وفاة الإذاعي المصري أحمد سعيد الذي تحمّل أوزار نكسة 1967
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

التصقت باسمه واحدة من أكبر هزائم العرب في القرن العشرين

وفاة الإذاعي المصري أحمد سعيد الذي تحمّل أوزار نكسة 1967

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - وفاة الإذاعي المصري أحمد سعيد الذي تحمّل أوزار نكسة 1967

الإذاعي المصري أحمد سعيد
القاهرة - العرب اليوم

غيب الموت الإذاعي المصري، أحمد سعيد، عن اثنين وتسعين عامًا، بعد رحلة طويلة إنسانية ومهنية بدأها بتأسيس إذاعة "صوت العرب" ذات الصيت الذائع وغير المسبوق في خمسينات وستينات القرن الماضي.

وبدا لافتًا أن الرجل الذي حُمِّل أوزار نكسة 5 يونيو (حزيران) 1967 رحل في ذكراها الحادية والخمسين، ليبدو مشهد وفاته بالغ الغرابة.

ويُعد سعيد الذي يُنسب له الدور الرئيسي في تأسيس إذاعة صوت العرب، عرفه المستمعون آنذاك بخطابه الإعلامي التعبوي الذي كان مواكبًا لتلك الحقبة، إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي قرر أن تكون الإذاعة وسيلة مصر الإعلامية للنفاذ إلى المجتمعات العربية وترويج الخطاب القومي الثوري.

وتظهر في رحلة سعيد مع ميكرفون الإذاعة وساعات الهواء التي انطلق فيها صوته "من المحيط إلى الخليج" كما كان شعار "صوت العرب"، محطات بارزة يعرفها بدقها المتابعون لتاريخ العرب الحديث، فكان صوت سعيد هو الذي نقلت مصر من خلاله موقفها من حلف بغداد عام 1959 والذي تم إسقاطه فيما بعد، ثم كان هو أحد عناوين تجربة الوحدة العربية بين مصر وسورية عام 1958 وفق تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط.

وكان هو صاحب الصوت الذي نقل بيان الثورة الجزائرية عام 1954 ثم كان أن ارتبط بصداقة عميقة بقائدها الراحل أحمد بن بيلا.
ولا يستطيع متابع لتاريخ أحمد سعيد المهني والإنساني، أن يتجاوز تلك التجربة المتعلقة بهزيمة يونيو/حزيران 1967 فكما كان الميكرفون هو الوسيلة التي رفعت اسم سعيد عاليًا وجعلته حاضرًا في آذان المستمعين عبر الوسيلة الإعلامية الأهم حينها وهو الراديو، تسبب أثير الإذاعة كذلك في الإطاحة به من موقعه النافذ والكبير في الإذاعة المصرية، لتلتصق باسمه واحدة من أكبر هزائم العرب في القرن العشرين.

وأثناء أيام النكسة، وبينما كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تكبد العرب على جبهات مصر وسورية وفلسطين خسائر فادحة وتسيطر على القدس، كان صوت أحمد سعيد ينقل من البيانات العسكرية تأكيدات على انتصارات غير مسبوقة تحرزها الجيوش العربية، غير أن الحقيقة بدأت في الظهور تباعًا وتبين حجم الخسائر الكبرى التي وقعت، وأعقبها تنحي عبد الناصر ثم عودته للسلطة، وتمكنت مصر من شن حرب أكتوبر /تشرين الأول 1973 ورغم ذلك كله، فإن اسم أحمد سعيد ظل مرادفًا لدى البعض للنكسة.

وأجرى سعيد في العام 2011  حوارًا مع صحيفة الأهرام المصرية، في أعقاب "ثورة 25 يناير" وتحدث فيه مدافعًا عن موقفه، فقال "الإعلام في حالة الحرب له نظام وقواعد قانونية وأكاديمية خاصة تختلف عن مثيلاتها في حالة السلم، لأن الدولة كلها بما فيها أجهزة الإعلام توضع في حالة الحرب تحت تصرف القوات المسلحة بهدف تحقيق الانتصار أو تقليل حجم الخسائر قدر الإمكان في حالة الهزيمة".

ويضيف: "العلاقة بين القوات المسلحة والإذاعة هي علاقة (آمرة) كأننا جند في المعركة، حيث يتم إصدار بيانات تملى على الإعلامي ويلتزم بإذاعتها، وتنفيذ أي تعليمات قد تكون مخالفة لأي واقع، وإذا لم يتم الالتزام بالتنفيذ فإن العقوبة هي الإعدام، ونحن توقفنا عن إذاعة أي بيانات بدءا من يوم7 يونيو"، وتابع متسائلاً: "لماذا يقتصر الاتهام على الإذاعة؟ عودوا إلى الصحف".

ورغم غيابه عن المشهد الإعلامي الرسمي منذ نحو نصف قرن، فإن المؤسسات الرسمية في مصر، نعته فور إعلان نبأ وفاته، إذ قال مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن مصر فقدت "رمزًا كبيرًا وإذاعيًا قديرًا، وعلامة من العلامات الرئيسية في تاريخ الإذاعة المصرية، ورائدًا لأجيال كاملة من الإعلاميين".

وقال مكرم، إن سعيد صاحب مسيرة عطاء امتدت لنحو سبعين عامًا، وشهدت حياته الكثير من المحطات المهمة، إذ التحق للعمل بالإذاعة عام 1950. وشارك في العمل الفدائي في قناة السويس سنة 1952، ونقل بثا مباشرا من منطقة القناة أثناء العمليات الفدائية ضد الإنجليز، كما عمل مذيعا رئيسيا منذ انطلاق برنامج صوت العرب عبر إذاعة القاهرة، ثم مديرا لإذاعة صوت العرب عند تأسيسها من 1953 إلى 1967.

وقال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن السلطات البريطانية، طلبت رفع اسم سعيد من قائمة الوفد المصري الذي كان سيقابل أعضاء مجلس العموم البريطاني في 1965 وذلك بعد "توجيه الاتهام له بالتحريض على قتل الجنود البريطانيين في عدن"، لافتً إلى أن "للإذاعي الراحل إنجازات في المجال الإعلامي، حيث أدخل خلال فترة عمله بصوت العرب الكثير من التجديدات على أساليب الكتابة الإذاعية، والخرائط البرامجية، وأساليب العمل الإذاعي، وله في مكتبات الإذاعات العربية والإسلامية الكثير من المؤلفات".

ويرى الصحافي المصري، عبد الله السناوي، أن تجربة أحمد سعيد الإذاعية "تم تحميلها بافتراءات شائعة وكاملة، بخاصة أن الإعلامي والصحافي في أي دولة أو عصر، لا يمكنه تجاهل أو منع أو تعديل البيانات العسكرية الرسمية خاصة في حالات الحرب، وكان دور سعيد في أجواء هزيمة يونيو يتمثل في قراءة البيانات التي تصدر عن مكتب قائد الجيش المصري وقتها المشير عبد الحكيم عامر".

ويقول السناوي،إن "الإذاعي أحمد سعيد لم يكن جنرالًا أو قائدًا عسكريًا حتى يكون هو المسؤول أمام الناس عن الهزيمة، وجزء من استهدافه كان يرتبط بالنيل من دوره في تعبئة الرأي العام ضد سياسات الأحلاف وثورة الجزائر".

وأفاد السناوي، بأن سعيد من دون مذكرات عن تجربته الإذاعية والإنسانية وهي في عهدة أسرته، وأطلعه عليها (أي السناوي)، وتضمنت حديثًا مستفيضًا وموثقاً عن إذاعة صوت العرب وكيف نشأت فكرتها، كما أنها تثير أسئلة بشأن إعلام التعبئة وأن من بين شروط نجاحه، أن تكون مساحة الحرية المكفولة لها كبيرة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وفاة الإذاعي المصري أحمد سعيد الذي تحمّل أوزار نكسة 1967 وفاة الإذاعي المصري أحمد سعيد الذي تحمّل أوزار نكسة 1967



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك

GMT 13:38 2013 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسوأ إطلالات المشاهير لعام 2013
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia