المدرسة الرسمية في لبنان تواجه أزمة فقدان الثقة
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

"التعليم" تؤكّد أن الأزمات واللجوء السوري عوامل حالت دون التطوير

المدرسة الرسمية في لبنان تواجه أزمة فقدان الثقة

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - المدرسة الرسمية في لبنان تواجه أزمة فقدان الثقة

وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية
بيروت - العرب اليوم

تعاني المدرسة الرسمية في لبنان من العديد من الإشكاليات، فهي ليست في أحسن أحوالها، والإقبال على الالتحاق بها، ولا سيما في المراحل الابتدائية والمتوسطة، يتدنى، لكن في المقابل، لا تتوقف الجهود في وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية لمواجهة التحديات التي تعيق تطور هذا المرفق الحيوي والأساسي للشعب اللبناني.

ويبلغ عدد المدارس الرسمية على امتداد المناطق اللبنانية 1260 مدرسة، تضم 314.726 تلميذًا و42.686 أستاذًا، بينهم 22.989 في الملاك و18.851 متعاقدًا.

المفارقة، أن المدارس الخاصة تتقاضى أقساطًا مدرسية كبيرة قياسًا إلى سلم الرواتب في لبنان، ولا قدرة لأكثرية اللبنانيين على تحملها، إلا أن الدولة التي تراجع دور مدرستها الرسمية نتيجة الحرب الأهلية وحاجتها إلى مواكبة التطوير التربوي، تعمد إلى تقديم المنح المدرسية لأبناء الموظفين والعسكريين العاملين لديها المسجلين في المدارس الخاصة، فتغطي إما كامل القسط أو نسبة معينة منه، عوضًا عن تحسين مستوى المدرسة الرسمية لتستقطب غير القادرين على تسديد هذه الأقساط.

ومع الارتفاع الكبير لكلفة التعليم في تلك المدارس، ارتفعت قيمة المنح المدرسية التي وصلت في موازنة عام 2018 إلى نحو 430.3 مليار ليرة. كما يرِد في دراسة أعدتها "الدولية للمعلومات". وأوضحت الدراسة، أن "هذه المبالغ المرصودة في الموازنة مرشحة للارتفاع، وقد تصل إلى نحو 516 مليار ليرة، أي بارتفاع 20 في المائة عن الكلفة المقدرة في الموازنة".

المدير العام للتربية، فادي يرق، ليس غافلًا عن أحوال المدرسة الرسمية، وهو لا يوافق على أن التعليم الخاص في لبنان أفضل من التعليم الرسمي في جميع المراحل أو في جميع المدارس للمرحلة ذاتها. وكما يؤكد أن "النظرة العامة إلى المدرسة الرسمية ليست علمية، وهي خاطئة في كثير من المقاربات. هناك ظلم للقطاع التربوي الرسمي"، ويضيف "تم وضع خطة عمل خمسية لتطوير القطاع في الأعوام بين 2010 و2015، لكن الأحوال في لبنان من أزمات سياسية، ومن ثم الأزمة السورية تحديدًا، كلها عوامل حالت دون تنفيذ الخطة وتطوير القطاع. فنحن نحتاج إلى استقرار لإرساء الخطط وحصد نتائجها في الأجيال التي تتعاقب على المدرسة الرسمية. فالأزمة السورية أثرت على الالتحاق بالمدرسة الرسمية. واليوم لدينا 51 في المائة من التلاميذ السوريين مقابل 49 في المائة من اللبنانيين في مرحلة التعليم الأساسي".

وإذ يقر أن "لا سياسة رسمية واضحة حيال المدارس الخاصة"، يوضح أن "لبنان يشهد نموًا كثيفًا في قطاع التعليم الخاص بمعزل عن المواصفات الجديدة الجيدة. ربما 25 في المائة من هذه المدارس لديها مستوى جيد، في حين أن أكثر من 20 في المائة من المدارس الرسمية لديها مستوى جيد. ولا تصح المقارنة بين الخاص والرسمي. فالتفاوت هو نفسه".

ويمكن تلخيص التحديات الأساسية في النظام التعليمي بعدم المساواة في توفير التعليم الجيد في جميع المدارس، وتفاوت نسب القراءة والكتابة والحساب التأسيسي في مراحل الصفوف المبكرة، كما أن عدم دعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة غير متوافر في جميع المدارس. وهذه التحديات تعكس انعدام ثقة ذوي التلاميذ بالتعليم الرسمي.

ويقول يرق: إن "مرد ذلك إلى ثقافة سارية لدى الأهالي، فهم يفضلون تعليم أبنائهم في مدرسة خاصة في مراحل الروضة والابتدائية والتكميلية. وهذه الثقافة تتبدل لمصلحة التعليم الرسمي عندما يتعلق الأمر بالمرحلة الثانوية. وعدد التلاميذ ونسبهم في المرحلة الثانوية أفضل منه في المراحل التعليمية الأصغر"، كما يشير إلى أن "مرحلة الروضة تعمل على إثبات جدارتها، مع إعداد معلمين اختصاصيين، إضافة إلى تجهيزات ولوازم مناسبة. بالتالي، يفترض أن يتحسّن وضعها في المدى المنظور وترتفع نسبة الإقبال".

البنى التحية للمدرسة الرسمية تعكس تفاوتًا بين نوعية البناء المدرسي في جميع أنحاء لبنان، إضافة إلى اختلاف وتباين في توفير التجهيزات واعتمادها، في حين تتعدى تكاليف الإيجارات المدرسية 20 مليون دولار سنويًا، هذا عدا تسييس بناء المدارس، فقد تم بناء أكثر من 30 مدرسة في مناطق لا إقبال عليها.

ويوضح يرق، أن "بعض المدارس الرسمية في حاجة إلى بناء مدرسي ملائم ولو بالحد الأدنى. وهذا ما نعمل على استدراكه، لكن الأمر دونه صعوبات. المفروض إنشاء تجمعات للمدارس. فالروضات والمدارس الابتدائية يجب أن تكون قريبة من المنازل في الأحياء والقرى، والمتوسطة يمكن أن تتمركز بين مجموعة أحياء. أما المدرسة الثانوية، فيجب أن تكون في مجمعات تشمل قطاعًا كبيرًا من المناطق، بحيث يمكن الاستفادة من البنى التحتية والمنشآت واللوازم وتجميع هيئة تعليمية. ففي لبنان لا مشكلة في المواصلات والوصول إلى المدرسة".

مشكلة مهمة تعترض تطوير المدرسة الرسمية، وهي المناهج والتدريس؛ إذ لم يتم تحديث المناهج الدراسية منذ عام 1997. والمناهج التربوية هي من اختصاص المركز التربوي للبحوث والإنماء، لكنها أسيرة التجاذب السياسي. ويشكل غياب كتاب التاريخ الموحد دليلًا على تسييس التربية والتعليم. ونتيجة الانقسام السياسي والطائفي الحاد بين الأطراف اللبنانية على كثير من الأحداث التي شهدها لبنان منذ سبعينات القرن الماضي إلى تاريخه، يتوقف تعليم التاريخ اللبناني عند مرحلة الاستقلال.

ويرفض يرق التطرق إلى المناهج لأنه "ليس المرجع الصالح للخوض في الموضوع"، لكنه يلفت إلى الجهد المبذول على هذا الصعيد، ويضيف "المطلوب تعزيز اللغات؛ لأن اللبناني يتميز بقدرته على إتقان العربية والفرنسية والإنجليزية وهذه ميزة تسمح له بتحصيل مزيد من الثقافة العامة، وتفتح له أبواب المعرفة وأسواق العمل بعد تخرجه. كذلك، المطلوب تعزيز تطور التكنولوجيا، إضافة إلى دمج مفاهيم الاقتصاد الحديثة بالمواد العلمية. ونحتاج إلى تعزيز خدمة المجتمع ومفهوم قبول الآخر والمواطنة منذ الصفوف المدرسية. ولتحقيق هذه الأهداف يلزمنا غطاء سياسي لبناء جيل من المواطنين بمعزل عن استخدام وزارة التربية للخدمات السياسية، وإنما لوضع سياسات تربوية مرتبطة بالتزامات لبنان، مثل الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030.

عن إعداد المدرسين، يقول يرق: "مع توقف دور المعلمين والمعلمات عن إعداد الجسم التعليمي ورفد المدارس الرسمية بالمدرسين، باتت وزارة التربية تعمل على سد النقص من خلال الناجحين في المباريات التي يجريها مجلس الخدمة المدنية، بحيث يصار إلى إعدادهم في كلية التربية، ومن ثم توزيعهم على المدارس. أما تلبية الحاجة الطارئة والمستجدة، من بينها أساتذة المواد الإجرائية، فيصار إلى تأمينهم من خلال التعاقد. وهناك ضرورة للمواءمة والتنسيق بين التدريب المستمر والإرشاد المهني، وتطوير طرائق التعليم لتعزيز مهارات القرن الـ21، مع الإشارة إلى أن لدينا نسبة كبيرة من متعاقدين تجاوزوا سنّ الرابعة والأربعين، ولا يمكن الاستثمار بإعدادهم".

عن ظاهرة مدارس من دون تلاميذ، يقول يرق "هذا واقع ندركه في بعض القرى النائية، حيث تدنّى عدد التلاميذ نتيجة النزوح الداخلي من الريف والجبل، لكن لا يمكن أن نغفل حق كل تلميذ في التعلم؛ فهذا واجب على الدولة، فإذا كان في قرية ما عدد محدد من التلاميذ، نرى أن من واجبنا أن نبادر إلى تأمين طاقم علمي لهم، ولو كانت تكلفة هذا الطاقم عالية نسبة إلى عدد الأولاد، فالمهم أن ينال التلميذ حقه من التعلم من جهة، وتثبيت الأهالي في قراهم من جهة أخرى، لا أن ندفعهم إلى النزوح، أو دفع الطفل إلى الأمية".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة الرسمية في لبنان تواجه أزمة فقدان الثقة المدرسة الرسمية في لبنان تواجه أزمة فقدان الثقة



GMT 17:56 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تعلن عن الترفيع في المنح وفي مقاعد الدراسة للفلسطينيين

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار

GMT 16:40 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

"برجر كينج" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 16:54 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

شهر واعد يحمل لك فرصة جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia