غلاء المحروقات في سورية جعل المشي أفضل وسائل التنقل
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

غلاء المحروقات في سورية جعل المشي أفضل وسائل التنقل

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - غلاء المحروقات في سورية جعل المشي أفضل وسائل التنقل

دمشق ـ جورج الشامي

برزت رياضة المشي في سورية في الأشهر الأخيرة بشكل جلي ويعود سبب ذلك إلى النقص الحاد في المحروقات، واستحالة تزويد المركبات الخاصة والعامة بالوقود، نتيجة عجز الحكومة السورية على تلبية متطلبات الشارع السوري في ظل الأزمة الحالية. وارتفعت أجور المواصلات في سورية عامة ودمشق وحلب خاصة وبشكل جنوني، اي بما يزيد عن عشرة أضعاف التعريفة الرسمية في دمشق، وربما تصل إلى 30 ضعفاً في حلب، وهذا ما دفع السوريين بكل شرائحهم وانتماءاتهم وخلفياتهم ثقافية ومستوياتهم الاجتماعية للاستغناء عن المواصلات بكل أنواعها الحكومية والخاصة واستخدام القدمين وامتهان رياضة المشي للتنقل في العاصمة السورية دمشق، وفي العاصمة الاقتصادية حلب. ويقول أحد الطلاب الجامعيين لـ"العرب اليوم": "لم أعد أستطيع تحمل التكلفة العالية للمواصلات، وهذا ما دفعني للمشي، من منزلي إلى الجامعة، ذهاباً وإياباً، فأصبحت كلفة الركوب في المواصلات العامة 100 ليرة سورية أي ما يعادل دولارا واحدا في حين كانت في السابق لا تتجاوز الـ"10 ليرات"  وضمن هذه الأرقام أصبحت بحاجة إلى 200 ليرة يومياً فقط للمواصلات، وهذا رقم عالٍ مقارنة مع دخل العائلة، فأصبحت أستخدم المشي في سبيل التوفير". ويحاول آخرون إيجاد وسائل بديلة، فيقول موظف يدعى حسين: "في البداية جاريت التكلفة الزائدة، ولكن مع الارتفاع الجنوني، أصبحت أبحث عن وسائل بديلة، وكان الحل عبر الدراجة الهوائية للوصول إلى مكان عملي، ولكن مع مرور الوقت لم يعد هذا الحل مجدياً بالنسبة للآخرين، فرغم أنني حللت جزء من مشكلتي، ولكن باقي الموظفين لم يستطيعوا ذلك، خاصة أنه حتى الدراجات الهوائية ارتفعت أسعارها بشكل كبير، ووصل في بعض الأحيان إلى 15 ضعفًا". أما موظفو الدوائر الرسمية فكانت معاناتهم أكبر، خاصة أن الدوام الرسمي يبدأ في الساعة الثامنة صباحاً، وهذا ما أدى إلى خروج هؤلاء من منازلهم في الساعة الخامسة صباحاً للوصول إلى مكان عملهم. وتعبر موظفة تدعى سعاد عن معاناتها قائلة: "أصبحت أستيقظ في الرابعة صباحاً، لأتجهز وأخرج من منزلي في الساعة الخامسة وذلك بحكم سكني في الريف، فأضطر ال المشي لأكثر من ساعة ونصف حتى أصل إلى مكان يوجد فيه مواصلات أستقلها إلى مكان عملي"،  وتضيف: "المشكلة الأكبر أن الحكومة رغم أنها المسببة للمشكلة، ولكنها لا تقدر الأزمة، فأي تأخير يتسبب في عقوبة". ويؤكد مدير في أحد دوائر الدولة يدعى عماد في حديثه مع "العرب اليوم": "للأسف لم تلق القيادة بالاً للمواطنين في ظل هذه الأزمة وصعوبة الوصول إلى مكان العمل، وخاصة للذين يسكنون في الريف، فالتأخر دقائق قليلة يكلف الموظف يوماً كاملاً من أجره، هو في أمس الحاجة له في ظل التضخم الذي تشهده البلاد، ولدي عدد من الموظفين يخرجون من منازلهم الخامسة والسادسة صباحاً للوصول إلى العمل، ومع ذلك بتأخر بعضهم نتيجة الأزمة". وفي السياق ذاته تتحدث  سيدة أعمال قائلة "لم أعد أحرك سيارتي من مكانها، ففي بداية أزمة المحروقات، اضطررت إلى الوقوف على محطة الوقود للتزود بالبنزين أكثر من عشرة ساعات، ولكن مع اشتداد الأزمة وتعذر التزود بالوقود، أصبحت أشتري البنزين من السوق السوداء بكلفة عالية، وصلت إلى 4 أضعاف، فثمن 20 ليتر بالشكل النظامي 1100 ليرة سورية أي "ما يعادل 11 دولارات"، وفي السوق السوداء وصل السعر إلى 4000 ليرة، لذلك لم أعد أحرك سيارتي إلا اضطرارياً، وحتى وسائل المواصلات العامة أصبحت نادرة وغالية جداً، فإذا وجدت سيارة أجرة فإن كلفتها عالية جداً، فأصبح مشوار سيارة الأجرة الذي كان يكلف 50 ليرة أصبح 400 وأحياناً 500 ليرة سورية، لذلك فضّلت البقاء في المنزل، أو قضاء المشاوير القريبة سيراً على الأقدام". وأفاد صاحب محل لبيع المأكولات يدعى أحمد  لـ"العرب اليوم": أصبحت "أتسوق بضائعي سيراً على الأقدام، وأضطر لحمل المواد الأولية لمسافات طويلة، فسيارتي لا يوجد فيها وقود، وشرائه من السوق السوداء بكلفته العالية، سينعكس على الكلفة، وسيضطرني لبيع البضائع بأسعار أعلى، لذلك فضلت التبضع سيراً على الأقدام، على أن أشتري الوقود لسيارتي من السوق السوداء، والاضطرار لبيع المواد للمواطن بأسعار عالية، لا يمكنه دفعه في الأساس". ومن خلال ذلك تتضح الأحوال التي هي عليها العاصمة دمشق، والأمر في حلب أكثر صعوبة وتعقيداً، فهذه الأزمة مترافقة مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وعناصر المعارضة، وهذا ما يزيد الوضع سوءً، وتعقيداً، فمع اشتداد الأزمة في الأيام الأخيرة، دفعت البعض إلى السخرية من الوضع في سبيل تخفيف من وطأة الحدث. ويسخر أحد المواطنين من الأوضاع قائلا  : " إن الحكومة السورية بعدم تزويدها المواطن بالوقود ودفعه إلى رياضة المشي، ساهمت في تنشيط الدورة الدموية لدى مواطنيها، وفي حثهم على الرياضة للحفاظ على صحة أجسامهم"  فيما قال آخر: "إنها فرصة للعودة إلى التراث، لنعيد استخدام "الحنتور، والدواب"، في إشارة لتوقف وسائل المواصلات الحديثة، واضطرار بعض المواطنين لاستخدام وسائل المواصلات القديمة، وأضاف ثالث: "العقل السليم في الجسم السليم"!. واعتبر مراقبون أزمة المحروقات بان لها الكثير من التبعات على مختلف الأصعدة، بداية من غلاء في مختلف متطلبات الحياة، وصولاً لغياب التدفئة، وصعوبة المواصلات وغيرها من المشاكل

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غلاء المحروقات في سورية جعل المشي أفضل وسائل التنقل غلاء المحروقات في سورية جعل المشي أفضل وسائل التنقل



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia