عثرت الشرطة العراقية، اليوم الثلاثاء، على 13 جثة بينها واحدة لسيدة، في مكبات للنفايات وساحات عامة في مناطق شرق وشمال العاصمة بغداد، وذلك بعد يوم من العثور على ست جثث لضحايا تم خطفهم وقتلهم. وتتجنّب الحكومة العراقية أو قوات الأمن التطرّق إلى ظاهرة الجثث المجهولة، التي تزايدت مؤخراً في بغداد ويعثر عليها في مناطق نائية أو مكبات نفايات.
وأفاد الضابط بالشرطة العراقية العقيد سعدون علي اللامي، بأنّ "جميع الجثث هم أشخاص أعدموا رمياً بالرصاص في مناطق الرأس والصدر، وغالبيتهم بدت عليهم آثار تعذيب واضحة قبل قتلهم". أوضح أنّ "جميع الجثث نقلت إلى دائرة الطب العدلي، تمهيداً لمعرفة أصحابها من خلال مراجعة العائلات التي تبحث عن أبنائها".
وقال الطبيب في دائرة الطب العدلي في بغداد، أحمد عبد الخالق إنّ "الجثث التي تصل إلينا وتبقى في الثلاجة أكثر من 20 يوماً، يتمّ نقلها إلى مقابر النجف باسم "مجهولة الهوية"، وذلك بسبب قلة ثلاجات حفظ الموتى وسط استمرار استقبال الجثث".
كما أكّد أنّ الظاهرة باتت "روتينية"، مشيراً إلى أنّ "الثلاجة يودع فيها يومياً شبان لا تعرف أسماؤهم، لكن من المؤكد أنّهم اختطفوا وتألموا كثيراً قبل موتهم"، مضيفاً أنّ "غالبية الضحايا من طائفة واحدة ويبدو أنّ خطفهم وقتلهم كان على يد مليشيات متطرفة". وجزم أنه باتت تستلم دائرة الطب العدلي بشكل يومي جثثاً مجهولة الهوية، قضي على أصحابها بطرق وأساليب مختلفة، أغلبها رمياً بالرصاص من مسافات قريبة، فيما تعرضت جثث أخرى للحرق.
وكشف مصدر طبي من داخل الطب العدلي في بغداد لـ"العرب اليوم" ، أنه شهد بنفسه، "استلام 49 جثة مجهولة الهوية، تم التعرف على بعضها، فيما لا تزال معظمها في ثلاجات الموتى".
وأوضح المصدر طالباً عدم الكشف عن هويته، أن "ظاهرة الجثث المجهولة الهوية أصبحت مخيفة أكثر من أي وقت مضى. العشرات من الجثث ترد يومياً لدائرتنا"، مشيراً إلى أن ثلاجات الموتى مُلئت بالجثث، ما دفعنا إلى التقاط الصور لها، ومن ثم دفنها في مقابر المسلمين"، مبيناً وجود جثث "مضى عليها عدة أيام دون التعرف على هوية أصحابها".
وتُوجَّه أصابع الاتهام إلى ميليشيات طائفية تحاول اعادة العراق الى مربع الحرب الاهلية، بالوقوف وراء عمليات اختطاف الضحايا والمساومة عليهم بالمال أو قتلهم ورميهم لدوافع طائفية معروفة. وطالب القيادي في تحالف القوى محمد العبيدي، رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخّل لوضع حد لجرائم الخطف والقتل التي تقوم بها مليشيات وصفها بأنّها "خارجة عن القانون".
نفس الأدوات والسيناريو المتمثل باستهداف مناطق ذات نفوذ شيعي ومراقد دينية، كانت أساساً لظهور الفتنة الطائفية في العراق بين 2006-2009، وحصول جرائم قتل مروعة على أساس طائفي، عادت من جديد ظاهرة الجثث المجهولة الهوية، وبدأت تشاهد في بغداد ومدن عراقية أخرى. وتصاعدت أعمال العنف في بغداد ومدن عراقية أخرى، خصوصاً بعد التهديدات التي أطلقها عدد من زعماء وقادة المليشيات بالانتقام لضحايا التفجيرات الأخيرة.
وحدث تفجير في منطقة الكرادة ببغداد في 3 يوليو/تموز، والذي يعد الأكثر دموية إذ أوقع أكثر من 400 ضحية بين قتيل ومصاب ومفقود، بسبب الحريق الهائل الذي نجم عن التفجير وطال مجمعات تجارية، ثم تفجير مرقد السيد محمد، ويعد أحد المزارات "الشيعية" المهمة، ويقع في ناحية بلد، شمال بغداد، ونفذ في 8 يوليو/تموز الحالي من خلال ثلاثة انتحاريين بأحزمة ناسفة، راح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح.
من جهته قال نقيب في الشرطة العراقية، في تصريح لـ"العرب اليوم " ،إن "عشرات البلاغات ترد يومياً إلى مراكز الشرطة في بغداد، تتحدث عن العثور على جثث مجهولة الهوية مكتوفة اليدين ومعصوبة العينين وعليها آثار تعذيب"، مؤكداً أن معظم الجثث متفسخة. وأضاف النقيب الذي فضله عدم ذكر اسمه أن أغلب الجثث يتم العثور عليها في مناطق أكد أنها "شيعية"، لافتاً النظر إلى أن "عودة ظاهرة عمليات الخطف والقتل على الهوية، وانتشار الجثث المجهولة، تربك عمل القوات الأمنية وتخيف المواطنين".
ظهور القيادي البارز في مليشيات الحشد الشعبي أبو درع، المعروف بأنه أحد أبرز المساهمين في إذكاء نار الطائفية في أعوام 2006-2009، في منطقة الكرادة، ودعوات قادة المليشيات إلى تطهير مناطق حزام بغداد من الإرهاب، واتهام أبناء هذه المناطق بأنها حواضن للإرهاب، "ترجمت إلى أفعال، من خلال انتشار الجثث مجهولة الهوية، وارتفاع حالات الخطف في مناطق حزام بغداد"، حسب ما يراه الخبير الأمني عامر الأوسي.
وقال الخبير الامني عامر الأوسي : إنه "وبعد كل تفجير أو انتكاسة أمنية، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية الشيعية، يطل علينا قادة المليشيات برؤوسهم ليلقوا سمومهم على العراقيين"، مبيناً أنه "في كل صباح تطل علينا وسائل الإعلام المختلفة بخبر مقتل عائلة في المنطقة الفلانية، أو مقتل أشخاص في الشارع الفلاني، والمصيبة أن الفاعل مجهول، على الرغم من إلقاء التهم على مليشيات بعينها".
وأضاف أن "ظهور القيادي في مليشيا الحشد، أبو درع، في هذا التوقيت، ودعوة قائد الحشد الشعبي هادي العامري لتطهير مناطق حزام بغداد من الإرهاب، والانتقام من المجرمين، هي دعوة لقتل أبناء تلك المناطق".
ولفت إلى أن "الوضع في العاصمة العراقية بغداد خطر جداً اليوم، وينذر بصراع شيعي– شيعي، وسني – شيعي، وسني – سني "، منذراً بأن "القادم سيكون أسوأ في حال عدم نظر الحكومة بجدية للوضع القائم في البلاد، وملاحقة المليشيات التي تحرض وتقوم بقتل المواطنين في سبيل إثارة النعرات الطائفية من جديد".
أرسل تعليقك