مغربيات يخاطرن بحياتهن لتهريب البضائع من إسبانيا
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

مغربيات يخاطرن بحياتهن لتهريب البضائع من إسبانيا

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - مغربيات يخاطرن بحياتهن لتهريب البضائع من إسبانيا

باب سبتة - المغرب ـ سعيد بونوار

تخاطر نساء مغربيات بين الطرق الحدودية الوعرة بحياتهن لحمل بضائع التهريب، بين مدينة تطوان وسبتة (الثغر المغربي المحتل من قبل الإسبان شمال المغرب)،  بينما لا تهتم الأجهزة الأمنية الإسبانية بالتدقيق في وجوهن التي اعتادوا على رؤيتها كل يوم، فالعابرات (المورو)، حينما يهرولن عند الغروب في اتجاه بوابة الحدود (الوهمية) المعروفة باسم "معبر طارخال"، فهن مجبرات على نقل بضائع التهريب على ظهورهن كل يوم لإيصالها إلى الأباطرة القابعين في قصورهم بعد أن يقطعن عشرات الكيلومترات يوميًا ركضًا، مقابل مبلغ زهيد  قد لا يكفي لإعالة أسرهن، دون تأمين ولا تغطية صحية ولا اعترافًا رسميًا، وسط تجاهل للسلطات في كلتا الضفتين. فالمغرب "المنهوك" ببضائع التهريب من المنطقة الحرة الإسبانية سبتة، يدير ظهره لأطنان البضائع التي تلج أسواقه دون أداء رسوم جمركية أو ضرائب، وفي منافسة غير متوازنة للإنتاج المحلي أو الاستيراد القانوني، ويرى القائمون على تدبير الشؤون الاقتصادية المغربية أن هؤلاء النسوة اللواتي يتحملن وزر نقل البضائع لفائدة مهربين كبار يضيع على المغرب ما مقداره  1.75 مليار درهم ( أي حوالي227 مليون دولار) سنويًا. أما إسبانيا الباحثة عن التخفيف من حدة أثقالها وأعبائها الاقتصادية مع الأزمة العالمية تجد في المنفذ المغربي جنيًا لأموال طائلة تضعها المهربات في الحسابات البنكية الإسبانية، وينشطون بها دورة المال والأعمال والإنتاج في أوروبا. و يذكر أن هؤلاء النساء أضحين عارفات بخبايا السياسة والمال، رغم أميتهن الشديدة، وهن ملزمات كل يوم بولوج  مدينة سبتة عبر الحدود، والاتجاه نحو محلات ومخازن كبرى مبنية بشكل عشوائي غير بعيد عن البوابة الحدودية، وعليهن حمل ما يفوق طاقتهن من السلع والبضائع على اختلاف أنواعها، الغالي منها والرخيص، الأثواب والأحذية والألبسة والأغطية والمواد العدائية وحتى المنزلية، وهن مجبرات على العودة قبل غروب الشمس بقليل، ووضع حمولتهن "المهربة" في مخازن أخرى في مدينة تطوان التي لا تبعد إلا بعض كيلومترات ثم تدخل دورة أخرى من التهريب في اتجاه محلات وأسواق في الدار البيضاء والرباط والقنيطرة وغيرها من المدن المغربية. و يمكن للمرأة العاملة في تهريب البضائع أن تحمل الملايين على ظهرها من قيمة السلع، لكنها في النهاية لن تحصل إلا على "الفتات"، وهو عبارة عن بضع دريهمات تعود بها إلى الأسرة حيث يكون الزوج المعول عليه في الإنفاق عاطلا ينتظر زوجته المنهكة، فالمدينة التي تحتضن أكبر سوق لبضائع التهريب في المغرب بل وفي إفريقيا لا توجد بها مصانع أو معامل لاحتواء عدد العاطلين، وهو ما يدفع الكثير من أبنائها إلى تعاطي تهريب البضائع أو تريب المخدرات. و تعاني نساء تهريب البضائع معاناة شديدة، فالعمل اليومي قد يبدأ بسيل من الشتائم العنصرية والتزاحم الشديد مخافة أن تفرض السلطات الإسبانية منعا لولوج هؤلاء المدينة لطارئ ما، وقد ينتهي بحزن شديد، فحاملات البضائع المهربة مطالبات في كثير من الأوقات بأداء رشوة لحرس الحدود من الجانبين، وتجد المرأة المجدة في أحسن الأحوال عائدة إلى منزلها شبه مصابة أو متعبة بـ50درهما (ما يقرب من 6 دولارات). أغلب العاملات في تهريب البضائع من المسنات اللواتي قضين عقودا في مزاولة المهنة، بل إن منهن من تبلغ 75 عاما ومازالت مطالبة بالعمل كما لو أنها شابة، تقول فاطنة لـ"المغرب اليوم":"أنا أبلغ من العمر 70 عاما، لم أعد بالقوة التي كنت عليها في شبابي، وعلي أن أعمل بنفس النشاط، فصاحب البضاعة لا يهمه غير إيصال المطلوب إلى مخازنه إن أردت أن أعود بالدريهمات إلى بيتي". وتضيف زميلتها خديجة:"نحن نعمل ليومنا، لا ضمانات لدينا، نكتفي بحمل الأمتعة التي لا نعلم في كثير من الأحيان ماهي، ومع ذلك فدورنا إيصال الحمولة سليمة". وتتذكر عائشة صديقتيها بشرى والزوهرة اللتين توفيتا قبل عامين أثناء التدافع أمام الباب الحديدي، حينما قرر الأمن الإسباني إغلاق البوابة في وجوه حاملي بضائع التهريب، لقد أصيبت الكثيرات، ومع ذلك عدن للعمل في اليوم الموالي، فتحصيل القوت لا يحتمل الراحة أو التأجيل"، الغريب في القضية أن قاضي  التحقيق حفظ الملف لغياب الأدلة التي تحمل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك. تنتهي مسارات الزمن بنساء التهريب إلى أمراض مزمنة، فالأثقال اللواتي كن يحملنها يوميا وهي تتعدى في أحسن الأحوال الـ100كيلو غراما، تحول أجسادهن إلى مرتع لإصابات بالغة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغربيات يخاطرن بحياتهن لتهريب البضائع من إسبانيا مغربيات يخاطرن بحياتهن لتهريب البضائع من إسبانيا



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia