كلارا ماس ضحت بحياتها لإنقاذ البشر
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

بعد أن وافقت على جعل نفسها "فأر تجارب"

"كلارا ماس" ضحت بحياتها لإنقاذ البشر

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - "كلارا ماس" ضحت بحياتها لإنقاذ البشر

كلارا ماس
لندن - العرب اليوم

على مر التاريخ، لم يتردد العديد من البشر في التضحية بأنفسهم من أجل تقدم العلم حيث عمد هؤلاء لوضع حياتهم على المحك جاعلين من أنفسهم فئران تجارب بشرية لإثبات نظريات علمية ودحض بعض الأفكار السائدة. وإضافة للطبيبين البريطانيين جوناس كيلغرين والسير توماس لويس وتجاربهما المؤلمة على العظام، وعالم الكيمياء الألماني ماكس جوزيف فون بيتينكوفر وتجربته الخطيرة باستخدام بكتيريا الكوليرا، ومغامرة الطبيب الإيطالي جيوفاني غراسي المرعبة مع الديدان الشريطية، يذكر التاريخ اسم الممرضة الأميركية كلارا ماس (Clara Maass) والتي فارقت الحياة في ريعان شبابها بعد أن وافقت على جعل نفسها "فأر تجارب" بشريا خلال الأبحاث حول مرض الحمى الصفراء.

فأثناء الحرب الأميركية الإسبانية سنة 1898، تطوع العديد من النساء الأميركيات للعمل كممرضات بمراكز الصحة العسكرية بولايات فلوريدا وجورجيا ومنطقة سانتياغو الكوبية للاعتناء بالجنود الذين عانوا طيلة هذه الحرب من أمراض مختلفة، كان أبرزها الحمى الصفراء والتي تسببت لوحدها حسب العديد من المصادر في وفاة عدد هام من الجنود تجاوز عدد الذين سقطوا خلال المعارك.

وتطوعت الأميركية كلارا ماس البالغة من العمر حينها 21 سنة خلال تلك الفترة، للعمل كممرضة لصالح الجيش الأميركي، وقد حافظت الأخيرة على هذه الوظيفة إلى حدود شهر شباط/فبراير 1899، حيث تم الاستغناء عن خدماتها بشكل مؤقت قبل أن تعود مرة ثانية خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 1900 لمواصلة مهامهما بكوبا لصالح لجنة بالجيش الأميركي مختصة في دراسة الحمى الصفراء.

فعقب نهاية الحرب الأميركية الإسبانية منتصف شهر آب/أغسطس سنة 1898، انتشر مرض الحمى الصفراء بشكل سريع في كوبا، وهو ما أثار قلق الأميركيين الذين فضلوا إرسال لجنة طبية وعلمية مختصة لدراسة هذا المرض عن كثب.

اقرأ أيضا:

توقيف ممرضة هوكينغ المتهمة بـ"سوء السلوك" بعد رعايته لـ15 عاما

ونشر الطبيب الأميركي وليام غورغاس (William Gorgas) في خريف عام 1900، إعلانا للحصول على خدمات عدد من المتطوعين لإجراء تجارب حول مرض الحمى الصفراء. ولتشجيع المتطوعين، عرض وليام غورغاس مكافأة قيمتها 100 دولار لكل متطوع، ووعد بتقديم 100 دولار إضافية لمن يصاب منهم بالمرض. وقد لجأت السلطات الأميركية للاعتماد على فئران تجارب بشرية بدل الحيوانات بسبب عدم قدرتها على تحديد تأثير الحمى الصفراء على هذه الأخيرة وصعوبة الحصول على نتائج واضحة.

وعلى الرغم من علمها بمخاطر الإصابة بهذا المرض ومشاهدتها لمعاناة الجنود خلال الحرب الأميركية الإسبانية، تطوعت كلارا ماس لتكون بذلك واحدة من "فئران التجارب" البشرية لدراسة الحمى الصفراء. وخلال شهر آذار/مارس 1901، أجريت أول تجربة على هذه الممرضة تعرضت خلالها للسعة بعوضة تغذت طيلة الفترة السابقة على دم مصابين بالحمى الصفراء. وعقب هذه التجربة الأولى، أصيبت كلارا ماس بأعراض المرض قبل أن تتماثل تدريجيا للشفاء.

وأثارت نتائج الأبحاث قلق الأطباء حيث كان هؤلاء متيقنين من نقل البعوض للمرض. وبسبب تماثل الذين خضعوا للتجربة للشفاء سريعا، افتقر الباحثون للدليل القاطع الذي يؤكد مسؤولية هذه الحشرة في نقل الحمى الصفراء.

ووافقت كلارا ماس، خلال شهر آب/أغسطس 1901، على أن تتعرض للسعة ثانية من بعوضة مصابة بالحمى الصفراء. لكن خلال هذه التجربة الثانية اختلفت النتائج عن تلك التي تم التوصل إليها بالتجربة الأولى، حيث تدهورت الحالة الصحية لكلارا ماس بشكل سريع لتفارق الحياة يوم 24 آب/أغسطس 1901 عن عمر يناهز 25 سنة.

وحاول الأطباء إثبات نظرية اكتساب جسم الإنسان لمناعة ضد مرض الحمى الصفراء عقب إصابة سابقة به وبسبب وفاة كلارا ماس جاءت النتائج مخيبة للآمال لتثبت عكس ذلك. في الأثناء، أثارت وفاة كلارا ماس موجة استياء شديدة بالولايات المتحدة الأميركية أسفرت عن وضع حد لاستخدام البشر كفئران تجارب أثناء الأبحاث على مرض الحمى الصفراء.

وفي غضون ذلك، دفنت جثة كلارا ماس بمقبرة المستوطنين بهافانا بكوبا وظلت هنالك لأشهر قبل أن تنقل خلال شهر شباط/فبراير 1902 لتدفن بمقبرة فيرمونت بمدينة نيوآرك بولاية نيوجرسي الأميركية.

قد يهمك أيضا:

سارة فورسيث تكشف كيف تحولت من ممرضة إلى "بائعة هوى" في "أمستردام

"صحيفة أميركية تؤكد أن مقتل الممرضة رزان النجار لم يكن حادثاً غير مقصود

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلارا ماس ضحت بحياتها لإنقاذ البشر كلارا ماس ضحت بحياتها لإنقاذ البشر



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 03:04 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مبتكرة لجعل مداخل المنازل أكثر جاذبية

GMT 11:39 2021 الإثنين ,27 أيلول / سبتمبر

القبض علي عملية هجرة غير شرعية في سواحل صفاقس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia