يجوب شوارع بغداد عدد لا بأس به من المجانين، وفاقدي العقل، كما يسميهم البعض، بعضهم رجال وبعضهم الآخر من النساء. المواطنة العراقية براء عفيف من بغداد تروي لـ"العرب اليوم" مشاهداتها وما تلاحظه في هذه القضية فتقول:
بملابس متهرئة وشعر أبيض ومشية بين النشاط تارة والإعياء تارة أخرى، وعقل مسه الجنون تلك هي مدرسة اللغة الانكليزية سكينة عبد اللطيف، كما يقول بعض من يعرفها من أهل الحي غير أنهم لا يعرفون الأسباب التي دفعت بها إلى الشارع بهذه الحال لتلتحف الرصيف ليلا وتتسكع فيه نهارا، تشاكس المارة وأصحاب المحال التجارية ويشاكسونها كغيرها من المشردين والمجانين، الذين لم يعد يخلو منهم أي شارع، أو حي سكني راقٍ أو شعبي في بغداد، في ظل غياب إجراءات حكومية فاعلة لمعالجة هذه الظاهرة المتفاقمة يوما بعد آخر.
ويقول المواطن مصطفى حسين إن بعض هؤلاء يشكلون خطرا على الناس، والبعض الآخر منهم لا يشكل أي خطر يذكر، ويشير إلى فئة ثالثة تقوم بتمثيل دور الجنون في الشارع لاستجداء عطف الناس وإحسانهم.
وتحاول منظمات المجتمع المدني من جانبها مساعدة هؤلاء المجانين والمشردين من خلال إيوائهم وتقديم المعونة لهم، إلاّ أن ضعف الدعم الحكومي لهذه المنظمات، وشحة إمكاناتها المالية في الأساس باتت عائقا حقيقيا أمام هذه المحاولات، كما تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان هناء أدور.
وفي الوقت الذي أكد فيه مدير العلاقات والإعلام في دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية سالم الموسوي، أن مسؤولية معالجة مشكلة المجانين تقع على عاتق وزارة الصحة التي تملك مستشفى خاصًا لهذه الحالات، كشف عن تشكيل لجنة خاصة في دائرة الرعاية لتتولى البحث عن المشردين لغرض إيوائهم أو تسليمهم معونات شهرية.
ويؤكد المستشار الوطني للصحة النفسية الدكتور عماد عبد الرزاق من جانبه قدرة مراكز علاج حالات العته والتخلف العقلي التابعة لوزارة الصحة على توفير الخدمات العلاجية لفئة المجانين المشردين، غير انه نوه في الوقت ذاته إلى أن هذه المراكز غير مسؤولة عن إيوائهم، أو عن مصيرهم بعد انتهاء فترة العلاج.
ويوضح معاون مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العميد خالد المحنا أن قوات الشرطة تتابع مشكلة المشردين والمجانين، وتقوم بتسليم كل من تظهر عليه علامات العته إلى المراكز المتخصصة التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وشدد رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية في مجلس النواب العراقي يونادم كنا في هذا السياق على "وجوب تشريع قوانين جديدة تخدم شريحة المشردين والمجانين وذوي الاحتياجات الخاصة وتشملهم برواتب الرعاية الاجتماعية، ليس لتوفير العيش المناسب لهم فحسب، بل ايضا لكي لا يكونوا عرضة للاستغلال من قبل الجماعات المسلحة لتنفيذ أعمال العنف الانتحارية."
ودعا كنا الى ضرورة الارتقاء بمستوى التخصيصات المالية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إذا ما أريد تحسين مستوى أدائها الحالي غير الكافي لمواجهة ظاهرة انتشار المشردين والمجانين.
وحذرت اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد ،الاثنين، من ظاهرة انتشار "المجانين" في شوارع العاصمة ، فيما اشارت الى امكانية استغلالهم من قبل المجاميع الاجرامية لتنفيذ العمليات الارهابية .
وقال عضو اللجنة غالب الزاملي لـ" العرب اليوم " إن "شوارع العاصمة بغداد قد شهدت مؤخراً ظاهرة انتشار "المجانين" دون وجود رد فعل حكومي" ، مبيناً ان "هناك امكانية لاستغلال "المجانين" من قبل المجاميع الاجرامية لتنفيذ العمليات الارهابية بما انهم لا يفهمون شيء ويمكن خداعهم بسهولة".
واوضح الزاملي ان "الجهة المسؤولة عن متابعة هذا الملف هي الدوائر الصحية وبالتالي ندعوها الى القيام بواجبها ونقل اصحاب الامراض العقلية الى الاماكن المخصصة لغرض رعايتهم" ، مشيراً الى ان "الامراض العقلية يمكن علاجها في المراكز والمستشفيات الخاصة التابعة لوزارة الصحة وهي الاماكن المناسبة لهم وتكون افضل من المخاطر التي يواجهوها في الشوارع".
أرسل تعليقك