أستعد لإصدار الفضاء المديني والتغير الاجتماعي
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

الباحث التونسي شهاب اليحياوي لـ "العرب اليوم":

أستعد لإصدار "الفضاء المديني والتغير الاجتماعي"

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - أستعد لإصدار "الفضاء المديني والتغير الاجتماعي"

الباحث التونسي شهاب اليحياوي

تونس ـ أزهار الجربوعي كشف الباحث التونسي في علم الاجتماع، الدكتور شهاب اليحياوي في مقابلة خاصة مع "العرب اليوم"، أنه بصد الإعداد لبحث جديد يحمل عنوان "الفضاء المديني والتغيير الاجتماعي"، خلال شهر مارس/ آذار المقبل، وهو دراسة اجتماعية عن علاقة مدينة الحفصية التونسية العتيقة بالشخصيات التي تسكنها في علاقة بطابعها المعماري والثقافي، وأبعاد ودلالات عمقها الحضاري ومخزونها التاريخي.
وأكد الباحث التونسي شهاب اليحياوي لـ "العرب اليوم" أن كتابه الجديد "توزيع الفضاء المديني والتغير الاجتماعي" هو دراسة سوسيو مورفولوجية لفضاء المدينة التقليدية التونسية، حيث تولى الكشف عن كيفيات توظيف واستعمال الفضاء، الذي هو مدينة الحفصية التونسية العتيقة، من قبل الذوات الاجتماعية التي تسكنها وتتواصل معها عبر مخزونها الاجتماعي والثقافي.
ويشير الدكتور شهاب اليحياوي إلى أنه استخلص من خلال بحثه أن المكان والمدينة تجاوزت مفهوم الفضاء لتشمل مفاهيم أوسع، مشددًا على أنها أضحت قناة تواصل ثقافي واجتماعي، وبالتالي رمزي، بين الذوات الاجتماعية التي تتحرك وتفعل وتتفاعل داخل هذا المكان مع ذاتها ومع الآخرين. كما تسعى هذه الدراسة إلى الكشف عن علاقة التأثير والتأثر التي تربط مدينة الحفصية ومتساكنيها.
ويشير الباحث إلى أن  ترتيب الغرف في المدينة لا يتلاءم مع أفكار وتصورات الشخص، فحسب، بل هو نتيجة لمخزون ثقافي واجتماعي وعرفي، فأن يغير موقع غرفة الاستقبال من فناء الدار إلى أولها فذلك لكونه بفعل تنشئته الاجتماعية غير منفتح كليًا على الآخر، وأنه يضع في اعتباره عند ترتيب الداخل من الدار معايير ثقافية مثل: عدم تكشف الآخر على حريمه أو خصوصياته، أو أن هذا التقسيم الفضائي للداخل يترجم تصنيفه للآخرين بين قريب وغريب، وبالتالي يعد الفضاء ليستقبل الناس وفق هذا التقسيم الذي هو ثقافي، وبالتالي فالثقافي هو الذي يحدّد الفضائي وليس العكس.
ويقول الدكتور شهاب اليحياوي في مقدمة بحثه الذي تحصل "العرب اليوم" على نسخة منه رغم أنه ما زال تحت الطبع، أن المدينة التقليديّة التونسية لا تكشف، فقط، عن الاستقطاب المدني للريفي أو ذاك الاختراق الريفي للمدني، الذي هو ترجمة للتنمية اللامتكافئة بين الريف والمدينة، وبين الجهات الساحلية والشمال الغربي بالذات في تونس، بل تكشف عن أحد أبرز الازدواجيات التي تستبطنها وتمظهرها المدينة التقليدية، والمتمثّلة في دورها التاريخي كفضاء استقبال وعبور. فهي من ناحية، فضاء استقطاب واستقبال للتدفّق الريفي، ومن ناحية أخرى تلفظ في اتّجاه ضواحي العاصمة. وهي بذلك تستبطن التمظهرات العمرانية والمعمارية والاجتماعية لهذا الاختراق من جهة، وتدفع نحو خلق اختراق جديد متخارج في اتّجاه الأطراف والضواحي القريبة من العاصمة  التونسية من ناحية أخرى، داعيًا إلى إيلاء الأهمية إلى البعد الثقافي الذي يكمن بين طيات وخبايا هذه الظاهرة.
وأضاف الباجث التونسي لـ "العرب اليوم"، أن المعمار التونسي القديم لمدينة الحفصية لا يخضع إلى منطق الجمالي والهندسي فقط، بل إلى مفاهيم ومعايير ذات صلة بنظرة الشخص إلى نفسه، وإلى مكانته ضمن الفضاء الاجتماعي، وأيضًا إلى ثقافته العربية الإسلامية التي شاء أن يعبر عنها من خلال المعمار، وهنا يتابع الدكتور شهاب "أن نغلق المفتوح أو نفتح المغلق من السور الخارجي فمعناه أننا نبث رسالة للآخر لها مضمون تواصلي، ونقرأ منها موقفه من الفضاء المشترك الذي يتواجد فيه".
ويفسر اليحياوي ظاهرة "التستّر الفضائي" المقترنة بمرجعية ثقافية ودينية وإسلامية تضفي على خصوصية البيت ودواخله حرمة وقداسة، بالقول "إنه فعل ثقافي رمزي، وهو سلوك افتعالي لكونه يفتعل المنتج لأنّه يغيّر القائم أو الحاصل في هيئة أو مظهر أو معمار الدار أو بعده الجمالي. فأن يمدّد الفاعل عموديًا السور الأمامي للدار التي تسلّمها بامتداد متوسّط للسور، هو رفض لنوعية العلاقة المعطاة أو المملاة بين داخل وخارج لصالح فكرة أنّ الداخل خاص، وكلّ خاص مقدّس، وكلّ مقدّس هو حرمة".
هذه الحرمة للداخل هي ثقافة الشاغل التي تتعيّن ماديّا في هذا السلوك. فأن يتّجه الشاغل إلى خلق حاجز مادي/ بصري للشرفة أو عبر تعلية سور الدار أو على الشبابيك المطلّة على الشارع هو سلوك ثقافي يحيل إلى قيم ومعايير وتصوّرات وتمثّلات، ولكنّه أيضًا سلوك اجتماعي يحيل إلى أسلوب اندماج الذات الاجتماعية ضمن محيطها العام.
كما يؤكد الباحث التونسي أن صورة مدينة الحفصية تتجاوز انحصارها في الخارطة اليومية لحركة وانتقال الجسد في الفضاء، أو جغرافيا التفاعل والتواصل الاجتماعيين ضمن المكان، لتستدعي جانب الذاكرة أو المعرفة الماضوية بالفضاء، التي هي  نتاج التحصيل لمعرفة عن الفضاء متعدّدة المصادر، التي منها الحكي أو التداول الشعبي لتاريخ المكان وزمانه.
ويذكر أن حي الحفصية أو "الحارة"، كما كان يطلق عليه قديمًا، هو إحدى المدن التقليدية العتيقة، التي تأسست منذ العهد الحفصي الذي حكم تونس في الفترة الممتدة بين (627 – 982هـ و1229 – 1574م)، وتوجد بجوار المقام الصوفي الشهير "سيدي محرز" وسط العاصمة التونسية، وكان يقطنها يهود ومسلمون، إلا أنهم هجروها بعيد الحرب العالمية الثانية تاركين منازلهم شاغرة.
ويخلص الباحث إلى أن فضاء المدينة هو جسر أو قناة تواصل بين المستعمل له وماضيه وذاكرته، أي ذاته، ومع الآخرين. يستحيل معه إلى منظومة دلالات يقتضي فكّ رموزها وتحوّل مدلولاتها العودة إلى الجماعة، وإلى الفاعل ذاته، وإلى قيمه ومعاييره، وإلى أهدافه وغاياته.
ويقول الكاتب "إن الشريحة الأكثر حظًّا ماديًّا، والتي تحتل الأحياء القديمة للحفصية، قامت بانتهاج أسلوب معماري يجمع بين التحديث والتأصيل للمنزل في واجهته مثلما في معماره. ففي حين تحافظ على الشكل التقليدي للباب مثلاً مع تجديد مادته وصبغته أو لونه تعمد إلى تجميل إطاره وأرضيته الأمامية (العتبة) بشكل فنّي مغاير لا يتّصل بالشكل القديم. فهي بذلك تهدف إلى التجسيد المادي لرتبتها الاجتماعية أو لارتقائها الاجتماعي، على الفضاء المشغول في ظاهره المعطى لتأويل الآخر، أي تهدف إلى تقديم صورة للآخر الأهلي (أهل الحي أو أهل النهج) أو العابر أو الغريب مثلما يرضيها أو مثلما تريد، لا مثلما يفرضه المكان أو النظرة الأخرى له.
وتتوسّط الواجهة أو المظهر الخارجي للدار بين شاغلها وقارئها باعتبارها تستحيل بهذا المعنى عنوانًا للمكانة الاجتماعية، مثلما هو معطى لقراءة وتأويل اندماج شاغليها في فضائهم المدني. وهو ما جعله يشدد على أن المكان والمدينة صارت لغة يتكلّمها الناس رمزيًا، ويتواصلون عبرها وبها مع ذواتهم ومع الآخرين، وهي لغة  يقتضي فكّ رموزها وفهم مدلولاتها المعرفة بالفاعل الاجتماعي الذي يبثّها، ويوجّه رسائلها المشفّرة ماديًّا وجماليًّا ومعماريًّا.
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور شهاب اليحياوي هو باحث وأستاذ تونسي متحصل على الأستاذيّة في علم الاجتماع، على الدكتوراه في العلوم الاجتماعية، يحمل في تاريخه الكثير من الإنجازات والبحوث والمقالات السوسيولوجية، على غرار بحث "النجاح والفشل الدراسي"، الذي يتناول العوامل المفسّرة لللامساواة في التحصيل الدراسي، والآفاق التلمذية ما بعد الدراسية .
وقد توصل إلى نتائج مثيرة في فهم أسباب وعوامل الفشل الدراسي، وتباين تأثيرية متغيّرات عدة كالجنس، والمستوى المادي للعائلة، والمستوى التعليمي للأم والأب، ونتائج فعل مساعدة كل منهما لأبنائهم الذكور أو الإناث فى التحصيل الدراسي لأبنائهم.
وقد تناول في قسمه النظري تاريخية المدرسة، وتمثّل مختلف تيّارات علم الاجتماع لدور ووظيفية المدرسة في علاقة بالمجتمع أو المحيط المجتمعي، الذي تتداخل وتتفاعل معه المدرسة بأشكال وصور متعدّدة.
 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أستعد لإصدار الفضاء المديني والتغير الاجتماعي أستعد لإصدار الفضاء المديني والتغير الاجتماعي



GMT 08:04 2021 الأحد ,05 كانون الأول / ديسمبر

إنطلاق مهرجان أيام قرطاج المسرحية في تونس ومصر ضيف شرف

GMT 09:59 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تدخل موسوعة غينيس بأكبر حذاء في العالم صنع في صفاقس

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia