الجزائر – ربيعة خريس
عادت قضية جماجم "المقاومين الجزائريين" المحفوظة في متحف الإنسان في باريس إلى الواجهة, بعد مطالبة نواب في البرلمان الجزائري, محسوبين على التيار الإسلامي, السلطات الجزائرية باسترجاع جماجم الثوار الجزائريين الموجودة لدى السلطات الفرنسية. وقال رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد الإسلامي من أجل النهضة والعدالة التنمية, لخضر بن خلاف, في سؤال كتابي, وجهه الى وزير المجاهدين الطيب زيتوني, قال فيه إن المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس مازال يحتفظ إلى اليوم بعظام وجماجم عشرات الثوار الجزائريين الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر.
وتعود هذه الرفات إلى جماجم أصلية للشهداء محمد لمجد بن عبد المالك المعروف بإسم شريف " بوبغلة" والشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة (منطقة بسكرة في سنة 1849) وموسى الدرقاوي وسي مختار بن قديودر الطيطراوي وعيسى الحمادي، وكذا القالب الكامل لرأس محمد بن علال بن مبارك الضابط والذراع الأيمن للأمير عبد القادر.
وانتقد النائب البرلماني بشدة غياب أي مبادرة من السلطات الجزائرية للتكفل بإرجاع هذه الرفات منذ قرن من الزمن, مستدلا بتصريحات مدير المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس "ميشال غيرو" التي قال فيها منذ مدة إن إدارته مستعدة لدراسة أي طلب لتسلم جماجم الجزائريين المحفوظة بالمتحف وأنه لا وجود لأي عائق قانوني لتسليمها وهو ينتظر فقط القرار السياسي الذي يصدر عن مسؤولي البلدين.
واعتبر لخضر بن خلاف أن استرجاع جماجم المقاومين هي قضية سياسية وقضية وطن وشعب وليست قضية عائلين تخص عائلاتهم لأن الأمر الأمر يتعلق بأبطال غير عاديين ومحاربين مشهود لهم بالشجاعة الكبيرة والاستماتة في محاربة المستعمر الفرنسي وقد قدموا أرواحهم فداءً للجزائر. وقال المتحدث, إنه رغم الضغوطات التي مارسها نواب عن المعارضة في البرلمان خلال العهدة السابعة, لاسترجاع رفات شهداء الجزائر الأوائل المحفوظة بمتحف الإنسان بباريس, إلا أن السلطات الجزائرية لم تقدم أي طلب رسمي لاسترجاع الرفات لم يُوجه بعد إلى السلطات الفرنسية التي لا يمكنها أن تتحرك وتُخطر برلمانها كي يصادق على قانون ينص على أن جماجم المقاومين الجزائريين لا تدخل ضمن المصنفات الوطنية الفرنسية.
وكان وزير المجاهدين الجزائريين, الطيب زيتوني, قد كشف شهر مارس / آذار الماضي, في مؤتمر صحفي, إن سلطات بلاده قررت تجميد مفاوضات استعادة هذه الجماجم إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية الفرنسية حتى لا يتلاعب السياسيون الفرنسيون بالملف. وأعلن أن السلطات الجزائرية لن تتقاعس في الحصول على مطالبها من الجانب الفرنسي, لافتا إلى تشكيل لجان مشتركة بين الطرفين الفرنسي والجزائري لأجل مناقشة كل ما يخص تبعات الاستعمار الفرنسي بالأخص أرشيفها واسترجاع جماجم الثوار الجزائريين.
وكانت قناة " فرانس 24 ", قد نشرت تقريرا كشفت فيه عن وجود 18 ألف جمجمة محفوظة في متحف "الإنسان" في باريس؛ منها 500 فقط جرى التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ 19، ثم نقلت إلى العاصمة الفرنسية لدوافع سياسية وأنتروبولوجية.
أرسل تعليقك