لم يعترف ثمانين بلدًا بإعلان استقلال كوسوفو، الذي صادفت ذكراه العاشرة رسميًا، ومنها روسيا والصين والهند وإندونيسيا والبرازيل، وخمس دول أوروبية. وبدعم من واشنطن وعدد كبير من العواصم الأوروبية، أعلن نواب كوسوفو الاستقلال، في 17 فبراير /شباط 2008، على الرغم من غضب بلغراد.
واحتفلت كوسوفو السبت بالذكرى العاشرة على إعلان استقلالها. لكن صربيا حتى اليوم لا تعترف باستقلال إقليمها السابق وتسعى لاستعادته. لكنها تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول الانضمام إلى الاتحاد، وتطمح لإتمام الانضمام بحلول عام 2025، إلا أن من الشروط الأساسية في الانضمام حل النزاع الدائر مع كوسوفو.
وفي 1998، اندلع نزاع بين القوات الصربية وحركة التمرد لألبان كوسوفو المطالبين بالاستقلال. وانتهى هذا النزاع الذي أسفر عن 13 ألف قتيل، أواخر 1999، بعد أحد عشر أسبوعًا من الغارات الجوية لحلف شمال الأطلسي، بإيعاز من الولايات المتحدة لحمل بلغراد على سحب الجيش والشرطة من كوسوفو. وبعد هذا الانسحاب، انتشرت بعثة للأمم المتحدة وقوة لحلف شمال الأطلسي في كوسوفو. وقال الرئيس الكوسوفي هاشم تاجي الذي كان زعيم التمرد المطالب بالاستقلال "بالنسبة لنا جميعًا، بصفتنا شعبًا، كانت لحظات سعيدة بين الجميع".
وبدعم من موسكو، تتصدى صربيا لانضمام كوسوفو إلى الأمم المتحدة. واعترف باستقلالها 115 بلدًا. وجعل الاتحاد الأوروبي من تطبيع العلاقات بين بلغراد وبريشتينا شرطًا لمتابعة طريقها نحو الانضمام إلى التكتل. لكن هذا الحوار حول عضوية صربيا والذي بدأ في 2011 متوقف منذ سنتين. وتصدرت قضايا انضمام دول جديدة من غرب البلقان للاتحاد الأوروبي أجندة مباحثات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في صوفيا ببلغاريا، الخميس الماضي، وذلك ضمن استراتيجية أوروبية جديدة لدمج منطقة غرب البلقان في التكتل الأوروبي.
وتضع الاستراتيجية مسارًا واضحًا لانضمام ست دول للاتحاد الأوروبي، وهي صربيا والبوسنة والهرسك ومونتينيغرو وكوسوفو وألبانيا. وقالت المفوضية الأوروبية إن صربيا ومونتينيغرو قد تنضمان للاتحاد عام 2025. وفي اليوم الدراسي الأخير، الجمعة الماضي، طلب من أساتذة البلاد أن يصفوا لتلامذتهم جهود شعب كوسوفو التي استمرت سنوات للفوز بحريته واستقلاله، كما ذكرت الصحافة الفرنسية في تحقيقها. وبالتأكيد، لم يتلقَّ أطفال الأقلية الصربية التي يناهز عددها 120 ألف شخص من أصل 1.8 مليون نسمة، الخطاب نفسه. والمجموعتان لا تختلطان. والانقسام مذهل في مدينة ميتروفيتسا حيث تعيش كل مجموعة على أحد جانبي نهر إيبار؛ الصرب في الشمال، والكوسوفيون الألبان في الجنوب. وما زال الصرب يرفضون الاستقلال، ويبقى ولاؤهم لبلغراد.
وبعث الرئيس الأميركي دونالد ترامب برسالة تشجيع في المناسبة كتب فيها "ما زال ثمة عمل يتعين القيام به، لكن نهنئكم على التقدم الذي أحرزتموه". وحذّر وزير الدفاع الصربي ألكسندر فولين هذا الأسبوع من أن صربيا لن تعترف بكوسوفو، ولن تعترف بها خصوصاً بهدف أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي.
وهاجم وزير الخارجية الصربي إيفيكا داسيتش بعبارات حادة غير معتادة نظيره الألماني زيغمار غابريل. وقال داسيتش في تصريحات لصحيفة "كورير" الصربية الصادرة، "غابريل، أنت متعجرف! استمر في حلمك بأن نعترف بكوسوفو... غابريل يمكنه أن يقول ما يشاء، لكن لن يتحقق شيء من ذلك".
وزار غابريل الأسبوع الماضي صربيا وكوسوفو، وطالب صربيا بالتصالح مع إقليمها السابق كوسوفو، وذلك كشرط لقبول انضمام صربيا للاتحاد الأوروبي. وقال داسيتش، كما نقلت عن الصحيفة الوكالة الألمانية للأنباء: إنه (غابريل) شخص على وشك الخروج من السلطة... حيوه وأبلغوه أنه ينبغي أن يتقبل الواقع وأن ترحل الحكومة الألمانية الحالية فورًا.
ولكن الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش كان أكثر غموضًا، فيما أكد هاشم تاجي أنه يريد التوصل إلى اتفاق في 2018، إلا أن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيرني التي تحدثت بالتالي عن نهاية 2019، أعربت عن تفاؤلها بواقعية.
في بلغراد، يتحدث مسؤولون عن إمكانية إعادة ترسيم الحدود. لكن الحكومات الغربية ترفض هذا السيناريو وتعرب عن قلقها من التوترات الإثنية في المنطقة التي ما زالت شديدة، بعد عشرين عاماً على انتهاء الحروب الدامية التي أدت إلى انفجار يوغوسلافيا السابقة. وقال هاشم تاجي في الفترة الأخيرة إن كوسوفو غير قابلة للتقسيم.
كما حذّرت البلدان الغربية بريشتينا من عزم نواب كوسوفو على إلغاء محكمة للقضاة الدوليين المكلفين محاكمة جرائم الحرب التي ارتكبها قادة سابقون للتمرد الاستقلالي الكوسوفي الألباني. وهم قادة ما زالوا يتسلمون القيادة في كوسوفو. والمشكلة الأخرى هي الانهيار الاقتصادي والبطالة التي تشمل ثلث السكان ونصف الشبان. ويحلم كثيرون من السكان بالانضمام إلى نحو 700 ألف من الكوسوفيين في الشتات، المقيمين خصوصاً في ألمانيا وسويسرا. وتعتبر التحويلات التي يقومون بها، مع المساعدة الدولية، أساسية لكوسوفو. وهم يعتبرون أن رهان الأشهر المقبلة هو توصل الاتحاد الأوروبي إلى تحرير تأشيرات الدخول. ومن أجل ذلك، طلبت بروكسل إحراز تقدم على صعيد التصدي للفساد الذي ما زال مزمنًا.
أرسل تعليقك