القاهرة ـ وكالات
يرصد فيلم تسجيلي مصري جديد ظاهرة اختفاء دور العرض السينمائي في الأحياء الشعبية في العاصمة والمدن الكبرى في المحافظات التي كانت متنفسا لسكانها على مدار سنوات طويلة قبل أن تطالها يد العبث. وانتهى المخرج المصري الشاب أحمد صلاح من تصوير الجزء الأكبر من الفيلم الذي يحمل اسم "سيما مصر" الذي كتبته وجمعت له المادة العلمية والبحثية الكاتبة إيمان القصاص باعتباره العمل التسجيلي الأول الذي يرصد ظاهرة اختفاء "سينما الأحياء الشعبية" التي تم إنشاء معظمها منتصف القرن الماضي وأسباب اختفائها المختلفة.
وقالت الكاتبة إيمان القصاص إن فكرة الفيلم ظهرت بداية كتحقيق صحفي عملت عليه لمدة تجاوزت الشهر ونشر على عدة أجزاء في مجلة "صباح الخير" المصرية قبل أن تقرر تحويله إلى فيلم وثائقي. وأضافت أن القصة بدأت معها من خلال ملاحظتها العديد من دور العرض السينمائي القديمة المغلقة أو المتهدمة مما جعلها تقرر فتح الملف واكتشاف أسرار إغلاق تلك الدور التي كانت تمثل يوما مصدر إشعاع ثقافي في محيطها. ويمنع القانون المصري تحويل أي منشأة ثقافية ذات ملكية خاصة أو عامة إلى أي نشاط آخر لكن الكثير من دور العرض السينمائي والمسارح القديمة تحولت على مدار السنوات الماضية إلى بنايات سكنية فارهة أو جراجات استغلالا لأماكنها المميزة في الأحياء أو تم إغلاقها لتتحول بمرور الوقت إلى أوكار للصوص والمدمنين أو تهدمت وباتت أقرب إلى خرابات يقوم الناس بإلقاء القمامة فيها.
وقالت القصاص: "قررت أن أبحث في الأمر كصحفية وبدأت زيارة المناطق التي تضم دور سينما قديمة مغلقة أو متهدمة أو كانت تضم دور سينما فيما سبق وأسأل الناس هناك عن تاريخها وذكرياتهم معها وأسباب غلقها أو هدمها لاكتشف الكثير من التفاصيل التي لا تخلو أبدا من شبهات الفساد". وتابعت: "بعد نشر الموضوعات كسلسلة تحقيقات صحفية خطرت لي فكرة تحويله إلى فيلم تسجيلي وبدأت توسيع دائرة البحث بالتجول في عدد من المحافظات للبحث عن أسباب إختفاء هذه السينمات بمنظور أوسع يتحمل الكثير من الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية".
وتشير الكاتبة إلى أن عملية البحث كشفت أن "فترة أطلق عليها في مصر (الانفتاح) في نهاية سبعينيات القرن الماضي كانت الأسوأ على الإطلاق فيما يخص المؤسسات الثقافية ثم ما أعقبها من تضييق وقيود على الشأن الثقافي طيلة فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك التي شهدت تهميش قصور الثقافة والمسارح واختفاء تدريجي لدور العرض السينمائية تبعا لقلة الإنتاج السينمائي". ويرى صناع الفيلم التسجيلي الذي تتولى إنتاجه شركة "كناري" أن الهدف الأهم من ظهوره للنور أن يلفت النظر إلى القضية بما يمكن أن يتبعه إعادة فتح العشرات من دور العرض المغلقة أو إعادة بناء الكثير من دور العرض المتهدمة كمتنفس ثقافي قريب وزهيد التكلفة للمقيمين في الأحياء الشعبية.
أرسل تعليقك