القاهرة - العرب اليوم
دافع "محمد" عن نفسه، وبرر في محضر شرطة تقصيره في معاملة طفليه المصابين بالتوحد، وعدم قدرته على الاهتمام بهما، وتركهما حبيسين غرفة في شقة بعمارة سكنية بمدينة الملك عبدالله في السويس، قائلًا "صرفت على مراتي عشان تتعلم التخاطب علشان تتعامل مع طفلينا، ودلوقتي بتدرب ناس وسايبة عيالي التوأم".
وترجع الواقعة إلى ما قبل يومين، عندما سيطرت حالة من الخوف والقلق على سكان العقار رقم 99 بمدينة الملك عبدالله التابعة لمشروع الإسكان الاجتماعي في السويس، عندما سمعوا أصوات صراخ وبكاء متقطع، كان مصدره العمارة رقم 122، وأخبر السكان جيرانهم في اتحاد الشاغلين بالأمر، ليتحروا مصدر الصوت، وعرفوا أنه صادر من شقة في الدور الرابع، كانت غرفها مظلمة باستثناء الغرفة مصدر الصوت، بعدها اتصل محمود داوود، رئيس اتحاد الشاغلين بالمدينة بصاحبة الشقة، التي أخبرته أنها تقيم في القاهرة، وأن زوجها يقيم بصورة مؤقتة في الشقة مع طفليهما التوأم.
وصعد الجيران في محاولة لتحري الأمر، لكن دون استجابة للنداء أو الطرقات على الباب، فقرروا إبلاغ الشرطة، "أطلع افتحلي الشقة دلوقتي عايز أعرف فيه أيه".. يروي رئيس اتحاد الشاغلين، ما دار بين المقدم محجوب قاسم رئيس مباحث عتاقة، و"محمد. ح" شقيق مالكة الوحدة.
"الريحة كانت سيئة والشقة كلها كراكيب وعفش مش منصوب".. يحكي داوود المشهد داخل الشقة، ويضيف أن صاحب الشقة وفردي شرطة رافقهم عددًا من الجيران صعدوا للشقة، لكن بعضهم لم يستطع الدخول بسبب الرائحة الكريهة، وفي أحد الغرف المطلة على العمارة، كان الطفلين حبيسين بالداخل بلا ملابس، اكتشف الحاضرون الأمر عندما فتح الأب ترباس يغلق باب الغرفة من الخارج.
"الطفلان وجههما شاحب وتملأ فضلاتهما أرجاء الحجرة، كانت النوافذ مغلقة والغرفة بلا أي أثاث".. يصف محمود، الذي أضاف أن الجيران اتهموا والد الطفلين بالإهمال، وأنزل الأب طفليه من الشقة، استجابة للجيران، والذين جلسوا معه عقب إنهاء إجراءات الشرطة وتحرير المحضر، وعرضوا عليه مساعدته في تنظيف الشقة ودهانها وتجهيز غرفة آدمية تليق بطفليه "مروان" و"مازن" وتصلح ليقيم معهما عقب انتهاء عمله، لكنه لم يرد بما يفيد أو ما يعني قبوله مساعدتهم.
وفي قسم شرطة عتاقة كشف الأب عن ما دفعه إلى ترك ولديه، قائلًا إنه رزق الطفلين التوأم قبل خمسة أعوام من زوجته التي تعيش في القاهرة، وعقب 3 أعوام اكتشف إصابتهما بالتوحد وفرط الحركة، واحتياجهما إلى إخصائي تخاطب للتعامل معهما، وأضاف"حجزت لزوجتي في دورة تدريبة على التخاطب مع الأطفال بـ8 آلاف جنيه في جامعة عين شمس، أصبحت الآن بتدرب وتعلم عيال الناس مقابل أجر وسايبة ولادنا".
وأوضح الأب أنه طلب من زوجته الاهتمام بالطفلين لكنها رفضت، وتفاقمت الخلافات بينهما بسبب الولدين، حتى قاضته وطلبت الخلع، بعد أن اتهمته بتبديد أثاث المنزل، وذكر أنه يقتصد في نفقاته ويسعى لجمع مبلغ مالي كبير لإيداع الطفلين في دار رعاية مخصص لتلك الحالات، في إشارة إلى أنه لا يمكن أن يترك عمله ويجلس معهما طوال اليوم، ولا يمكن لأهله أن يتعاملوا مع الطفلين.
وفي السياق كشف مصدر أمني، عن أن المحضر الذي تم تحريره محضر إداري لا يحال إلى النيابة لعدم وجود تهمة للزوج، موضحًا أن اتهام الجيران غير كافي لأنهم غير ذي صفة للطفلين، فضلًا عن أن جنحة الإهمال في رعاية الأطفال توجه للأم طالما لم يتم طلاقها وقادرة على التربية خاصة أنها تلقت تدريبًا يهيئها لذلك.
كان أهالي المدينة الجديدة ينتظرون عودة والد الطفلين الأحد، لمساعدته في تجهيز الشقة، لكنه لم يحضر فسألوا جيرانه الذين أخبروهم أنه وصل للمدينة في وقت مبكر صباحًا واصطحب طفليه وغادر بهما، ولا يعرفون ما إذا كان قرر تغيير مكانه، أم أنه استجاب للنصيحة وذهب بهما في فسحة حتى لا تسوء حالتهما النفسية من أثر الاحتجاز في الغرفة.
أرسل تعليقك