الأصول الليبية المُجمّدة حق أهدره الانقسام السياسي بين الفرقاء
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

فوائدها تذهب إلى "أرصدة سرية" في بنوك بعض الدول

الأصول الليبية المُجمّدة حق أهدره الانقسام السياسي بين الفرقاء

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - الأصول الليبية المُجمّدة حق أهدره الانقسام السياسي بين الفرقاء

رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السرّاج
طرابلس - العرب اليوم

أهدر الانقسام السياسي بين الفرقاء الليبيين، كثيرًا من الحقوق الاقتصادية للبلد الغني بالنفط، مما أثّر على استعادة أصول مُجمدة في الخارج منذ رحيل النظام السابق، تُقدر بـ67 مليار دولار، وأصبح الأمل المُستهدف الآن، أن تشارك ليبيا في إدارة ثاني أكبر صندوق سيادي في أفريقيا، وسط تحذيرات أممية من "إذابة أمواله بمساعدة أطراف داخلية"، في وقت ألمحت فيه تقارير إلى أن فوائد تلك الأصول في دولة أوروبية تذهب إلى "أرصدة سرية" في بنوك بعدد من الدول.

وعقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا بتجميد أموال سيادية لمؤسسة الاستثمار الليبية، قدرتها بعض الجهات الاقتصادية حينها من 150 إلى 170 مليار دولار، لكن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السرّاج، قال في منتصف يوليو (تموز) الماضي إن الأرقام المحجوز عليها للصندوق تقدر بـ67 مليار دولار.وعاد مجلس الأمن بعد توقيع الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات المغربي بين الأطراف الليبية في نهاية 2015، وتعهّد بدراسة تغيير العقوبات المفروضة على الصندوق السيادي، حال تمكن حكومة الوفاق من السيطرة على المؤسسة الوطنية للنفط، والبنك المركزي، والصندوق أيضا.

وقال الدكتور محسن الدريجة، الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمار، إن إحدى كبرى شركات المحاسبة والتدقيق أجرت تقييمًا تفصيليًا لكل أصول المؤسسة الليبية للاستثمار بين 2012 و2014؛ وقدّرت القيمة العادلة بنحو 66 مليار دولار، وذهب إلى أن تعدد الإدارات المُكلفة بمتابعة تلك الأرصدة "فتح ثغرات، وساهم في ضياع جزء منها"، فيما تحدث خبراء ونواب عن رحلة هذه الأرصدة المجمدة في 8 دول على الأقل، وارتباط مصيرها بمستقبل ليبيا واستقرارها، لكن الدريجة يقول إن الانقسام الذي ضرب المؤسسة عام 2014، وأعقبه فتح مكتب لها في مالطا مدعومًا بمراسلات من الحكومة الموازية في مدينة البيضاء الليبية (شرق البلاد)، "جعل الغموض يشوب وجهة تلك الأموال"، متسائلًا: "هل ذهبت إلى حسابات المؤسسة في طرابلس، أم حسابات المؤسسة في مالطا، وفي أي شيء استخدمت؟".

والمؤسسة الليبية للاستثمار تنضوي تحتها خمس مؤسسات تابعة، مكونة بذلك محفظتها الاستثمارية حول العالم، وهي الشركة الليبية للاستثمارات الخارجية (LAFICO)، ومحفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار (LAP)، والمحفظة الاستثمارية طويلة المدى (LTP)، وشركة الاستثمارات النفطية (Oilinvest)، والصندوق الليبي للاستثمار الداخلي والتنمية (LLIDF)، وتتوزع هذه الأصول والاستثمارات عبر ثلاث قارات، ويصل تقدير قيمتها إلى نحو 67 مليار دولار أميركي، ولها استثمارات في أكثر من 550 شركة.

وعلى مدى الأعوام السبعة الماضية، طالب مسؤولون ليبيون من المجتمع الدولي تمكين البلاد من أموالها المجمدة. ونهاية الأسبوع الماضي، بحث وكيل الشؤون السياسية بوزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني لطفي المغربي، مع سيرل سارتر كبير مستشاري الشؤون الأفريقية في البيت الأبيض، في مقر مجلس الأمن القومي الأميركي، سبل المساعدة في حماية تلك الأصول، ودعم ليبيا في حق إدارتها، "مما قد تتعرض له من خسائر ومحاولة البعض نهبها".

مكتب مالطا
عدنان الشعاب، عضو مجلس النواب رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية، استهل حديثه عن "وجود مجموعات من الأفراد في ليبيا يسعون لاستغلال الظرف الراهن للاستحواذ على تلك الأموال بعيدًا عن الدولة"، وقال إن رئيس جنوب أفريقيا "أبدى استعداده بعد قرار التجميد لتسليم الأموال المتحفظ عليها في بلاده، شريطة استقرار الأوضاع في البلاد... وبعض المسؤولين في ليبيا استعانوا بأفراد وشركات لاسترجاعها بطريقتهم".

لكن الدريجة، الذي تولى رئاسة المؤسسة الليبية للاستثمار في 2012 لمدة عام، أرجع جانبًا كبيرًا من الأزمة إلى التأثير السلبي للانقسام السياسي على المؤسسة، التي انقسمت هي الأخرى في 2014. وقال: "للأسف حتى بعد وصول حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، إلى العاصمة طرابلس، ما زال الانقسام يمس وحدة المؤسسة، والمكتب الذي تم فتحه في مالطا دون إجراءات قانونية سليمة وبالمخالفة لقوانين البلاد لا يزال مفتوحًا ويعمل... كل ذلك ساهم في جعل الأرصدة هدفًا مغريًا للكثيرين".
ورأى الدريجة أن تعدد الإدارات التي تشرف على الصندوق السيادي للبلاد، "فتح ثغرات سهلت من الوصول إلى أصول المؤسسة"، وأضاف: "وقد يكون هذا بالتواطؤ مع ليبيين يظنون أن هشاشة أجهزة الدولة تعطيهم فرصة للإفلات من المتابعة والمحاسبة".ومع كل مرة تدخل ليبيا في أزمات اقتصادية، جراء الاقتتال بين الميليشيات المسلحة، وتوقف ضخ بعض حقول النفط، كانت حكومة الوفاق مُمثلة في رئيس المجلس الرئاسي تطالب في كل المنتديات الدولية بحقها في إدارة الأصول المجمدة في الخارج، وليس فك تجميدها، بهدف "وقف الخسائر الكبيرة التي تلحق بها في وضعها الحالي".

وأكد السرّاج غير مرة، إن "عدم تمكين المؤسسة الليبية للاستثمار من إدارة أصولها بطريقة صحيحة يحمّل بلاده خسائر تقدر بمليار دولار سنويًا"، مقسمًا الأموال الليبية إلى أصول مجمدة معلومة المكان، وأموال مهربة ومنهوبة، سرقت في عهود سياسية سابقة ويتم ملاحقتها ومتابعتها".أمام تحذير السراج، قال المحلل الاقتصادي الليبي أحمد الخميسي، إن "هناك أسئلة كثيرة مثارة بشأن هذه الأصول، تتمثل في حقيقة قيمتها السوقية الآن، وهل هي فعلًا 67 مليار دولار، أم أنها انخفضت بشكل كبير" في بلدان عدة، أمام حاجة البلاد للأموال أو السلع الضرورية، وأضاف لـ"الشرق الأوسط": "أؤيد بقاء تلك الأرصدة تحت التجميد في ظل عدم وجود دولة في ليبيا".
حسابات سرية واستثمارات رديئة

وفى ظل تحذير الخميسي من ضياع تلك الأصول، في ظل ما أسماه بـ"رخاوة الدولة"، تحدثت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن أن الأموال الليبية المجمدة في العاصمة البلجيكية بروكسل، وتقدر بـ16 مليار يورو، تولّد عائدات تبلغ ملايين الدولارات وتصب في حسابات بنكية لمنتفعين مجهولين في بضعة دول خلال السنوات الأخيرة، لكن مسؤولًا بلجيكيًا قال إن تلك التدفقات "قانونية".ولفتت الصحيفة في تحقيق استقصائي، سابق، أعدته الصحافية البلجيكية جوليا بارافيسيني، إلى "وجود تدفقات كبيرة ومنتظمة لأرباح سهمية وسندات الدخل وفوائد مستحقة"، وذكرت أن "وثائق قانونية وكشوف حسابات بنكية ورسائل بريدية وعشرات المقابلات تُشير إلى وجود ثغرة في نظام العقوبات".

ولم يمانع الدريجة، وهو خبير اقتصادي يعيش في مدينة مانشستر البريطانية، في حدوث ذلك، بل إنه قال: "هناك محاولات جرت لتسجيل بعض الأصول الليبية بأسماء أشخاص معينين، وشكل ذلك صداعًا كبيرًا للمؤسسة والجهات التابعة لها"، متحدثًا عن "عملية تقاضي عمولات للدخول في استثمارات رديئة حدثت في الماضي، وكلفت المؤسسة مليارات الدولارات ولا يوجد ما يمنع تكرارها الآن، خاصة في ظل الانقسام"، واستكمل: "في حال وجود إدارة واحدة فعالة ومنظومة رقابة داخلية وخارجية، فهذا يقلل من قدرة الطامعين على الوصول إلى الأصول الليبية".وعلى الرغم من مضي السنوات السبع، فإن التقارير الرسمية في البلاد لم تحدد قطعًا الدول التي تحتضن تلك الأصول المجمدة، وسط تفاوت وتضارب كبيرين في الأرقام والبيانات التي أعلنت على مدار تلك الفترة، وما يعلن الآن، غير أن وكالة "رويترز" أشارت في تقرير سابق إلى وجود تلك الأموال في 8 دول، وحصرتها في النمسا وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ولوكسمبورغ والولايات المتحدة. بجانب ذلك، حركت ليبيا دعوى قضائية أمام محكمة مدنية مالطية في عام 2012 لاستعادة أصول أودعها المعتصم القذافي، نجل معمر القذافي، في شركة مسجلة في مالطا.

وكشفت صحيفة "تايمز أوف مالطا" مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه عقب مقتل المعتصم القذافي إبان الثورة، تم الكشف عن حيازته مجموعة من بطاقات الائتمان أصدرها مصرف "بنك أوف فاليتا" المالطي، وأودع أصولًا مالية تحت غطاء شركة "كابيتال ريسورسس المحدودة".

سلامة وشلقم
واللافت أن المؤشرات بشأن فرص ضياع الأصول الليبية تعد كبيرة، دون تحرك فعلي من المسؤولين الليبيين، باستثناء محاولات رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار الحالي الدكتور علي محمود. ففي مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، أن لديه "إثباتات بأن هذه الأرصدة إن لم تتم إدارتها بسرعة فهي معرضة للضياع والذوبان".ومخاوف سلامة توافقت مع تخوفات مماثلة لوزير خارجية ليبيا ومندوبها الأسبق لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم، الذي حذر مما أسماه بـ"مخطط للاستيلاء على هذه الأموال بتواطؤ من أطراف ليبية".وجاء تحذير شلقم عقب تقارير خارجية عن إمكانية استخدام الأرصدة الليبية في بريطانيا لتعويض ضحايا الجيش الأيرلندي، وأوضح أن "جميع الملفات الخاصة بالخلافات الليبية مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تمت تسويتها جنائيًا ومدنيًا، وأي حديث عن تلك الملفات خلفه مخطط للاستيلاء على الأموال الليبية بتواطؤ من أطراف ليبية".

ورد الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمار محسن الدريجة قائلًا: "السيد شلقم أدرى بالمفاوضات المتعلقة بالقضايا المذكورة، لكن التراخي في متابعة وحماية الأصول يفتح أبواب الرغبة في الانتفاع منها".وضرب مثلا على ذلك، وقال: "هناك سابقة وقعت في عام 2012 عندما حكمت محكمة إيطالية بمصادرة مساهمات المؤسسة الليبية للاستثمار والجهات التابعة لها هناك، والتي بلغت مليارًا وستمائة مليون دولار لتعويض ضحايا الإرهاب بزعم أن هذه الأموال للقذافي وأسرته، لكننا استطعنا إقناع المحكمة المختصة بإلغاء أمر المصادرة بعد أن بينا أن الأموال ملك لدولة ليبيا وتمثل أموال الصندوق السيادي الليبي". واتفق الشعاب والخميسي مع الدريجة على أنه "إذا رأى العالم أن الأرصدة الليبية لا تلقى الاهتمام والحماية اللازمة؛ فسيرى أنه من الأجدى الاستفادة منها بشكل أو بآخر!".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأصول الليبية المُجمّدة حق أهدره الانقسام السياسي بين الفرقاء الأصول الليبية المُجمّدة حق أهدره الانقسام السياسي بين الفرقاء



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 08:55 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

آخر مستجدات ملف البنك الفرنسي التونسي

GMT 10:17 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء خاشقجي والحقيقة وتصفية الحسابات

GMT 14:35 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

GMT 11:54 2021 الأربعاء ,22 أيلول / سبتمبر

حقل نفطي جديد يدخل حيز الإنتاج في قبلي التونسية

GMT 06:19 2017 السبت ,24 حزيران / يونيو

"Transformers 5" يشعل البوكس أوفيس بـ 15 مليون دولار

GMT 20:48 2021 الخميس ,12 آب / أغسطس

موديلات متنوعة من أحذية الشاطئ هذا الصيف

GMT 05:06 2014 الأربعاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

2014 صور لا ننساها

GMT 07:27 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

الحريري يؤكد أن الحل السياسي يجب أن يحترم سورية

GMT 05:36 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الإمارات.. خطوات استباقية لريادة المستقبل

GMT 19:09 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ مهنئًا الأهلي "ننتظركم في كأس العالم للأندية"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia