نيودلهي - عدنان الشامي
عانى الطفل الهندي ماهيندرا أهيروار، 13 عامًا، من حالة نادرة تسمى "اعتلال عضلى خلقي"؛ ما جعل عضلات عنقه ضغيفة للغاية، وأدى إلى تعليق رأسه بزاوية 180 درجة بشكل مقلوب، وغادر الصبي قريته منبوذًا في الهند بسبب حالته النادرة وخضع لعملية جراحية لتصويب وضع عنقه، وقضى والده موكيش أهيروار "41 عامًا" ووالدته سويترا أهيروار، 36 عامًا، سنوات في اصطحاب ابنهم إلى الأطباء ولكن لم يستطع أحد مساعدته، ويجري المراهق حاليًا جراحة لتغيير حياته بواسطة جراح سابق في الخدمات الصحية الوطنية بعد أن جمعت سيدة من ليفربول 12 ألف أسترليني من خلال صفحة أطلقتها لتمويل علاجه، وأجرى جراح العمود الفقري الدكتور راجافوبالات كريشنان من مستشفى أبولو في دلهي العملية بعد أن جعلت السيدة جولي جونز الأمر ممكنًا.
وتُعرض قصة الطفل الليلة في فيلم وثائقي على قناة 5 ضمن سلسلة "الأشخاص الاستثنائيون"، وتتبع الفيلم سفر العائلة عبر آلاف الأميال ليلا في القطار الليلي من قريتهم إلى العاصمة الهندية لإجراء العملية الجراحية الخطيرة التي ربما تتسبب في قتل الطفل ماهيندرا، وعمل الدكتور كريشنان لمدة 15 عاما في الخدمات الصحية الوطنية قبل عودته إلى الهند لمساعدة الحالات الحرجة مثل حالة ماهندرا، وفتح الدكتور وفريقه الجزء الأمامي من عنقه بسبب جلد الطفل الرقيق ما ترك العمود الفقري العنقي مكشوف تماما، ورصد الفيلم الوثائقي حالة العائلة وماهندرا أثناء خضوعه للجراحة التي استمرت 10 ساعات، وتم إزالة الأقرص من عنق الطفل واستبدالها بعظام من الحوض مع وضع لوح معدني لتثبيت استقامة العنق.
وتتبعت جريدة "ديلي ميل" حالة ماهندرا الذي جاء من ولاية "ماديا براديش" في وسط الهند، وتوقف والداه على اصطحابة للأطباء منذ عامين بعد أن أدركوا أنه لن يستطيع أحد مساعدتهم، ولكن مع استمرار معاناة طفلهما اعترف الوالدان أنهما يفضلان وفاة ابنهما بدلًا من استمرار معاناته، ومع استيقاظ ماهيندرا كل صباح كان يعتمد على والدته في إطعامه وذهابه إلى الحمام وارتداء ملابسه، وفي حين تذهب شقيقته مانيشا وأخيه الأصغر سوريندرا (8 أعوام) إلى المدرسة ويبحث شقيقه الأكبر عن عمل كان ماهندرا يترك في المنزل ، حتى أن أصدقائه اعتادوا تركه يشاهدهم يلعبون لأنه لا يمكنه الانضمام إليهم.
وقرأت جونز عن محنة ماهيندرا وقررت مساعدته مضيفة: "كان الأمر مأساويًا وكل ما فكرت فيه هو وجود ابني في هذه الحالة وكيف كنت أشعر، وربما كان يتطلع الجميع إلى المساعدة ولكن لم يقم أحد بفعل واقعي، وأخرجت الحاسب الشخصي الخاص به ووجدت موقع تمويل جماعي وأنشأت حساب عليه"، وخلال 28 عامًا جمعت الصفحة 12 ألف أسترليني، ولم تتصور جونز أن تصرفها سيجعل ماهيندرا يجري الجراحة وأن تقابله فيما بعد، وانتقلت السيدة جونز التي تعمل منسقة في مدرسة ثانوية إلى دلهي للقاء ماهيندرا بعد 3 أيام من إجراء الجراحة.
وأضافت جونز: " كجزء من الفيلم الوثائقي أرادني المنتجون أن أسافر إلى الهند للقاء ماهيندرا، ولم أذهب إلى أبعد من أسبانيا للعطلة وكنت أخشى الطيران لكنى حرصت على للقاء ماهيندرا ولذلك وافقت، وعندما وصلت إلى دلهي فوجئت بالضوضاء والروائح الغريبة، وكان الأمر صعب علي خاصة عندما واجهت الكاميرات على الرغم من أنني لم أنم الليلة الأولى وشعرت بالضعف، ولكن عندما التقيت ماهيندرا وعائلته في المستشفى كان الأمر يستحق العناء، وبكت والدته عندما قابلتني وهو ما أثر في كثيرًا".
وعلى الرغم من بقاء السيدة جونز لمدة يومين فقط في دلهي إلا أنها ارتبطت بماهيندرا، مضيفة " لم أكن مستعدة للمحبة التي شعرت بها تجاهه، لقد التقيت بالفتي الذي كانت صوره مروفعة وترفع المعنويات في آن واحد، لقد دهشت لرؤيته نحيفا للغاية، وعندما حل وقت رحيلي تأثرت عواطفي وكنت لا أريد الذهاب، وعلى الرغم من قصر زيارتي إلا أنن تعلقت بماهيندرا وكسر قلبي لأنني ربما لا أراه ثانية"
وقضى ماهيندرا أسبوعين في المستشفى قبل أن يضطر إلى القيام برحلته الشاقة إلى قريته للعودة إلى منزله حيث ينتظره جميع أفراد أسرته ومجتمعه، وتتبع الفيلم رجوع ماهيندرا إلى منزله وتعافيه، وأُعطي ماهيندرا كرسي كهربائي متحرك عن طريق متبرع مجهول وهو حاليا يكتب ويشاهد التلفاز ويلعب مع أصدقاءه، كما أن استقامة عنقه جعلت صوته أعلى، واستمر ماهيندرا في ارتداء دعامة للعنق لمدة ستة أشهر، وهو يحتاج إلى فحوص منتظمة مع الدكتور كريشنان مرة أخرى في دلهي إلا أن مستقبله أصبح أكثر إشراقًا.
وقال ماهيندرا:" لم يكن لدي أمل في الحصول على حياة أفضل، ولكني الآن بخير، أريد أن أكون ناجحًا في الحياة الآن"، وأعرب الدكتور كريشنان عن صدمته من ترك ماهيندرا في هذه الحالة لفترة طويلة، مضيفًا: "عندما التقيت ماهيندرا للمرة الأولى ما أدهشني هو إهمال حالته لمدة 12 عامًا، دون تشخيص حالته من أجل العلاج، كنت على يقين من أنه يمكنني تحسين حياته وجعله ينظر إلى العالم بشكل مباشر بدلًا من انقلاب رأسه، ولكن كان علي أن أتأكد من أنني لن أتسبب في قتله، وكانت المشكلة الرئيسية التي واجهت ماهيندرا هي التخدير، ولكن من الرائع أن نراه اليوم، وربما يكون هناك حاجة لعملية جراحية أخرى في المستقبل ولكن هذا سيتم تحديده عندما تندمج عنقه بنجاح، وإذا اضطررنا إلى إجراء جراحة أخرى ستكون أقل تغلغلاً بكثير".
أرسل تعليقك