أسامة بن لادن
واشنطن ـ يوسف مكي
ظهرت رواية جديدة عن مقتل ، وهي رواية تختلف عن تلك التي نسبتها مجلة "إسكواير" الأميركية إلى أحد أفراد وحدة قوات البحرية الخاصة "المارينز"، التي قامت بمهاجمة مقر بن لادن في بلدة أبوتاباد في باكستان، والذي أطلقت عليه المجلة اسم "القناص".
وزعم فرد "المارينز" في روايته أنه
"واجه بن لادن داخل غرفة نومه، وأطلق النار مرتين على رأسه، في اللحظة التي شاهد فيها يده تقترب من بندقيته"، لكن عضوًا آخر في فرقة الستة التابعة لوحدة قوات البحرية الخاصة "المارينز" خرج علينا الآن برواية أخرى قال فيها أنه "واجه بن لادن وجهًا لوجه في لحظاته الأخيرة"، مؤكدًا أن "التفاصيل التي جاءت في تقرير مجلة إسكواير كانت كلامًا فارغًا تمامًا".
وجاءت الرواية الجديدة، وهي الثالثة بعد أن قام أحد أفراد وحدة قوات البحرية الخاصة بنشر كتاب، خلال العام الماضي، عن دوره في غارة أبوتاباد، وبعد أن قدم آخر رواية ثانية لمجلة "يو إس إسكواير" التي نشرتها في مقال من 15 ألف كلمة خلال شباط/فبراير الماضي.
وكانت مجلة "إسكواير" قد نشرت تقريرًا مطولاً، في شباط/ فبراير الماضي، عن "الرجل الذي قتل بن لادن"، والذي أطلقت عليه المجلة اسم "القناص".
وقال "القناص" لمجلة "إسكواير" أنه "واجه في تلك الليلة بن لادن في غرفة نومه، وقام بإطلاق النار على جبهته مرتين، عندما شاهد يده تمتد نحو بندقيته"، لكن هذه الرواية تتناقض تمامًا مع ما يقوله مات بيسونيت، وهو عضو آخر في فرقة الستة، وذلك في كتابه الذي يحمل عنوان "No Easy Day" (يوم صعب)، وهو أحد الكتب الأكثر مبيعًا، والذي كتبه باسم مستعار وهو اسم مارك أوين، حيث وصف بيسونيت، الذي يعمل في الوحدة السرية في الجيش الأميركي، في تصريحات أدلى بها إلى المحلل الأمني لشبكة "سي إن إن" الأخبارية بيتر بيرجين، أن "ما جاء في رواية مجلة إسكواير هراء وكلام فارغ"، ولم يعرف بعد ما إذا كان هذا العضو الثالث، قد حصل على تصريح رسمي للتحدث في هذا الشأن إلى وسائل الإعلام.
وجاء في الرواية الجديدة، أنه "وبعد منتصف الليل، وفي صباح الثاني من آيار/مايو 2011، قام 23 من الكوماندوز ومترجمهم بمهاجمة مقر بن لادن السكني، وقاموا بقتل حراسه الاثنين وأحد أبنائه وزوجة أحد أفراد الحرس، وكان أول ثلاثة جنود صعدوا إلى الطابق العلوي من المنزل، حيث توجد غرفة نوم بن لادن هم المسؤول الأول، والقناص (الذي تحدثت عنه مجلة إسكواير)، والعضو الثالث صاحب الرواية الجديدة، وهو بيسونيت"، وحتى هذه النقطة لا يوجد خلاف بين الروايات الثلاث.
ووفقًا لرواية "القناص" في مجلة "إسكواير"، فإن ما حدث بعد ذلك أن "بن لادن أمعن النظر في باب غرفة النوم، ثم قام المسؤول الأول بإطلاق النار، لكن الطلقة لم تصبه، أو أنها أصابته بجرح طفيف، قبل التعامل مع امرأتين كن بالقرب منه"، زاعمًا أنه "ركض بعد ذلك داخل الغرفة، ووجد بن لادن يختبئ وراء إحدى زوجاته، وأنه ربما كان يستخدمها كدرع بشرية لحمايته، وعندما رأى بندقية في متناول يده، قام على الفور بإطلاق النار على رأسه مرتين".
ووفقًا للرواية الجديدة فإن العملية لم تكن بطولية وملحمية على هذا النحو، حيث يقول بيرجين في تقريره أن "ما حدث بالفعل، كما جاء على لسان مصدره، هو قيام المسؤول الأول بإطلاق النار على بن لادن وإصابته إصابة خطيرة، ثم قفز بعد ذلك على المرأتين القريبتين منه، لاستيعاب أي انفجار، تحسبًا لاحتمال ارتدائهما سترة انتحارية متفجرة، وفي تلك الأثناء دخل اثنان أخران من جنود الوحدة البحرية الخاصة إلى غرفة بن لادن، وقاما بالقضاء عليه تمامًا بعد أن شاهدا إصابته القاتلة".
وتتفق هذه الرواية إلى حد كبير مع ما جاء في كتاب "No Easy Day"، حيث يقول بيسونيت أنه "كان واحدًا من بين أول من دخلوا غرفة النوم، وشاهد بن لادن وهو على حافة الموت، ثم قام بالقضاء عليه وهو يرقد على الأرض".
ونسب بيرجين إلى مصدره قوله أنه "كان من المستحيل على القناص رؤية سلاح في حوزة بن لادن، لأن الأسلحة التي تم اكتشافها داخل الغرفة لم تكن ظاهرة للعيان، وأنه تم العثور عليها بعد بحث دقيق فوق أحد الأرفف".
وأضاف المصدر لـ "سي إن إن" أن "القناص" قد تم فصله من وحدة القوات البحرية الخاصة، بعد الثرثرة بشأن دوره في الغارة مقابل مال، الأمر الذي يحط كثيرًا من قدر الرواية التي جاءت في مجلة "إسكواير"، والتي تقول أن "مصدرها كان متواضعًا، وأنه كان جنديًا متقاعدًا، ويعاني الإهمال بعد تقاعده، حيث فقد الرعاية الصحية، التي كان يتمتع بها قبل التقاعد، في الوقت الذي يعاني فيه من أثار بدنية ونفسية من جراء المشاركة في الغارة".
وهناك شائعات تتردد بأن "المجلة قد تعرضت لخديعة على يد مصدرها"، حيث تؤكد تقارير على شبكة الإنترنت أن "القناص فقد منصبه لثرثرته".
ومع ذلك، فإن مجلة "إسكواير" مازالت تتمسك بروايتها، وهي رواية أقرب للرواية الرسمية للسلطات الأميركية، مقارنة برواية "سي إن إن"، أو رواية بيسونيت.
وقد أعترف بيرجين بأنه "بعد تدمير مباني مقر بن لادن السكني الآن، فإنه يستحيل القيام بفحص قضائي لتحديد أي من تلك الروايات هي الصحيحة".
هذا، وقد أصدر رئيس تحرير مجلة "إسكواير" ديفيد غرانجر بيانًا قويًا ينفي فيه بشدة أن "تكون المجلة و كاتب التقرير فيل برونشيتاين قد نشرا معلومات تخالف الحقيقية"، ورفضا رواية "سي إن إن".
وأضاف البيان أن "ما يمكن استشفافه من التقرير، أنه اعتمد على رأي أحد أفراد الوحدة البحرية الخاصة، الذي لم يكن مشاركًا في مهمة اغتيال بن لادن، وبالتالي فهو غير مؤهل لأن يكون شاهد عيان ومصدر عليم، وما جاء في تقرير (سي إن إن) لا يعدو أن يكون مجرد حديث من أحاديث النميمة والقيل والقال".
وأكد البيان أن "رواية مجلة إسكواير تظل هي أكثر التقارير دقة عن الغارة وعن وفاة بن لادن".
أرسل تعليقك