تونس - حياة الغانمي
في الوقت الذي تواجه فيه منطقة عين دراهم موجة برد عنيفة، وتساقطًا كثيفًا للثلوج، أدى إلى قطع الطرقات، وشل الحركة في القرى المحيطة بها، يستغل البعضهم هذا الظرف الصعب استغلالاً فاحشًا، فيرفعون في الأسعار، لتأكدهم من حاجة هؤلاء الذين يرتعشون بردًا إلى هذه المواد، وخاصة الغذائية منها، والخضر، وكذلك الحطب، فجندوبة، التي تعتبر أغنى جهات البلاد بالأراضي الزراعية، التي تزوّد تونس كلها بمزروعات من كل الأصناف، تعيش الفقر والبرد والاستغلال.
ويشكو الأهالي من ارتفاع سعر الحطب المُعد للتدفئة، حيث لا تقدر العديد من العائلات على اقتنائه، فالكمية المحددة بحمولة جرار واحد يقدر سعرها بـ200 دينار، بعد أن كان 30 دينارًا فقط، ويعود ذلك إلى عدم توفر الخشب اليابس بالكميات الكافية في الغابات، مع امتناع إدارة الغابات على منح تراخيص لقطع الأشجار الخضراء. واعتبر سكان الشمال الغربي أن ارتفاع السعر، مقارنة بالسنة الماضية، والسنوات التي سبقتها، "ابتزازي"، ولا يتماشى مع طاقة المواطن الشرائية، وهو ارتفاع من شأنه أن تتبعه تداعيات أخرى، بالإضافة إلى نقص أنابيب الغاز، وارتفاع كلفتها أيضًا، في ظل زيادة الاستعمال اليومي للتدفئة.
ويُطالب الأهالي بتوفير الحطب بأسعار في متناول العائلات التي تعاني ظروفًا اجتماعية صعبة. ويتذمر التونسيون بصفة عامة، خلال هذه الأيام، من نار الأسعار التي لا تعرف الهدوء، مؤكدين أن أغلبهم لم يعودوا قادرين على اقتناء الاحتياجات الأساسية.
ويتبرأ التجار عمومًا من مسؤولية رفع الأسعار، مؤكدين أن موجة البرد تسببت في زيادة الأسعار بشكل ملفت، نظرًا لعجز المزارعين عن توفير الكميات الكافية لتزويد السوق، وحول هذا الموضوع، يقول حسين العيساوي، رئيس غرفة التجار في سوق الجملة، إن الارتفاع طال الأسعار كلها، متوقعًا أن تكون موجة الغلاء عابرة.
ويؤكد "العيساوي" أن للسوق أحكام تفرضها الطبيعة أحيانًا، فيما يتعلّق بالعرض والطلب، مشيرًا إلى أن الأمر في هذه الحالة لا يتعلّق بنقص في التزويد، نتيجة نقص هيكلي في الإنتاج، إنما بسبب تعذّر رفع المحاصيل من الأرض، بسبب موجة البرد. وأضاف أن السوق يزود بنسبة كبيرة من منتجاته من ولايات الشريط الغربي، وبعض ولايات الشرق، وأغلب هذه الولايات تعيش ظروفًا طبيعية قاسية هذه الأيام، مع تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.
وفي المقابل، تقول منظمة الدفاع عن المستهلك إن الأزمة الظرفية غالبًا ما تتحوّل إلى واقع دائم بالنسبة للتجار، وذلك عبر المحافظة على مستوى الأسعار ذاته، حتى بعد تحسن الظروف المناخية. وشدد رئيس المنظمة، سليم سعد الله، على ضرورة حماية المستهلكين من الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الأساسية، مؤكدًا أن التجار سيعمدون إلى المحافظة على الأسعار المعمول بها حاليًا، حتى بعد انقضاء موجة البرد، لتحسين هامش ربحهم على حساب المواطنين.
ودعا "سعد الله" وزارة التجارة إلى تكثيف حملات المراقبة على الأسواق، واعتماد تسعيرات قصوى على بعض المواد، لكبح جماح الأسعار، وبالتالي التقليص من نسبة التضخم.
أرسل تعليقك