توصَّل محللون ودبلوماسيون يمنيون سابقون الى القول بأن "الالتزامات الحوثية التي تعتبر كلمة سر، قد تفضي إلى حل يضيء عتمة الأزمة اليمنية خلال المشاورات المزمع عقدها في السويد، بدءاً من التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي". وردَّ هؤلاءعلى أسئلة لـ"الشرق الأوسط" حول تحديات الأزمة، وما يجدر اتخاذه من الطرفين لإنجاحها، مع الأخذ في الحسبان أن الميليشيات الحوثية أكثر حاجة للسلام من غيرها في هذه الأيام، فالحليف إيران مشغول بعقوبات قاصمة، والجبهات اليمنية لم تشهد منذ أشهر كثيرة أي نتائج إيجابية لصالح الميليشيات، وهو ما يبرر إطلاقها 206 صواريخ باليستية باتجاه السعودية من دون أن تنجح في إصابة أي من الأهداف المدنية التي تستهدفها.
الدبلوماسي اليمني والسفير السابق عبد الوهاب طواف قال: "هناك علاقة عكسية بين السلام وجماعة الحوثي الإرهابية. الحوثي لن يتجه للسلام، لأن الاتجاه إلى السلام يعني موته، وفي حال إتمام عملية سلام يمنية فإن الحوثيين لا قبول لهم في الشارع اليمني. ولا يمتلكون مشروع حياة.
واضاف: "هناك تباين، بين من يريد سلاما مستداما، ومن ينادي بوقف الحرب بمعطيات اليوم، التحالف والحكومة اليمنية يريدون حلا مستداما بمعالجة الأسباب التي اندلعت الحرب بشأنها، أما بعض الدول في المجتمع الدولي فتريد معالجة النتائج كمن يستخدم المسكنات ويتجاهل الألم الرئيسي للجسد... يريدون تفصيل حلول للمعاناة الإنسانية التي كانت بسبب انقلاب ميليشيات الحوثي، للدخول في نفق وحروب متسلسلة ليس لها نهاية. لا أحد يريد الحرب في اليمن، الحوثي هو الذي دفع بالحرب وبالأزمة الإنسانية".
ويعتقد مساعد وزير الخارجية اليمني الأسبق السفير مصطفى نعمان، أن أكبر تحد يواجه التوصل لحل للأزمة هو انعدام الثقة بين الأطراف كلها، أضف إليها أنها ككل حرب يطول عمرها تنتج طبقات تستفيد من استمرارها والتربح منها. وقال: "إذا لم تشعر الأطراف اليمنية بمسؤولياتها الأخلاقية والوطنية، وإذا لم تشعر بالكارثة الإنسانية المحققة فلا أتصور أن أي اتفاق يمكن أن يحقق النتيجة التي ينتظرها من يكتوون بنار الحرب ويعيشون مآسيها، بينما نعرف أن المطالبين باستمرارها يعيشون في أمان مع أسرهم في الخارج".
الحرب من أجل السلام في اليمن يبقى الخيار الأول
من جانبه، يقول حمزة الكمالي وكيل وزارة الشباب والرياضة اليمني إن "المطالبة بعودة الدولة وإنهاء الأزمة السياسية ليست خيارا سيئا، بل هي خيار أمثل. تصبح سيئة عندما تكون خيار ترف... ولكن عندما تكون خيارا إجباريا ولا يعطي الحوثيون فرصة من أجل السلام فإن الحرب من أجل السلام في اليمن في المقام الأول. أليس هذا تبريرا. نعم ليس تبريرا، المطالبة بوقف الحرب لمجرد وقف الحرب يعتبر إعطاء روح للحوثيين للسيطرة على اليمن، مالم يكن على مرتكزات رئيسية".
وزاد الكمالي: "محمد علي الحوثي يقتل ويدمر الأطفال وهو يطالب بوقف الحرب. وقف الحرب بالنسبة لهم توقف الضربات الجوية لكي يتمكنوا من استعادة السيطرة على البلاد!! نحن مع السلام، ولكن الحقيقي، وليس الإنشائي، وليس السلام الذي لا يتجاوز المزايدات".
البراء شيبان الكاتب والباحث اليمني السياسي علق قائلا: "أهلنا كلهم في الداخل، نتحدث مع الناس في الحديدة وننقل ما يقولونه". ويضيف: "عندما توقفت العمليات حديثا، أول أمر فعله الحوثيون اعتقال عدد كبير من المواطنين... هناك حملة اعتقالات شديدة تجري الآن في الحديدة. ومن يقول إن الحرب يجب أن تقف - وهم أيضا مثلنا في الخارج - ربما نسوا أن أهالي الحديدة وبقية المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يعانون من بطش الميليشيات".
من ناحيته، شدد الكاتب والسياسي اليمني سام الغباري بالقول: "لدينا شعب كامل في مناطق سيطرة الحوثيين يطالب بإنقاذه من الحوثيين وبسط سيطرة الدولة في كل مكان. أما أن يتم حصر المطالبين بالتحرير في بعض المغردين خارج حدود اليمن لأنهم هربوا لعدة أسباب فهذا يعد تسطيحا لمثل هذه المطالب التي تمثل جزءا من الشعب اليمني. نحن لا نقول استمرار الحرب على المستوى العسكري، لكن يجب أن يستسلم الحوثيين وأن تعاد سيطرة الدولة على كل شبر من أراضي اليمن وهذا مهم جدا".
ويؤمن حمزة الكمالي بأن الدافع الرئيسي على المستوى الدولي في المشاورات هو الملف الإنساني. ويقول: "المنظمات الدولية ترفع السقف من أجل الحصول على تمويل ولا تريد للأزمة أن تنتهي. وفي نظرها تريد لليمن أن يعيش على شنطة الإغاثة... وإذا تم القضاء على الانقلاب فسوف يكون بالنسبة لهم بمثابة قطع الأرزاق، فالاستجابة الإنسانية أكثر من 45 - 60 في المائة منها يذهب إلى ميزانية تشغيلية للمنظمات".
عودة الدولة وإنهاء الانقلاب ينهي الأزمة الإنسانية. هذه وجهة نظرنا الرئيسية.
وينتقد البراء شيبان اعتماد المجتمع الدولي على بناء الاحتمالات وفقا لسيناريو واحد، وهو نجاح المفاوضات، ولكن ماذا لو فشلت؟ يضيف شيبان: "يجب ألا ننسى أن توقف القتال يساعد الحوثيين على إعادة ترتيب صفوفهم وزراعة الألغام وتجنيد الأطفال والتسبب بمزيد من الجراح للكارثة الإنسانية التي تسببوا بها في الأصل. وبالتالي ستكون الكارثة أكبر في حال فشل المفاوضات". وتابع: كنت أتمنى ألا تتوقف معركة الحديدة لسبب استراتيجي يتمثل في أن التوقف لا يخدم السلام. الحل السياسي سيكون في متناول اليد لو خسر الحوثيون إمكانية تمويل عملياتهم العسكرية.
- التعنت سمة الميليشيات
الكاتب السياسي هاني مسهور يصف التعنت الحوثي بالعقبة الأساسية أمام حل الأزمة اليمنية، قائلا: "السمة المستدامة عند الحوثيين حالة التصلب وعدم قدرتهم على التعاطي السياسي وفقا للمرجعية الراديكالية التي جاءت من الحركة وظهرت من خلاله في المشهد السياسي اليمني وعزز ذلك سنوات الحرب التي أكسبتهم نوعا من رفض الآخر، وفي المقابل فإن الشرعية تعاني من التفكك نتيجة المحاصصة الحزبية التي بدورها أضعفت البنية السياسية والاقتصادية وأثرت مباشرة في الأداء الاقتصادي".
بينما يتصور حمزة الكمالي أن الشرعية قد تشهد اختلافا في وجهات النظر، لكنه يؤكد أن هناك إجماعا على مواجهة الحوثي، ويقول: "حتى ما يشاع من خلافات لا ترتقي إلى درجة مواجهة، الأمر الأهم في تصوري".
أرسل تعليقك