الجزائر ـ حسين بوصالح
اعتبر الأديب القاص الجزائري عيسى بن محمود، في حديثه لـ"العرب اليوم"، أنّ القصة هي اللون الأدبي الأكثر إمتاعًا حيث تتزاوج الفكرة بمتعة اللغة، موضحا أن النص السردي الجزائري سواء القصة أو الرواية يحظى بمكانة مرموقة عربيًا، معبرًا أن أسفه لحال العرب وذكر أن نزيف القلم من نزيف الوجع العربي، منتقدا غياب مشروع ثقافي جزائري من طرف الوزارة أو الهيئات المستقلة المشتغلة على الفعل الثقافي في الجزائر.
وعبّر صاحب "الرحيل" أن تعلقه بكتابة القصة عائد للتزاوج الذي تتيحه بين الفكرة واللغة، فقد كانت بدايته شعرا وريشة، يقول بن محمود "يأخذ الشعر حلاوة اللغة ورقة الانسياب وجميل الوقع الآني، وتأخذ الريشة الفكرة الواحدة ، بيد أن القصة تزاوج بين متعة اللغة وحضور الفكرة، ويجانب الحقيقة من ينسبها لموطن بعينه فهي لا تزال جديدة مقارنة بالشعر والرسم في الآداب العالمية، فتشكل متسعا بهيا للإبداع".
وأشار ابن بلدية أولاد دحمان بولاية برج بوعريريج، إلى أن الرواية مرحلة آتية في إبداعات عيسى بن محمود معترفا بوقوعه في غوايتها، "لكن لست أعد بقرب الإفراج عنها ، بل وأجزم أنها ستستغرق مني سنتين أو تزيد مع ما سلف من وقت"، واعتبر توجه القارئ للرواية مجاراة للموضة التي يسير عليها القارئ العربي أو العالمي، مستدركا أن الحكم يبقى جزافيا "لكن في غياب نسب المقروئية في الجزائر يعد حكما جزافيا وإن رافقته تبريرات المطابع ودور النشر بالعزوف عن الفنون الأخرى".
وأشاد صاحب المجموعة القصصية "الشليطة تغمر المدينة"، بقيمة النص السردي الجزائري سواء القصة أو الرواية ومتوقعها الجيد بين الدول العربية، مضيفا أنه مشهود له فيها بالتجديد على مستوى اللغة و الأسلوب و الرؤية ، بل يعد سباقا إلى فتوحات إبداعية معترف لها بالجودة و الإجادة ، و هو ما يعطي القصة القصيرة في الجزائر آفاقا رحبة للإبداع و التنظير.
وتحدث عيسى بن محمود لـ"العرب اليوم"، عن الوجع العربي واعتبر الكتابة عنه توجها لا إراديا قائلا أنه "لا شك أن للمنهل الواحد للأمة تجليات أقرب ما تكون إلى الالتزام بذات القضايا ، غير أن الكاتب يرد الجرح الأكثر إيلاما"، مضيفا أنه "لا من جسد قيد العمليات القيصرية مثل الجسد العربي فتأتي عديد الكتابات لفضح البرء الكاذب وتبيان القيح من الدم بتهشيم المشهد الحالي والموروث وإعادة تشكيله كما يرى الكاتب أن يكون ، ثم أن جغرافيا الوضع الحالي لا تعني إلا مزيدا من الكراسي والمناصب لكنها توّحد البؤس والإجهاض في كامل رقعتها وإن تعددت خانات لوح الشطرنج".
وانتقد بشدة واقع الثقافة بالجزائر، معتبرا أن غياب مشروع ثقافي جزائري سببه إبعاد المثقف الحقيقي عن التخطيط والمساهمة والمشاركة في تأطير المشروع، في حين اكتفى المشهد بمحاولات محتشمة فرديا أو في إطار جمعيات محلية تحاول رفع التحديات.
وفي ردّه عن الرسالة التي يسعى بن محمود تمريرها للقارئ الجزائري أو العربي فقد شبهها باللوحة فيما لو شرحت ما أردت قوله فيها قتلتها كذلك هي الأعمال الأدبية، فيكون للقارئ سلطة الحكم إن هي أدت رسالة على مستوى الفكرة و المتعة في آن، غير أني أقر بأنها تجريب على مستوى اللغة و البناء".
يشار إلى أن الأديب الجزائري عيسى بن محمود، أصدر ثلاث مجموعات قصصية "رحيل" 2006، "الشليطة تغمر المدينة" 2007، و"حزيرانيات" مجموعة قصص قصيرة 2009، وينشر إبداعاته في العديد من المواقع الأدبية والصحف الوطنية والعربية.
أرسل تعليقك