تجارة الأعضاء البشريّة خطر جديد يهدد العراق في ظلّ العنف والدمار
آخر تحديث GMT07:39:41
 تونس اليوم -

تجارة الأعضاء البشريّة خطر جديد يهدد العراق في ظلّ العنف والدمار

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - تجارة الأعضاء البشريّة خطر جديد يهدد العراق في ظلّ العنف والدمار

تجارة الأعضاء البشرية
بغداد - نجلاء الطائي

ألجأ الفقر سببًا للكثير من الشباب العراقي للقيام ببيع كليته أو جزء من كبده ، إلى أن أصبحت الحروب والطائفية والهروب تقدم المزيد من الفرص لهذه التجارة، كالتجارة بالأعضاء البشرية لللاجئين والفقراء.
بذلك تعززت هذه التجارة وسط فوضى وقصور لوائح وقوانين خاصة بالاتجار في الأعضاء البشرية، وفي ظل تطور العلم وسهولة زراعة معظم أعضاء الجسم البشري، تعاظم دور المافيات المحلية في العراق التي تشهد نزاعات وصراعات لاستقطاب المزيد من الضحايا ودفعهم لبيع أعضائهم البشرية مقابل بضعة آلاف من الدولارات.
ملف شائك، حاولت "العرب اليوم " الوقوف على حيثياته في العاصمة العراقية بغداد بعد ان روجت لهذه التجارة بشكل كثير في هذه الفترة وازدياد الطلب من قبل الشباب على بيع اعضائهم

تجارة الأعضاء البشريّة خطر جديد يهدد العراق في ظلّ العنف والدمار

البشرية للتخلص من الظروف الصعبة او الهجرة الى الخارج بحث عن بصيص امل .
كانت (ورود) في الـ 17 من عمرها فقط حين اقنعها والدها بضرورة التبرع بكليتها لشقيقتها الكبرى (اسماء) التي تعاني من عجز كلوي حاد.
اقدمت (ورود) على التبرع بشجاعة لا تناسب سنها بهدف انقاذ شقيقتها وعاشت بكلية واحدة وبصحة جيدة ، لكن الامر لم يخل من محاذير طبية فيما بعد ، اضطرتها الى مغادرة مقاعد الدراسة وتم تزويجها مبكرا لتفادي حالة الاحباط التي شعرت بها
والمؤلم في الامر ان صحة (ولاء) لم تتحسن وتجددت حاجتها الى كلية اخرى ، ولما لم يجد والدها ميسور الحال متبرعا آخر من اشقائها ، اضطر الى شراء كلية لها من (فيصل) وهو شاب من اقربائه مستغلا سوء حالته المادية.
وبعد تطابق الانسجة وموافقة الاطباء على تبرعه لها بكليته ، اهدى والد (ولاء) الشاب (فيصل) فرصة عمل جيدة ومبلغا مناسبا من المال ليبدأ به حياته.
وكانت المحصلة بعد فقدان الشابين (ورود) و(فيصل) لكليتيهما واضرارهما للعيش بكلية واحدة ، ان توفيت (ورود) في سن العشرين بعد توقف عمل الكليتين بشكل مفاجيء
ولا يعد ما حدث لـ (ورود) دليلا على فشل عمليات التبرع او بيع الكلى وزرعها لأشخاص آخرين ، فأغلب المتبرعين ومستقبلي الكلى المزروعة يعيشون بصحة جيدة ويواصلون حياتهم ، لكن وصول المرضى الى بر الامان يقتضي من دون شك وجود متبرع مناسب من عوائلهم او امتلاكهم ما يكفي من المال لشراء كلية
*متبرعون جاهزون دوما
- قد لا ترى العين الباحثة عن متبرعين ، اشخاصا يبدون استعدادهم لذلك علنا امام ابواب المستشفيات كما يحدث في حالة التبرع بالدم ، لكن السؤال عن ذلك يقود حتما الى حقائق ربما تخفى عن البعض
ففي مستشفيات تجرى فيها عمليات زرع الكلى كاليرموك والكرامة الحكوميتان والخيّال والنجاة وسواهما من المستشفيات الاهلية ، يمكن العثور على متبرعين بسهولة بعد الامساك بأول خيط يقود اهل المريض الى شبكات تمارس بيع الكلى كتجارة شائعة.
وتروي (روعة فائق) بمرارة قصة شرائها كلية من سوق (بيع الكلى) لشقيقها الذي توفي فيما بعد ، فتقول انها استدلت قبل سنوات على اشخاص يعملون في تجارة بيع الاعضاء البشرية حين تعذر عليها التبرع لشقيقها بكليتها.
وتضيف " ينتشر هؤلاء الاشخاص قرب المستشفيات الحكومية والاهلية ولديهم علاقات وطيدة مع بعض العاملين في المستشفى والذين يعملون على التنسيق بين اهالي المرضى وباعة الاعضاء ، ينتقل بعدها الزبائن الى التعامل مباشرة مع اعضاء من تلك الشبكات للاتفاق على المبلغ واسلوب شراء الكلى
*شبكات لبيع الاعضاء البشرية
- وتتابع " ان اهالي المرضى لا يتدخلون في اختيار الواهب ، وذلك لأمتلاك اعضاء تلك الشبكات خبرة كافية تمكنهم من اختيار الشخص المناسب وضمن مراحل عمرية تتراوح ما بين عمر الفتوة وعمر الشباب.
وتشير (فائق) الى وجود شخص كان يطلق عليه لقب (الزعيم) يتحكم في هذه العملية بمهارة ، فيدير شبكات لبيع الاعضاء البشرية تضم اشخاصا يعملون في المستشفيات ووسطاء وسماسرة يعملون على استدراج الواهبين مستغلين حاجتهم الى المال
وتوضح ان نشاط ( الزعيم) تركز قرب مستشفى اليرموك ، وينطبق الحال على مستشفيي الكرامة والخيّال حيث انتشار مافيات اخرى تمتهن الحرفة ذاتها وبأساليب خاصة بها.
والغريب في الامر ،كما تروي ان الشخص المدعو ( الزعيم ) توفي فيما بعد لحاجته الماسة الى كلية بعد ان عجز اهله عن ايجاد واهب تتناسب انسجته مع انسجة (الزعيم).
ويرى الدكتور محمد عبد القادر/ المتخصص في جراحة الكلى والمسالك البولية / ان ظاهرة التبرع بالكلى ترتبط بجانبين اولهما انساني والثاني هو اقتصادي ويتمثل بفقر حال الواهبين.
ويشير الى عدم وجود رقابة مشددة في المستشفيات طالما لا تعد المستشفى جهة رقابية ،وانما يتم اجراء العمليات فيها على وفق مبدأ وجود شخص مريض وآخر متبرع.
ويؤكد عبد القادرعدم قدرة الطبيب على تحديد ما اذا كان المتبرع بالكلية قد باعها الى الشخص الثاني ، إذ لوعلم الطبيب بذلك لما قام باجراء العملية لأنها تعد في هذه الحالة عملية تجارية تخالف شروط المهنة واداء القسم بالنسبة للطبيب والذي يقوم على شرط ( عدم اجراء اية عملية تؤدي الى ايذاء انسان)
*يبيع كليته مقابل (5000) الاف دولار
- قبل سنتين ، كان حارث /20عاما يعمل في معمل اهلي لتصنيع اعلاف الاسماك / ويقضي نهاره في حمل اكياس العلف على ظهره الغض ليحصل في نهاية النهار على اجرة يومية تصل الى خمسة آلاف دينار تكفيه الى حد ما للأسهام في تسيير امور عائلته البسيطة المكونة من والده بائع (المعجنات) ووالدته المسنة وشقيقتيه اللتين تعملان في خياطة العباءات النسائية
وبعد الظروف الطارئة التي عصفت بالمجتمع العراقي اثر سقوط النظام السابق ، اضطرت عائلة (حارث) الى مغادرة منزلها الفقير هربا من العنف الطائفي ثم الاستقرار تحت انقاض منزل تعرض للقصف والتدمير في العاصمة ، ليواجه (حارث) ووالده صعوبة كبرى في اعالة اسرتهم الصغيرة ، ما دفع جبار الى العمل في مقهى صغير مجاور لأحدى المستشفيات
ويعترف (حارث) ببيعه كليته مقابل (5000) دولار معلنا عن رغبته بشراء سيارة اجرة مناسبة بهذا المبلغ وممارسة السياقة في شوارع العاصمة لحين العودة الى محافظته بعد استقرار الوضع الامني كليا.
في الوقت الذي يؤكد والد (حارث) جهله بما فعله ابنه وينتقده حتى لو كان ذلك بهدف انقاذ عائلته على اعتبار ان الله تعالى كرّم البشر وخلق الانسان في أحسن تقويم وسوف يحاسبه عما فعل بأعضائه في الحياة الدنيا والآخرة.
من جانبه ، يرى الشيخ عبد الرحمن العزاوي ان التبرع هو عمل مباح بل ومثاب صاحبه اذا لم يترتب على تبرعه بعضو من اعضائه ضرر صحي عليه ، غير ان بيع الفرد لعضو من اعضائه هو عمل غير مشروع قطعيا ،في نظر العزاوي ،ولو لم يترتب على ذلك ضرر صحي ، لأن الجسد بأعضائه ، ملك لله ولا يحق للفرد التلاعب والتصرف والاتجار به
ويعترض العزاوي على وصول الفقر في مجتمعاتنا الى حد يدفع المرء الى بيع اعضائه لتحصيل ما يضمن له البقاء على قيد الحياة على الرغم من وجود استثناء فقهي لـ " حالات الضرورة القصوى والتي تعني احتمالية تعرض الفرد للهلاك المحقق ان لم يتم عمل المحظور وبالتالي تحصيل الرزق عبره، في الوقت الذي لا يرى الشيخ مهند عبد الرحمن في هذه القضية استثناء فقهيا مهما بلغت احتمالية الهلاك ، لأن بيع الاعضاء ،في رأيه ،هو الهلاك بعينه ، كما يرى ان من يرضى بتسليم اعضائه لعصابات الاتجار بالأعضاء هو بمثابة من يلغي انسانيته التي كرمه الله بها ، محولا ذاته لسلعة تتناقلها الايدي
*تجارة الاعضاء البشرية تفوق تجارة الاخشاب
- غزت تجارة الاعضاء البشرية العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي ، كما تقول احدى الطبيبات العاملات في مستشفى النعمان ، لكنها انتشرت بشكل واسع خلال السنوات الاخيرة مع تزايد البطالة وسوء الاوضاع المعيشية، فضلا عن ظهور منفذ آخر للمافيات العاملة في هذا المجال هو الانفجارات والمواجهات المسلحة التي وقع بسببها ضحايا عديدون ما أسهم في ازدهار تجارة بيع الاعضاء من خلال استفادة تلك المافيات من اعضاء الجثث المجهولة في معهد الطب الشرعي.
ويقر (ر) وهو احد العاملين في هذا الطب العدلي، بوجود حالات عدة لبيع اعضاء الجثث التي لم يمض على مفارقتها الحياة اكثر من نصف ساعة ، إذ تحفظ الجثة في حافظ حراري خاص ويتم نزع الاعضاء المطلوبة منها بعد دخولها قسم التشريح دون ان يكتشف اهالي الضحايا ذلك ، ثم يتم بيعها لشبكات بيع الاعضاء وتسويقها للمرضى المحتاجين مقابل مبالغ تتراوح ما بين 5000 - 10000 دولار.
ويخشى (ر) من التصريح بعلاقة اطباء التشريح والعاملين في الطب العدلي  واقسام التشريح في المستشفيات بهذه المافيات ، مكتفيا بالاشارة الى فقدان اغلب الجثث لأعضائها بعد نقلها بسرعة الى المستشفيات والطب العدلي ودخولها الى قسم التشريح
من جهتها ، تؤكد الدكتورة الى مستشفى الخيال انتصار العبيدي ، وجود مافيات متخصصة تدير تجارة الاعضاء في البلاد ينصب عملها على ايجاد الزبائن الملائمين وتوفير الواهبين والاتفاق على المبالغ المطلوبة وقبض العمولة الخاصة بالعملية من الاطباء او المستفيدين من الزرع ، علما ان غالب الواهبين يتسلمون مبالغهم مقدما وقبل اجراء العملية لهم.
ويفسر الباحث الاجتماعي عبد الجبار السامرائي لجوء عدد من الشباب الى بيع الكلى بعجزهم عن مواجهة ظروف الحياة الصعبة عن طريق ايجاد فرصة عمل حقيقية وحاجتهم الى تحصيل المال بسرعة ودون جهد كبير رغم وجود من يتبرع بكليته لمساعدة المرضى بناء على دوافع انسانية.
واذا كانت هذه التجارة العالمية انتشرت في العراق ، فهي وليدة اسباب اهمها الفقر يليه الدافع الانساني ، كما يقول الباحث عبد الجبار، مشيرا الى ضرورة ايجاد معالجات اجتماعية ونفسية وطبية لبائعي الكلى كونهم يعانون من امراض نفسية ،من وجهة نظره ، أو عوز مادي.
ويلفت النظر الى ان القانون العراقي لا يحفظ حقوق الضحايا من فاقدي الاعضاء دون معرفة اهاليهم ،كما يجري في اقسام التشريح ،واستغراق قضاياهم ، ان اثيرت قانونيا ، وقتا طويلا ، الامر الذي يدفع غالبية اهالي الضحايا الى اللجوء لاسلوب التراضي مع الاطباء والقبول بالتعويـــض بعيــدا عن عيون القانون. 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجارة الأعضاء البشريّة خطر جديد يهدد العراق في ظلّ العنف والدمار تجارة الأعضاء البشريّة خطر جديد يهدد العراق في ظلّ العنف والدمار



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 08:26 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الغنوشي يدعو الرئيس التونسي للالتزام بالدستور الذي أقسم عليه

GMT 18:53 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز موديلات الـ"جمبسوت" موضة خريف 2020 تعرّفي عليها

GMT 15:12 2014 الإثنين ,24 شباط / فبراير

أميركي في الـ 101 من العمر يترشح إلى الكونغرس

GMT 14:05 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب يدّعي فوزه مُجددًا وأوباما يحذره بدعم "الرئيس المنتخب"

GMT 10:12 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الأشقر الخوخي يزيّن شعرك في صيف 2019
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia