صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة وتُثير غضب الأميركيين
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

لتجنّب عقوبات واشنطن التي تشتدّ بدءًا مِن تشرين الثاني

صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة وتُثير غضب الأميركيين

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة وتُثير غضب الأميركيين

الاتحاد الأوروبي
واشنطن _ العرب اليوم

تفاعلت على أكثر من صعيد قضية خلق كيان أوروبي خاص لضمان استمرار التجارة مع إيران، ويثير هذا الكيان الذي أعلن عنه الإثنين الماضي غضب الأميركيين، ولا قناعة للأوروبيين أنفسهم بنجاعته الكاملة، فضلا عن النظرة غير المطمئنة، بل ربما "الخائفة" التي تلقيها طهران على كل ذلك، كما يقول مصدر بمقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

ويضيف المصدر الأوروبي المسؤول: "هناك غموض يلف الصيغة حتى الآن، ولا موعد محددا بعدُ لانطلاق تلك الآلية، ولا نعلم شيئا عن مقر عملها وكيفية تجنبها العقوبات الأميركية التي ستشتد أكثر بدءا من 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل".

يذكر أن ما أعلن عنه لا يشمل الاستثمارات المباشرة التي تحتاج إليها طهران بقوة، إذ إن للكيان المزمع إنشاؤه غرضا خاصا ومحدودا، وهو عبارة عن صيغة بدائية للمقايضة. وللمثال: إذا أرادت إسبانيا استيراد الفستق والزعفران من طهران، فيمكنها ذلك مقابل طلب تصدير سيارات ألمانية إلى إيران. والدفع، أو التسوية تحصل بين برلين ومدريد باليورو وليس بالدولار، لأن أي تعامل بالعملة الأميركية سيقع تحت طائلة العقوبات الأميركية. ويشبه البعض هذه الصيغة بما لجأ إليه الاتحاد السوفياتي السابق من آليات للتمويل الموازي والتجارة بالمقايضة أيام الحرب الباردة وفق ما نشرت صحيفة الشرق الأوسط.

ويقول الاتحاد الأوروبي إن الصيغة لتسهيل تجارة "شرعية"، وقد يمر التطبيق التمويلي عبر البنوك المركزية الأوروبية أو من خلال غرفة مقاصة خاصة، لكن كل ذلك غير واضح المعالم النهائية بعد، علما بأن الصيغة مفتوحة لتنضم إليها دولا أخرى غير أوروبية مثل الصين.

وتجمع المصادر المعنية والمتابعة على القول إن الولايات المتحدة مصممة على خنق الاقتصاد الإيراني. وقد لا تسمح بنجاح أي مسعى من أي نوع أو حجم كان لمنح طهران جرعة تنفس حتى لو كانت اصطناعية، وهذا ما عبر عنه مستشار الأمن القومي جون بولتون عندما قال باستهزاء: "الأوروبيون مهرة في الأقوال الإنشائية؛ لكنهم ضعاف في التطبيق!". وأضاف: "سنراقب هذه الصيغة عن كثب، ولا نية سماح لدينا مطلقاً للأوروبيين وغير الأوروبيين تجنبهم عقوباتنا ضد نظام إيران؛ الراعي الأول للإرهاب في العالم".

وإذا كان الأوروبيون يرغبون في ضمان تدفق بعض النفط الإيراني إلى دول أوروبية معينة، فإن الهدف لن يتحقق، لأن تجارة النفط بيد شركات دولية خاصة تفتح اعتمادات بالدولار، وبالتالي لن تغامر تلك الشركات وتتعامل مع إيران بعد 4 نوفمبر المقبل، كما يؤكد مصدر نفطي أوروبي.

وترى مصادر أخرى في الإعلان الأوروبي هدفاً سياسياً من دون اكتراث كبير بنجاح الصيغة اقتصادياً. فالأوروبيون يرغبون بمنح الرئيس حسن روحاني ورقة بيده يواجه بها معارضيه في الداخل، لا سيما أولئك الداعين للخروج من الاتفاق النووي لاستئناف التخصيب. ويريدون أيضاً البعث برسالة ما إلى الأميركيين يحفظون بها ماء الوجه السيادي، ليقولوا إنهم غير تابعين بالمطلق للسياسات الأميركية.

وهناك من يتحمس لهذه الصيغة في بروكسل ويعول عليها للمدى الطويل بحيث يمكن، إذا نجحت الآلية المقترحة، الخروج من عباءة الدولار في تجارة الأوروبيين مع العالم. ويريدون نسخ محاولات التجارب الصينية في هذا المجال، لأن مناخ التجارة الدولية بات محكوماً بحمائية شديدة أرادتها الولايات المتحدة ويرفضها الأوروبيون والصينيون والروس، فإذا نجح تطبيق الصيغة ينتعش اليورو كما اليوان والروبل برأي البعض... لكن هذا الهدف للمدى الطويل وليس القصير "ودونه عقبات لا عد لها ولا حصر"، وفقاً لمصدر تجاري دولي. علما بأن في واشنطن أيضاً بعض القلقين من تفاقم البحث عن بدائل للدولار في التجارة الدولية، بعد أن عبرت عن ذلك دول مثل الصين وروسيا إلى جانب طهران وتركيا ودول أخرى.

وذكرت المصادر المتابعة أن هناك مجموعة ضغط في بروكسل تحاول إنجاح الصيغة، وهذه المجموعة تمثل مصالح شركات صغيرة ومتوسطة راغبة في اقتناص فرصة خروج الشركات الكبيرة من إيران لعلها تجد منافذ لتتوسع في تجارتها مع طهران. فالشركات الكبيرة تنسحب الواحدة تلو الأخرى. ويرجح، على نطاق واسع، ألا تبقى أي واحدة منها على الأراضي الإيرانية بعد 4 نوفمبر، لأنها تفضل الحفاظ على مكاسبها الدولية من دون أي تفريط، لأنها الأدرى بما ينتظرها من عقوبات أميركية قاسية وبغرامات مليارية إذا غامرت واستمرت في التعامل مع طهران، إلى ذلك، هناك من يعول في أوروبا على عدم شمول الغذاء والدواء في قوائم العقوبات. فمزارعو القمح في ألمانيا ومصنعو المنتجات الطبية في فرنسا - على سبيل المثال لا الحصر - يرغبون بقوة في عدم فقدان السوق الإيرانية وتركها للمنافس الصيني أو الروسي.

في إيران، كثيرون لا يعولون أيضاً على الصيغة الأوروبية، ولسان حالهم أن تجربة طهران مع دول الاتحاد الأوروبي لا تشي إلا بتعويل قليل على الكيان المقترح. وقال مصدر دبلوماسي في طهران: "يريد الأوروبيون أعمالاً يربحون منها ولا تكلفهم الكثير. وتجربتنا السابقة معهم تخبرنا بأن الأمر سينتهي بالتراجع التدريجي أمام الضغوط الأميركية. وما الصيغة التي ابتدعوها إلا رمزية لتناسب رأيهم الخجول بأن إيران تحترم الاتفاق النووي.. وهم لا يريدون رؤيتنا ننقض الاتفاق ونعود إلى تخصيب اليورانيوم، لذا تجدهم يمارسون التخدير فقط لا غير".

وأضاف المصدر الإيراني: "أولويتنا في مكان آخر، وتحديدا مع الصين والهند لضمان تصدير النفط الإيراني".

وتختم المصادر بالقول إن الصيغة غامضة حتى الآن، ولا موعد محدداً لبدء تجربتها، وهناك تشكيك في عواصم أوروبية في كيفية التطبيق، لأن ما أعلن لا يعدو إعلانا سياسياً حتى الآن. والجميع بانتظار نوفمبر المقبل لمعرفة حجم وقساوة العقوبات الأميركية التي ستضرب تجارة النفط والعمليات المالية، كما يمكن تكييف تلك العقوبات لتشمل ما يعتقد الأوروبيون أنه غير مشمول في قوائم الحظر الأميركية.

هبطت العملة الإيرانية 70 في المائة في 7 أشهر، وطهران غير مستعدة لوضع أي من احتياطات العملات الصعبة في الخارج لضمان التجارة معها، وهي على موعد في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل مع عقوبات من نوع آخر تفرضها هذه المرة "مجموعة العمل المالي الدولية"، التي تهدد بوضع طهران على القائمة السوداء لأنها لم تنجز الإصلاح المصرفي المطلوب منها، لا سيما على صعيد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهنا يكمن بيت القصيد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة وتُثير غضب الأميركيين صيغة تجارة أوروبا مع إيران غامضة وتُثير غضب الأميركيين



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار

GMT 16:40 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

"برجر كينج" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 16:54 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

شهر واعد يحمل لك فرصة جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia