رمضان يتحوَّل إلى سوق عكاظ للدراما دون إبداع الزمن الجميل
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

تفتقد المنتج الفنّان والتفاني وتتجاهل طبيعة مشاهد التلفزيون

رمضان يتحوَّل إلى "سوق عكاظ" للدراما دون إبداع "الزمن الجميل"

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - رمضان يتحوَّل إلى "سوق عكاظ" للدراما دون إبداع "الزمن الجميل"

مسلسلات رمضان
بيروت _ غنوة دريان

أصبح شهر رمضان منذ سنواتٍ طويلة موسمًا أساسيًا للعروض التلفزيونية العربية، يتنافس فيه الفنّانون والمخرجون، والكتّاب للحفاظ على موطئ قدم ضمن هذا السوق الأشبه بـ"سوق عكاظ"، الذي كان يستعرض فيه العرب مواهبهم الشعرية. وأمام هذا السيل الذي تغرقنا به محطّات التلفزيون اليوم من أعمال غالبًا ما تُنْسى بانقضاء "الليلة الكبيرة"؛ ألا يأخذكم الحنين لدراما أيّام زمان، يوم كان مسلسلٌ عربي واحد، دون أن يكون ثلاثيني الحلقات بالضرورة، قادرًا بحكاياته البسيطة المشوقة، على حبس أنفاسنا، والتماهي مع عوالم أبطاله، أو انتزاع ضحكاتنا ملء القلب؟
 
نستذكر قائمة غنيّة من الأعمال المصرية، صنعها جيل الفنّانين الرواد، الذين أرسوا تقاليد صناعة الفن التلفزيوني المصري، بدءًا من سبعينات القرن الماضي. ونعود بالذاكرة إلى مسلسل "الشهد والدموع" (تأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبد الحافظ)، وقد "شكّل انقلابًا في الدراما الاجتماعية". وقُدِّم العمل في جزئين الأوّل 1983، والثاني 1985، ويتناول قصة شقيقين، يختلفان في كل شيء مما يسبب أزمة كبيرة لجميع من حولهما.

وهناك أعمالًا أخرى للمخرج محمد فاضل والكاتب أسامة أنور عكاشة، كـ: "وقال البحر" 1982، "رحلة السيد أبو العلا البشري" 1986، "عصفور النار" 1987، و"الراية البيضا" 1988، "أنا وأنت وبابا في المشمش" 1989، و"النوة" 1991. ولا بد أن نتوقف عند مسلسلي "دموع في عيون وقحة" 1980، و"رأفت الهجان" (عرض على ثلاثة أجزاء: بين عامي 1988و1991) إذ اجد أنّ هذين العملين من تأليف صالح مرسي، وإخراج يحيى العلم "لعبا دورًا مهمًا بإعادة صياغة صورة رجل المخابرات المصري، في عيون الشعب كبطل قومي، وساهما في إعلاء شعور الفخر والوطنية لدى المصريين".
 
والحديث عن أعمال الزمن الجميل، لا يمكن أن يتجاهل عملًا مثل "ليالي الحلمية" من تأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبد الحافظ، بأجزائه الخمسة (بين عامي 1987 و1995)، وهو بمثابة دفتر أحوال وطني، ومرجعًا مهمّا في التاريخ السياسي والاجتماعي المصري، ابتداء من مرحلة حكم الملك فاروق، انتهاء بزمن حكم حسني مبارك.

وهذا العمل أعطى "دروسًا غير مباشرة في الوطنية والانتماء، تم العمل عليها بإخلاص، ووصلت إلى قلوب المصريين دون مجاملة أو نفاق"، وضمن هذا الإطار ذاته يأتي مسلسل "زيزينيا" بجزئيه الأول 1997 والثاني سنة2000، من تأليف أسامة أنور عكاشة، وإخراج جمال عبد الحميد. وبعيدًا عن التاريخ، هناك أعمالًا اجتماعية تلفزيونيةً حملت الكثير من القيم حول كيفية التعامل مع الأبناء، وصراع الأجيال الذي كان يقدم بطريقة محترمة، وقد تركت أثرًا كبيرًا في الناس من حيث بناء الشخصية، والتعليم، والثقافة، تلك الأعمال كسرت الخطوط الحمراء، ودفعت الناس للتفكير".

لعل أشهر هذه الأعمال مسلسل "أبنائي الأعزاء شكراً" 1979، "الرجل والحصان" 1982، ومسلسل الأطفال "هند والدكتور نعمان" 1984. ومسلسل " أرابيسك" 1994 (تأليف أسامة أنور عكاشة، إخراج جمال عبد الحميد) ورباعية "بوابة الحلواني" (بين عامي 1992و2001، تأليف محفوظ عبد الرحمن، إخراج إبراهيم الصحن)، وقد حاولت شبكة MBC تقليد أجوائها في مسلسل "سرايا عابدين"، إلا أنه "فشل فشلًا ذريعاً، مقارنة بالعمل الأصلي المنتج بإمكاناتٍ بسيطة جدًا في حينه".

أما أسباب الانعطافة التي جددت ملامح الدراما المصرية اعتبارًا من العام 2009 قائلاً: "حينما التفت صنّاعها إلى موضوع التأخر في الصورة، والأفكار، والرؤية الإخراجية، وبدأوا رفدها بدماء جديدة آتية من السينما، التي تعرضت خلال تلك الفترة لأزمة كبيرة أثرت على هذه الصناعة، بسبب تراجع ضخ المال الخليجي، بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية".

مهدّ ذلك الطريق لدخول المخرجين والنجوم السينمائيين إلى ميدان العمل التلفزيوني، وأخذوا تدريجيًا مكان نجوم التلفزيون وصنّاعه التقليديين. إلّا أن دخول السينمائيين المصريين هذا الميدان لم تكن تأثيراته إيجابية تمامًا على صناعة التلفزيون في مصر. وقد رُفعت موازنات إنتاج المسلسلات التلفزيونية على نحو مبالغ فيه، وذهب معظمها للنجوم.

كما انتقلت "أمراض السينما التجارية"، أو ما كان يعرف بأفلام المقاولات لصناعة التلفزيون، وظهرت مشاريع مراهقة نتيجة عدم فهم طبيعة الجمهور التلفزيوني. إنّ أكثر ما تفتقده الدراما المصرية اليوم هو "المنتج الفنّان"، مثل  تجربة الراحل "ممدوح الليثي.. صاحب أفضل تجربة إنتاجية، في تاريخ قطاع الإنتاج المصري".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان يتحوَّل إلى سوق عكاظ للدراما دون إبداع الزمن الجميل رمضان يتحوَّل إلى سوق عكاظ للدراما دون إبداع الزمن الجميل



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة

GMT 00:28 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

جمال عبد السلام يؤكّد أنه يدعم الشعب السوري

GMT 10:39 2015 السبت ,17 كانون الثاني / يناير

كيفية صناعة الموهبة والإبداع عند الأطفال؟

GMT 12:35 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

جريمة السبّ والقذف

GMT 14:54 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

سيمبا التنزاني يتقدم بالهدف الأول في مرمى الأهلي
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia