جانب من وقائع الصراع بين الحكومة والمعارضة في سورية
دمشق ـ جورج الشامي
قال المندوب السوري لدى الامم المتحدة أن حكومة بلاده تواصل الاضطلاع بواجبها الدستوري في حماية مواطنيها من أعمال الإرهاب والتخريب والعمل على إعادة الأمن والاستقرار كما أنها تبذل قصارى جهدها رغم التدابير الظالمة والضغوط الهائلة التي تتعرض لها لتلبية احتياجات المواطنين ولتأمين المأوى لمن أرغمتهم
الأحداث المؤلمة والإرهاب على مغادرة منازلهم وتسهيل عودتهم إلى ديارهم.
واضاف المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفريـ في بيان ألقاه الثلاثاء، أمام الجلسة العلنية لمجلس الأمن الدولي أن الحرص على المدنيين السوريين لا يتماشى والسياسات التي تنتهجها دول عربية وإقليمية وغربية تفاخر علنا بتقديمها السلاح والمال والتدريب والملاذ الآمن للمجموعات الإرهابية المسلحة العابرة للحدود والتي تستهدف الدولة السورية بكافة مكوناتها.
وقال الجعفري" أود أن اشكر كل ذوي النوايا الحسنة الذين تطرقوا للأزمة في سورية وقدموا أفكارا إيجابية كحماية المدنيين السوريين من تبعات تلك الأزمة التي تمر بها البلاد أما بالنسبة لأولئك الذين تناولوا الأزمة في بلادي بالانتقاد والتنظير ووزعوا الاتهامات يمينا وشمالا فإنني أود أن أشدد على أن حكومات بلادهم هي جزء أساسي من تسعير اوار الأزمة في سورية سواء من خلال فرض التدابير القسرية أو من حيث السماح بمغادرة مواطنيهم من الأصوليين والإرهابيين والتكفيريين بلادهم والتوجه إلى سورية أو من حيث السماح لأولئك الإرهابيين بعبور سورية مع الدول المجاورة أو من حيث تسليح وتمويل ورعاية أولئك الارهابيين والترويج لهم إعلاميا".
وأضاف الجعفري" إن الوسيلة الأمثل لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة وتجنيبهم ويلات الحروب تكمن أساسا في الحيلولة دون نشوب النزاعات المسلحة واعتماد الوسائل السلمية لتسوية تلك القائمة منها ومساءلة الحكومات التي عملت وتعمل على إثارتها والتحريض عليها وتجربة حماية المدنيين في ليبيا مازالت ماثلة للعيان أمامنا لافتا إلى أن مسألة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة لا يمكن أن تستقيم إلا في ظل الاحترام الصارم لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها مبادئ احترام السيادة والمساواة بين الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومن غير المقبول بتاتا أن يتم التعامل مع هذه المسألة الهامة بشكل استنسابي وانتقائي يفرغها من مضمونها ويجعلها فضفاضة تتسع للعديد من أشكال إساءة الاستخدام وسوء التطبيق".
وأكد "أن من أهم مبادئ السيادة هو أن للدولة المسؤولية الحصرية والأولية في حماية مدنييها وهذه قاعدة أساسية من قواعد القانون الدولي توافق عليها الآباء المؤسسون لهذه المنظمة الدولية وقال "لقد أثبتت التجارب العملية أن مسألة حماية المدنيين في المناطق التي تشهد نزاعات أو اضطرابات باتت تستخدم مطية لخدمة أجندات تداخلية مشبوهة ومصالح دول معينة تعمل على تأزيم وتوظيف التوترات لا بل أصبحت الممارسة التي تنتهجها حكومات بعض تلك الدول تبتعد عن أبسط الأسس التي يستند إليها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي حيث أصبحنا نرى مساع محمومة لتقويض قدسية السيادة كما وردت في الميثاق لصالح سعي محموم لتسويق طروحات سياسية لم تحظ بعد بتوافق دولي من قبيل ما يسمى بـ "مسؤولية الحماية" و "التدخل الإنساني" وهي طروحات يتم الترويج لها لخلق رأي عام يقبل تدخل الناتو العسكري في شؤون الدول النامية وتغيير أنظمة الحكم الوطني فيها".
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن معالجة مسألة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة يجب أن تتم بشكل شمولي يرتكز على تشجيع التسوية السلمية للنزاعات وإدانة ومحاسبة حكومات الدول التي تقوم بدعم أعمال العنف المسلح والإرهاب وتحرض عليها من خلال التهييج الإعلامي والطائفي ومن خلال وضع حد لحكومات الدول التي تقوم بأعمال تمس سيادة الدول وسلامة أراضيها لا بل وغزوها عسكريا وقتل مئات الألوف من أبنائها وتشريد الملايين منهم بذريعة حمايتهم".
وأشار الجعفري إلى أن حماية المدنيين تستلزم عدم تعريضهم للمعاناة والموت البطيء من خلال حرمانهم من مستلزماتهم المعيشية اليومية كالغذاء والدواء والوقود وغيرها جراء التدابير القسرية الأحادية الجانب الجائرة التي تفرضها بعض الدول والتي أكدت الأمم المتحدة عدم شرعيتها مجددا تأكيد سورية على ضرورة توفير الحماية للمدنيين الرازحين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة ومنها الجولان السوري المحتل ووضع حد لممارسات سلطات الاحتلال العدوانية إزاءهم".
وقال الجعفري "رغم اعتراضنا على استغلال بعض الوفود لموضوع مناقشاتنا اليوم وإسقاطه على ما تشهده سورية حاليا من أحداث مؤسفة فإننا نشير إلى أن الحرص على المدنيين السوريين إن كان جادا لا يتماشى والسياسات التي تنتهجها دول عربية وإقليمية وغربية باتت معروفة وتفاخر علنا بتقديمها السلاح والمال والتدريب والملاذ الآمن للمجموعات الإرهابية المسلحة العابرة للحدود والتي تستهدف الدولة السورية بكل مكوناتها وتتخذ من الأماكن المأهولة بالمدنيين منطلقا لعملياتها الإرهابية ومن المدنيين دروعا بشرية".
وأضاف "نعتقد أن القلق على المدنيين السوريين لا ينبغي التعبير عنه برعاية الإرهاب والتطرف ولا بإفشال مساعي التسوية ولا بممارسة الضغوط لتقويض أي إمكانية للحوار الوطني الشامل الذي وحده سيمكن السوريين من إعادة الأمن والاستقرار وتحديد مستقبلهم بعملية سياسية تتم بين السوريين وبقيادة سورية كما أكد على ذلك قرارا مجلس الامن 2042 و2043 وبيان اجتماع جنيف".
وبين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن هناك فرق بين حماية المدنيين الأبرياء الواجبة على كل حكومات الدول الأعضاء وبين حماية المسلحين والإرهابيين والأصوليين ومجندي الأطفال ومطلقي النار على الطائرات المدنية وعلى البعثات الدبلوماسية الذين يستهدفون أساسا سلامة المدنيين ويدمرون البنى التحتية للدولة وهي البنى المخصصة أصلا لخدمة هؤلاء المدنيين.
وأكد الجعفري أن الحكومة السورية تواصل الاضطلاع بواجبها الدستوري في حماية مواطنيها من أعمال الإرهاب والتخريب والعمل على إعادة الأمن والاستقرار كما أنها تبذل قصارى جهدها رغم التدابير الأحادية الظالمة والضغوط الهائلة التي تتعرض لها لتلبية احتياجات المواطنين ولتأمين المأوى لمن أرغمتهم الأحداث المؤلمة والإرهاب والتدابير القسرية الجائرة الأحادية الجانب على مغادرة منازلهم وتسهيل عودتهم إلى ديارهم مشيرا إلى أن الحكومة السورية قدمت كافة التسهيلات اللازمة لوكالات الأمم المتحدة المختصة بما في ذلك منظمة اوتشا ومنظمة الصليب الأحمر للمساعدة في هذا الشأن إضافة إلى مواصلة اللجنة الوطنية للتحقيق في الأحداث الجارية مهامها لضمان تقديم كل من ثبت تورطه في أعمال مخالفة للقانون إلى القضاء من أجل مساءلته دون أي استثناء.
وقال الجعفري "إن الاتجار السياسي غير الأخلاقي بأوضاع اللاجئين السوريين وعقد المؤتمرات الإعلامية هنا وهناك لمجرد الإعلان عن تعهدات لايتم الوفاء بها في معظم الأحيان لا ينسجم مع مسعى حماية المدنيين ولا مع حقيقة أن العديد من الدول التي تعلن تعهدات بتقديم تبرعات هي سبب أساس في نزوح ومعاناة هؤلاء اللاجئين".
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة "إن غطرسة المندوب الإسرائيلي قد جعلته يعتقد واهما أنه حمورابي أو نبوخذ نصر أو صلاح الدين الايوبي أو أبراهام لينكولن أو غاندي أو سيمون بوليفار وأن سياسات حكومته العدوانية واحتلالها للأراضي العربية المحتلة واضطهادها للشعب الفلسطيني يجب أن تكون قدوة لجميع الدول الأعضاء في هذه المنظمة وفاته أن ما صرفته هذه المنظمة من آلاف ساعات العمل ومئات القرارات من أجل إنهاء عدوان واحتلال إسرائيل ولكن غروره المعهود وجهله المطبق جعله يعتقد بأن سياسات حكومته أهم من الميثاق وأهم من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأنه يجب على ما يسمى بالمجتمع الدولي أن يبجل الاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين والعرب في الأراضي العربية المحتلة".
واتهم الجعفري إسرائيل "بانها تساعد وتسلح وترعى جماعات سلفية تكفيرية تنشط في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل لذا فإن إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من تسعير الأزمة الجارية في سورية".
وكانت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان خلال نقاش بالمجلس بشأن حماية المدنيين في الصراعات المسلحة قد قالت إن عدد القتلى في سورية يقترب على الأرجح من سبعين ألفاً، وإن المدنيين يدفعون ثمن عدم تحرك مجلس الأمن الدولي لإنهاء الصراع المستمر منذ نحو عامين.
وكررت بيلاي دعوتها لمجلس الأمن لإحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية لتوجيه رسالة لطرفي الصراع بأنه ستكون هناك عواقب لأفعالهما، وغياب التوافق بشأن سوريا والجمود الناجم عن ذلك كان له نتائج كارثية ودفع المدنيون من كل الاتجاهات الثمن"، وتابعت "سيتم الحكم علينا في ضوء المأساة التي تتكشف أمام أعيننا."
ويذكر أن هناك انقساما بين القوى العالمية بشأن كيفية سبل إنهاء الأزمة في سوريا، ومن غير المرجح أن يحيل مجلس الأمن الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
أرسل تعليقك