استطاع رجل من ولاية كاليفورنيا الأسبوع الماضي نقل لحظات ولادة ابنه باستخدام النقل المباشر على "فيسبوك" مما سمح لمئات الآلاف من المشاهدين في جميع أنحاء العالم أن يتتبعوا اللحظات الأولى من حياة الانسان في الوقت الحقيقي.
وتنبأ مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج الشهر الماضي أنه في غضون عشر سنوات ستنتشر الفيديوهات أكثر كي يتمكن الجميع من مشاركتها والتواصل من خلالها، ويلقي هذا التحول باتجاه استخدام الفيديوهات مساعي كبيرة في فيسبوك التي تروج بقوة لمنصة الابداع التي تدعى فيسبوك لايف.
ولا يعتبر فيسبوك وحده في هذا المجال، فاشترى توتير مؤخرا حقوق فيديو البث المباشر لليلة الخميس لألعاب أن اف ال ، فيما وظفت شركة برسكوب الصحفي ايفان هانسن كأول رئيس لتحريرها وبدأ ميركات في ادخال الفيديوهات الحية عبر أجهزتها المحمولة في أوائل عام 2015.
ويعد التواصل بالفيديو نقطة مهمة بالنسبة لشركات وسائل الاعلام الاجتماعية فالناس تتجه أكثر لاستخدام الهاتف المحمول، فمستخدمي السنابشات يشاهدون اليوم أكثر من 10 مليار فيديو، وأعلنت شركة انستجرام في اذار/مارس المساح للمستخدمين بارسال مقاطع فيديو طويلة تصل الى 60 ثانية.
وتوضح محللة الابحاث في شركة ارندورس للتحيل ماتي لوتنن " الفيديو المتحرك سيكون شكل يعمل بطريقة أفضل على وسائل التواصل الاجتماعي، فهو يعنى المزيد من المشاركة، والمغامرة ويتم تشاركه أكثر."
ويبشر هذا التحول ببداية لنقل وسائل الاعلام العالمية التي تتيح للناس طرق جديدة كي تشترك في التغطية الاعلامية وبالتالي كسب المال، ويشير الصحفي في فوكس 4 ستيفن نوفيلو " عندما استخدم الانترنت لأول مرة على التلفزيون كانت الفكرة تكمن في كيفيه اعادة الناس لاستخدام التلفزيون مرة أخرى، وقد تغيرت هذه الأيديولوجية منذ ذلك الحين، الان التركيز أصبح على مصادر بحث الناس عن المعلومات وتسهيل الوصول اليها، وأن تبلي الشركات احتياجاتهم."
وظهرت على سبيل المثال وسادة حورية البحر التي تغير لونها في محل للأثاث، واستطاعت أن تحقق شهرة بفضل خاصية فيسبوك لايف، وكانت هذه الخاصية في البداية متاحة للمشاهير ووسائل الاستخدام الاجتماعي، وأصبحت متاحة للجميع في كانون الثاني/يناير لتوسيع استخدامها.
ووجدت هذه الخاصية جمهورا واسعا لتقبلها، من بينهم الناشرين مثل الجزيرة AJ+وبزفيد، ولكن يسعى فيسبوك الى الاستفادة من الأمر من خلال فرض رسوم على الشركات الاعلامية بدفع 250 ألف دولار في الشهر لكل 20 منشور كي تمكنوا من نشر فيديوهاتهم مباشرة، وتعتبر بزفيد واحدة من هؤلاء الشركات مع صحيفة نيويورك تايمز وهافنغتون بوست وفوكس ميديا وجاوكر ميديا وساي واخرين.
ويعد استخدام الفيديو لفيسبوك بسيطا، فكشفت زوركربرج في الربع الاول من عام 2016 أن المستخدمين يقضون أكثر من 50 دقيقة بالمتوسط على الفيسبوك وانستجرام وماسنجر، ولكن الفيديو يمكن أن يعزز المشاركة الى أبعد من ذلك، وصرح حينها " نرى ان الناس يحبون الانخراط مع اللقطات الحية، فمن البيانات الاولية رأينا أن الناس تعلق 10 مرات أكثر على الفيديو الحي مقارنة مع الفيديو العادي."
ولا يعني هذا ألا وجود للجانب السلبي لهذه التكنولوجيا، فمؤخرا اتهمت مراهقة أمريكية باستخدام برسكوب لتتبع اغتصاب صديقتها مما يدل على صعوبة الانفتاح مع الفيديو الحي واستخدامه العام، وصرح الرجل من كاليفورنيا الذي صور لحظات ولادة ابنه انه لم يكن يدرك أن الفيديو يمكن أن يشاهده الجميع في أنحاء العالم مما يؤدي تساؤلات حول المسئولية التي تقع على عاتق الفسيبوك ووسائل الاعلام التي تروج لهذا التيار تجاه الشخص الذي يصور والأشخاص الموجودين في الفيديو.
وتظهر معضلة أخرى في سيطرة وسائل الاعلام، ففي حالة فسيبوك لايف فان شركة فيسبوك هي صاحبة الكلمة العليا فيه، فتابعت لوتنن " هناك خطر على الناشرين في أن يفقدوا السيطرة على تقديم المحتوى، وفي كثير من الأحيان لن يكون هناك عائق لوقف فيسبوك من اعادة أي اتفاق تقاسم عائدات أو تغيير وتبديل الخوارزميات لتعزيز المحتوى أكثر."
ولا تعتبر هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لوسائل الإعلام مثل بزفيد المتخصصة في رعاية المحتوي، حيث إجمالي المشاهدات محسوبة بغض النظر عن مكانها، ويغري الشركات وجود نحو 1.65 مليار مستخدم نشط على فيسبوك.
وأشارت شركة بزفيد أن الفيديو الحي لتفجير البطيخ حصل الى 800 ألف مشاهدة في حين أن ساكي بريطانيا تبث الأخبار والرياضة على الهواء مباشر مع 100 ألف مشاهدة فقط، وأكد محرر وسائل الاعلام الاجتماعية في بزفيد اندي دنجرفيلد " يمكن الوصول الى الجمهور وطرح عليهم الأسئلة من خلال الفيديو، أو يمكنك أن تسأل عن الاتجاهات، فعندما كنا ننقل على الهواء مباشرة من بروكسل بعد الهجمات كان المشاهدين يسألونا مباشرة عما يحدث."
ويستطيع الفيديو الحي أن يجذب جمهورا ضخما بعد أن يأرشف، فحوالي 1000 شخص شاهدوا وسادة حورية الحر في البث المباشر ولكن نجاح الفيديو الحقيقي أتي بعد ذلك، وتخطى عدد مشاهدة الفيديو اليوم 35 مليون شخص، وتضاعف على أثره عدد مستخدمي الموقع الذي نشره.
ويكمن السؤال في قدرة شركات الإعلام على متابعة النجاح مع هذا التيار الجديد فتقديم محتوى فيديو مقنع ليس بالأمر السهل ناهيك عن ضرورة كسب المال، فإقناع الجمهور يؤدي الى قد كبير من المال ويحتاج في نفس الوقت الكثير من الجهد، وما تزال التحديات الأخلاقية حول المسألة قائمة بسبب مباشرة وسرعة البث.
ويفيد نوفيلو أنه من المهم تجنب التفكير بهذا الأمر فهذا الشكل من التطوير عرضي أكثر ولا تنطبق عليه نفس القواعد المعمول بها عادة في التلفزيون، ويضيف دنجرفيلد أنه من الأهمية بمكان تجنب تعريض الصحفيين أو أي شخص كان الى الخطر في حالات الأخبار العاجلة والاحتراس من الأحداث الغير مخطط لها والتي يمكن أن ينظر إليها بطريقة غير لائقة أو مسئية، ويكمن الحل في التفكير قبل الضغط على زر النقل المباشر.
أرسل تعليقك