استطاعت الفتاة النيجيرية نور الهروب من براثن جماعة "بوكو حرام" بعد عام على اختطافها, لكنها عادت مع طفل جراء اغتصابها من قبل أحد مسلحي "بوكو حرام" الذي أجبرت على الزواج منه واتهمت بكونها جاسوسة إرهابية, فضلًا عن نبذها من قبل عائلتها بوصفها من المتعاطفين مع المسلحين المتطرفين، وتقول نور " أرادوا أن يضربوني ليجعلوني أعترف ثم يقتلوني لأنني كنت زوجة لمقاتل من بوكو حرام"، وعادت العديد من الفتيات إلى عائلتهن حوامل أو مع أطفال مسلحي "بوكو حرام" وأصبحوا منبوذين من عائلاتهم ومجتمعاتهم خوفًا من أن لديهم حاليًا "دم فاسد"، وذكرت نور (17 عامًا) عن الليلة التي هربت فيها إلى الأمان النسبي من مايدوغوري في شمال نيجيريا "اعتقد المجتمع المحلي أنني هنا للتجسس عليهم"، وفرت الآلاف من فتيات المدارس المختطفات بسبب تقدم الجيش النيجيري في ولاية شمال بورنو ولكن بدلا من الترحيب بهم في أوطانهم نبذت الآلاف من زوجات مقاتلي "بوكو حرام"، وبعد عودتها أخبرت نور من قبل هيئة الاقتصاص المحلي بعد استدعاء والديها أن والدها لا يريد فعل أي شيء لها أو لحفيدها.
وقالت نور وهي تروي محنتها الرهيبة " سأل والد نور أحد المسؤولين من هيئة الاقتصاص المحلي لماذا جلبتها هنا؟ لماذا لم تتركها في باما"، وأشارت نور إلى الليلة التي اختطفت فيها من باما مسقط رأسها في شمال شرق نيجيريا، حيث اختبأت المراهقة تحت السرير مع شقيقتها وزوجة شقيقها عندما جاء 3 رجال، وأضافت نور " كنا خائفين جدا عندما رأينا الرجال قادمين وتم رصد الفتيات بسهولة، كنا نبكي ونتوسل لهم أن يتركونا لكنهم قالوا لنا: أصدقاؤكم معنا ونحن نعلمهم ويجب أن تنضموا إليهم"، وارتدى الرجال زي شالوار حاملين البنادق على أكتافهم وأخذوا الفتيات إلى سجن ومروا على سلسلة من بوابات "القصور" التي تركها أصحابها، وأجبرت الفتيات لعدة أشهر على تلاوة القرآن الكريم من قبل زوجات مقاتلي "بوكو حرام"، ووصفن بأنهم غير مؤمنات مرارًا وتكرارًا، وعزمت نور على الهرب وكررت المحاولة 6 مرات، وفي كل مرة كان يتم رصدها من قبل جيران قدامى الذين كانوا إما متعاطفين مع الجماعة أو يخشون العقاب إذا تورطوا في هروبها، وفي إحدى المرات هربت نور واختلطت مع الحشود سيرًا على الأقدام إلى مايدوغوري، ولكن تم التعرف عليها وأجبرت على العودة إلى السجن.
وجاء في إحدى الأيام المقاتلون للفتيات وأخبروهم أنه تم تزويجهن، وروت نور " قالوا وجدنا خاطبين مناسبين لكم وسوف تتزوجوهم، وعندما رفضنا أخبرونا أنه علينا أن نذهب وإلا سيضربوننا، وأن الإمام قام بتزويجنا"، وحاولت نور في محاولة أخيرة الهرب إلى بيت أبيها إلا أن أتباع الجماعة جاءوا لها في اليوم التالي، وأضافت نور " عندما جاء رجال بوكو حرام إلى المنزل قالوا إن لم تحضروها لنا سوف نقتلك وسنأخذها على أي حال"، وأرسلت نور للعيش مع متطرفي بوكو حرام بالقرب من غابة سامبيسا، وأخبرت نور أنها إذا حاولت الهرب مرة أخرى سيتم قتلها، وأخذت نور على بعد كيلو مترات من شيبوك حيث اختطفت الجماعة 200 من فتيات المدارس في ابريل/ نيسان 2014 ما أثار انتقادات دولية وحملة "أعيدوا فتياتنا".
