جامع النوري ومنارة الحدباء تاريخ عريق ومميّز انتهى بتفجيرهما من قبل داعش
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة "يونسكو" تعلن استعدادها لبدء عملية الترميم

جامع النوري ومنارة الحدباء تاريخ عريق ومميّز انتهى بتفجيرهما من قبل "داعش"

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - جامع النوري ومنارة الحدباء تاريخ عريق ومميّز انتهى بتفجيرهما من قبل "داعش"

جامع النوري ومنارة الحدباء
بغداد – نجلاء الطائي

اعتبرت مديرة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" ايرينا بوكوفا، الخميس، أن تدمير تنظيم "داعش" لمنارة الحدباء التاريخية في الموصل "يعمق الجروح" في العراق، داعية إلى التحرك الدولي الفوري والقوي، ومشيرة إلى أنّ هذا التدمير الجديد يعمق جروح مجتمع يعاني أصلا من مأساة إنسانية غير مسبوقة.

وأعربت بوكوفا عن استعداد المنظمة لدعم وإعادة ترميم وتأهيل الإرث الثقافي متى أمكن، مضيفة أن يونسكو بدأت العمل على حماية المنارة عام 2012، إلا أن الأعمال تعرقلت بسبب النزاع، مضيفة أنه تم الانتهاء من وضع دراسة شاملة بشأن حفظ المنارة، يمكن أن تكون مفيدة مستقبلا، وفي آذار أقر مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو إلى الدفاع الممنهج عن مواقع التراث الثقافي في مناطق النزاعات.

والجامع النوري أو الجامع الكبير أو جامع النوري الكبير هو من مساجد العراق التاريخية ويقع في الساحل الأيمن "الغربي" للموصل، وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير، بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري أي أن عمره يناهز التسعة قرون، يُعتبر الجامع ثاني جامع يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي، أعيد إعماره عدة مرات كانت آخرها عام 1363هـ/1944م.

ويشتهر الجامع بمنارتهِ المحدَّبة نحو الشرق، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي.
 
عادة ما تقرن كلمة الحدباء مع الموصل وتعد المنارة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة. تتهدد المئذنة بسبب إهمالها بالانهيار، وكانت هناك عدة محاولات لإصلاحها من قبل وزارة السياحة والآثار العراقية، إلا أن هذه المحاولات لم تكن بالمستوى المطلوب. ما زالت المئذنة بحالة خطرة ومهددة بالانهيار.

ويعود تاريخ هذا الجامع إلى العهد الزنكي، وتحديداً إلى فترة تولي سيف الدين غازي الثاني بن مودود زمام الحكم في الموصل. فقد حكم البلدة لفترة وجيزة من 565 إلى 576 هـ "1170-1180 م". وقد كان سيف الدين ضعيف الإرادة، مغلوباً على أمره، وقيل أن وزيره فخر الدين عبد المسيح كانت بيده السلطة الحقيقية ولم يكن لسيف الدين سوى الاسم. ضاق هذا الأمر على بردابكي نور الدين "وهو ابن أخ سيف الدين الثاني" فتوجه إلى الموصل واحتلها بلا مقاومة 566 هـ، ومكث نور الدين في الموصل أربعة وعشرين يوماً، وخلال هذه الفترة قام بإصلاحات منها تخفيف الضرائب، رأى نور الدين في هذه الفترة ما يُعانيه المصلون من ضيق الجامع، فلم يكن بها جامع يُجمع به سوى الجامع الأموي، ولكن سكان البلدة ازدادوا ورأى بذلك حاجتها إلى جامع جديد.

وقد جاء في وفيات الأعيان لابن خلكان، أنّ "سبب عمارته "الجامع النوري" ما حكاه العماد الأصبهاني في البرق الشامي عند ذكره لوصول نور الدين إلى الموصل أنه كان بالموصل خربة متوسطة البلد واسعة، وقد أشاعوا عنها ما ينفر القلوب منها، وقالوا: ما شرع في عمارتها إلا من ذهب عمره، ولم يتم على مراده أمره، فأشار عليه الشيخ الزاهد معين الدين عمر الملا وكان من كبار الصالحين بابتياع الخربة وبنائها جامعاً؛ وأنفق فيها أموالاً جزيلة، ووقف على الجامع ضيعة من ضياع الموصل"، ولم يُبالي نور الدين بما قاله أهل البلدة، ولذلك اتخذ قراره بأن يَبني بها جامعاً كبيراً، وأيده بهذا شيخه معين الدولة عمر بن محمد الملاء وأشار عليه بشراء الخربة وبناء جامعٍ فيها، فركب نور الدين بنفسه إلى محل الخربة، وصعد منارة مسجد أبي حاضر فأشرف منها على الخربة، وأضاف إليها ما يجاورها من الدور والحوانيت على أن يدفع تعويضات لأصحابها، ووكل نور الدين شيخه معين الدولة عمر بن محمد الملاء بأمر بناء الجامع. شكك بعض أتباع نور الدين في مدى أهلية الشيخ لتولي زمام إدارة البناء، فقالو له إن هذا الرجل لا يصلح لمثل هذا العمل فرد عليهم نور الدين إذا وليت العمل بعض أصحابي من الأجناد أو الكتاب، أعلم أنه يظلم في بعض الأوقات، ولا يُبنى الجامع بظلم رجل مسلم، وإذا وليت هذا الشيخ، غلب على ظني أنه لا يظلم، فإذا ظلم كان الإثم عليه لا علي.

وباشر الشيخ عمر ببناء الجامع سنة 566 هـ فابتاع الخربة من أصحابها، بعد أن اشتراها بأوفر الأثمان، وكان يملأ تنانير الجص بنفسه، وبقي يشتغل في عمارة الجامع ثلاث سنوات، إلى أن انتهى منه سنة 568 هـ، بعد أن فرغ من عمارة الجامع، رأى من المستحسن أن يبني به مدرسة، وعرفت فيما بعد بمدرسة الجامع النوري. يقول ابن كثير في البداية والنهاية أن أول مدرس في المدرسة كان أبي بكر البرقاني تلميذ محمد بن يحيى تلميذ الغزالي. في حين تذكر مصادر أخرى أنه عماد الدين أبو بكر التوقاني الشافعي وأنه تباحث مع ابن شداد،  وكان نور الدين قد رجع إلى الموصل سنة 568 هـ وصلى في جامعه، بعد أن فرشه بالبسط والحصران، وعين له مؤذنين وخدما وقومة ورتب له ما يلزمه، كان للجامع عدة أوقاف منها "العقر الحميدية" و"قيسارية الجامع النوري" و"أرض خبرات الجمس".

وتكلفة بناء الجامع غير معروفة ولكن تتراوح التقديرات بين وستين ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار، ويذكر أن في زيارة نور الدين الثانية "568 هـ" للموصل كان جالسا على دجلة وجاءه إليه شيخه معين الدولة وقدم إليه دفاتر الخرج وقال له «يا مولانا، أشتهي أن تنظر فيها فقال له نور الدين ياشيخ، عملنا هذا لله، فدع الحساب ليوم الحساب وأخذ الدفاتر ورماها في دجلة، ووبعد الاحتلال المغولى للموصل لاقى هذا الجامع كغيره الكثير من الإهمال والتخريب، ودُمرت الموصل تدميرا شبه كاملا. سنة 1146 هـ تولى حسين باشا الجليلي ولاية الموصل، وفي عام 1150 هـ انتشر في المدينة طاعون شديد مات فيه الكثير من أهلها وفي نفس السنة أعيد إعمار وتنظيف الجامع. في القرن الثالث عشر الهجري حاول محمد بن الملا جرجيس القادري النوري ترميم الجامع. اتخذ له في الجامع تكية عام 1281 هـ وتوفي عام 1305 هـ.

وقام المستشرق الألماني ارنست هرتسفلد بدراسة عن الجامع في أوائل القرن العشرين وقال إن ما بقي في تلك الفترة من الجامع لا يعود كله إلى فترة نور الدين فقط، بل انه كان بالأصل مبني فوق مسجد بناه سيف الدين غازي الأول عام 543 هـ والتي كانت بدورها أصلا مبنية على ضريح، وهناك من قال ان بناء الجامع بدا قبل مجيء نور الدين إلى الموصل بعشرين سنة وانه لم يأمر بإنشاء الجامع ولكنه أشرف فقط على إتمام بنائه، وان رواية ابن الأثير مفبركة بهدف إظهار نور الدين وشيخه الملاء بأحسن وجه، ويقال أيضا إن الجامع بنى على كنيسة تسمى كنيسة الأربعين شهيد والتي بنيت على أرض كانت سابقا كنيسة القديس بولس.

شكك الديوه جي في هذه الآراء معتمدا بالأساس على نصوص ابن الأثير في هذا الموضوع، والذي كان والده مسؤول رفيع المستوى لدى الزنكيون في الموصل، ومع مرور الزمن تدهورت حالة الجامع، فقد قال تحسين علي في مذكراته انه لم صار متصرف للموصل عام 1358 هـ "1939 م" كان الجامع مهدما ومهجورا لا يصلح لإقامة الصلاة وانه في نفس العام زار الموصل مدير الأوقاف العام وذكر له حال الجامع وما يحتاجه من صيانة، وطلب منه تخصيص مبلغ لهذا الغرض فوافق وشكلت لجنة للعمل على الموضوع. ولكن المدير استُبدل بعدها بفترة وخلفه سحب هذه المنحة وبقي الجامع على حاله. تدخلت بعدها مديرية الأوقاف العامة ووعدت بمبلغ من المال. أشرف مصطفى الصابونجي على البناء حيث تم توسيعه واستخدم في البناء الجديد الرخام وبنى فيه أربع منائر أخرى على حسابه الشخصي، وكان هذا عام 1363 هـ "1944 م".

وشهدت الموصل نهضة عمرانية واسعة بعد مجيء نور الدين زنكي إلى المدينة، والعماير من العهد الزنكي لها طراز فريد. لم يبق من البناء الأصلي للجامع سوى المنارة والمحراب وبعض الزخارف الجبسية. المحراب جيء به من جامع آخر، وما زال محفوظ في متحف القصر العباسي ببغداد.
 
تأثرت عمارة المآذن في الجزيرة بالمعمار الفارسي "السلجوقي تحديدا" ولكن أخذت طابعا خاصا محليا ويمكن مشاهدة ذلك في المدن القريبة للموصل كأربيل وماردين وسنجار، ويشتهر الجامع بمنارته المائلة والتي تسمى غالبا منارة الحدباء وسابقا المنارة الطويلة وتعتبر أعلى منارة في العراق. وكلمة الحدباء هي أحد القاب الموصل وقيل إن هذا اللقب يأتي من اسم المنارة. صورة المنارة مطبوعة على الدينار العراقي الجديد من فئة عشرة آلاف دينار، والراجح أن سبب انحنائه نحو الشرق هو الريح السائدة الغربية في الموصل، حيث تؤثر هذه الرياح على الأجر والجص المبنية منه هذه المنارة فأدت إلى ميلانها إلى جهة الشرق. عوامل أخرى هي التغيرات في درجة الحرارة والتفاوت في أسس البناء للمئذنة.

 تفسير آخر يقول إن إبراهيم الموصلي تعمد هذا الميلان لكي يقلل من الخسائر في حال سقوطها، لأنه غرب المنارة كان "وما يزال" هناك بيوتا كثيرة ولكن إذا سقطت نحو الشرق ستقع على صحن الجامع وتقلل الخسائر. المنارة مهددة بالانهيار، ويبدو أن السبب هو المياه الجوفية التي تحيط بها، والتي أدت إلى اهتراء قاعدة المنارة. وقد درجته مؤسسة الصندوق العالمي للآثار والتراث في قائمة الأكثر مائة آثر مهددة في العالم.

وتنتشر في الموصل الكثير من الخرافات حول سبب الانحناء، ومنها أن النبي الخضر مر بالمنارة فمالت خجلا منه، أو أن الإمام عليا جاء لزيارة حفيده علي الأصغر فانحنت احتراما له، ويستدلون باسم منطقة "دوسة علي" المجاورة. خرافة أخرى تقول انه لما أسري بمحمد إلى السماوات السبع، مر بالموصل فانحنت له، وهذا مستحيل حيث بنيت المئذنة بعد وفاة محمد بقرون، وقال النصارى أن المنارة انحنت لمريم العذراء والتي يقال إنها مدفونة قرب أربيل، أي باتجاه ميلان المنارة، وتقع المئذنة في الركن الشمالي الغربي من حرم الجامع ويلاحظ أن بعض مآذن العراق السابقة واللاحقة تقع في ذلك الركن كما في مئذنة المظفرية ومئذنة جامع البصرة التي بنيت في عهد المستنصر بالله على أن وقوع المآذن في أركان المباني انتشر في مناطق أخرى من العالم الإسلامي مثل الرّباط في سوسة ومسجد الحاكم بالقاهرة، وللمنارة قسمين أحدهما أسطواني وآخر منشوري، القسم الأسطواني يعلو القسم المنشوري ويشمل على سبعة أقسام زخرفيه أجريه نافرة على شكل حلقات، ولها مدخلان يصل كل منهما بواسطة درج إلى الأعلى، فجعل المعمار إبراهيم الموصلي سلمين في باطن المنارة كل منهما منفصل عن الآخر، يلتقيان عند منطقة الحصن في الأعلى، فالصاعد إلى الأعلى لا يرى النازل إلى الأسفل، وعمد المعمار على جعل سلمين للمئذنة وكان الهدف الأساسي تخفيف ثقل المئذنة الكبير على القاعدة. وهذا النوع من السلالم انتقل تأثيره إلى منارة سوق الغزل التابعة لجامع الخلفاء، والمئذنة المظفرية في أربيل، ومئذنة خانقاه الأمير قوصون بصحراء السيوطي "736 هـ/ 1336 م".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جامع النوري ومنارة الحدباء تاريخ عريق ومميّز انتهى بتفجيرهما من قبل داعش جامع النوري ومنارة الحدباء تاريخ عريق ومميّز انتهى بتفجيرهما من قبل داعش



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار

GMT 16:40 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

"برجر كينج" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 16:54 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

شهر واعد يحمل لك فرصة جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia