رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي
تونس ـ أزهار الجربوعي
توقع ، خلال جلسة عقدت مساء الجمعة، لمناقشة موازنة الدولة لعام 2013، في المجلس التأسيسي التونسي، أن يصل معدل النمو في تونس إلى 7%، داعيًا المنظمات النقابية والعمالية إلى "هدنة اجتماعية"، حتى يتسنى للحكومة تنفيذ برامجها الاقتصادية، والإعداد للانتخابات التشريعية
والرئاسية المقبلة.
وقال رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي خلال افتتاح الجلسة العامة لمناقشة موازنة الدولة لعام 2013 "نأمل أن نصل بمعدل النمو إلى نسبة 7% في عام 2017، و بعجز الميزانية إلى ما بين 2 و 5 %، وذلك لاستيعاب العدد الإضافي للعاطلين عن العمل".
هذا، وقد قدر الحجم الإجمالي لمشروع موازنة الدولة لعام 2013 التي أعلن عنها حمادي الجبالي قبضًا وصرفًا بـ 26 مليار و792 مليون دينار تونسي، أي بزيادة بنسبة 4,9 %، بالمقارنة بالنتائج المحتملة لعام 2012، وذلك خلال تقديمه لبيان الحكومة بشأن مشروعي موازنة الدولة وقانون المالية لعام 2013 أمام نواب البرلمان التونسي، برئاسة مصطفى بن جعفر، وحضور عدد من وزراء حكومة الترويكا.
كما أكد رئيس الحكومة التونسية أنه سيتم تسوية وضعية عملة الحضائر المنتدبين بين عامي 2000 و 2010، وذلك بصفة تدريجية على فترة 5 سنوات، وفقًا لمعايير موضوعية، كذلك استعرض الجبالي برنامج أولويات الحكومة للفترة الانتقالية المقبلة، والتي ستركز على تحقيق الأمن والاستقرار كشرط أساسي للتنمية، وتعويض الضحايا، واحترام التوازنات العامة، وتسريع نسق مكافحة البطالة، إلى جانب تحقيق تنمية جهوية عادلة، مع محاربة الفقر ومكافحة غلاء الأسعار وتحسين الخدمات للمواطن وصياغة إستراتيجية فعالة كفيلة بمقاومة الفساد وتكريس الشفافية.
كما أكد رئيس الحكومة التونسية أن تنفيذ هذا البرنامج يقتضي الالتقاء والتوافق حوله، وتوجيه كل الجهود والطاقات نحو تحقيقه، داعيًا المنظمات العمالية والنقابية وعلى رأسها "الاتحاد العام التونسي للشغل" إلى الانخراط في هدنة اجتماعية وفترة تهدئة، إلى حدود تسلم الحكومة المقبلة مهامها، على ضوء ما ستفرزه الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
إلى ذلك، أشارت التّقديرات الرسمية إلى أنّ الاحتياطي التونسي من العملة الصعبة سيبلغ مع نهاية 2012 قرابة 11,181 مليون دينار، أي ما يقدّر بـ 106أيام توريد، بعد أن كان في حدود 9,581 مليون دينار في أول كانون الأول/ديسمبر، بما يعادل قيمة 94 يومًا.
و يعود هذا التّحسّن في حجم الاحتياطي إلى التّحويلات المترتبة على الاتفاقيات الماليّة المبرمة مع "البنك الدولي" و"البنك الإفريقي للتّنمية" و"الاتحاد الأوروبي" والقرض الرقاعي ''الساموراي''، الصّادر عن السّوق اليابانية، والتي تبلغ مجتمعة حوالي 1500 مليون دولار، إلى جانب عائدات السياحة والتصدير والاستثمار الخارجي.
وفي المقابل ينتظر أن تبلغ النفقات المتصلة بالتوريد وخلاص الديون العمومية والخاصة قرابة 2,345 مليون دينار. وقد اتخذت الحكومة بالتنسيق مع "البنك المركزي" إجراءات عديدة لترشيد التّوريد ودعم الصّادرات، لتحسين نسبة تغطية الميزان التّجاري، إلى جانب ترشيد القروض الموجّهة لاستهلاك المواد الكمالية، ودعم التمويلات الموجهة للاستثمار.
ورغم تحسن هذه المؤشرات الأولية التي تشير إلى بداية تعافي الاقتصاد التونسي من أزمته التي عرفها عقب الثورة، والتي عمقتها الاحتقانات الاجتماعية، إلا أن عجز الميزان التجاري مازال في تفاقم مطرد، حيث أكدت بيانات المعهد الوطني التونسي للإحصاء ارتفاع العجز في الميزان التجاري حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر2012 ليبلغ 8،10703 مليون دينار، مقابل 7828,3 مليون دينار في الفترة نفسها من العام الماضي.
كما كشفت الإحصائيات عن تراجع نسبة تغطية الواردات بالصادرات إلى 5,1 نقطة، أي 69,3 %، مقابل 74,4 % مقارنة بالفترة نفسها من 2011.
من جانبها تأثرت سوق البورصة التونسية بالصراع السياسي والاجتماعي الذي عاشته البلاد أخيرًا بين الحكومة و"الاتحاد العام التونسي للشغل"، الذي هدد بإضراب عام في البلاد، لكنه تراجع عنه بعد توقيع اتفاقية مع الفريق الحاكم، حيث أكّد مدير الإعلام في بورصة تونس للأوراق الماليّة عبد الرؤوف بودبوس أن "الحراك السياسي و الاجتماعي أدى إلى انعكاسات سلبية على سوق تونس للأوراق المالية".
و أوضح بودبوس أن "البورصة سجلت انخفاضات هامة خلال الأسابيع الأخيرة"، معتبرًا أن "الاحتجاجات و أحداث العنف التي شهدتها تونس خلال إحياء ذكرى استشهاد النقابي فرحات حشاد قد تسببت في تراجع ثقة المستثمر، وإرباك قراراته".
وأضاف مدير الإعلام في البورصة أن "البورصة عادة ما تعكس إيجابيًا أداء الشركات المدرجة بها، غير أن الوضع الحالي للبلاد قد تسبب في خرق هذه القاعدة"،مشيرًا إلى أن "الأداء الطيب للشركات المدرجة في البورصة خلال التسع أشهر الأخيرة لم يرافقه ارتفاع في قيمة أسهمها، على عكس ما كان متوقعًا".
وكانت مؤسسة " فيتش" لتقييم السندات قد أعلنت أخيرًا أنها قامت بتخفيض التصنيف الائتماني لتونس إلى درجة عالية الخطورة، وهو ما جعل تكلفة الديون التونسية تقفز آليًا إلى أعلى مستوياتها منذ 4 سنوات، بعد أن ارتفعت لأجل خمس سنوات بـ17 نقطة أساس عن الجلسة السابقة، لتصل إلى 350 نقطة أساس، متجاوزة بذلك التقديرات السيئة التي عرفتها البلاد، حتى أثناء الثورة، في حين دعا محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري في تصريح خاص لـ"العرب اليوم" إلى عدم إيلاء مثل هذه المؤشرات أهمية كبرى، مقللاً من قيمتها، ومشككًا في مصادرها وتقييماتها.
و قد خفضت وكالة "فيتش" تصنيف تونس بدرجة واحدة، من "BBB-" إلى "BB+"، وأبقت نظرتها المستقبلية للتصنيف سلبية، مشيرة إلى أن ذلك راجع إلى طول الفترة الانتقالية، والتعقيدات التي عرفتها سياسيًا واقتصاديًا، وبخاصة على الصعيد الأمني. كما أن مؤسسة "ستاندرد أند بورز" قد سبق لها بدورها أن وضعت تونس في الدرجة عالية المخاطر، لكنها أبقتها عند أدنى مستوى في درجة الاستثمار، وهو "Baa3".
وفي سياق متصل، حذر عدد من نواب البرلمان التونسي، مساء الجمعة، من خطر الإفلاس الذي بات يتربص بالبلاد، بسبب تفاقم نسبة المديونية، بعد لجوء الحكومة إلى القروض الخارجية لحل مشاكل التنمية، داعين إلى إيجاد بدائل وطنية للنهوض بالاقتصاد، حيث تحصلت الحكومة التونسية من الاتحاد الأوروبي على منحة قيمتها 214 مليون دينار، أي ما يعادل 107 ملايين يورو، بهدف المساهمة في تأهيل اقتصادها وبناء المؤسسات الديموقراطية خلال المرحلة الانتقالية، كما تهدف المنحة الأوروبية إلى مساعدة البلاد على انعاش الاقتصاد و تمويل برامج تنموية في المناطق المحرومة، والأكثر فقرًا في تونس، علاوة على تمكينها من قرضين، الأول عن طريق البنك الإفريقي للتنمية، والثاني عبر البنك الدولي، بقيمة 500 مليون دولار لكل منهما.
من جانبه وقع وزير الاستثمار والتعاون الدولي التونسي رياض بالطيب مع نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار فيليب دو فونتاين على اتفاقيتي تمويل مع البنك الأوروبي للاستثمار، بقيمة إجمالية تبلغ 170 مليون يورو.
وتخصص الاتفاقية الأولى التي تبلغ قيمتها 70 مليون يورو لفائدة برنامج إدماج عدد من الأحياء السكنية في ولايات الجمهورية كافة، في حين ستركز اعتمادات الاتفاقية الثانية التي تبلغ قيمتها 100 مليون يورو على إنشاء خط تمويل لفائدة بعض البنوك وشركات الإيجار المالي.
وفي سياق منفصل، أكدت مصالح نقدية البنوك والديوان الوطني للبريد وجود عمليات سحب أموال ببطاقات بنكية مغناطيسية مزورة، وأكد بلاغ صادر عن "الجمعية المهنية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية"، الجمعة، أن الإشكال قد تم تطويقه، وتم إعلام "وكالة الجمهورية" لفتح تحقيق عاجل في الموضوع.
أرسل تعليقك