الراعي يُجدد الدعوة إلى الحوار في رسالة الميلاد
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

الراعي يُجدد الدعوة إلى الحوار في رسالة الميلاد

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - الراعي يُجدد الدعوة إلى الحوار في رسالة الميلاد

بيروت ـ جورج شاهين

وجه الكاردينال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي رسالة الميلاد الثانية له منذ اعتلائه السدة البطريركية، جدد فيها النداء الى فرقاء النزاع السياسي في لبنان، ليكونوا صانعي سلام، ويبادروا مسرعين الى وضع قانون جديد للانتخابات، غير قانون الستين الذي هو في اساس نزاعاتنا حسبما يقرّ الجميع، والى تأليف حكومة جديدة مطابقة لقاعدة العيش المشترك، وقادرة على قيادة البلاد نحو الانتخابات النيابية الهادئة في موعدها الدستوري؛ حكومة جديدة تلتزم خطة ناجعة للنهوض الاقتصادي والمعيشي، وتخلق الاجواء المناسبة للمصالحة الوطنية، وتجنّب لبنان، ارضًا وشعبًا ومؤسسات، تداعيات الحرب في سوريا والاحداث الجارية في منطقتنا العربية، وتوجّه نحو تحييد لبنان عن صراعات المحاور الاقليمية والدولية، فيكون منطلقًا للاستقرار والسلام في المنطقة، ومساحة لقاء وحوار للجميع. وقال الراعي: في قلب ظلام الليل وظلمة العالم وُلد المخلّص الإلهي، فأشرق مجدُه نورًا للأمم وكانت البشرى للرعاة الفقراء الساهرين على قطعانهم في نواحي بيت لحم بلسان ملاك الرب: "أبشّركم بفرح عظيم، يكون للشعب كلّه: وُلِدَ لكم اليوم مُخلّص، هو المسيح الربّ"(لو2: 10-11). وكان نشيد السلام على الأرض والمجد في السماء. وإذا بالميلاد بشرى خلاص لنا وللعالم، ونورًا في ظلمات حياتنا، وسلامًا في القلوب وبين الناس، ومجدًا لله في السماء. وكانت بداية الازمنة الجديدة. من هذا الفرح العظيم للبشرى أصوغ اطيب التهاني والتمنّيات بالميلاد المجيد والسنة الجديدة لجميع اللبنانيين وأبناء هذا الشرق وإخوتنا المنتشرين تحت كلّ سماء، ورعاة كنيستنا المارونية وكهنتها ورهبانها وراهباتها ولسائر أبنائها وبناتها حيثما وُجدوا، ولجميع مؤسساتها التربويّة والاجتماعية والاستشفائية والإنمائية. الحدث الذي جرى منذ ألفين واثنتَي عشرة سنة، يتجدّد ويتواصل اليوم وفي كلّ يوم. المسيح نفسه هو لنا الآن وهنا بشرى الخلاص بكل أبعاده الروحية والاجتماعية، الثقافية والسياسية، الاقتصادية والانمائية. ويريدنا بنعمته أن نكون نحن بدورنا هذه البشرى بأفعالنا وحاملينها بالتزامنا. والمسيح هو نورنا في ظلمات الحياة، يبدّدها بنور شخصه وكلامه وآياته وأفعاله. ويدعونا لنكون انعكاسًا لنوره، لكي نبدّد بقوته، وبالأفعال والمبادرات والمخططات الكنسية والمدنية، الفردية والجماعية والمؤسساتية، كلَّ ما يُحيط بنا من ظلمات، وما أكثرها! ظلمات الفقر والمرض والحزن، ظلمات الأمّيّة والجهل والحرمان، ظلمات الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة، ظلمات التباعد والانقسام، ظلمات اليأس والتراجع، ظلمات محنة الايمان والمصاعب الروحية والمعنوية والمادّيّة، ظلمات ضياع الأخلاق في تيارات الفساد والاستهلاكيّة والإباحية والمتعة، ظلمات الأنانية والمصالح الفردية والفئويّة على حساب الخير العام، ظلمات الأسر في المواقف المرتهنة والمستقوية. نور المسيح الذي منه نور الكنيسة ونورنا، يتحقّق أيضًا اليوم وهنا، حسب نبوءة أشعيا: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا، والمقيمون في عتمة الظلام أشرق عليهم نور"(أش 9: 1). أجل، في ظلمة ليلنا يتردّد صدى بشرى الملاك: "أبشّركم بفرح عظيم، يكون للشعب كلّه: وُلِدَ لكم اليوم مُخلّص، هو المسيح الربّ"، وصدى نداء الطوباوي البابا يوحنّا بولس الثاني: "إفتحوا الأبواب للمسيح! بل شرّعوها لقوّته الخلاصيّة! إفتحوا حدود الدول والانظمة الاقتصادية والسياسيّة والحقول الواسعة: حقول الثقافة والحضارة والإنماء". وكما قال الملاك للرعاة، يقول لنا أيضًا: "لا تخافوا! فالمسيح يعرف ما في داخل الانسان. وحده يعرف"(عظة إفتتاح حبريته، 22/11/1978) والمسيح هو سلامنا في القلوب وبين الناس. ويدعونا لنكون صانعي سلام. كتب لنا قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في الإرشاد الرسولي:"الكنيسة في الشرق الاوسط،  شركة وشهادة" أنَّ السلام هو حالة الإنسان الذي يعيش بانسجام مع الله، مع الذات، مع القريب ومع الطبيعة. وهو أولاً في داخل الإنسان قبل أن يكون في الخارج. إنّه ثمرة العدالة ويتحقّق في إنماء الشخص البشري إنماءً إنسانيَّا شاملاً، وفي أنماء المجتمع أخلاقيًّا واقتصاديًّا وبيئيًّا. ويبقى السلام في الأساس عطيّة الروح القدس، نلتمسه بإلحاح من الله، فنناله، كما يعد في الانجيل: "مَن يسأل ينل، ومن يطلب يجد"(متى7: 8؛ راجع الفقرتين 9 و 10). كان المسيح، البشرى والنور والسلام، نشيد مجد لله في السماء وموضوع تمجيد. ونحن، بالتزامنا اعلان بشرى الخلاص والعمل من اجل خلاص كل انسان وشعب، وبنشر نور الحقيقة والمحبة لرفع كل الظلمات، وبصنع السلام في القلب والعائلة والمجتمع والوطن، انما نحقق مجد الله، ويمجّدنا الله. ان لبنان وهذا الشرق بحاجة الى سلام، يكون من عطايا الله وصنع البشر، لكي تخرج بلداننا من ظلمات العنف والحرب والارهاب، ومن ظلمات الدمار والتشريد والتهجير، ومن ظلمات السجون واقبية التعذيب، ومن ظلمات الاستضعاف والتسلّط والظلم، ومن ظلمات الانظمة الديكتاتورية والتوتاليتارية والراديكالية، ومن ظلمات الاعتداء على الحياة البشرية بكل انواعه الحسّية والمعنوية، وعلى أي شخص بشري أكان جنينًا في بطن امه، أم كائنًا ظهر الى الوجود، ومن ظلمات التعدّي على الملكية الخاصة واموال الغير. كل هذه الظلمات تعود الى عدم احترام الحياة البشرية وكرامة الانسان. في احدى كلمات قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، اثناء زيارته للبنان، كانت توصيته: "اذا اردتم السلام، دافعوا عن الحياة"! ان فاعلية الالتزام من اجل السلام ترتبط بمفهومنا للحياة البشرية. فالاقرار غير المشروط بكرامة كل كائن بشري، وبكرامة كل واحد منا، وبقدسية الحياة، هو اساس مسؤوليتنا امام الله عن نبذ الحرب واعمال العنف، وعن الاسراع في ايجاد الحلول للازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويضيف قداسته: "البطالة والفقر والفساد والاستغلال والارهاب تحط من كرامة الانسان وتُضعف المخزون البشري. ان خسارة أي حياة بشرية هي خسارة للبشرية جمعاء. فيجب التضامن الفعلي لازالة كل ما يعرقل الاحترام لكل كائن بشري، ولدعم السياسات والمبادرات التي تعمل من اجل وحدة الشعوب بشكل مخلص وعادل، ولتعزيز التعاون والحوار الحقيقي والثقة المتبادلة كوسائل لحسن العيش معًا. فلا بد من الالتزام في التربية على السلام، وفي بناء ثقافة السلام، كضمانة لفتح مستقبل سلام امام اجيالنا الطالعة. لبنان مدعو ليكون النموذج والمثال في هذا المجال"(خطابه في القصر الجمهوري في 15 ايلول/ سبتمر 2012). في ضوء هذه المبادىء، نجدد النداء الى فرقاء النزاع السياسي في لبنان، ليكونوا صانعي سلام، ويبادروا مسرعين الى وضع قانون جديد للانتخابات، غير قانون الستين الذي هو في اساس نزاعاتنا حسبما يقرّ الجميع، والى تأليف حكومة جديدة مطابقة لقاعدة العيش المشترك، وقادرة على قيادة البلاد نحو الانتخابات النيابية الهادئة في موعدها الدستوري؛ حكومة جديدة تلتزم خطة ناجعة للنهوض الاقتصادي والمعيشي، وتخلق الاجواء المناسبة للمصالحة الوطنية، وتجنّب لبنان، ارضًا وشعبًا ومؤسسات، تداعيات الحرب في سوريا والاحداث الجارية في منطقتنا العربية، وتوجّه نحو تحييد لبنان عن صراعات المحاور الاقليمية والدولية، فيكون منطلقًا للاستقرار والسلام في المنطقة، ومساحة لقاء وحوار للجميع. "يوم الميلاد" هو "يوم الإنسان". بداية زمن الخلاص بالمسيح، ونهاية الأزمنة السابقة. بداية الجديد ونهاية كلِّ عتيق في حياتنا وحياة الشعوب والأمم. فلا بدّ من إعلان جديد لإنجيل المسيح الخلاصي، بل لسرّ المسيح الذي تجسّد لكي يُعيد للإنسان بهاء إنسانيته المخلوقة على صورة الله، والذي مات فدىً عن خطايا كلّ إنسان من اجل الغفران والمصالحة، والذي قام من الموت لتبريرنا وإعطائنا الحياة الجديدة بالروح القدس. فالمسيح، إبن الله، هو المخلّص الواحد والوحيد لجميع الناس. هذه هي البشرى المفرحة التي نحملها نحن المسيحيين للبنان وبلدان الشرق الأوسط، التي تعيش كلّها آلام المخاض، من اجل مجتمع ووطن أفضل، وإذا بها تفاجأ بمظاهر  وظاهرات تنذر  بالعودة بها الى الوراء. إنها تحتاج الى مزيد من الاعتدال أملاً بديمقراطية في الدولة تعترف بالشعب على تنوّع مكوّناته الثقافية والسياسية والدينية، كمصدر للسلطات يمارسها عبر المؤسسات الدستورية؛ ديمقراطية تؤمّن تداول السلطة وتجديد النخب السياسية واستمرارية الاصلاح، واعتماد التنوّع الفكري والسياسي والتعدّد الحزبي، والاعتراف بالآخر المختلف؛ ديمقراطية تقرّ بالحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والعبادة والمعتقد، وتعزّز حقوق الانسان الاساسيّة، بعيدًا عن العنف والترهيب والاستقواء والاستبداد والاستضعاف؛ ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة، وتتجنّب في آن العلمنة السلبية التي تُقصي الدين وقيمه عن الحياة الزمنية، والاصولية الدينية التي تستغل الدين لتفرض نفسها على الضمائر وتستأثر بالحكم ولو عن طريق العنف والترهيب، كما ينبّه الإرشاد الرسولي: "الكنيسة في الشرق الأوسط، شركة وشهادة"(الفقرة 30) ويُذكّرنا الإرشاد الرسولي عينه أن أرضنا الشرق أوسطية أرضٌ اختارها الله ليتجلّى عليها سرُّ حضوره وخلاص العالم بالتجسّد والفداء وتقديس الإنسان. فعليها الإله صار إنسانًا، وارتفع على صليبه الخلاصي، وأشعّ بنور القيامة، وأرسل روحه القدّوس ليبثّ الحياة الجديدة في الجنس البشري والتاريخ. ومنها أعلن المسيح سلامه للعالم، وسلّمه للإنسان لكي يحافظ عليه ويبنيه كلّ يوم في العائلة والمجتمع والوطن، فيصير في الحقيقة إبنًا لله، كما أكّد في إنجيل التطويبات: "طوبى للساعين إلى السلام، فإنّهم أبناء الله يُدعَون"(متى 5: 9). فلنجدد ايها الاخوة والاخوات، في سنة الايمان، ايماننا بالمسيح وبعناية الله، وبأن ارض الشرق الاوسط هي ارضنا. فينبغي ان نحافظ عليها مع كل شركائنا في اوطاننا، ونجعلها ارض بشرى ونور وسلام يشعّ للعالم، كما أشعّ مع ميلاد المسيح والكنيسة الناشئة، لمجد الله العليّ.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الراعي يُجدد الدعوة إلى الحوار في رسالة الميلاد الراعي يُجدد الدعوة إلى الحوار في رسالة الميلاد



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia