وقّع الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لتُفتَتح بذلك أبواب الحشد رسميًّا لمعركة طرابلس الفرعيّة، ليس هذا فقط، بل أنّ التوقيع جرَّ معه توقّعًا باشتداد رياح المعركة وميل منسوبها إلى التفاوض بشأن "صيغ تحالف" بين شتّى الأفرقاء في المرحلة الفاصلة عن اتّخاذ الخيارات النهائيّة لبت أمر الاستحقاق.
كان "تيّار المستقبل" السبّاق إلى إعلان اسم مرشّحه لـ"فرعية طرابلس" معيدًا تجديد البيعة لديما جمالي بعد ساعات على الطعنِ بولايتها واعتبارها نائب فاقد للشرعيّة بقوّة قرار المجلس الدستوري. كما باتَ معلومًا، فإنّ إسقاط الاسم على النحو الذين اُسقِطَ به كان محلّ جدل بين المستقبليين أنفسهم ومنهم تسرّبَ إلى الأطراف الأخرى.
وانتظرَ خصوم «المستقبل» على قارعةِ الطريق مآل «الشغَب الداخلي» الذي يدور رحاه داخل الطواحين من أجلِ بناء الشيء على مقتضاه: هل نذهب إلى معركة مستفيدين من ترشيح شخصيّة مختلف عليها يمكن من خلالها جذب أرقامًا وافرة من جمهور «المستقبل» الغاضب انطلاقًا من التباين الحاصل، ولها أنّ تضرّ بمرشّحه وتذر خيرًا على الخصوم، أم نحاول استثمار الانتفاضة من أجل إرساء قاعدة تفاوض مع «التيار الأزرق» عنوانها التغيير قد تؤدي إلى تعديلِ خياراته الإنتخابيّة في عاصمة الشمال؟
وتؤكّد المعلومات التي تدورُ لدى أكثر من مجلسٍ معني بالاستحقاق الطرابلسي، أنّ نقاشًا فُتِحَ مع قيادة تيّار المستقبل من خلال قناة صديقة تكفّلت إيصال وجهة نظر خصومه في المدينة من دون قفّازات، وأولها إقناعه بأنّ خياره الإنتخابي المحصور في «جمالي» والمُتّخذ على وجه السرعة «خاطئ في الشكل والمضمون».
وبدا واضحًا أنه بحسب تقاطع المصادر، أنّ القناة المذكورة تتألّف من «وزير سابق وسطي» مقرّب جدًّا من الحريري وفي نفسِ الوقت على علاقة أكثر من جيدة بل و وطيدة مع المرجعيّات الطرابلسيّة، على رأسها اللواء أشرف ريفي.
و أوصلَ ريفي رسالة إلى الحريري عبر «الوزير السابق» مذيّلة بقراءة عريضة كان في نهايتها نصيحة بالعدول عن ترشيح ديما جمالي مقابل منح الفرصة إلى مصطفى علوش أو أي شخصية على وزنه تمتاز بخطاب «سيادي واضح وذات أنياب». وقد ضُمّن الاقتراح «لائحة مقبّلات دسمة» كعزوف ريفي عن الترشّح في حالِ سير الحريري في الاقتراح، مقابل تجيير ماكينته الانتخابيّة إلى دعم «أي مرشح حمضه النووي سيادي صافٍ وينطلق من مفاهيم ١٤ آذار».
و لم يبادر الرّئيس الحريري إلى الرّد على الطرح المقدّم،حتى الآن وكانت الرسالة الآتية من طرفِ «الوسيط» هي التمهّل حتّى جلاء صمت الحريري. من هنا، كان خيار ريفي التحرّك صوب ماكينته الانتخابيّة التي اجتمع بها قبل أيّام ووضعها بصورة «مبدئيّة» حول احتمال ترشّحه، لكن وكي لا يقطع «شعرة معاوية» نهائيًّا مع «المستقبل»، فضّلَ التريّث حتّى الخميس المقبل ليعلن موقفه النهائي. وكشف الأوساط، إن ريفي ينتظرُ الخيار النهائي للحريري لكي يبنى عليه، وفي هذا دليل على إعطاءِ «الفريق السيادي فترة سماح للحريري».
و لا يخلو جو الفريق الخصم لـ"تيّار المستقبل" و «ريفي» من نفس الميزان الغير واضح في طروحاته. فالمرشّح المفترض لفريق الثامن من آذار استنادًا إلى نتيجة طعن المجلس الدستوري والانتخابات الماضيّة)، أي طه ناجي، ما زال متحفّظًا عن إبداء أي موقف تجاه الانتخابات، مع العلم أنّ أوساطًا طرابلسيّة «تُشيع إحتمالات حول عزوفة» في حين أنّ مقرّبون منه يبرّرون مسألة التأخير بـ«إجراء قراءة موضوعيّة على جملةِ وقائع». من هنا تبدو ساحة ٨ آذار خالية من المرشّحين.
و تخرج من بين الغيوم الرماديّة معلومة عن توجّه لدى بسّام الموري للترشّح على المقعد السّني الخامس تحت لواء ٨ آذار, و أكّدَ الموري وجود توجّه لديه، لكن هذا الأمر خاضع للعديد من الحسابات داخل الفريق الواحد، أحدها انتظار الموقف الرسمي في هذا الشأن.
وبسام الموري المعروف في طرابلس بأنه «مؤيّد لحزب الله»، هو شقيق القتيل حسام الموري أحد أبرز الشخصيّات الطرابلسيّة التي نشطت في ربوع الحزب وجاهرت بالتأييد والولاء له خلال أدق المراحل، وقد جرى اغتياله على أيدي مسلّحين متشدّدين منتصف شهر آب /أغسطس عام ٢٠١٣ عبر إطلاق النار عليه بشكل مباشر من قبل شخصين كانا يستقلّان درّاجة ناريّة وذلك في منطقة الزاهريّة، بعد أن صدرت «فتوة تكفيرية» بـ«هدر دمه» بتهمة أنه «مسؤول حزب الله في طرابلس».
و جرى اتّهام «قادة المحاور» ومرجعيتهم الدينيّة بالوقوف خلف التحريض على قتلِ الموري وإصدار أمر تنفيذي بإغتياله بعد أنّ رفضَ الانصياع لطلباتهم المتكرّرة بـ«إصدار بيان يتنكّر فيه لحزب الله». ويعود الموري المسمّى "شهيد حزب الله" عبر شقيقه من باب الترشّح رسميًّا لخوض غمار الانتخابات الفرعيّة.
ويتضّح أنّ حسابات فريق ٨ آذار قد تختلف عن حسابات الموري، سيما وأن «تيّار المستقبل» يحاول إحداث تغيير ديمغرافي على طبيعة المعركة وتحويلها إلى معركة ضد حزب الله عبر جزّه بها من باب عمليّة التحريض والإستفادة المترتبة عنها ويصبح ترشّح الموري عاملًا يراكم عليه «المستقبل» خطاباته التحريضيّة وقد يستثمرهُ لصالحه، وبهذا المعنى قد تكون الحسابات لدى فريق حلفاء حزب الله دقيقة لدرجة عدم تقبّل رغبة الموري، رغم أنّ الشاب الثلاثيني يعتبرُ نفسه مستقلًّا ومؤيديًا لحزب الله.
وقد يهمك أيضاً :
فائز السراج يُندّد بالتدخلات "السلبية" لبعض الدول في ليبيا
جيش المشير خليفة حفتر يُلمِّح إلى خطط لدخول العاصمة طرابلس
أرسل تعليقك