وكرَّرت نور محاولة أخيرة للهرب منذ شهرين بعد قضاء أكثر من عام في الأسر، حيث وجدت نفسها بمفردها وخرجت عند الغسق وقالت إنها ذاهبة لزيارة جدتها، وسارت على أقدامها لمدة 7 ساعات حتى وصلت أخيرًا إلى قريتها الساعة الواحدة صباحا، وتابعت نور " شعرت بالسعادة عندما رأيت جدتي، وكنت سعيدة للغاية لوصولي إلى قريتي، وشعرت بالأمان، وكانت جدتي نائمة وعندما استيقظت كان الأمر يشبه الحلم"، وبعد قضاء أسبوع مع جدتها أرسلتها إلى باما حيث التقطتها قوات JTF المدنيين وأخذوها إلى مايدوغوري، وتركت والدة نور زوجها لرعاية ابنتها المصابة بصدمة نفسية والتي عاشت مع متطوعي اليونيسيف لحمايتها عندما انتقلت إلى المخيم، وقال والد نور لوالدتها " إنها مرتبطة بهم ولا يمكن الوثوق بها" إلا أن الأم الشجاعة أصرت على الكفاح من أجل ابنتها، والأن بدعم من والدتها استطاعت نور اللعب مع طفلها وكانت هذه المرة الأولى خلال المقابلة التي لمعت فيها عينيها.
وانتظرت نور لحين الفحص عند بوابات معسكر النازحين داخليًا (IDP) وعند جلوسها مع مئات النساء الأخريات سمعت اسم زوجها، حيث أخبر أحد ضباط JTF المدنيين أن زوجة مقاتل بوكو حرام بين النازحين وصاحوا لها للكشف عن نفسها، ولم تفعل نور شيء، ثم تم النداء على اسم والدها، وتم استدعاء النساء جميعا واحدة تلو الأخرى للبحث عنها، وصاح أحد الضباط في الحشود قبل أن تخرج نور" إن لم تخبرونا فربما تكون جاسوسة أو تحمل سلاح وتقتلكم جميعا"، وعند هذه النقطة تدخل الجيش ومتطوعو اليونيسيف لمعاملتها بلطف وسُمح لها بالانتظار لحين فحصها، وتشير التقديرات إلى خطف 500 إلى 2000 من النساء والاطفال منذ 2012، وأفادت رئيسة اليونيسيف لحماية الطفل في نيجريا راشيل هارفي أنه من الواضح أن الرقم أعلى من ذلك بكثير، ومع تراجع بوكو حرام عن الكثير من المناطق أصبح حجم عمليات الخطف واضحًا.
وتقدمت جهود استرداد الفتيات وتحرير الأراضي وزادت أعداد الفتيات اللاتي عدن إلى عائلتهن والذين فروا إلى مايدوغوري، وتزايد الهجوم المسلح على عاصمة الولاية بواسطة المسلحين الذين يتظاهرون بأنهم لاجئين أو النساء والأطفال الذين تم غسل أدمغتهم ويرتدون أحزمة ناسفة، ومع استمرار وصول آلاف العائلات اليائسة بحثا عن ملجأ من العنف والمجاعة يقوم جنود فرقة العمل المشتركة (JTF) بفحص الحشود للكشف عن المتسللين الإرهابيين، ويقول السكان المدنيون إنه من السهل التعرف على مقاتلي بوكو حرام فلديهم ندبات كما حفرت أشرطة بنادق الكلاشنكوف على أكتافهم أو هناك علامة زناد على أصابعهم.
وصدمت الفتاة عائشة (14 عامًا) من ذكرى قتل المسلحين لوالدها وتوجيه البندقية إلى رأسه أثناء اختطافها وكانت هذه المرة الأخيرة التي شاهدته فيها، وحاولت عائشة الاختباء لمدة 5 أشهر أثناء قدوم المتطرفين الإسلاميين بسرقة الفتيات واغتصابهم وتلقينهم تفسيراتهم المتطرفة للإسلام، وعندما اختطفت عائشة أجبرت على السير لمدة شهرين عبر الغابة مع مئات الفتيات الأخريات، وذكرت عائشة أثناء وجودها في مخيم النازحين " قلت لنفسي أتمنى لو قتلت فلا أعرف أين والدي أو والدتي وما إذا كانوا على قيد الحياة أم لا، وفي لحظة ما أردت الانتحار ولكن فكرت إذا انتحرت الأن فماذا سأقول لله؟ لذلك قررت أن أواجه الأمر وأرى كيف سيساعدني الله لمواجهة هذه المحنة".
واستغرق الأمر عامين من عائشة لتتمكن من الهروب ، وعندما أصبحت حامل في طفل مقاتل بوكو حرام الذي أجبرت على الزواج منه من قبل مسلحين مجهولي الهوية تم سجنها في مجمع لفتيات أخريات، وحلمت عائشة بطرق لا تعد ولا تحصى للهروب، ولكن نظرا لشعورها بالرعب من الإمساك بها لم تتمكن عائشة من الوثوق في غيرها من الفتيات، وأضافت عائشة " أردت الهرب ولكن إذا أخبرت أحد فسيخبرهم بأني منافقة وإما أن يعاقبوك أو يقتلوك"، وأنقذت عائشة أخيرًا بعد أن سمعت امرأة مسنة في المنطقة التي كانت محتجزة فيها، وسارا الإثنان طوال اليوم إلى القرية المجاورة التي حررها الجيش النيجيري، واختبأت الإثنتان بين القروين الفارين وتمكنوا من العبور إلى الحرية، وسألت عائشة عن أخبار عائلتها وعلمت أن والديها قتلوا، وأضافت عائشة وهي تذرف الدموع " كانت آخر كلمات قالها والدي هذه أصعب لحظة ستمرين بها ولكن يمكنك العودة في أي وقت، وستظلين موضع ترحيب في هذه العائلة".
وبينت كل من الفتاتين اللتان روتا محنتهما إلى جريدة ديلي ميل أنه تم احتجازهم بالقرب من غابة سامبيسا، ويعتقد أن هذا هو مكان احتجاز فتيات شيبوك، وهو نفس مكان اكتشاف أمينة علي أول فتاة شيبوك وجدتها جماعات الأمن الأهلية في مايو/ أيار هذا العام، وأفادت الفتيات أنهم كانوا الزوجة الثانية أو الثالثة لأزواجهم كما أنهم يعتقدون أن زوجاتهم الأخريات لم يتم اختطافهم، وترغب الفتيات في النظر إلى الأمام ونسيان صدمة العامين الماضيين، وأرادت نور " تقول لي أمي أن قدري أن أعود وأن الوضع أفضل الآن لأن الأسوأ أصبح ورائي"، وتحرص عائشة على العودة إلى المدرسة لدراسة الرياضيات واللغة الإنكليزية عندما تحصل على طفلها في تحدي للخاطفين، وأضافت عائشة " كنت دائما أسأله لماذا يصفون الناس بالكفار في حين أن يصلون ويصومون مثلهم ولماذا يقتلونهم؟، وكان يخبرني أن التعليم حرام وأن هؤلاء الناس يرسلون أطفالهم إلى المدارس ولذلك فهم كفار وبالتالي فإن قتلهم هو أفضل وسيلة لوقف ذلك".
وعملت اليونيسيف مع الفتيات لتقديم المشورة وجماعات الدعم بحيث تأتي الفتيات معا وتتحدث عن تجاربهم، وتعمل راشيل هارفي أيضا مع عائلاتهم والمجتمعات المحلية لمساعدتهم لتفهم الصدمات النفسية التي تعرضوا لها وفهم التجربة الصعبة التي مرت بها الفتيات حيث اتهمت الكثيرات منهن بعدم القتال بما يكفي للهروب، وأضافت هارفي " في مخيمات النازحين لا يريد الناس تبادل الخدمات مع الفتيات كما أنهن يتعرضن للاعتداء اللفظي والجسدي، فضلًا عن قلقنا من تهديدهم بالعنف هم وأطفالهم لأن آبائهم أعضاء في بوكو حرام، ودون دعم ربما تواجه هذه الفتيات صدمة ثانية بسبب الاختطاف ثم الوصم بالعار من مجتمعاتهم والعنف".
أرسل تعليقك