قتل الجيش الإسرائيلي، أمس الجمعة، ثلاثة فلسطينيين وجرح عشرات بالرصاص الحي خلال المظاهرات الحدودية الأسبوعية شمال وشرق قطاع غزة في إطار "مسيرات العودة وكسر الحصار" التي تدعو إليها كل جمعة الهيئة الوطنية العليا لتلك المسيرات ضمن محاولات الفصائل الفلسطينية للضغط على إسرائيل لرفع الحصار عن القطاع.
هجوم إسرائيلي على مواقع في غزَّة
وقال افيخاي ادرعي الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، مساء الجمعة "إن طائرة عسكرية ودبابة هاجمتا موقعين لـ "حماس" في غزة ردًّا على إلقاء "قنابل يدوية وعبوات ناسفة" في اتجاه جنود الاحتلال على طول "السياج الأمني" الحدودي".
وأشار أفيخاي إلى إصابة ضابط بجروح طفيفة "نتيجة شظايا عبوة أنبوبية"، وقال "إن حماس... تتحمل مسؤولية ما يجري في قطاع غزة أو ينطلق منه".
عمليات قنص إسرائيلية
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة "إن طفلًا مجهول الهوية يبلغ من العمر 14 عامًا تعرَّض إلى طلق ناري بالرأس بشكل مباشر من قبل قناص إسرائيلي في المنطقة الشرقية لبلدة جباليا شمال قطاع غزة، ما أدى إلى مقتله على الفور.
ونُقلت جثته إلى مستشفى الإندونيسي، كما قتل الجيش الإسرائيلي رجلاً في الثلاثينات من عمره بعدما أصيب بطلق ناري بشكل مباشر في الصدر في المنطقة الشرقية من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وأعلنت وزارة الصحة لاحقًا مقتل فلسطيني ثالث في المواجهات.
"جمعة المقاومة خيارنا"
وأشارت الوزارة أيضًا إلى أن أكثر من 53 متظاهرًا بينهم أطفال ونساء أصيبوا بالرصاص الحي خلال المسيرات على الحدود، موضحة أن عشرات آخرين أصيبوا أيضاً بالاختناق جراء إلقاء قوات الاحتلال عددًا كبيرًا من قنابل الغاز تجاه المتظاهرين السلميين على طول المناطق الحدودية.
وقال أيمن السحباني مدير قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء في مدينة غزة "إن عددًا كبيرًا من الإصابات بالرصاص الحي كان في مناطق حساسة وخطيرة من الجسم، وكان بعضها في الأطراف السفلية بهدف محاولة إيقاع إعاقة دائمة في أوساط المصابين".
ووصل الآلاف من الفلسطينيين إلى الحدود ضمن "جمعة المقاومة خيارنا" التي دعت إليها الهيئة الوطنية العليا للمسيرات، حيث أشعل الشبان عشرات الإطارات المطاطية بهدف التغطية على رصاص القناصة من الجيش الإسرائيلي.
الطائرات الوقية الحارقة
وللمرة الأولى منذ أسابيع سُجّل إطلاق في شكل واسع للطائرات الورقية الحارقة تجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية للحدود، ما تسبب باندلاع حرائق في عدد من الأراضي الزراعية بتلك المناطق قبل أن يتم إخمادها من قبل طواقم الإطفاء الإسرائيلية. وتوقفت تلك الطائرات الحارقة في الأسابيع الأخيرة مع جهود التهدئة، لكن تم استئنافها في الأيام الأخيرة بشكل محدود جداً، إلا أنه للمرة الأولى يُطلق عدد كبير منها رغم أنها لم تتسبب بحرائق كبيرة لأسباب لم تعرف، في ظل الحديث الإسرائيلي عن تكنولوجيا جديدة لإسقاط تلك الطائرات.
وتزامن ذلك مع زيادة عدد الحوادث منذ مساء الأربعاء، وحتى صباح الجمعة، على الحدود، بعد تمكن عدد من الشبان من اجتياز الجدار الأمني وإشعال النيران في دشم عسكرية إسرائيلية ورفع العلم الفلسطيني قبل انسحابهم، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق النار تجاه أهداف لفصائل فلسطينية وكذلك تجاه أولئك الشبان من دون إصابات.
ويبدو أن حركة "حماس" والفصائل تعمل للضغط على إسرائيل من جديد بعد أن أوقفت تلك الأحداث الشعبية على الحدود مع بدء جهود التهدئة التي توقفت بشكل مفاجئ رغم الاتفاق الذي جرى لاستئنافها بعد عيد الأضحى، وهو الأمر الذي لم يحصل.
اعتقالات في الضفة الغربية
و في الضفة الغربية، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 4 فتية فلسطينيين وأصابت آخرين خلال مواجهات في بلدة بيت أمر شمال محافظة الخليل.
وقال الناشط الإعلامي محمد عوض "إن مواجهات اندلعت بين قوات الاحتلال وعدد من الفتية في منطقة صافا"، مشيرًا إلى أن عددًا من المواطنين أصيبوا بالاختناق نتيجة استنشاقهم الغاز السام المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال صوب المواطنين ومنازلهم.
كما أصيب عدد من الفلسطينيين بالاختناق في قرية رأس كركر غرب مدينة رام الله، عقب قمع قوات الاحتلال الاعتصام الأسبوعي الذي نظمته اللجنة الشعبية لمواجهة الاستيطان في الأراضي التي يسعى الاحتلال إلى الاستيلاء عليها في منطقة جبل الريسان. وشارك في الاعتصام عشرات من أهالي القرية والقرى المجاورة.
كما أصيب صحافي برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في الصدر، والعشرات بالاختناق عقب قمع قوات الاحتلال مسيرة قرية كفر قدوم (شرق محافظة قلقيلية) السلمية الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية.
حصار "الخان الأحمر"
وضربت السلطات الإسرائيلية على صعيد آخر، حصارًا على قرية الخان الأحمر الفلسطينية تمهيداً لهدمها، فيما توجهت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية إلى الإدارة الأميركية، مطالبة بأن "تثبت لنفسها ولمنتقديها الكثر في كل أنحاء العالم بمن فيهم الجالية اليهودية الأميركية، أن لديها بقايا حسن نيات، وأن تتدخل فوراً لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف هدم قرية الخان الأحمر بشكل نهائي، وإجبار حكومة المستوطنين المارقة، على التخلي بالكامل عن قراراتها بهدم التجمعات البدوية أينما تواجدت هذه التجمعات القانونية".
وأشارت الوزارة في بيان لها، أمس، إلى أنه "نتيجة للجهود السياسية والدبلوماسية التي يقودها الرئيس محمود عباس، مع عواصم الدول كافة والقادة الدوليين ومع الأمم المتحدة ومنظماتها المختصة، والتحرك الفلسطيني تجاه المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة قرار الاحتلال العنصري التعسفي بهدم الخان الأحمر وترحيل مواطنيه بالقوة، وبفعل صمود وثبات أهلنا وأبناء شعبنا وفعالياته المختلفة، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان في الخان الأحمر والمتضامنين الدوليين، تتوالى ردود الفعل الدولية المنددة بعمليات التطهير العرقي، والتي تطالب الحكومة الإسرائيلية بالتراجع الفوري عن هذا القرار الاستعماري، بصفته جريمة ومخالفًا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، وأن هذه الردود تؤكد على وجود إجماع دولي على إدانة ورفض هذا القرار".
وكانت القوات الإسرائيلية أغلقت، منذ صباح الجمعة، بعض الطرق الفرعية المؤدية إلى قرية الخان الأحمر شرق القدس، قرب مستوطنة "كفار ادوميم" المخطط وضع أراضي القرية الفلسطينية تحت نفوذها. وأضافت المصادر أن أعمال تجريف وإغلاق الطرق الفرعية انتقلت بعد ذلك إلى المنطقة الشرقية المحاذية للطريق الرئيس الواصل إلى القرية.
اعتصامات أهالي القرية
وكرد فعل على إغلاق الطرق، قام المواطنون في القرية بالاعتصام على الطريق الرئيس الموصل إلى القرية، واعتدى جنود الاحتلال على المعتصمين لإبعادهم عن الشارع، واندلع عراك بالأيدي بين المعتصمين وقوات الاحتلال.
وانطلق مئات المواطنين عقب صلاة الجمعة، في قرية الخان الأحمر في مسيرة عند مدخل الشارع الرئيسي للقرية، رافعين العلم الفلسطيني، ومرددين الهتافات الرافضة لقرار الاحتلال هدمها وترحيل سكانها، ومؤكدين على مواصلة الاعتصام لإفشال هذه المخططات. وأغلق المواطنون الشارع الرئيسي لفترة من الوقت، قبل أن تقمعهم قوات الاحتلال التي انتشرت بكثافة في المنطقة، وتعيد فتح الشارع.
واعتقلت قوات الاحتلال 3 مواطنين ومتضامنًا أجنبيًا واحدًا خلال قمع جنود الاحتلال المتواجدين ممن حاولوا منع إغلاق الطرق.
ويقع تجمع "الخان الأحمر" ضمن الأراضي التي تستهدفها السلطات الإسرائيلية، لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى "E1"، عبر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الممتدة من شرق القدس وحتى البحر الميت.
ويهدف هذا المشروع إلى تفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها، وعزل مدينة القدس عن الضفة الغربية.
قلق الصليب الأحمر
وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس، عن بالغ قلقها إزاء قرار إسرائيل بهدم منازل خاصة ومنشآت أخرى في تجمع الخان الأحمر. وقال رئيس مكتب بعثة اللجنة الدولية في القدس ديفيد كين "إن عمليات الهدم المزمع تنفيذها ستؤثر بشكل جوهري على حياة سكان هذا المجتمع وكرامتهم الإنسانية. فما دامت سياسات تقسيم المناطق والتخطيط في الضفة تخفق في خدمة السكان الذين يعيشون تحت الاحتلال، فلا يمكن استخدامها كمبرر لتدمير الممتلكات".
وأضاف أن إسرائيل بصفتها القوة القائمة على الاحتلال في الضفة عليها أن تلتزم بالقانون الدولي الإنساني، وبالتالي يتوجب عليها ضمان توفير الحماية والأمن والرعاية للسكان الذين يعيشون تحت الاحتلال، وضمان أن يعيشوا حياة طبيعية بقدر الإمكان، وفقاً لقوانينهم وثقافتهم وتقاليدهم.
وقال مطران الروم الأرثوذكس، عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية، إن ما يحدث في الخان الأحمر سياسة تطهير عرقي و"هي السياسة ذاتها التي تستهدف شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده".
أرسل تعليقك