ثروات تأكلها النيران:

الحدث أصبح عاديّاً، والاستثناء هو أن لا تندلع الحرائق في جبال القصرين كلّ صيف. نيران تأكل غابات متفرّدة بنهمٍ، فعلى صعيد الذّكر لا الحصر، أتت الحرائق على ما يفوق ال140 هكتاراً في آخر أيّام شهر جوان وأول أيّام جويلية من سنة 2021، وفق رئيس دائرة الغابات بالقصرين،المهندس الرّئيس يامن حقي. ولا تزال النيران مندلعة إلى حدود اليوم بجبال سمّامة ومغيلة والسلّوم وتيوشة والشّعانبي.

حرائق تهدّد 158 ألف هكتار من المناطق الغابيّة في ولاية مصنّفة من ضمن أكبر الولايات التّونسيّة الّتي تحتوي ثروات غابيّة. ثروة توفّر 12 مليون وحدة علفيّة من 44 مليون وحدة جمليّة للقطيع الجهويّ للأغنام بولاية القصرين، المقدّر ب125 ألف رأس. بالإضافة إلى ما تقدّمه من ثروات أخرى كالحطب و"الزقْوقْو" والإكليل والّتي سنأتي عليها تباعا في ورقات قادمة.

نداءات عاجلة:

مع تواصل التهاب النيران في جبال القصرين، وجّهت جمعيّات نداءات، وتدخّل ناشطون عبر موزاييك، وطالبوا بتدخّل سريع  للسّلط المركزيّة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر توفير كل الآليات اللاّزمة لإنقاذ الغابات، ثورة القصرين المهملة في أقرب الآجال، لعلّ الجبال الّتي أكلها الإرهاب شتاءً والتهمتها الحرائق صيفاً تلفض كلّ دخيل  عنها، بشريّ كان أو طبيعيّ، وتعود كما كانت مورد رزق ومصدر فخر لكلّ من سمع عنها.

في القصرين وأنت ترى بالعين المجرّدة أعمدة النّار ترتفع من الجبال نحو السّماء، قد تشعر بأن هذه الحرائق لا تلهب الغابات فحسب، بل تحرق جزءًا من الذّاكرة الجمعيّة، وقطعة من الافئدة الرّافضة لكلّ عمل تخريبي يمسّ طبيعة جبليّة لا تشبه إلّا ندرتها...

قد يهمك ايضا:

فرض حظر التجول في مدينة القصرين التونسية

مجهولون يسرقون محتويات الجامع الكبير في مدينة القصرين التونسية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبال القصرين ثروة غابيّة هامة ونادرة في تونس جبال القصرين ثروة غابيّة هامة ونادرة في تونس



GMT 10:41 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

الأمطار ترفع مخزونات السدود في تونس

GMT 08:56 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

إحباط عملية تهريب 492 رأس غنم من الجزائر إلى تونس

GMT 18:49 2021 الإثنين ,06 كانون الأول / ديسمبر

لبناني يصطاد أكبر سمكة تونة ويقدمها هدية للفقراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:21 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي الخميس 29-10-2020

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 08:29 2021 الجمعة ,07 أيار / مايو

مسلسل ''حرقة'' أفضل دراما رمضانية في تونس

GMT 05:48 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

اكتشاف تقنية جديدة تساعد في إنقاص الوزن الزائد

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 00:15 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الشطة لعلاج مرض الصدفية

GMT 10:54 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة عن القبول في جامعات الولايات المتحدة في "أميركية دبي"

GMT 09:15 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أيتام «داعش» مَنْ يعينهم؟
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia