أكّدت مدير المصرف العراقي للتجارة حمدية الجاف أنَّ الاقتصاد العراقي مازال يعتمد، بصورة أساسيّة، على النفط ، مبرزة أنَّ الوضع الراهن برهن أنَّ الاعتماد على النفط أمر غير مجدٍ، لافتة إلى أنَّ لدى العراق إمكانات وبدائل أخرى، ففضلاً عن النفط كنا في السابق نسمى بـ"بلد الثلاثين مليون نخلة"، مبيّنة أنَّ أبرز ما يعاني منه مصرف التجارة هي مشاكل "قضائية"، في شأن استحصال ديون المصرف.
وأضافت الجاف، في حديثها إلى "العرب اليوم"، أن "غالبية المصارف لديها ديون في ذمة العملاء، ولكن في حال الذهاب إلى القضاء للاستحصال الديون، ندخل في مشاكل، وذلك لعدم اختصاص بعض القضاة في القضايا المصرفية"، مشددةً على "ضرورة أن يكون القضاة ملمين بفتح الاعتمادات والحوالات".
وتحدثت الجاف عن المنجزات التي حققها المصرف، موضحة أنه "حقق مصرفنا نموًا سريعًا، منذ تأسيسه، ليصبح إحدى المؤسسات الرائدة والفاعلة في القطاع المصرفي، فقد قام بإنشاء شبكة واسعة من المصارف المراسلة في العالم، وبناء علاقات وطيدة مع أوسع المصارف العالمية ذات المكانة المتميزة، حتى وصل عدد المصارف (المراسلة) إلى أكثر من 366 مصرفًا، في 108 مدن، تغطي 61 دولة في العالم، الأمر الذي وفر له فرص حقيقية للتواجد عالميًا، وقدرات تنافسية على توفير الخدمات المصرفية المتنوعة".
وأشارت إلى أنَّ "هذا يأتي فضلاً عن أنَّ المصرف حقق نجاحات مبكرة، مثل التوقيع على اتفاقات إطارية مع 26 مؤسسة عالمية، لضمان الصادرات، إضافة إلى أنّه كان من أوائل المصارف العراقية الذي حصل على خطوط ائتمانية من المصارف العالمية الرصينة، على الرغم من عدم وجود تصنيف ائتماني للعراق، لذا يعد هذا الإنجاز كبيرًا".
وأبرزت أنَّ "العمليات المصرفية التي يقوم بها المصرف متوافقة مع الأصول والأعراف الدولية، التي تصدرها غرفة التجارة الدولية، ومواكبة لتعليمات وقواعد مكافحة غسيل الأموال، إذ شهد المصرف نموًا مضطردًا في حجم تعاملاته المصرفية وأرباحه الصافية، التي بلغت بحدود 385 مليون دولار في نهاية عام 2011".
وأوضحت أنَّ "نشاط المصرف يتمثل في تمويل التجارة الخارجية، إذ بلغت مبالغ الاعتمادات المسندية التي أصدرها المصرف، حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2011، قرابة 15559 مليار دولار، ومبالغ خطابات الضمان إلى نحو 3313 مليار دولار".
ولفتت الجاف إلى أنَّ "المصرف بدأ بتوفير خدمات مصرفية متميزة، وجديدة، للسوق العراقية، شملت تمويل المشاريع، ونظام صرف رواتب منتسبي الشركات (payroll) والبطاقة الائتمانية بنوعيها، الفيزا كارد، ومنها البطاقة البلاتينية والكلاسيكية، وكذلك البطاقة الذهبية بعملة الدولار. والماستر كارد، في إصدار البطاقة الكلاسيكية. وإنشاء الشبكة الأولى لمكائن الصرف الآلي (ATM)، موزعة على مختلف مناطق العراق، بلغ عددها 75 آلة".
وتابعت "أصدر المصرف بطاقات ائتمانية فيزا، للمصارف الخاصة، برعاية المصرف العراقي للتجارة. كما أن المصرف باشر بنشر مكائن نقاط البيع (P. o.s) للفنادق والمراكز التجارية".
وألمحت الجاف، إلى أنَّ "المصرف اعتمد نظامًا مصرفيًا إلكترونيًا يعمل على ربط العمليات المصرفية المختلفة للمصرف، وفروعه كافة، وتعاملاته بمختلف العملات، مع الشبكة العالمية، بغية تقديم أفضل وأسرع الخدمات المصرفية المتنوعة لعملائه، سواء كانوا من القطاع الحكومي أو الخاص".
وأردفت "بخلاف النظم التقليدية، يوفر هذا النظام خدمة شاملة للعمليات المصرفية، مما يتيح إمكان مراقبة ومتابعة بيانات العمليات المصرفية في موقع واحد".
وتطرقت الجاف إلى دور مصرف التجارة العراقي في تمويل المشاريع الاستثمارية المتنوعة، مشيرة إلى أنَّ "عملنا هو التمويل، الذي يشمل المشاريع بأنواعها، سواء كانت تجارية أم صناعية، ونقدم القروض أيضًا، سواء كانت للمشاريع أو حتى شخصية، بعد دراسة الجدوى منها".
وعن بوادر النهوض بالقطاع الخاص، قالت الجاف إن "الأمر ليس بالهيّن، فلا يستطيع الصناعي أن يعمل وحده، لأنه يحتاج إلى قوانين ودعم من الدولة. نحن لا نقصد الدعم المادي فقط، بل الدعم اللوجستي والدعم في تسهيل القوانين، أما الملف الأمني فهو الآخر يعد أحد معوقات العمل، وعلينا أن نعمل دون تعليق الأمل على الهاجس الأمني. نحن نستطيع أن نعمل ضمن المعطيات الراهنة، ولكن شرط تظافر الجهود".
وفي شأن مكامن الفساد وتغلغله في المصارف، بيّنت الجاف في حديثها "عندما نتحدث عن الفساد يجب أن نعرف معنى الفساد، وأين هو، هناك فساد مالي، وفساد إداري، ومتى ما شخصنا المرض نجد له العلاج، كما أن الوقاية هي خير من العلاج".
واستطردت "مصرف الـ(تي بي آي)، منذ تأسيسه، لديه نظام مصرفي شامل، بعض المصارف، نظرًا للظروف التي مر بها البلد، لا زال يعمل بمسافة بعيدة عن التطور العالمي الحاصل، فمثلاً مصرفا الرافدين والرشيد ليس لديهما نظام مصرفي شامل".
وعن سبب تكرر عمليات السرقة في المصارف، والحديث عن قدم الإجهزة العاملة في المصرف، ومنها المقاصة مثلما حدث في سرقة مصرف "الرافدين"، أكّدت الجاف أنَّ "عملية المقاصة يديرها البنك المركزي مع بقية المصارف، ولكن الخطأ الذي حدث في مصرف الرافدين هو عدم وجود نظام شامل لديه، ما أدى بالموظفة أن تعطي صحة توفر الرصيد شفهيًا، أي بقرار كيفي، فلو كان هناك نظام مثلما موجود في مصرف الـ (تي بي آي) للتأكد من وجود رصيد للشخص أم لا، أي عمليًا، لا تنحصر عند شخص واحد فقط. فالذي حدث في مصرف الرافدين هو أن من أساء كان متورطًا في تيسير إصدتر تلك الصكوك، مع أنها كانت بغير أرصدة، وهو ليس خطأ عابرًا بل متعمد، تقف وراءه (عصابة) أو شبكة، ذلك لأن الجريمة لا يستطيع أن ينفذها شخص واحد بمفرده، وهذه الشبكة سرقت 650 مليار دينار من مصرف التآخي في مدينة الصدر، وهي الشبكة نفسها التي سرقت مبالغ من المصرف الزراعي".
وأردفت متسائلة "أين الجهات الأمنية لكشف هؤلاء المجرمين، وبين فترة وأخرى تتكرر الحادثة نفسها"، مشيرة إلى أنه "تم إرجاع بعض المبالغ المسروقة من مصرف الرافدين، بجهود المصارف الأهلية، منها مصارف الاتحاد والبلاد والشمال، ونحن أيضًا تم إيداع مبالغ قليلة من تلك المبالغ المسروقة لدينا، وعندما علمنا أرجعناها، والمفروض أن تشكر المصارف التي أرجعت المبالغ المسروقة، من الإجمالي الذي بلغ حدود 280 مليار دينار".
أرسل تعليقك