دمشق - نور خوام
نجح عامل الإنقاذ أبو كفاح، في انتشال الطفلة وحيدة مرتوق، البالغة من العمر شهرًا واحدًا فقط، من تحت الأنقاض، بعد قصّف منزلها في المدينة السورية حلب، وكانت الفتاة مغطاة بالرماد ومصابة فقط بخدوش في وجهها.
ورُصدت صورة الفتاة وهي تنظر إلى وجه المسعف الذي أنقذّ حياتها، وأذرف الدمع فرحًا عند سحبها من تحت الأنقاض، حيث جلب إنقاذ الطفلة لمحة نادرة من السعادة في هذه الحرب القاسية، واجتمع أبو كفاح مع الطفلة وحيدة، مرة أخرى، بعد أقل من أسبوع من إنقاذها، حيث عزم على السفر لساعات عدّة عبر الأراضي السورية، إلى رقعة من الأراضي الزراعية، حيث تعيش عائلة الطفلة.
وأوضح أبو كفاح قائلًا "شعرت أنها ابنتي وأنها انضمت لي في رحلتي، لقد حملتها بين ذراعي مرة أخرى، وتذكرت ليلة الإنقاذ، لكني لم أبك مرة أخرى، وكان والدها سعيدًا لرؤيتنا معًا، وكنت سعيدًا لكوني معهم، وإنهم يعيشون في فقر حقيقي كنت سعيد جدًا لرؤيتهم، ولكن ليس لديهم الكثير الآن".
ولا يزال وجه الطفلة وحيدة يحمل ندوبًا من جراء إنقاذها، الذي تمّ بواسطة أربعة من أفراد قوة الدفاع المدني السورية، بما في ذلك أبو كفاح، الذي قضى ساعات في الحفر لإخراج الطفلة، من تحت المبنى المنهار بعد غارة جوية.
وأكد يحيى والد الطفلة، أنه لم يرى أبو كفاح وهو يأخذ وحيدة إلى المستشفى، ولكن عندما شاهد الفيديو علم أنه رجلًا عظيمًا. واضطر والدا وحيدة منذ انهيار منزلهم إلى نقل الطفلة وشقيقها زكريا إلى بقعة زراعية للبقاء على قيد الحياة، وفقد الطفلان شقيقتهما سينار، ثلاثة أعوام، التي قتلت في نفس الهجوم الذي نجت منه وحيدة، واعترف يحيى بأنه أصبح محبطًا أثناء عمل فريق الإنقاذ لإزالة عائلته من تحت الأنقاض ليلة الخميس، قائلًا "لأكون صادقًا كنت قاسي مع أبو كفاح عندما كان يحفر أمامي وصرخت في وجهه "اتركني أستطيع فعل ذلك، لكنه قال لي اهدأ من فضلك، لكني كنت عصبيًا، لم أستطع أن أصدق قوتهم".
وأظهرت لقطات من مستشفى محلي "وحيدة" وهي تبكي على فراش أسود بلاستيكي بعد أن نجت من الموت بأعجوبة، من دون إصابات خطيرة، وقال متحدث باسم المستشفى إن الأطباء عالجوا الجروح الصغيرة في وجهها وأجروا الأشعة المقطعية قبل إخراجها، وفي حيت ظلت وحيدة سعيدة إلا أن مستقبل عائلتها لا يزال قاتمًا بعد قتل شقيقتها وجدتها في نفس الغارة الجوية، التي أدت إلى مقتل 19 شخصًا آخر، وأشار الأب إلى محادثة بين اثنين من أطفاله قائلًا "في صباح يوم الهجوم طلبت سينار شراء لعبة لها ووعدتها بأنني سأفعل، وأحضرت لها بالون، وشعر زكريا بالغيرة لأنني لم أشتر له لعبة، وفي وقت لاحق قال لي سأذهب معك إلى المتجر، وقالت سينار وأنا أيضا سأذهب معكم، لكني قلت "لقد حصلت على لعبتك ابقي في المنزل"، وبقيت ثم حلقت الطائرات فوق سماء المدينة بعد 15 دقيقة، وأضاف الأب "اختبأنا وعندما استطعنا ذهبنا لنرى موقع هجوم الطائرة، ووجدنا منزلنا محطم ولم أر أي شخص".
ودفنت سينار بالقرب من منزل عمها الكبير، وأوضح والدها يحيى أنهم لم يعودوا يملكون شيئا، مضيفًا "أعطاني صديقي شقة وأحضرت بعض الآثاث من تحت الأنقاض، لكني لست قادر على إعادة بناء منزلي، وتزوجت عندما كان عمري 28 عامًا، وأمضيت 5 أعوام في بنائه فكيف يمكنني الآن إعادته إنه أمر مستحيل"، وجعلت صورة "وحيدة" مع أبو كفاح وهو يسحبها من تحت الأنقاض مذيعة بي بي سي كيت سلفرتونز تذرف الدمع، ثم غردت لاحقًا "وظيفتي ألا أكون غامضة وغير متحيزة لكني أيضًا بشر".
وعندما علم يحيى بالاستجابة الهائلة التي لقيها الفيديو الخاص بوحيدة وأبو كفاح قال "أتمنى أن يحصل فريق الدفاع المدني على المزيد من الدعم لإعداد أنفسهم للمستقبل، وأقسم أنهم فعلوا كل ما في وسعهم"، وتندفع قوات الدفاع المدني السوري المعروفة باسم "الخوذات البيضاء" إلى مشاهد الغارات الجوية والهجمات الصاروخية لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناجين من تحت الأنقاض، وأدى عملهم إلى ترشحهم لجائزة نوبل للسلام التي تعلن الجمعة 7 من تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن المتطوعين كانوا مشغولين بالذهاب من مبنى مقصوف إلى آخر ولم يعرفوا أنهم مرشحون للجائزة، وفي الأسابيع الأخيرة استجاب فرع أبو كفاح في إدلب لهجمات الكلور والقنابل العنقودية وسحبوا العشرات من الرجال والنساء والأطفال من المباني المستهدفة في عمليات القصف الجوي.
أرسل تعليقك