عناصر من تنظيم "القاعدة"
صنعاء ـ علي ربيع
رفضت السلطات اليمنية، هدنة موقتة مع تنظيم"القاعدة"، سعى إلى تحقيقها مجموعة من الزعماء القبليين وعلماء الدين، في سياق التمهيد لمحادثات مع التنظيم تقود إلى صلح يكفل إنهاء المواجهات المسلحة معه، في الوقت الذي وافق زعيم تنظيم"القاعدة في جزيرة العرب، ناصر الوحيشي على بنود الهدنة، المقترحة من لجنة
الوساطة، في ظل معلومات تتحدث عن رفض السلطات اليمنية التوقيع على بنود الهدنة، بناءً على نصائح أميركية تلقاها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في حين كشفت مصادر تابعة للحكومة الأميركية عن "زيارة مرتقبة إلى اليمن يقوم بها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، جون برينان، المعروف بقربه من هادي في إطار علاقات واشنطن الإستراتيجية مع قادة الدول الحاضنة للجماعات الإسلامية المعادية للغرب".
وحصل "العرب اليوم" على نسخة من بيان أصدرته لجنة الوساطة بين تنظيم"القاعدة" في اليمن والسلطات الحكومية، مذيل بتوقيع 4 أشخاص وصفوا بأنهم من "علماء الدين"، و4 آخرين وصفوا بأنهم من "الزعماء القبليين"، إذ أكدوا "رفض السلطات اليمنية، التوقيع على بنود هدنة بينها وبين التنظيم، على الرغم من أنها كانت أبدت موافقتها المسبقة للجنة الوساطة للمضي في مساعيها لدى زعيم تنظيم"القاعدة" في جزيرة العرب، ناصر الوحيشي للتوقيع على بنود الهدنة، في سياق تمهيدي لإجراء محادثات مع السلطات تفضي إلى صلح دائم، ينهي المواجهات المسلحة مع التنظيم".
وفي حين حملت لجنة الوساطة اليمنية الدولة مسؤولية تنصلها من توقيع الهدنة، فضلاً عن مسؤولية استمرار الغارات الأميركية التي "تستبيح دماء المسلمين" على حد قولها، طلبت من زعماء القبائل اليمنية وعلماء الدين والأحزاب والمنظمات الحقوقية، "الضغط على السلطات للتوقيع على الهدنة التي تمتد شهرين، يوقف فيها تنظيم"القاعدة" هجماته، كما توقف السلطات اليمنية عمليات الملاحقة لعناصره، كما تتوقف خلالها عمليات الطائرات الأميركية من دون طيار".
وأكد البيان المؤرخ في الخامس من شباط/فبراير الجاري "حرص لجنة الوساطة "على تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد" وقال"بعد عرض موضوع الصلح على الدولة اليمنية أبدت استعدادها ورغبتها وحرصها متمثلة في رئيس جهاز الأمن السياسي(المخابرات) والذي بدوره عرض الموضوع على رئيس الجمهورية، ثم عرضت لجنة الوساطة الصلح على قادة تنظيم "القاعدة" فأبدوا الموافقة والرغبة والحرص أيضاً، وبعد المداولة بين الطرفين لوضع آليات الصلح وعرض الشروط من الطرفين والتي تمثل بنود الصلح"، طلبت لجنة الوساطة أن تكون هناك هدنة بين يدي الصلح حتى يتسنى مناقشة بنود الصلح مع الطرفين بحضور عدد من علماء ووجهاء ومشايخ اليمن في أجواء يسودها الأمن".
وأشار البيان إلى أن "السلطات اليمنية أبدت موافقتها واستعدادها على الهدنة المؤقتة والمقترحة لمدة شهرين"، وقال إن "اللجنة القبلية ومعها مجموعة من العلماء(الدين) التقت قادة تنظيم "القاعدة، وتمت الموافقة من قبلهم على بنود الهدنة، ووقع أمير التنظيم، ناصر بن عبد الكريم الوحيشي عليها، كما أبدى تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب استعداده التام للصلح بحضور عدد من علماء ووجهاء ومشايخ اليمن".
وأوضح الوسطاء أنهم "عرضوا على السلطات موافقة تنظيم "القاعدة" وتوقيع زعيمه ناصر الوحيشي على الهدنة"، في حين قالوا إن "رئيس جهاز الأمن السياسي(المخابرات اليمنية)، حدد مدة 3 أيام، لعرض الموضوع على الرئيس هادي ليفوض من يراه للتوقيع على الهدنة من طرف السلطات"، مؤكدين بحسب البيان، أنهم "أجروا عدة لقاءات مع رئيس الجهاز(المخابرات) اللواء غالب القمش، وطالبوه بلقاء يجمعهم مع الرئيس هادي لإقناعه باتفاق الهدنة، لكنهم فوجئوا بعد انقضاء المهلة الأخيرة، على حد قولهم، " بعدم التوقيع على ما اتفق عليه مسبقا".
وأكد الوسطاء في بيانهم، أنهم "يحملون السلطات المسؤولية الكاملة عن عدم التوقيع على الهدنة، لاسيما وأنها أبدت موافقتها المسبقة على ذلك، إضافة إلى تحميلها ما وصفوه بـ"انتهاك حرمات المسلمين وسفك الدماء بين القوات المسلحة والأمن وتنظيم "القاعدة"، إلى جانب "السماح للطيران الأميركي بانتهاك الأجواء اليمنية واستباحة دماء المسلمين"، مطالبين من أسموهم بـ"العلماء والمشايخ ووجهاء البلاد والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وكافة أبناء اليمن" بالسعي لإقناع السلطات اليمنية "بسرعة التوقيع على الهدنة لما تقتضيه المصلحة العامة للعباد والبلاد" بحسب ماورد في بيانهم".
في السياق نفسه، علم"العرب اليوم" من مصادر أمنية يمنية مطلعة، أن "الرئيس عبدربه منصور هادي، رفض في اللحظة الأخيرة الموافقة على عقد الهدنة المقترحة من قبل الوسطاء القبليين والدينيين، مع تنظيم"القاعدة"، بناءً على نصائح تلقاها من السلطات الأميركية، التي ترى في تنظيم"القاعدة" خطراً داهماً لا ينبغي التفاوض معه، في الوقت الذي تحدثت المصادر الأميركية عن زيارة مرتقبة لمستشار الرئيس الأميركي لمكافحة الإرهاب، جون برينان إلى اليمن، يلتقي فيها الرئيس اليمني، لمناقشة مستقبل التحالف الإستراتيجي بين واشنطن وصنعاء على صعيد مكافحة "الإرهاب"، وإقناع الرئيس هادي باستمرار السماح بعمليات الطائرات الأميركية من دون طيار لمواصلة غاراتها في اليمن لاستهداف عناصر تنظيم"القاعدة" وقياداته، في حين يتزايد القلق الشعبي والرفض الحقوقي المحلي من استمرار هذه الغارات التي تقتل المشتبهين بالانتماء لـ"القاعدة"خارج نطاق القضاء، فضلاً عن مخاطرها على الأبرياء المدنيين، وفقاً لما يطرحه المحتجون على هذه الغارات".
وذكر راديو "سوا" الأميركي أنه "من المقرر أن يزور مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، جون برينان صنعاء، الخميس"، مشيراً إلى أن "زيارته تأتي "في إطار المشاورات بين إدارة الرئيس أوباما من ناحية، والسلطات اليمنية حول كيفية حل مسألة الغارات الأمريكية بطائرات من دون طيار والتي تستهدف مواقع لتنظيم القاعدة في اليمن من ناحية أخرى".
وأضاف الراديو على موقعه الإلكتروني "أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يحظى بإشادة دولية لتعاونه في الحرب على تنظيم "القاعدة"، لكن دعمه المعلن للضربات التي تنفذها الطائرات من دون طيار، ربما يقوّض شعبيته في الداخل، ويؤدي إلى تعاطف أكبر مع المتشددين بسبب وقوع ضحايا مدنيين في بعض الأحيان".
وتربط برينان علاقات وثيقة بالرئيس اليمني، من المتوقع أن تتوثق أكثر بعد تسلم برينان رسمياً إدارة الاستخبارات الأميركية المركزية التي رشحه لها أوباما منذ شهر، في حين يوصف بأنه "مهندس خطة الغارات الجوية باستخدام الطائرات الأمريكية من دون طيار"، فضلاً عن عمله في الاستخبارات المركزية الأميركية لمدة ربع قرن، وتوليه حالياً منصب كبير مستشاري الرئيس أوباما لمكافحة الإرهاب. إضافة إلى أنه أحد الذين خططوا للعملية التي قتل فيها زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، في باكستان العام 2011.
وكان وسطاء قبليون، قد نجحوا قبل نحو عشرة أيام، في وقف مواجهات مسلحة بين الجيش اليمني والمئات من عناصر تنظيم"القاعدة" المدعومين بغطاء قبلي في محافظة البيضاء(جنوب صنعاء) سقط خلالها قتلى وجرحى، فيما تتهمهم السلطات باحتجاز 3 أجانب غربيين، وإيواء مسلحين من خارج المنطقة.
يشار إلى أن "الجيش اليمني كان قد تمكن، بدعم أميركي ومساندة مليشيات شعبية، من طرد مسلحي"القاعدة" من مدن في جنوب البلاد، منتصف العام 2012، كان قد استولى عليها التنظيم في العام 2011، وأعلنها إمارات إسلامية، مستغلاً الاضطرابات الأمنية والسياسية التي رافقت الاحتجاجات الشعبية التي خرجت للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
أرسل تعليقك