التعليم في المغرب يتراجع بسبب الإجراءات القانونية والخدمات الخصوصية
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

بعد محاولات كثيرة للارتقاء به صنفته التقارير الدولية من العالم الثالث

التعليم في المغرب يتراجع بسبب الإجراءات القانونية والخدمات الخصوصية

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - التعليم في المغرب يتراجع بسبب الإجراءات القانونية والخدمات الخصوصية

التعليم في المغرب يتراجع

الرباط - العرب اليوم تتوالى التشخيصات والعلاجات بتوالي الأيام والأسابيع والأشهر والسنين، و"المريض" يرقد داخل غرفة الإنعاش، يحاول الأطباء جادين إنقاذ حياته من موت بات شبه محقق، أو بالأحرى إطالة عمره بمسكنات وأدوية، بانت محدودية نجاحها في العلاج، والتصدي للمرض الفتاك، الذي أصبح معه المريض يعاني في صمت رهيب، ويطلب موتًا رحيمًا. فهل فشلت تدخلات أطبائنا الأخصائيين في القطاع العام، لعدم القدرة على تشخيص المرض العضال، الذي ألم بمريضنا، منذ زهاء عقدين من الزمن، رغم ظهور أعراضه للعيان.
وهل بات ضروريًا عرض المريض على مصحات خاصة، حتى لو كانت النتيجة غير مضمونة، أو بالأحرى محسوم فيها بالسلب منذ البداية؟ أم نحيله إلى مراكز استشفائية جامعية في دول ما وراء البحار، حتى لو كان الثمن باهظًا ومكلفًا، وحالته ميئوس منها؟
تعد هذه الصورة، ذات دلالات عميقة وواقعية، بحيث تنطبق في تجلياتها على واقع قطاع التربية والتكوين في المغرب، الذي أضحى واقعه المتدني يدعو إلى الشفقة، بعد أن لم تفلح الإصلاحات التي توالت، وإصلاح الإصلاحات، في إخراجه من أزمته الخانقة، بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة، التي أبانت عجزها في الرقي بالمدرسة العمومية، وإعطائها المكانة والدور الطلائعيين اللذين تستحقهما، وهي التي ساهمت منذ فجر الاستقلال، في صنع مفكرين بارزين، وأدباء عالميين وكونيين، وساسة محنكين وغيرهم، بصموا التاريخ ببصماتهم، التي ضمنت لهم الخلود. غير أن خللا ما قلب الموازين في المغرب، وجعل التعليم يسقط رويدًا رويدًا، منذ تسعينيات القرن الماضي، إلى الدرك الأسفل.
والكثير من الإصلاحات - أو ما اصطلح بعض الساسة والبروقراطيين على تسميته كذلك-، تم التخلي عنها بين عشية وضحاها. وكان كل مسؤول في قطاع التعليم في المغرب، يحاول أن يسلط عليه الأنظار، ويدعي  قدرته على إصلاح المنظومة التربوية، والرقي بجودة ومكانة المدرسة العمومية، والنتائج كانت سلبية، رافقها استنزاف لميزانيات الدولة، ومضيعة الوقت، وأكثر من ذلك أن فلذات أكبادنا الطلاب أصبحوا أشبه بمختبرات كانوا يختبرون عليها تجارب وبيداغوجيات بعض دول العالم المتقدم المترامية الأطراف على الخريطة الجغرافية، والبعيدة المتباعدة عنا في الزمان بعشرات العشريات. فواقع بلدنا المغرب ليس هو واقع تلك الدول، التي حاول مسؤولون بيروقراطييون نسخ تجربتنا على تجاربهم، واستنساخ بيداغوجياتنا على بيداغوجياتهم.
تكاثرت وتباينت أسباب ومكامن الانحطاط، والنتيجة الحتمية واحدة، وهي تراجع مستوى المدرسة العمومية في المغرب، مقابل تزايد الإقبال على نظيرتها، المدرسة الخصوصية. إن الإصلاح في حاجة إلى رجالاته، الذين يجب أن يكونوا منبثقين من أرض الوطن، ينتجون بيداغوجيات ومناهج للتدريس، وبرامج ومقررات محلية، تكون بعقلية وتصورات مغربية. إن ذلك لا يمنع من الانفتاح على البيداغوجيات الأجنبية. فليس ذلك عيبا، وإنما العيب أن ننقلها حرفيًا، وننزلها بالطريقة المعروفة بـ "كوبيي كولي"، على أرض واقعنا المغربي، الذي ليس هو واقع البلدان أو الأدمغة التي صنعت وأنتجت تلك "البداغوجيات" الدخيلة علينا.
غياب الضمير المهني، وروح المواطنة، وعدم التشبع بالسلوكات المدنية لدى بعض المدرسين، من أسباب تدهور مستوى المدرسة العمومية، فثمة سبب خطير يكمن في غياب أو بالأحرى تغيب رجال ونساء التعليم عن العمل وحصص التدريس، بتبريرات المرض، التي تستمد ظاهريًا قانونيتها ومشروعيتها من الشواهد الطبية المؤدى عنها نقدًا، مما بات محكًا عسيرًا للوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية، وعائقًا في وجه إصلاح المنظومة التربوية، يصعب تدبره بين عشية وضحاها بعصا سحرية، في ظل التراكمات والإرث الثقيل المتبقي عن الحكومات المتتالية، التي أبانت بالمناسبة عن عجزها، أو بالأحرى فشلها الذريع في تحريك هذا الملف الشائك (ملف الشواهد الطبية)، رغم ما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين من تدابير إصلاحية، ورغم ترسانة الإجراءات المسطرية والقانونية، التي تم اعتمادها ولم تأت بالنتائج المتوخاة. وكانت العواقب حتمية، وهي السقوط إلى الحضيض. واقع يستشف بالواضح والملموس من التقارير الدولية، والتي صنفتا التعليم في المغرب في مصاف دول العالم الثالث.
أمام استفحال ظاهرة الشواهد - التي حطمت الرقم القياسي في قطاع التعليم - بات الآباء يفضلون اللجوء إلى خدمات التعليم الخصوصي، حتى لو كانت مكلفة، وتضطر الأسر لنهج سياسة "شد الحزام". والخطير أن مدرسين في أسلاك التعليم الابتدائي، والثانوي/ الإعدادي، والثانوي/ التأهيلي، يدلون بشواهد طبية إلى إدارات المؤسسات العمومية، وفي الوقت ذاته، تجدهم يقومون، دون حسيب أو رقيب، بالتدريس في مؤسسات حرة أو خصوصية، ويؤدون ساعات إضافية في منازلهم،  بسومة قد تصل إلى 1000 درهم عن كل تلميذ.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم في المغرب يتراجع بسبب الإجراءات القانونية والخدمات الخصوصية التعليم في المغرب يتراجع بسبب الإجراءات القانونية والخدمات الخصوصية



GMT 10:53 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

تقرير يوضح سوء التغذية يهدد عشرات آلاف التلاميذ في تونس

GMT 10:49 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

التغييرات الجديدة في رزنامة العطل المدرسية في تونس

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia