الرباط - وكالات
كل يوم عندما أدخل المدينة القديمة في أصيلة بطريقي إلى القصر حيث مرسم الفنانين الذين يأتون من أنحاء العالم ليقدموا فنهم بموسم أصيلة السنوي، لابد أن أمر بساحة القمرة، وهي ساحة جميلة ونظيفة لونت جدرانها باللون الأبيض والأزرق، وفيها محلات صغيرة تبيع بعض التحف المغربية والألبسة التقليدية، بالإضافة إلى ناقشات الحنة، وفي الطرف الأيسر منها تفاجأ بفتاة في العقد الثالث من عمرها تدعى كريمة الجعادي تبدو عليها علامات قسوة الحياة مرسومة على وجهها وقد افترشت على الأرض معرضا لأعمالها الفنية وتجلس بقرب لوحاتها ترسم بقدميها لوحات تلخص فيها تاريخها وتاريخ المدينة، وعندما كنت أمر من أمامها كانت تبتسم وتلقي التحية بخجل وطيبة.
أول لوحة
ولدت كريمة الجعادي في مدينة القصر الكبير شمال المغرب وهناك تلقت دراستها الابتدائية حتى بلغت الخامسة عشرة من عمرها حيث رسمت أول لوحة لها وسمتها «خربشات»، فكانت بداية لتحديها لإعاقتها التي ولدت معها وهي عبارة عن شلل كامل في يديها ونصف إعاقة في رجليها.
لوحات للبيع
بدأت الرسم لتتحدى إعاقتها وفقر أسرتها، فمن إحدى رجليها المعاقتين تتخذ يدا بديلة وريشة ومن قوة الفقر ومرارة الحياة تستنبط موضوعات ترسم فيها لوحات تشكيلية تعبر فيها عن أحاسيسها وأحلامها.
تقول كريمة عن تجربتها الفنية، بأنها عرضت لوحاتها في العديد من المعارض المحلية والخارجية وآخر معرض كان لها في مدينة جبل طارق الإسبانية ودائما تحرص على الحضور في ورشات للرسم في الهواء الطلق والتي ترى فيها فرصة جيدة لبيع لوحاتها لسياح مغاربة وأجانب، وادخار ما يمكن أن تعيل به نفسها وأسرتها في الشتاء. وتقول كريمة إنها ترسم في الهواء الطلق والساحات العامة فهي لا تستجدي أحداً أو تتسول وإنما تريد لفت الانتباه إليها وضمان بيع لوحاتها للزوار من مختلف الجنسيات.
زاوية للأمل
يلفت النظر في أعمال كريمة درجة السواد والحزن المنسوج في لوحاتها وأحيانا هناك زاوية للأمل تثير أعمالها فضول محبي الفن التشكيلي ويزداد حجم الانبهار بمجرد الاهتداء إلى هوية وموهبة صاحبتها التي جعلت من نفسها اسما فنيا معروفا في الوسط التشكيلي المغربي. لكن رغم محدودية الإمكانيات ومشاكل الإعاقة المزدوجة، تقول إنها بدأت الرسم بفمها لكن بعد ثلاث سنوات بدأت تعاني من ألم في الأسنان، لذلك منعها الطبيب من الرسم بفمها، فراحت تدرب رجلها نصف المعاقة على الرسم، بينما تؤكد أنها تحب أعمال الفنان العالمي بيكاسو وكذلك الفنان المغربي ابن أصيلة فريد بلكاهية.
دقة متناهية
أثناء الحوار معها كتبت اسم عائلتها بشكل خاطئ فأخذت الورقة والقلم بقدمها لتكتب الاسم الصحيح.
أرسل تعليقك