الملف السوري يُلهب نقاشات القمة العربية واستقالة الخطيب تُربك الحسابات
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

مشروع البيان الختامي يُركز على قضية فلسطين والعمل العربي المشترك

الملف السوري يُلهب نقاشات القمة العربية واستقالة الخطيب تُربك الحسابات

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - الملف السوري يُلهب نقاشات القمة العربية واستقالة الخطيب تُربك الحسابات

جانب من اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة

الدوحة ـ جمال المجايدة تَنطلق في العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، أعمال الدورة العادية الرابعة والعشرين للجمعية العمومية لجامعة الدول العربية على مستوى القمة، التي ينتظر أن تَحتل فيها تطورات الوضع في سورية مساحة واسعة، وبخاصة بعد أن أوصى وزراء الخارجية العرب، بمنح مقعد سورية في الجامعة العربية، إلى هيئة تنفيذية يشكلها "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، فيما ركزت مسودة مشروع البيان الختامي للقمة، على محاور عدة تتعلق بالأزمة السورية وقضية فلسطين والعمل العربي المشترك، حيث أقر الدول الاعضاء منح مقعد سورية في جامعة الدول العربية، إلى المعارضة السورية، مع تحفظ كل من العراق والجزائر ولبنان.
وقد تعرضت جهود قطر لتسليم "الائتلاف الوطني" المعارض، مقعد سورية لدى الجامعة العربية، إلى نكسة قوية، الأحد، إثر إعلان رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب استقالته، ورفض "الجيش السوري الحر" الاعتراف برئيس الحكومة الموقتة غسان هيتو، مما أجبر وزراء الخارجية العرب على ترك موضوع تسليم مقعد دمشق إلى الائتلاف، إلى الرئاسة القطرية بالتشاور مع الرؤساء.
وفرضت الاستقالة المفاجئة، التي أعلنها رئيس الائتلاف السوري معاذ الخطيب، نفسها على أجواء قمة الدوحة العربية، في الوقت الذي حسم فيه وزراء الخارجية بعد مناقشات مطولة، مسألة المقعد السوري الشاغر في مؤسسة القمة العربية، لصالح الائتلاف، فيما بدأت محاولات دبلوماسية عربية عبر اتصالات خاصة مع الخطيب، محاولة إقناعه للرجوع عن الاستقالة، لإنجاح حضوره شخصيًا ممثلاً للشعب السوري بدلاً من الرئيس بشار الأسد في اجتماعات القمة، التي ألهب تنسيقاتها التحضيرية مجددًا الملف السوري، وسط انطباع عام، بأن قمة الدوحة ستنتهي بإخراج الأسد تمامًا من النظام الرسمي العربي.
وأعلن الخطيب استقالته، بعد ساعات من اجتماع الوزراء العرب في الدوحة، ودعوتهم الائتلاف إلى المشاركة في القمة، وهو ما تحفظ عليه العراق والجزائر، ونأى لبنان بنفسه عنه، وتحاول الدوحة، الداعم الرئيسي لـ"الائتلاف والحكومة الموقتة" وتسليح المعارضين، تسليم "الائتلاف مقعد سورية في الجامعة العربية".
وقال الخطيب، في بيان الاستقالة على صفحته على "فيسبوك"، "كنت قد وعدت أبناء شعبنا العظيم، وعاهدت الله أنني سأستقيل إن وصلت الأمور إلى بعض الخطوط الحمراء، وإنني أبرّ بوعدي  وأعلن استقالتي من الائتلاف الوطني، كي أستطيع العمل بحرية، لا يُمكن توفرها ضمن المؤسسات الرسمية، وإننا لنفهم المناصب وسائل تخدم المقاصد النبيلة، وليست أهدافًا نسعى إليها أو نحافظ عليها". منتقدًا الدول الداعمة للمعارضة، ومعتبرًا أن "كل ما جرى للشعب السوري من تدمير في بنيته التحتية، واعتقال عشرات الألوف من أبنائه، وتهجير مئات الألوف، والمآسي الأخرى، ليس كافيًا كي يُتخذ قرار دولي بالسماح للشعب أن يدافع عن نفسه"، مضيفًا "كثيرون هم من قدموا يَد عَون إنسانية صرفة، ونشكرهم جميعًا، إلا أن هناك أمرًا واقعًا مُرًا، وهو ترويض الشعب السوري وحصار ثورته ومحاولة السيطرة عليها، فمَن هو مُستعد للطاعة فسيدعمونه، ومن يأبى أو يرفض فَله التَجويع والحصار، ونحن لن نتسول رضى أحد، وإن كان هناك قرار بإعدامنا كسوريين، فلنمت كما نريد نحن، وإن باب الحرية قد فتح ولن يغلق، وإن رسالتنا إلى الجميع، أن القرار السوري سيتخذه السوريون، والسوريون وحدهم"، فيما أفاد الخطيب، أنه"سيلقي كلمة باسم الشعب السوري في القمة العربية التي تستضيفها قطر، الثلاثاء، وهذا أمر لا علاقة له بالاستقالة والتي ستناقش لاحقًا".
وأكد "المكتب الرئاسي في الائتلاف"، في بيان آخر، رفضه استقالة الخطيب، وأن أعضاء الهيئة العامة يطلبون من الخطيب العودة إلى عمله كرئيس للائتلاف، وبالتالي، سيستمر الخطيب في إدارة الائتلاف في هذه المرحلة، بحسب اتفاق أعضاء الهيئة"، في حين قال مصدر سوري معارض في الدوحة، "إن الخطيب لا يَريد أن يشكل غطاءًا لسياسات دول تتدخل في شؤون المعارضة، وبخاصة قطر، وإن لديه مآخذ على انتخاب هيتو القريب من جماعة (الإخوان المسلمين)".
وقال المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر، لؤي المقداد، "نحن في الجيش الحر لا نعترف بهيتو كرئيس حكومة، لأن الائتلاف المعارض لم يتوصل إلى توافق بشأن انتخابه، وأتحدث نيابة عن المجالس العسكرية، ورئيس هيئة الأركان اللواء سليم إدريس، عندما أقول: إننا لا نَعترف برئيس حكومة فُرض على الائتلاف الوطني، بدلاً من أن ينال التوافق".
واُنتخب هيتو، الذي أعلن مكتبه الأحد، انه زار حلب، بأصوات 35 من أعضاء الائتلاف، البالغ عددهم حوالي 50 عضوًا، بعد نحو 14 ساعة من المشاورات، وخرج عدد من أعضاء الائتلاف قبل التصويت على انتخابه، كما علق 11 شخصًا عضويتهم في الائتلاف، حيث قال المعارض فواز تللو "إن قطر وجماعة (الإخوان) بشكل أساسي، دفعتا الخطيب إلى الاستقالة، وأنهما وجدتا في الخطيب شخصية تكتسب شعبية داخل سورية، لكنه يعمل بشكل أكثر استقلالية عن رؤيتهما، وأنهما دفعتا بهيتو، فأصبح موقع الخطيب كقائد لا معنى له".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان وزع في لندن، أن "المسلحين حققوا تقدمًا مهمًا في جنوب البلاد، بسيطرتهم على شريط بطول 25 كيلومترًا من الحدود الأردنية إلى الجولان السوري المحتل، حيث احتدمت الجبهة مع قيا قوات الاحتلال الإسرائيلي بالرد على إطلاق نار جاء من الجانب السوري، مدمرة موقعًا للقوات السورية، مهددة بالرد "الفوري" على أي إطلاق نار من الأراضي السورية.
فيما عقدت الحكومة السورية، بمشاركة أكثر من 60 حزبًا ومجموعة، ملتقى "الحوار الوطني السوري" في دمشق، الذي يستمر يومين، ويناقش المبادرة التي أطلقها الرئيس السوري بشار الأسد في كانون الثاني/يناير الماضي، للخروج من الأزمة، حيث قال وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، علي حيدر، "إن الحل الوحيد الأوحد للأزمة في سورية، يكون عبر الحل السياسي والحوار الوطني غير المشروط وغير الإقصائي لأحد"، داعياً إلى أن "يكون الحوار عاجلاً، لأصحاب العقول النيرة العاملة، للبحث عن حل يرضي الجميع، بدل أن يكون آجلاً لأمراء الحرب لاقتسام المغانم والسبايا".
وأعرب رئيس الحكومة، وزير الخارجية القطري، حمد بن جاسم آل ثاني، عن أسفه لاستقالة الخطيب، وحَثه على إعادة النظر في قراره، قائلاً "هذه لحظة بالغة الأهمية للسوريين، وبخاصة أن الجميع تقريبًا وافقوا على منح مقعد سورية للمعارضة، وأتمنى أن يتم تصحيح الأمور، ومن المهم ألا يفوت الخطيب هذه اللحظة"، فيما جدد حمد، في افتتاح اجتماع الوزراء العرب في الدوحة، التأكيد على "الدعوة إلى مشاركة المعارضة في القمة"، مضيفًا أنه يتطلع إلى مشاركة الخطيب وهيتو فيها، مطالبًا بـ"وقفة عربية قوية مع الشعب السوري الشقيق، الذي يقاتل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ويتشرد الملايين من أبنائه داخل سورية وخارجها، في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في التاريخ، بينما يقف مجلس الأمن الدولي عاجزًا عن القيام بواجبه ومسؤوليته تجاه شعب يتعرض للقتل والإبادة".
وأفادت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة، تحضيرًا للقمة، أن "الوزراء أكدوا الالتزام بقرار مجلس الجامعة بدعوة الائتلاف السوري المعارض إلى تشكيل هيئة تنفيذية لشغل مقعد سورية في القمة، وأنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن مسألة منح مقعد سورية للمعارضة، فيما ترك موضوع مشاركة الائتلاف في القمة لرئيس القمة أمير قطر، بالتشاور مع القادة العرب، وأن الجزائر والعراق تحفظا على هذه الخطوة، بينما التزم لبنان سياسة (النأي بالنفس) عن أي قرار يتعلق بالملف السوري".
وتَتَحفظ دولٌ عربية، على مَنح مقعد سورية إلى الإئتلاف، وقد عبر عن ذلك بخاصة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي ترأست بلاده القمة السابقة، موضحًا أن "بغداد ترفض ذلك لأسباب مبدئية، وأن بغداد تدعم التحولات في العالم العربي، لكن تؤكد على أهمية القيام بها عبر عملية ديمقراطية، وبطريقة سلمية، من دون المساس بكيان الدولة ومقدراتها".
وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أن "سورية يجب أن تظل دائمًا في مركز الاهتمام، فالمسؤولية العربية تحتم علينا إنقاذها من المنزلق الخطير الذي تنحدر نحوه، وتنعكس آثاره الواضحة على المنطقة برمتها، وبخاصة على دول الجوار"، معربًا عن أمله بأن "يتم التوصل إلى حل سياسي، يمكن خلاله تجنيب الشعب السوري المزيد من الويلات"، مضيفًا أن "هذا الحل لا يزال ممكنًا، متى كان هناك موقف عربي موحد ومتماسك، يستطيع أن يصوغ موقفًا إقليميًا داعمًا، ويدفع، كما تقضي مسؤولياته، للمحافظة على السلم والأمن الدولي، وعلينا أن نركز على مجلس الأمن الذي يجب أن يصدر قرارًا ملزمًا لوقف إطلاق النار، وإيفاد قوات حفظ السلام، والاستفادة من التطورات الإيجابية التي طرأت أخيرًا على المعارضة السورية، وتحليلها بصورة سليمة".
وأكد العربي "ضرورة بدء اتصالات ثنائية بين مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي، وكل من دمشق والمعارضة، ممثلة في الائتلاف السوري، والحكومة التي بدأت أولى خطوات تشكيلها، كما جاء في قرارات سابقة للجامعة، لهدف استطلاع الرأي حول تنفيذ أسس ما تم الاتفاق عليه في البيان الختامي لاجتماع جنيف"، مشيرًا إلى أن "الأوضاع الإنسانية شديدة التردي في سورية، تفرض تحركًا عربيًا يتصدى بفاعلية لمعاناة الملايين من النازحين واللاجئين، الذين فروا من بلادهم هربًا من شدة العنف والاقتتال، كما تفرض علينا المسؤولية أن نعد أنفسنا للمساهمة في عملية إعادة إعمار سورية، التي يتمنى الجميع أن تأتي في القريب العاجل"، معهربًا عن شكره لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، بشأن الاجتماع الذي انعقد في الكويت، والذي تقرر فيه دعم سورية واللاجئين السوريين بمبالغ كبيرة، وسعيه هو وزملاؤه إلى تحسين الأداء والأوضاع السورية، راجيًا من جميع الحاضرين في الجلسة، تأييد ودعم الخطوات التي ستقترح في هذا المجال
ويحاول وزراء الخارجية العرب، توفير السبل للاتفاق على جميع القضايا والملفات العالقة، قبل اجتماع الزعماء العرب، صباح الثلاثاء، كما هو مقرر، فيما بدأت صباح الإثنين، اتصالات الكواليس بين الوزراء العرب، للاتفاق على صيغة للبيان الختامي، ووضعت قطر بعد تسلمها رئاسة القمة ثقلها وراء قرار يقضي بالموافقة على تمثيل سورية عبر أقطاب المعارضة، فيما لم تتضح بعد تأثيرات استقالة الخطيب على مسألة التمثيل السوري، والانعكاسات على رهانات بعض الوزراء العرب، الذين دفعوا بقوة لتمكين الخطيب، تحديدًا، من وراثة مقعد سورية في مؤسسة القمة، وليس رئيس وزراء الحكومة الموقتة غسان هيتو، وفي حال تجاوز مسألة تمثيل سورية في اجتماعات التحضير، سيتفرغ الوزراء العرب للبنود الأخرى على جدول الأعمال، وأهمها ملف إعادة هيكلة مؤسسات الجامعة العربية، وهو موضوع ينطوي على خلافات أيضًا بين محور دول "الربيع العربي"، التي ترغب في أن تعكس الجامعة تمثيل الشعوب وليس الحكومات، فيما ترغب دول أخرى في أن يتم تطوير مؤسسات الجامعة، من دون تعديلات جوهرية على أساسها، في حين حظيت القضية الفلسطينية بالمرتبة الثالثة من الاهتمام، في مجمل وثائق واجتماعات القمة العربية، حيث لم تبرز أي مستجدات على هذا الصعيد، خارج سياق العبارات الكلاسيكية التي تتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتتحدث عن تعزيز مخصصات دعم المسجد الأقصى.
واختصرت قناة "الجزيرة"، مضمون الرسالة التي ترغب بها دولة قطر من وراء القمة العربية التي تنعقد في الدوحة، وسط ظروف عامة بالغة التعقيد، عندما أشارت في مقدمة برنامجها الإخباري، إلى السؤال المركزي الذي يتردد في أروقة وكواليس القمة العربية، هو "هل ستكون قمة الشعوب العربية وليس الحكومات؟"، والمعنى واضح سياسيًا على الأقل بالنسبة لقطر المضيفة، فكل تفكير مؤسسات الدول الراعية لـ"لربيع العربي"، أو التي طالتها موجات الربيع العربي منصرف حول هوية تمثيل دول الربيع في القمة، فالاستعدادات كبيرة جدًا لاستقبال الرئيس المصري محمد مرسي، والموضوع الأصعب الأكثر إثارة للجدل، كان بعنوان خلافة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، في إشغال مقعد سورية الشاغر في مجلس القمة العربية.
وبشأن المسألة السورية حصريًا، حضر جميع وزراء الخارجية العرب بأجندات بلادهم السياسية، وبرزت الخلافات مبكرًا حتى قبل انعقاد الوزاري العربي، وعلى مستوى مندوبي الجامعة العربية، وفكرة الخلاف تمحورت بشأن مسألتين "هل تسمح مؤسسة القمة العربية بتمثيل المعارضة بدلاً من النظام السوري؟ومن هو الخليفة الذي سيجلس في القمة بديلاً عن الرئيس بشار الأسد ويخاطب الشارع العربي؟".
وقال صحافيون، يتابعون القمة عن كثب، "إنه في الكواليس جَهز القطريون أنفسهم لهجمة دبلوماسية صلبة، حاملين مشروعهم المقترح بعنوان الحسم وعدم التردد، وتمكين رئيس الوزراء الموقت غسان هيتو فورًا من الجلوس في مكان الرئيس بشار الأسد، فيما كانت دول أخرى تعمل على تسليم مقعد سورية الشاغر لمعاذ الخطيب رئيس الائتلاف بصفته يمثل إطارًا أوسع من الحكومة الموقتة"، وتشكلت بطبيعة الحال جبهة معاندة فورًا لهذا الإتجاه، قادها وزير خارجية العراق هوشار زيباري، بمساندة نظيره الجزائري، فيما بقي وزير خارجية الأردن ناصر جوده منتظرًا، يبحث عن فرصة لإقتناص قرار يخفف من حدة الحماس القطري، بمساعدة دول من بينها السودان وفلسطين واليمن، وهو حماس دعمه المصريون بقوة وكذلك التونسيون، حيث أخفق اقتراح للأردن بتأجيل المسألة برمتها، وبعد ساعتين من المفاوضات المكثفة، تقرر الإتجاه العام لصالح "استبدال" متكامل للتمثيل السوري، إيذانًا بصفحة جديدة في مناصرة الشعب السوري، والقيام بالواجب تجاهه، كما قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، الذي ألقى خطابًا في الافتتاح، بدا واضحًا عمومًا أنه "مفصل على قياس الموقف السياسي لقطر ولمصر حصريًا"، وعلى هذا الأساس تقرر جلوس أقطاب معارضة لبشار الأسد في مكانه في القمة العربية، الأمر الذي يعني عمليًا خروج نظام بشار الأسد من النظام العربي الرسمي تمامًا، والذي سينقل مؤسسة الجامعة العربية لخطوة أكثر أهمية تخطط لها الدوحة جيدًا لاحقًا، وتتمثل هذه الخطوة في سحب 9 دول عربية لا تزال تقيم علاقات دبلوماسية مع حكومة بشار الأسد، لسفرائها وطرد سفراء الأسد، وتسليم مقرات السفارات السورية بالخارج، إلى التمثيل الجديد الذي كان الائتلاف السوري المعارض هو المرشح الأبرز لقيادته.
وبرز في غضون الساعة الأخيرة في الدوحة، أن السيناريو القطري الذي يسعى إلى إجلاس أحد أقطاب المعارضة السورية، في المقعد الشاغر بصفة رسمية بإسم سورية، هو الذي انتصر في النهاية بعد خلافات الكواليس، ويبدو في السياق، أن أحد المعارضين البارزين لحكومة الرئيس بشار الأسد في طريقه للجلوس في مكانه، على هامش اجتماعات القمة العربية، التي بدأت باجتماعات الوزاري العربي رسميًا في الدوحة، ظهر الأحد، ولم تتحدد بعد هوية المعارض الذي سينال هذا الشرف بقرار من المجموعة العربية، حيث رجحت مصادر بأن يتولى رئيس الائتلاف الخطيب، وليس رئيس وزراء الحكومة الانقتالية غسان هيتو، هذه المهمة إذ كان هذا قبل استقالة الخطيب، وفيما تؤيد قطر تمكين هيتو من الجلوس على المقعد الشاغر، اتجهت البوصلة عمليًا إلى معاذ الخطيب بصفته ممثلاً لائتلاف عريض، على أن يتواجد هيتو في الوفد الرسمي، واستخدمت ذريعة عدم تشكيل الحكومة الموقتة كاملاً، بقوة من قبل الأطراف التي تدفع في إتجاه الخطيب بصفته ممثلاً لإطار أعرض قليلاً من إطار هيتو.
وبدأت بعد ظهر الأحد، اجتماعات وزراء الخارجية العرب التحضيرية للقمة العربية، بعد خلافات واضحة المعالم في الكواليس، انشغلت بها أوساط القمة تحت عنوان "تمثيل المقعد الشاغر بإسم سورية في اجتماعات القمة"، وبقي وزراء الخارجية لأكثر من ساعتين، قبل الإجتماع الرسمي، وهم في حالة تجاذب وتجادل ومحاولات للوصول إلى سيناريوهات محددة قبل الدخول لقاعة الاجتماع الرئيسة.
ولاحظ صحافيون، أن وزراء الخارجية العرب ومرافقيهم حاولوا الدخول إلى الاجتماع الرسمي، بأي صيغة توافقية بشأن مشروع قرار إداري يحدد من سيخلف الرئيس السوري بشار الأسد، في إلقاء خطاب سورية في القمة، وفي الجلوس مكانه، وبرزت مفاوضات كواليس في فندق الشيراتون الضخم، قبل الدخول إلى قاعة الاجتماع الرئيسة، وسط تباين حاد في وجهات النظر على خلفية سياسية، وناقش الاجتماع الأحد، بنود جدول الأعمال المعروض على اجتماع القمة العربية، وأقر مشاريع القرارات التي أعدها المندوبون الدائمون وكبار المسؤولين في اجتماعهم، وكذلك مشاريع القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، حيث أكد اجتماع وزراء الخارجية التحضيري، دعم الدول المشاركة للقضية الفلسطينية، كما أوصى وزراء الخارجية العرب بمنح المقعد السوري في جامعة الدول العربية للمعارضة السورية، ممثلة بائتلاف قوى الثورة والمعارضة وبالحكومة الموقتة التي شكلها الائتلاف.
وقالت مصادر في المعارضة السورية، "إنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن مسألة منح مقعد سورية للمعارضة، في حين ترك مشاركة الائتلاف في القمة لرئيس القمة أمير قطر بالتشاور مع القادة العرب.
وكانت أهم القرارات التي نوقشت في هذا الاجتماع الذي يسبق افتتاح القمة العربية موضوع القضية الفلسطينية وتطورات الوضع في سورية، كما ناقش الاجتماع مشاريع القرارات التي تمت الموافقة عليها في الدورة الـ139 لمجلس الجامعة، والذي انعقد في القاهرة الشهر الماضي، إضافة إلى تقرير الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومتابعة تنفيذ قرارات قمة بغداد، وقرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي التي تمت الموافقة عليها في اجتماع وزراء المال، وتسلم رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئاسة الاجتماع من العراق رئيس القمة السابقة، وذلك للتحضير والإعداد للقمة العربية العادية الـ24، ودعا وزراء الخارجية العرب المجتمع الدولي إلى ضرورة إصدار قرار من مجلس الأمن لوقف حمام الدم في سورية.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية، الدكتور نبيل العربي، في كلمته، أن "الأوضاع الإنسانية المتردية في سورية، تفرض تحركًا عاجلاً لوقف الانتهاكات، وأن هذه الدورة تكتسب أهمية خاصة، لدراستها جدول الأعمال المعروض أمام القمة، الذي يمثل بداية حقيقية لتطوير الجامعة، بحيث يقتصر على عدد محدود من المواضيع المهمة، تبدأ بالقضية الأساسية المحورية، وهي قضية فلسطين، ثم الوضع في سورية، ثم تطوير الأداء على صعيد العمل الاقتصادي العربي المشترك، وتطوير الجامعة".
وشدد وزير خارجية العراق، هوشيار زيباري، على أن "موقف بلاده من الأزمة السورية واضح وجلي، وأنه أيد ودعم منذ البداية كل التطلعات المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية وحقه في رسم مستقبله وإدانة أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدم، والتمسك بالحل السياسي والسلمي، ودعم الحوار الوطني، ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي في الأزمة السورية، حفاظًا على وحدة سورية وسلامة شعبها، وأن العراق كان من أوائل الدول التي نبهت وحذرت من التداعيات الخطيرة لاستمرار الأزمة السورية، على أمن وسلامة دول المنطقة، ووقف مع كل المبادرات العربية والدولية التي كانت تدعو لإيجاد حل سلمي ينهي معاناة الشعب السوري ويجنبه ويلات الحرب الأهلية، كما دعم مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي، من أجل تحقيق عملية الانتقال السياسي في سورية، وأن العراق لن يكون مع أي ديكتاتورية، مهما كانت عناوينها واتجاهاتها، كما لن يكون مع أي فوضى يمكن أن تحدث في سورية أو في المنطقة عمومًا، وأن العراق طوال رئاسته للقمة العربية، كان داعمًا لمسيرة التحولات الديمقراطية، وانتفاضة الشعوب العربية، وإنه إذ يدعم هذه التحولات، يؤكد على أهمية القيام بها عبر عملية ديمقراطية، وبطريقة سلمية، من دون المساس بكيان الدولة ومقدراتها، لأن هذه التحولات قامت من أجل الشعوب وينبغي أن تبقى في خدمتها".
وعن القضية الفلسطينية، جدد زيباري، موقف بلاده الثابت منها، ودعمه لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية واسترجاع أرضه وإقامة دولته، وعاصمتها القدس.
وركز رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، على أهمية تجاوب إسرائيل مع مساعي السلام، وأن قمة الدوحة تكتسب أهمية كبيرة لحجم الآمال المعقودة عليها من جانب الشعوب العربية، التي تسعى إلى التوافق السياسي وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، وأن القضية الفلسطينية تظل القضية المركزية للعرب، حتى يتوافر لها الحل الشامل الذي يحقق لهم دولة مستقلة وعاصمتها القدس، فيما ندد بالانتهاكات الإسرائيلية، وتكثيف الاستيطان واستمرار تهويد القدس، عبر محاولة طمس معالمه الإسلامية والعربية، مما يؤجج التوتر في المنطقة، مطالبًا المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤولياته في التجاوب مع الرغبة العربية في تحقيق السلام الشامل.
وأشاد رئيس الوزراء القطري، بدور معاذ الخطيب زعيم الائتلاف السوري المعارض "المستقيل"، في تحقيق الانتقال السياسي في سورية، كما هنأ غسان هيتو رئيسًا للحكومة السورية في الأراضي السورية المحررة (التي خرجت من تحت يد حكومة الأسد)، قائلاً "إننا نتطلع لمشاركة الخطيب وهيتو والمعارضة السورية كممثل للشعب السوري، حتى إقامة نظام عادل يحقق الحرية والوحدة والكرامة للسوريين، وإعادة جميع النازحين وإعمار البلاد".
وقال وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، في تصريحات صحافية في الدوحة، الأحد، "إن حل القضية السورية يجب أن يتم في إطار عربي، وأن هذا الحل يجب أن لا يفرض من الخارج، وأنه لن يدعم مصالح الدول العربية وشعوبها إلا العرب أنفسهم"، معربًا عن أمله بأن "تخرج القمة بموقف واضح تجاه الأزمة السورية، بما يعمل على وقف عمليات سفك الدماء والقتل وعمليات النزوح للسوريين داخل سورية وخارجها، مؤكدًا أن "القمة يجب أن تعمل على الاستجابة لمطالب الشعب السوري، بما يضمن وحدة التراب السوري ووحدة الشعب السوري".
وفي ما يتعلق بشغل المعارضة السورية لمقعد سورية الشاغر، بعد تعليق عضويتها في 2011، أوضح عمرو، أنه "تم اتخاذ قرار في اجتماع وزاري تنعقد ضمن اجتماعات الجامعة العربية، قبل أسابيع عدة، بشأن مطالبة المعارضة السورية بتشكيل هيئة تمثل سورية في اجتماع القمة العربية".
وأكد نائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، في الكلمة التي ألقاها في جلسة العمل الأولى المغلقة للاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، أهمية أن تخرج القمة العربية في الدوحة بقرارات تعزز مكانة الدولة الفلسطينية، والسعي لدفع مجلس الأمن الدولي إلى سرعة اتخاذ التوصية اللازمة بقبول فلسطين عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، وذلك في أعقاب نيل دولة فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في المنظمة، مشيرًا إلى أنه قد صدر عن الدورة الوزارية الأخيرة لمجلس الجامعة، قرار يقضي بتكليف لجنة مبادرة السلام العربية بإعادة تقييم الموقف العربي إزاء مجريات عملية السلام، من جوانبها كافة، وإعادة النظر في جدوى اللجنة الرباعية والمنهجية الدولية المتبعة في التعامل مع القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، للتوصل إلى تغيير هذه المنهجية، وبما يمكن من إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وباقي الأراضي العربية المحتلة.
وبين في هذا الصدد أنه من المفترض أن تقدم اللجنة تقريرها وتوصياتها إلى مجلس الجامعة في دورة طارئة للنظر فيها، تمهيدًا لعرضها على القمة العربية، وإن هذا القرار يشكل أفضل مدخل لتجاوز الوضع الراهن بالتعامل مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي، بغية الأخذ بأسلوب جديد مبني على أفكار ومفاهيم غير تلك التي كانت سائدة في الحقبة الماضية، فيما شدد الأمير عبدالعزيز على أن "المملكة لا تزال عند رفضها القاطع للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي، الذي ترى فيه محاولة لتقويض حل الدولتين، من خلال عزل المدن الفلسطينية عن بعضها وتطويق القدس الشريف بالبؤر الاستيطانية، وأن المملكة العربية السعودية ماضية في رفضها لما تتعرض له مدينة القدس، من خطط تسعى إلى تهوديها، وبخاصة تلك التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك ومحيطه"، مطالبًا المجتمع الدولي بوقف تلك الممارسات التي تقوض أي عمل تجاه الوصول للحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، مضيفًا أن "المملكة، ومن منطلق حرصها على تنفيذ قرارات القمم العربية، قد أوفت بكامل التزاماتها تجاه دعم موازنة السلطة الفلسطينية، وبخاصة ما أقرته قمة بغداد حيال إنشاء شبكة أمان عربية لدعم السلطة الفلسطينية ومؤسساتها"، داعيًا في هذا الصدد، المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لتحويل الأموال المستحقة للسلطة الوطنية الفلسطينية والتوقف عن هذه الممارسة الجائرة.
وأعرب نائب وزير الخارجية السعودي، عن أسفه لـ"عجز الأمم المتحدة، وبخاصة مجلس الأمن، عن القيام بما هو منتظر منها، وفقًا لميثاقها وتماشيًا مع منطلق العدالة وما تفرضه مسؤولية مجلس الأمن في ما يتعلق بحفظ الأمن والسلم الدوليين، تجاه وقف ما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتدمير من قبل حكومة الأسد"، مضيفًا "إن كل ذلك يحدث مع استمرار حكومة الأسد في مماطلاته وتسويفه، وإمعانه في سياسة القتل، مستخدمًا كل أنواع الأسلحة فتكًا وتدميرًا، يساعده في ذلك دعم متصل من بعض الأطراف، مما زاد من حدة الأعمال العسكرية، وتسبب في تقليص فرص الحل السياسي، وإننا نرى قرار مجلس الجامعة العربية بشغل مقعد سورية من قبل الائتلاف الوطني السوري، يشكل نقطة تحول بالغة الدلالة في إضفاء الشرعية الدولية لهذا الائتلاف الذي تجتمع تحت مظلته كل أطياف المعارضة السورية، باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري"، مؤكدًا أن "تطور المنطقة العربية مرتبط بالتقدم في النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وأهمية متابعة تنفيذ قرارات ومبادرات القمم العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي انعقدت في الكويت، وشرم الشيخ، والأخيرة التي اعقدت في الرياض في كانون الثاني/يناير الماضي، ومنها مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الداعية إلى زيادة رؤوس أموال المؤسسات العربية المشتركة، بنسبة لا تقل عن 50 في المائة، وغير ذلك من القرارات التي تلامس حاجات المواطن العربي، وبخاصة في ما يتعلق بتوفير فرص العمل، والحد من البطالة والفقر والقضاء على الأوبئة والأمراض"، مشيرًا إلى أن "اختصار جدول أعمال هذه القمة، مقارنة بالقمم السابقة، يتفق مع التوجهات المحمودة الساعية إلى أن تناقش القمم العربية القضايا الرئيسة والتركيز عليها، وبخاصة أن مجلس الوزراء للجامعة في دوراته العادية يتطرق إلى جميع المواضيع، من دون استثناء، ويشبعها بحثًا ومناقشة، ويتخذ في شأنها القرارات المناسبة، وأن هذه الخطوة تأتي انسجامًا مع جهود تطوير الجامعة العربية مما يتيح للقمم العربية الخروج بقرارات مدروسة يسهل تنفيذها ومتابعتها".
وأكد وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي، محمد عبدالعزيز، أن القمة العربية تمثل نقلة وانطلاقة كبيرة لمعالجة القضايا التي تهم الأمة العربية، وأن مجلس الجامعة في اجتماعه في القاهرة، منح الائتلاف الوطني السوري المعارض شغل مقعد سورية في الجامعة العربية بشروط، منها تشكيل حكومة موقتة والمحافظة على وحدة سورية وترابها، وانتهاج سياسة التطمين الكامل لجميع فئات المجتمع السوري، ليساهموا في العملية السياسية، فيما رحب بنيل فلسطين عضوية دولة مراقب في الأمم المتحدة، مشددًا على ضرورة أن تمهد هذه الخطوة لتصبح فلسطين دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية، وأن ذلك لن يتحقق إلا بضمان الدعم السياسي القوي والمستمر للقضية الفلسطينية، وأهمية الحوار الجاد والفاعل بين جميع الفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية.
وبشأن الإصلاح المنشود في هياكل الجامعة العربية، قال وزير الخارجية الليبي، "إنه بحكم التطورات السياسية المتسارعة لا يمكن أن تبقى الجامعة العربية من دون إصلاح منذ إنشائها، وأن هناك حاجة ملحّة لإصلاح الجامعة العربية على المستويين المؤسسي والتشريعي"، معربًا عن ثقته في أن الجامعة كمظلة سياسية للأمة وبيت لها، لابد أن تصل وتكون على مستوى التحديات السياسية الاقتصادية والاجتماعية، مع تفعيل دورها بطريقة ترقى لهذا المستوى،
مضيفًا أن تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية، لابد أن يناقش على مستوى صانعي القرار في الدول العربية، وأن بلاده ترحب بأي اتفاق يتم في هذا الصدد.
وقد ركزت مسودة مشروع البيان الختامي للقمة، على محاور عدة تتعلق بالأزمة السورية وقضية فلسطين والعمل العربي المشترك، حيث يشير المشروع إلى إقرار الدول الاعضاء منح مقعد سورية في جامعة الدول العربية، إلى المعارضة السورية، مع تحفظ كل من العراق والجزائر ولبنان، ودعت مسودة البيان "حكومة الرئيس السوري بشار الأسد إلى العمل على تحقيق تطلعات شعبه، في التغيير والإصلاح الديمقراطي الحقيقي، وإيقاف آلة البطش والتدمير ونزيف الدم، فيما يحث القادة العرب، مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، على أخذ دوره وإصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار ورعاية حوار وطني سوري لوضع ترتيبات المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى تحرك عربي فاعل يتصدى لمعاناة الملايين من النازحين واللاجئين السوريين، وتقديم أشكال الدعم كافة للدول التي تستضيفهم، والدعوة للعمل إعادة إعمار سورية بعد الانطلاق نحو المرحلة الانتقالية".
وتناول مشروع البيان، القضية الفلسطينية، ففي ما يتعلق بمبادرة السلام العربية، أكد أن "السلام الشامل والعادل هو خيار إستراتيجي، ولن يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، ورفض كل أشكال التوطين، وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق ما جاء في مبادرة السلام التي أقرتها قمة بيروت عام 2002"، فيما حمل المشروع إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تعثر المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بجانب رفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب كافة، الهادفة إلى تغيير الواقع في الأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس، ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ الآليات والخطوات اللازمة لحل الصراع العربي الإسرائيلي بجوانبه كافة .
كما يدعو المشروع، المجتمع الدولي إلى إطلاق مفاوضات جادة تكون مرجعيتها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وبخاصة قراري 242 و338، اللذين يقضيان بإنهاء الاحتلال والانسحاب الإسرائيلي إلى خطوط عام 1967، بما يشمل القدس الشرقية، ووقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والعرب، تأكيدًا للاعتراف الدولي لرفع مكانة دولة فلسطين وانضمامها إلى الأسرة الدولية كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
كما تقرر تشكيل وفد وزاري عربي، برئاسة رئيس وزراء ووزير خارجية دولة قطر وعضوية كل من الأردن ومصر وفلسطين والأمين العام للجامعة العربية، لإجراء مشاورات مع مجلس الأمن والإدارة الأميركية وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، للاتفاق على آليات وفق إطار زمنى محدد لإطلاق مفاوضات جادة وتكليف الأمين العام للجامعة العربية، تشكيل فريق عمل لإعداد الخطوات التنفيذية لهذا التحرك، داعيًا إلى عقد مؤتمر دولي خاص بطرح القضية الفلسطينية من جوانبها كافة، لهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، مستندًا على إقرار قضايا التسوية النهائية للصراع العربي الإسرائيلي، وعلى رأسها الحدود والأمن والاستيطان والقدس واللاجئين والمياه.
وكلف القادة العرب، لجنة مبادرة السلام العربية بإعادة تقييم الموقف العربي إزاء مجريات عملية السلام المعطلة من مختلف جوانبه، بما في ذلك جدوى استمرار الالتزام العربي بطرح مبادرة عملية السلام كخيار إستراتيجي، وإعادة النظر في جدوى مهمة اللجنة الرباعية في ضوء عجزها عن إحراز أي تقدم في عملية السلام، وتقديم تقرير لها عن هذا الموضوع وعرضه على اجتماع طارئ لمجلس الجامعة، تمهيدًا لعرضة على قمة عربية استثنائية، مطالبًا المشروع الولايات المتحدة الأميركية، بعدم استخدام "الفيتو" في مجلس الأمن ضد القرار العربي بمطالبة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالاعتراف وقبول فلسطين في الأسرة الدولية.
وفي ما يتعلق بالقدس، أكد مشروع قرار القمة، عروبة القدس ورفض كل الإجراءات الإسرائيلية غير الشرعية التي تستهدف تهويد المدينة، وضمها وتهجير سكانها، وإدانة مصادرة الأراضي وبناء وحدات استيطانية في القدس الشرقية، وإدانة الحفريات الإسرائيلية أسفل وفي محيط المسجد الأقصى، ودعوة المؤسسات الدولية المعنية، وبخاصة "اليونسكو"، إلى تحمل مسؤولياتها في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وإدانة محاولات إسرائيل المتكررة بالعدوان على المسجد الأقصى بهدف إحكام سيطرتها عليه.
وترحب القمة العربية في مشروع القرار، بمبادرة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بالتوجه إلى مجلس الأمن، بغرض استصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جميع الجرائم التي اتخذتها إسرائيل منذ احتلال القدس عام 1967، لهدف طمس معالمها الإسلامية والمسيحية.
وفي ما يتعلق بالدعم المالي للقدس، دعا مشروع قرار القمة إلى تفعيل قرار قمة سرت عام 2010، بشأن القدس الخاص بزيادة الدعم الإضافي المقرر في قمة بيروت عام 2002 لصندوقي الأقصى والقدس إلى 500 مليون دولار، ودعوة الجامعة العربية إلى وضع آليات تنفيذ خطة التحرك العربي لإنقاذ القدس.
وبشأن دعم موازنة دولة فلسطين وصمود الشعب الفلسطيني، تقرر القمة مطالبة الدول الأعضاء الوفاء بالتزاماتها، نحو توفير شبكة أمان مالية بأسرع وقت ممكن، بمبلغ 100 مليون دولار شهريًا لدولة فلسطين، لمواجهة الضغوط المالية واستمرار إسرائيل في عدم تحويل الأموال المستحقة، في حين تقرر تشكيل وفد من رئيس وزراء دولة فلسطين، والأمين العام للجامعة العربية، ووزير خارجية قطر "رئيس القمة"، ومصر "رئيس المجلس الوزاري"، ومن يرغب من وزراء الخارجية، للتوجه إلى عدد من العواصم العربية في أسرع وقت ممكن، لمواجهة الأزمة المالية الصعبة التي تواجهها دولة فلسطين.
التضامن مع لبنان
وعن التضامن مع لبنان ودعمه، أكد مشروع القرار، التضامن العربي الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته، بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية، ووقف الانتهاكات للسيادة اللبنانية بحرًا وبرًا وجوًا، التي وصل عددها منذ صدور القرار 1701 حتى الآن إلى أكثر من 10 آلاف خرق.
وفي ما يتعلق بالجولان السوري المحتل، باعتباره جزءًا من الأراضي العربية المحتلة، أكد مشروع القرار على دعم ومساندة الدول العربية الحازم لمطلب سورية العادل، وحقها في استعادة كامل الجولان العربي السوري المحتل إلى خط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967، أما في ما يتعلق بتطوير جامعة الدول العربية، فرحبت القمة العربية في مشروع القرار، بتشكيل لجنة من الدول الاعضاء للنظر في المقترحات والتوصيات الواردة في تقرير اللجنة المستقلة الرفيعة المستوى، ووضعها موضع التنفيذ وفق آليات ومراحل وجداول زمنية وعرض نتائج أعمالها على مجلس الجامعة العربية الوزاري في أيلول/سبتمبر المقبل.
ووافق مشروع القرار، على إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وذلك تعزيزًا لاحترام وحماية حقوق الإنسان العربي، وتكليف لجنة رفيعة المستوى من الخبراء القانونيين العرب، بإعداد النظام الأساسي للمحكمة، وعرض نتائج أعمالها على مجلس الجامعة الوزاري في دورته المقبلة.
وبشأن الصعوبات التي تعوق استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، طالب مشروع القرار، باعتماد قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية المتفق عليها من قبل الفريق السعودي المغربي، التي تصل فيها نسبة اتفاق الدول الأعضاء في المنطقة إلى ما نسبته 80 في المائة أو تزيد عنه، ودعوة الدول التي تقل نسبة توافقها على قواعد المنشأ عن 80 في المائة، إلى النظر في تحسين مساراتها التفاوضية في إطار اللجنة الفنية لقواعد المنشأ، قبل نهاية العام 2013.
وطلب مشروع القرار، من الدول الأعضاء في منطقة التجارة الحرة، موافاة الجامعة العربية بمقترحاتها عن كيفية التعامل مع الدول الأعضاء غير الملتزمة تنفيذ قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بشأن إزالة القيود غير الجمركية، ووضع آلية واضحة للتعامل مع الإجراءات المقيدة للتجارة، بما في ذلك وضع نظام متدرج في العقوبات، التي يمكن أن تطبق على الدول التي تتخذ إجراءات متعارضة مع أحكام منطقة التجارة الحرة، ويكون للدول الأعضاء الحق في تطبيقها عند اللزوم.
وعن تحرير تجارة الخدمات، دعا مشروع القرار إلى وضع جدول زمنى لاستكمال المفاوضات الخاصة بالقطاعات الخدمية التي ترغب الدول في التفاوض عليها، لهدف التقدم في تحريرها، في إطار اتفاق تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية، على أن يتم الانتهاء من الجدول الزمنى قبل نهاية 2013، وفي ما يرتبط بالاستثمار في قطاع الزراعة والأمن الغذائي العربي، طالب مشروع القرار الدول العربية بتهيئة المناخ المناسب للاستثمار في قطاع الزراع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملف السوري يُلهب نقاشات القمة العربية واستقالة الخطيب تُربك الحسابات الملف السوري يُلهب نقاشات القمة العربية واستقالة الخطيب تُربك الحسابات



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 23:18 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

«مو ضروري» لـ ماجد المهندس تحصد 35.2 مليون مشاهدة

GMT 06:41 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

السير المعوج

GMT 02:18 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

يسرا تكشف سبب اعتذارها عن مسلسل "الزيبق"

GMT 12:07 2020 الأحد ,20 أيلول / سبتمبر

وفاة نائب رئيس حكومة أوزبكستان بفيروس كورونا

GMT 00:31 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكد أن الكلاب لا تفهم البشر جيدًا

GMT 13:32 2014 الإثنين ,03 شباط / فبراير

إغلاق بورصة الأردن على تراجع بنسبة 0.18%
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia