مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

بعد غياب السياحة وإرتفاع الاسعاروإستيراد الإنتاج الصيني

مهنة "النقش على النحاس" التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - مهنة "النقش على النحاس" التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

حرفة "النقش على النحاس"
القاهرة : مصطفي الخويلدي

تحوي أحضان شارع المعز لدين الله الفاطمي العريق في  القاهرة، بعض المهن والحرف التي تعد جزءاً من الفنون الإسلامية ، واشهرها حرفة "النقش على النحاس"، والتي مازالت تحتفظ ببريقها الخاص. فالنحاس له عشاقه ومحبوه، فهو لا يزال يتأثر بالظروف الجوية كثيراً، ويعود تاريخ هذه الزخرفة إلى بداية ازدهار الحضارة الإسلامية والعربية، حيث ترى في تزيين مباني المساجد والمدارس والقصور والتي عرفت بالفنون الزخرفية، توارثها الأبناء من آبائهم وأجدادهم.

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

فعندما تدخل شارع المعز تجد المشغولات النحاسية والنجف والتحف الفنية، بعضها من أيدي الحاجة منى السجيني، ذات الخمسين عامًا، فهي المرأة الوحيدة، التي تعمل فى مهنة الحفر على النحاس، حتى استطاعت بمجهودها ومهارتها امتلاك ورشة لتصنيع التحف والنجف، وغيرها من المقتنيات النحاسية، ومعرضين لبيع منتجاتها.

واكدت السجيني ، انها تعمل في هذه المهنة منذ عشرين عاما ، مشيرة إلى ان تلك الورشة ملك لزوجها المتوفي، وان عمر الورشة تجاوز الأربعين عاما في صناعة وحرة النقش علي النحاس والمعادن، مشيرة إلى انها واجهت عدة ظروف صعبة بعد مرض زوجها ، اضطرتها للنزول إلى مجال العمل للإنفاق على أبنائها الأربعة، حيث بدأت عملها في بيع التحف النحاسية في سن السابعة والعشرين، فقامت بشراء بعض المعروضات من التجار في شارع المعز، واستأجرت محلًا في حي الزمالك لعرض بضاعتها.

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

وأضافت بأنها بدأت تجارتها برأس مال 170 جنيهًا فقط، حيث اقتصر عملها في البداية على بيع التحف، وبعدما زاد رأس المال عادت إلى الجمالية، واستأجرت ورشة لتصنيع المشغولات النحاسية، كما استعانت بـ4 صنايعية تعلمت منهم كيفية قص وتقطيع ألواح النحاس الخام وتشكيله ولحامه مرة أخرى وطلائه بالفرشاة بعد الحفر عليه، ثم بدأت العمل بنفسها، وبدأت تجارتها في التوسع بعد ذلك.

وتابعت منى، الا انه منذ قيام الثورة وانهيار السياحه انهارت معها المهنة بعد ان زادت اسعار المواد الخام زيادة حيث إرتفع سعر كيلو الفضه من 600 جنيه إلى 6000 جنيه وهو ما جعل جميع الورش تبتعد عن الفضة وتتجه للنحاس ، والذي ارتفع سعره ايضا إلى 95 جنيها والاحمر إلى 115 جنيها ، كما ارتفع سعر الازير ايضا إلى 7 و8 آلاف جنيه للقالب بعد تحكم رجال الاعمال واحتكارهم له ، كما اشارت إلى فترة الثورة سرق 2 طن نحاس من ورشتها وتعرضت لدين وخسارة كبيرة ، ولم تجد من يعوضها من الحكومة المصرية او يقف بجانبها .

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

وطالبت منى من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي استيراد المواد الخام وتوصيلها اليهم دون جشع التجار ورجال الاعمال والمحتكرين لها او عمل جميعية تتولي ذلك حتى لا نكون تحت رحمة المحتكرين من تجار المواد الخام .مشيرةا إلى انه رغم الظروف التي تعانيها المهنة، اضافة الى أن يومية العامل اصبحت غاليه نظرًا لارتفاع اسعار السلع والغلاء الذي ضرب البلاد خلال الفترة الاخيرة نتيجة إرتفاع اسعار الدولار الأميركي، فاصبحت يومية العامل 100 جنية .ولفتت إلى انه اغلب الشغل الورش في شارع المعز بالقاهرة كانت تطلبه الفنادق للسياح .

اما عن تاريخ المهنة فاكد الحاج جمال شوشة صاحب "فضيات المعز" أن مهنة  (النقش على النحاس)  توارثها أباً عن جد منذ زمن بعيد، وقد كانت هذه الصنعة في الماضي في عهد الدولة الإسلامية يصنع منها العملات والصواني أو الأواني النحاسية أو أطقم الشاي والمباخر القديمة والتي لا تزال من أهم المعروضات في سوق خان الخليلي، الا انها تغيرت في الأشكال والألوان وطريقة الصناعة والطلاءات بالذهب والفضة وتزايد الآن الحفر الكيميائي باستخدام الماكينات.

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

اشار إلى انه  تم إدخال أشكال أخرى  مثل حافظة المصاحف والآيات واللوح القرآنية وأطباق منشورة بآيات قرآنية أو أشغال عربية، وعمل أشكال للمباخر والساعات جديدة وأوان نحاسية وعلب الملبس والشكولاتة والأطباق الفرعونية والتي ينقش عليها الحرفي المناظر العديدة مثل الأهرام وأبو الهول وتوت عنخ آمون وعربة رمسيس الحربية وصيادي السمك والطيور.

واوضح أن النحاس المستخدم في هذه الصنعة ليس نوعاً واحداً، فهناك النحاس الأصفر والأبيض والأحمر، إلا أنه لم يعد هناك إلا نوعين فقط هما الأصفر والأحمر، ويكثر العمل بهما الآن، لكن النحاس الأحمر يعد هو الأغلى لنقائه لعد وجود شوائب وسهولة الحفرعليه .

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

ومن ناحيته اكد إبراهيم صابر 35 عاما ( نقاش على النحاس ) انه تعلم منذ 15 عاما على يد الحاجة مني وداخل ورشتها فهو يعمل معها منذ 20 عاما ، وقال ان الشغل لم يعد مثل ما كان عليه قبل قيام الثورة والسبب في ذلك إنهيار السياحة في مصر .مشيرا إلى ان  الورش كان بها اكثر من 12 فنيا غير الصبيان وصلت الان إلى 4 فقط نتيجة ركود البضاعة لعدم وجود سياحة ، كما ان المنتجات الصينيه اضرت بصناعة لرخص ثمنها مع إرتفاع اسعار المواد خام في مصر .

واكد أشرف محمد 45 عاما (نقاش على النحاس ) ان الصناعة انقرضت الان بعد غياب المشتري، مشيرا إلى انه في البداية كان الفني ينقش أكثر من 10 اطباق يوميا اما الان فيقوم بعمل طبقين يوميا لانه لم يعد هناك وجود مشتري للمنتج ، وتابع: ان سبب الاساسي في إنيهار الصناعة هو المنتج الصيني  والسياحة  فضلا عن إرتفاع اسعار الفضه والذهب ، حيث ان نقش الاطباق كانت لم تتم الا علي الاطباق الفضية ولكن لرتفاع اسعارها لم اللجواء إلي نقشها وصناعتها من النحاس ، مشيرا إلى انه هجر المهنة منذ حوالي 15 عاما نتيجة لأرتفاع الاسعار وثبات سعر اليومية والصنعة فالمكسب الان للتجار وليس لإصحاب الورش .

وعن مراحل هذه الحرفة قال سيف الدين محمد (نقاش على النحاس): في البداية نختار قطعة النحاس التي يراد صنعها وتشكيلها ثم نقوم بتقسيط قطعة النحاس، بمعنى مساواة جميع أجزائها بالمطرقة والسندان، ثم يتم مسحها وتطويقها جيداً، ثم يقوم الفنان (الرسام) بالرسم عليها بواسطة قلم رصاص، لكن ليس من الضروري أن من يعمل في النقش أن يكون خطاطاً، فهناك الكثير من أصحاب الورش الذين يستعينون بخطاطين على درجة كبيرة من الاحتراف لكتابة أية جمل وخطوط وآيات مطلوب حفرها، ثم نبدأ بعدها عملية " تكبير الخانات" التي تم رسمها بمعنى ابتكار كل خانة مثل الأخرى بالضبط، وذلك باستخدام البرجل والقلم ثم نستخدم قلم النقش بالدق عليه بالشاكوش، وهناك العديد من الأقلام التي تستخدم في هذه الحرفة منها أقلام "الجوهارسة" يتم بواسطتها نقش دوائر صغيرة فوق قطع النحاس وهناك أيضاً أقلام " الزنبة " لعمل النقاط المطلوبة في الرسم على النحاس، وهناك أقلام "الترمبل" لجعل الأرضية في النحاس شبيهة بالرمل، وهناك أقلام "المقطع" للتفريغ، وتتم عملية نقش النحاس أو زخرفته، بثلاث طرق :

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

أولا النقش أو الحفر، وتتم بأدوات يدوية دون استخدام أي تقنية عالية عن طريق الأزميل والمطرقة الحديدية .

وثانيا طريقة الحفر البارز أو النقر، وتأتي في الدرجة الثانية من النقش من حيث الدقة .

وثالثا  طريقة صب الفضة على النحاس وهي طريقة لا يعرف سرها إلا المهرة القلائل، وتتم عملية الحفر عن طريق المرور على الشكل المرسوم أو الآيات المكتوبة على قطعة النحاس، وبعد الانتهاء من عملية الحفر تذهب قطعة النحاس للمخرطة لرسم الشكل الذي نريد إخراجه إذا كان دائريا أو مستطيلاً وإلى ذلك، ثم تأتي مرحلة الذهاب للفرشاة للتلميع وتتم مرحلة الطلاء بالألوان والطلاء بالذهب والفضة والبرونز، وربما يدخل في القطعة أربعة ألوان إلا أن هناك البعض يطلبها صفراء فقط.

أهم مشكلات هذه الصناعة

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض

وعن أهم المشكلات التي تعوق هذه الصناعة يقول أحد أصحاب ورش النقش على النحاس: من أهم هذه المشكلات تزايد أسعار المواد الخام خلال الفترة الاخيرة ، مما أدى لهروب الكثيرين من أبناء هذه المهنة إلى مهن ، وأدى ذلك إلى تغيير نشاط كثير من الورش الكبيرة التي كانت تعمل في النحاس للعمل في الصاج.

 وإضافة إلى ذلك استيراد الكثيرين منتجات النحاس من الصين والذي يعتمد على الشكل الخارجي فقط، فألوانه تمحى بعد فترة قصيرة من الزمن، وجودته ضعيفة جداً، الا أن رخص أسعارها يجعل الكثيرين يقبلون عليها. وبالإضافة الى ذلك فهناك بعض المصانع والورش التي تعتمد على الحفر الكيميائي للنحاس مما أضعف من مهنة النقش على النحاس اليدوية بصورة كبيرة الآن وهددها بالانقراض .

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض مهنة النقش على النحاس التاريخية في مصر تراجعت وباتت مهدَّدة بالانقراض



GMT 09:37 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

إعطاء إشارة انطلاق مشروع تهيئة متحف قرطاج ومحيطه المباشر

GMT 17:37 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الشؤون الدينية التونسي يعلن عن أكثر من 195 ألف مترشّح للحج

GMT 17:12 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تواصل أشغال ترميم مكتبة العطارين في المدينة العتيقة التونسية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia