مؤرخ يرى أن الاتحاد الأوروبي يعيش في الوقت الضائع
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

مؤرخ يرى أن الاتحاد الأوروبي يعيش في الوقت الضائع

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - مؤرخ يرى أن الاتحاد الأوروبي يعيش في الوقت الضائع

اجتماع الاتحاد الأوروبي
لندن ـ العرب اليوم

رأى المؤرخ البريطاني مارك مازاور أن التفكير في تطوير الاتحاد الأوروبي بات أقرب إلى أن يكون مستحيلا، على أنه لم يكن ثمّ وقت مناسب لذلك أكثر من الآن في ظل الأزمة التاريخية التي تواجهها القارة العجوز.

ورصد المؤرخ - في مقال نشرته (الـفاينانشيال تايمز)- اصطفاف عدد من القادة السياسيين في منتدى دافوس الاقتصادي الذي اختتم أعماله أمس /السبت/ في سويسرا، وذلك للإعلان عن خطورة الأوضاع؛ حيث اعتبر مانويل فالس، رئيس وزراء فرنسا، موجة خروج اللاجئين من سوريا بمثابة خطر وجودي على الاتحاد الأوروبي؛ فيما حذر رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، من انهيار اتفاقية شنغن اللاغية للحدود؛ أما وزير المالية الألماني ولفغانغ شويبله، فقد دعا إلى "خطة مارشال" لدول جوار الاتحاد الأوروبي.

ويرى المؤرخ مازاور، أنه "بعيدا عن المنتدى المنعقد على جبال الألب المكسوة بالجليد في سويسرا، فإن صعود حزب القانون والعدالة في بولندا، والذي يأتي في أعقاب ظهور قوي للجبهة الوطنية اليمينة المتطرفة في فرنسا- دفع المفوضية الأوروبية لاقتراح عمل استقصاءٍ غير مسبوق لإعلام بولندا وسياساتها القضائية .. لقد كان حديث كلٌ من منتقدي ومناصري التكامل الأوروبي في المنتدى منصبَا في معظمه على الاتحاد ومستقبله."

ويقول مازاور، إنه "كان بصدد كتابة تعبير "منتقدي ومناصري الحلم الأوروبي"، غير أنه تراجع إذْ لم يعد هنالك حلم، وهذا من بعض الوجوه أكبر مشكلة على الإطلاق.

ويرى أستاذ التاريخ بجامعة كولومبيا أن ساسة اليوم يعتبرون أنفسهم مُدراء محدودي المدة لأحداث راهنة أكثر منهم واضعوا استراتيجيات حاكمة لمدى طويل .. و باتت "حالة الأزمة" هي المحور الأساسي الذي تدور حوله الأحداث، لافتا إلى أن "العودة للتفكير بشأن التطور البعيد المدى للاتحاد الأوروبي قد باتت الآن مسألة شبه مستحيلة، على أن الحاجة إلى مثل تلك العملية لم تكن أبدا مُلحة كما هي الآن."

وقال "لو أن أوروبا قبل مائتي عام، إبان السلام الذي حلّ بعد نابليون، كانت في أعين المخططين لمستقبلها عبارة عن "شعار" أو مجموعة من المبادئ الباحثة عن شكل مؤسسي، فإن أوروبا اليوم باتت مجموعة من المنظمات الباحثة عن مبادئ ارشادية."

وأشار المؤرخ إلى أنه عند الإقدام على تقييم أبْعدَ مدىً، من نقطة تأسيس التعاون الأوروبي (الغربي) في أعقاب حقبة الأربعينيات من القرن الماضي؛ أن المؤسسين لم يكونوا ينظرون إلى التكامل باعتباره طريقا إلى استبدال "الدول الأمم" وإنما كانوا يرون في هذا التعاون طريقا لمساعدة هذه "الدول الأمم" للازدهار.. وعليه، فلم يكن التكامل شيئا جديدا فحسْبْ، وإنما كان متواضعا في مداه.

وأوضح أنه نتيجة لهذا التكامل أن ازدهرت الاقتصادات؛ حيث سجلّ النمو معدلات مرتفعة، فيما انخفضت معدلات البطالة، وضبطت الرقابة على أسعار الصرف عمليات تدفق رؤوس الأموال عبر الحدود، على نحو تمكنت معه الحكومات من دعم الرأسمالية المنضبطة عبر سياسة مالية واستثمار استراتيجي .. كان هذا في ذلك العهد الذي كان مغايرا تماما في قيَمه الجوهرية للعهد الحالي .. وكان رأس المال السياسي يتم رصده لصالح أوروبا فيما ينفقه الاتحاد اليوم في غاية السرعة.

ولفت مازاور إلى أن هذه المرحلة انتهت في منتصف السبعينيات، فيما شهدت الثلاثين سنة الماضية توسعا في المؤسسات الأوروبية والقانون بوتيرة أسرع حتى من العضوية .. ثم اكتسبت المجتمعات الأوروبية (الاتحاد الأوروبي فيما بعد) شيئا من الاستقلالية وبدأت تُبْدي قلقا إزاء الشرعية السياسية .. لقد باتت مؤسسات أمثال محكمة العدل والبنك المركزي الأوروبي تمتلك سلطات كاسحة.

وكانت الأحداث الدافعة لذلك هي اتحاد ألمانيا مرة أخرى وتطور تصوّر جديد للديمقراطية تخضع فيه البرلمانات الوطنية لمراقبة القضاة والمصرفيين المركزيين باعتبارهم ضامنين مستقلين للنزاهة المالية.. ثم كانت عملية سكّ عملة موحدة، هي اليورو، بمثابة تكريس لفقد الثقة في تلك البرلمانات، غير أن أحدًا لم يُبْدِ الكثير من الاكتراث قبل 2008 عندما كانت معدلات النمو جيدة.

وقال المؤرخ " أما الآن فقد نضب معين الأموال، فماذا في جعبة المدافعين عن الاتحاد الأوروبي للدفاع عنه؟ هل يمكنهم الدفاع بأن الاتحاد يضمن السلام؟ إذنْ فما بالُ الناخبين لا يشعرون بذلك؟ أم هل يدافعون بأن اليورو لا يزال قويا؟ إنّ مشروعًا سياسيا كبيرا لا يمكن أن يزدهر على أساس من الاستقرار النقدي فقط ،أم سيدافعون بالقول إن الاتحاد الأوروبي يشجع على النمو والديمقراطية؟.

ورصد مازاور ترويج الساسة الأوروبيين لمقاومة فكرة الاتحاد بدلا من دعمه، فيما يرونه فرصة تصبّ في صالح أوراق اعتمادهم للديمقراطية .. إن الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة عميقة تتعلق بالشرعية المؤسساتية .. وبات معلوما للجميع أن السياسة النقدية قد استنزفت نفسها، وأن السيطرة على الحدود باتت أمرا غير قابل للتنفيذ.

وفي ختام مقاله أشار مازاور إلى أن "التاريخ قد أثبت أن التكامل يؤتي ثماره عندما يكون النمو والعمالة أكثر أهمية لدى واضعي السياسات من الحركة غير المقيَدة لرؤوس الأموال، وعندما تعني السياسة المالية مفهوما أشمل مما يعنيه مفهوم السياسة النقدية .. كما أن قادة اليوم في حاجة إلى تعلُّم شيء من بصيرة وبُعْد نظر الأجيال السابقة؛ عليهم أن يعلموا أن الاتحاد يمكن أن يساعد الأمم لا أن يُلحق بها الضرر وأن الرأسمالية والديمقراطية يمكن أن يسيرا جنبا إلى جنب .. على هذا الجيل الجديد من القادة أن يفعل ما فعله أسلافه ولكن في ظل نظام عالمي لم يعرفه هؤلاء الأسلاف وتحت راية اتحادٍ الأعضاء أمثال أعضاء المجموعة الأوروبية الأولى .. سيتطلب الأمر مجهودا حقيقيا من التخيّل التاريخي وإعادة الابتكار، لكن بدون ذلك يبقى الاتحاد الأوروبي "عائش في الوقت الضائع".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤرخ يرى أن الاتحاد الأوروبي يعيش في الوقت الضائع مؤرخ يرى أن الاتحاد الأوروبي يعيش في الوقت الضائع



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:53 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

اقتراح غلق 31 محلاّ مخلّا بشروط حفظ الصحة

GMT 10:52 2021 الخميس ,06 أيار / مايو

تراجع احتياطي تونس من العملة الأجنبية

GMT 16:38 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب "Annabelle Creation" يتخطى الـ298 مليون دولار إيرادات

GMT 18:44 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يقدم 550 ألف يورو لتنمية نواكشوط

GMT 11:11 2021 الأربعاء ,21 إبريل / نيسان

سيارة تونسية للطرق الوعرة من قطع "الخردة

GMT 18:50 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

إذاعة "الشباب والرياضة" تبحث عن مذيعيين ومراسلين

GMT 11:09 2015 الأحد ,29 آذار/ مارس

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب شرق ايران
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia