وسط انقسام حاد بين مؤيد ومعارض لنظامه السابق، يواصل أنصار الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حشد الدعم لإحياء الذكرى الثامنة لمقتله، بعد غد (السبت)، داخل عدة مدن ليبية وعربية ودولية، وذلك من خلال التظاهر ومطالبة المجتمع الدولي بـ«التدخل لإطلاق سراح نجله الساعدي من سجون العاصمة طرابلس».
وقُتل القذافي ونجله المعتصم بالله، بعد أسرهما حيّين إثر الغارات التي شنها حلف (الناتو) على مدينة سرت، مسقط رأس الرئيس السابق في 20 من أكتوبر (تشرين الأول) 2011، لتنهي بذلك 43 عاماً من حكمه.
وأعلن عدد من أفراد الجالية الليبية، المؤيدة لنظام القذافي، في العاصمة الفرنسية باريس، أمس، أنهم يحضّرون لمظاهرة في ذكرى اغتياله، «تندد بالغارات التي شنها حلف الناتو على ليبيا».
وقال محمد إغيث، وهو مهندس ليبي يعمل في فرنسا لـ«الشرق الأوسط»: «سنعمل هذا العام على توصيل صوتنا للمجتمع الدولي، وسنطالب بالتحقيق في مقتل (السيد القايد) ونجله المعتصم بالله»، مضيفاً أن «بعض الدول الأوروبية لا تفكر في مصير بلادي، بقدر ما تسعى إلى الحفاظ على مكتسباتها، وتأمين مصالحها النفطية». وتأتي استعدادات أنصار النظام السابق، في ظل استغراب خصومه، الذين يرون أن تردي الأوضاع في البلاد حالياً ما هو إلا «انعكاس لسياسات القذافي التي أضاعت ليبيا، وتفكيكه لمؤسسات الدول».
لكن الدكتور مصطفى الزائدي، وهو قيادي سابق بالنظام السابق، يرى أن اغتيال القذافي ورفاقه «نُفِّذ باشتراك مباشر للقوات العسكرية، والأجهزة الاستخباراتية الفرنسية والقطرية، التي كانت توجد على الأراضي الليبية»، مشيراً إلى أنه «قُتل مع مئات المواطنين، بعضهم تمت تصفيته بدم بارد في عملية وحشية موثقة بالفيديو، فيما عرف بقضية فندق المهاري بسرت».
ودافع الزائدي، منسق اللجنة السياسية للحركة الوطنية الشعبية آنذاك، لـ«الشرق الأوسط»، عن النظام السابق، وقال إن الليبيين أصبحوا بعد ثماني سنوات من اغتيال القذافي «يتحسرون على عهده، ويترحمون عليه»، لافتاً إلى أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد بلغت «من السوء قدراً لم يعودوا قادرين على تحمله ومواجهته». وانتهى الزائدي الذي يقيم في القاهرة قائلاً: «أكيد سنحيي ذكرى اغتيال القذافي بطرق مختلفة في مصر، وستكون بإقامة حفل ختم للقرآن الكريم، ولقاء تأبين».
ودأب مؤيدو القذافي في القاهرة على عقد لقاءات لذات المناسبة، تتضمن كلمات تندد بمقتله، وتتحدث عن مآثره. وفي هذا السياق قال مسؤول محلي من مدينة بني وليد لـ«الشرق الأوسط»، رفض ذكر اسمه: «سنظل نحيي ذكرى اغتيال الرجل الذي افتقدناه، ولا نلتفت لمعارضيه». مضيفاً: «لقد كنا أيام القذافي نعيش في رخاء... أما الآن فالعمل بات قليلاً، والخدمات الحكومية ضعيفة، ومع ذلك فالبعض يحاسبنا على دعمنا لنظام القذافي».
في موازاة ذلك، قال الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب الليبي، إن القذافي «قضى نحبه في معارك جرت على الأراضي الليبية بسبب انتفاضة 17 فبراير (شباط) عام 2011 ضد حكمه، وأدت إلى قتله وهو يقاوم، ولم يُغتل».
وأضاف العباني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تلك الانتفاضة أتت أيضاً على بنيان نظامه، وأدخلت البلاد في أتون صراع على المكاسب والمناصب، فعمّت الفوضى والفساد والاستبداد على يد الجماعات المسلحة»، وبالتالي فإنه «لا معنى لإحياء ذكرى القضاء على القذافي، ولا معنى لاستمرار الصراع تحت أي حجة من الحجج، والمطلوب مصالحة وطنية وعدالة انتقالية دون إقصاء أو استبعاد لأحد، فليبيا وطن للجميع».
وشدد العباني، وهو عضو عن مدينة ترهونة (88 كيلومتراً من طرابلس) أنه «على المجتمع الدولي، الذي ساعد على قتل القذافي وتدمير نظامه بحجة حماية المدنيين، أن يرفع حظر توريد السلاح عن الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، وأن يفك ارتباطه بالجماعات المسلحة، والتوقف فوراً عن دعمها».
لكن أمام حالة الانقسام والجهوية التي تعاني منها البلاد وتمسُّك كل فريق بمكتسباته، رأى الحقوقي الليبي أحمد عبد الحكيم حمزة أنه «من حق أي مكون سياسي ليبي أن يحيي أمجاده السياسية، أو يستذكر ذكريات من تاريخه السياسي».
وأوضح حمزة أن هذه الاحتفالات يمكن النظر إليها من «باب احترام حق التعبير عن وجهات النظر والمواقف السياسية، وهذا حق مكفول لكل التيارات السياسية والاجتماعية».
أرسل تعليقك