كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة كيش العراقيّة
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

المزارعون لا يعرفون أهميّة هذه القطع

كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة "كيش" العراقيّة

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة "كيش" العراقيّة

كنوز أثريّة في مدينة "كيش" العراقيّة
بغداد - نجلاء الطائي

تعتبر "كيش" وتسمى أيضًا "كيشاتو باكدية"، وهي معروفة الآن بتل "الأحيمر"، منطقة أثريّة في العراق، كانت في السابق أحد المدن الرئيسيّة للسومريين، وتبعد عن مدينة بابل، حوالي 12 كلم شرقًا، وعن العاصمة بغداد 80 كلم جنوبًا. إلّا أن زائر هذه المدينة، لن يجد في الوقت الحاضر، سوى المزيد من الإندثار في الآثار التي طُمست في الرمال، بصورة أكثر من ذي قبل.

كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة كيش العراقيّة

فقد أفاد حارس المنطقة الأثريّة "أبو علي"، أنّ "لا جديد في التنقيب واستكشاف هذه المدينة التاريخيّة، فلم تجر عليها أعمال تنقيب، ولم تتوافر لها الحماية من مهرّبي الآثار، سوى إحاطتها بسياج شبكيّ لا يوفّر الحماية اللازمة".

وتقع آثار "كيش" في منطقة زراعيّة، وتجاورها قرى مزارعين متناثرة، غير أنّ الساكنين في تلك المناطق نادرًا ما يزورونها، ويُرجع الشيخ حيدر الياسري، الذي يسكن ناحية الإمام، التي تبعد نحو خمسة كيلومترات عن الآثار، السبب إلى أنّ "الناس يعتقدون أنّ الجنّ يسكن فيها"، مضيفًا أن الكثير من الناس لا يدركون أهميّة تلك المناطق وهذه الآثار.

ويوضح ذلك برواية قصة قائلا "عثر المزارعون على قطع ذهبيّة مطمورة في إحدى الحفر العميقة، ممّا خلق نزاعًا عشائريًّا، للاستحواذ عليها، وتدخّلت الشرطة لانتزاع هذا الكنز الأثريّ من أيدي أفراد العشائر".

كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة كيش العراقيّة

هذا ما أكدته مديرية آثار بابل، عن عثور على "كنز" يضمّ أكثر من 100 قطعة بعضها ذهبيّة، يعود للدولة الساسانيّة والحضارة البابليّة بعد انجراف التربة، بسبب الأمطار الغزيرة التي شهدتها المحافظة، (100 كم جنوب العاصمة بغداد) مؤخرًا، واعتبرت أن "كثرة تجاوزات" المواطنين والمزارعين، بسبب "جهلهم"، يعيق عملها وسعيها الى "الحفاظ على الإرث الكبير".

وقال مدير آثار بابل، حسين فليح، إن "الأمطار الغزيرة وما نجم عنها من انجراف لتربة التلال الأثريّة المنتشرة في المحافظة، مكّنت مفارز مشتركة من حماية الآثار ومفتشية آثار بابل، من العثور على قرابة 100 قطعة أثريّة مختلفة تعود للدولة الساسانيّة والبابليّة في العراق"، مشيرًا إلى أن ذلك "تمّ في منطقتين الأولى في تل قرب مدينة برس نمرود، التابعة لناحية الكفل، جنوب الحلة، والثاني في تل قرب منطقة كيش، التابعة لناحية النيل، جنوب الحلة أيضًا".

وأضاف فليح، أن "اللقى الأثريّة التي تمّ العثور عليها، تضمّ تماثيل مقطوعة الرأس، وجرار فخاريّة ونحاسيّة كبيرة وصغيرة، ومسكوكات ذهبيّة ونحاسيّة متنوعة، وجدت ككتلة واحدة بسب قدمها، فضلاً عن صحون وألواح عليها كتابات مسمارية"، مبينًا أن تلك "اللقى سُلمت إلى دائرة الآثار من قبل شرطة حماية الآثار بمستندات رسمية وتمّ إرسالها إلى مديرية الآثار العامة بالمتحف الوطني في بغداد، لدراستها وتقدير عمرها ومرحلتها التاريخية".

وأوضح مدير آثار بابل، أن "المواقع الأثرية كافة في المحافظة تخضع للحماية مع تواجد منتسبي الآثار فيها، للمحافظة عليها من اللصوص والتجاوزات"، لافتًا إلى أن "بابل تضم 623 موقعاً آثارياً معلناً عنها رسميًا".

واشتكى فليح، من "التجاوزات الكثيرة التي يقوم بها المواطنون والمزارعون بسب جهلهم بأهمية الآثار"، معتبرًا أن ذلك "يعيق عمل المديرية وسعيها الحفاظ على الإرث الكبير الذي تتميز به المحافظة".

كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة كيش العراقيّة

وطالب مدير آثار بابل، "الجهات المعنية كافة والمواطنين بالحفاظ على الآثار ومحاسبة المتجاوزين عليها بحسب القانون"، مؤكدًا أن هنالك "قوانين صارمة للحفاظ على الآثار ومنع التجاوز عليها، وهي ملزمة لدوائر الدولة".

من جانبه، قال مدير قسم شرطة حماية الآثار في شرطة بابل، العميد عبد الحكيم جبار، إن "منتسبًا بالمديرية عثر على كميات كبيرة من أرقى اللقى الأثرية تتجاوز المائة قطعة، في تلين قديمين قرب منطقة برس الأثرية وأثار كيش"، مبينًا أن تلك "اللقى كانت بادية للعيان بسب غزارة الأمطار التي شهدتها المحافظة".

وذكر جبار، أن "المنتسب أبلغ المديرية بالموضوع فتمّ تشكيل لجان مشتركة من القسم ودائرة الآثار لجرد تلك القطع وتسجيلها وتسلميها لمفتشية آثار بابل بكتب رسمية"، وتابع "الأمطار كشفت عن 40 قطعة أثرية أخرى، في أحد التلول في المحافظة".

واستطرد مدير قسم شرطة حماية الآثار في شرطة بابل، أن "منتسبي القسم يبذلون المستحيل لحماية الإرث الحضاري للمحافظة"، مناشداً الأهالي والجهات المعنية كافة، "الالتزام بالقوانين التي تعنى بالآثار والمحافظة عليها".

يذكر أن بابل، مركزها مدينة الحلة، تعتبر من أكثر المحافظات العراقية التي تضمّ مواقع أثرية، إذ يتجاوز وجود 477 موقعًا أثريًا غير مسجل، ما يتطلب جهودًا كبيرة لحمايتها من اللصوص والمتجاوزين.

مخاوف ميتافيزيقيّة من جهة، وأطماع بذهب الماضي من جهة أخرى، هذا ما يؤكّده مدرّس التاريخ المتقاعد علي لفتة من بابل، ويقول إنّ "الجهل وغياب الوعي بالتاريخ، أدّيا إلى إهمال المنطقة، إذ يربطها البعض بالخوف من القوى الخفيّة التي تسكن فيها".

ويتابع "من جانب آخر، وجد فيها بعض سكّان المنطقة الفرصة للإثراء غير المشروع، فشرعوا ينقّبون بصورة سريّة بحثاً عن اللقى الأثريّة، وبالفعل فقد سرق الكثير منها".

تبدو آثار كيش التاريخيّة من بعيد في الوقت الحاضر، مجرّد هضاب كالحة اللون. وبالاقتراب منها، بدت بقايا جدران منخوبة، وكتلاً متآكلة لا يمكن معرفة طبيعتها، أهي لبقايا قصور أو بيوت أو معابد. فتقادم الزمن، والإهمال الشرس لفترة زمنيّة طويلة، والتنقيبات الجائرة للصوص الآثار قد حوّلتها إلى مكان مأساويّ.

وفعلاً ما زال العراق يحتوي على المئات من مناطق الآثار غير المنقّب فيها، مثل آثار كربلاء، وبابل التاريخيّة التي لم ينقّب عن نحو 75 في المئة من آثارها بحسب تصريح إعلامي لمعاون محافظة بابل، علي عبد سهيل، بينما أصبح جزء كبير منها مهملاً، ومعرّضًا إلى السرقة.

ويقول أستاذ التاريخ في جامعة بابل والباحث الآثاريّ عامر عجاج، في بابل، مؤشرا على صور لديه للمدينة إن "التلّ الأكبر واسمه تلّ الأحيمر والذي يبعد مسافة خمسة كيلومتر عن مركزها، اندثرت تحته الزقورة ومعبد الإله إنانا، وورد ذكرهما في ملحمة گلگامش، وهي عمل أسطوريّ شعريّ كتب في العهد السومريّ، بين عامي 2750 و2350 قبل الميلاد".

وفي هذا الشأن، يؤكّد عجاج أنّ "إعادة ترميم هذه المناطق الآثاريّة الواسعة لن تتمّ إلاّ بمشاريع استثماريّة توفّر المبالغ اللازمة لاستقدام الخبرات الأجنبيّة التي تساعد على الكشف عنها، فهي آثار تهمّ العالم كونها تعود إلى حقبة تاريخيّة ضاربة بالقدم".

وتعرضت الآثار العراقية إلى أوسع عملية نهب في سنة 2003 وما تلاها، ما أدى إلى اختفاء آلاف القطع التي لا تقدر بثمن من المتحف الوطني في العاصمة بغداد ومن مواقع أخرى في أنحاء البلاد، واستعاد العراق مطلع 2010 نحو 1046 قطعة أثريّة من الولايات المتحدة الأميركية كانت ضمن قطع كثيرة هربت في أوقات مختلفة، وتم بيع اسطوانات تعود إلى الحضارة السومرية في مزاد (كريستي) العلني في مدينة نيويورك، بعد أن سرقت في أعقاب حرب الخليج الأولى عام 1991، كما أن عمليات سرقة الآثار ما تزال قائمة لا سيما في المناطق النائية التي تكثر فيها التلال الأثرية وتفتقر إلى الحماية الأمنية.

هذا وقد نشأت مدينة كيش قبل حوالي 3100 ق م، وبعد ذلك أصبحت قوة كبرى في تلك المنطقة، مدينة كيش هي أول مدينة سومريّة، وخلال قائمة الملوك السومريين، يظهر بأن الملك جشور، كان أول الملوك السومريين، والذي كان يسمى كولاسينا بيل والذي معناه بأكدية "ملك الجميع" ويعتقد بأنه هو من أنشأ أول مملكة في التاريخ.

وبعد ذلك خلف جشور تسعة ملوك آخرين ومنهم ايتانا، واسمه بأكدية زوكاكيب أي العقرب، وحسب الطبيعة السامية بأن اسم ايتانا كان شائعا في العصور القديمة. الملك الثاني عشر لكيش هو ايتانا، وهو ايتانا و الذي كان يريد الوصول الى الجنة، وأحيانا ينسب اليه بأنه هو من بنى كيش، ومن الملوك الآخرين لسلالة كيش الملك 21 و هو اينمينباراجيسي، والذي كان يتجر بأسلحة مع بلاد عيلام، ومن الملوك الاخرين دوموزيد، و كلكامش الذي اشتهر بملحمته.

ومن الملوك الآخرين الذين لم يذكروا في القائمة الأكدية، و التي تسمى أوتوغ، منهم الملك حمازي الذي يعتبر من أقدم الملوك، وكذلك ميسيليم الذي قام ببناء المعابد في مدينتي اداب ولكش، والذي قام بضمّهما الى مملكته.

وبدأت السلالة الثالثة لمملكة كيش بامرأة وهي الملكة كوباو، والتي اشتهرت بعبادتها للآلهة خيبه. بعد ذلك ظهرت مملكة أخرى قوية عسكريًا واقتصاديًا ظهرت في الجنوب و هي مملكة نيبور، وتمكنت من السيطرة على مملكة كيش وعلى أجزاء شمال كيش، لكن المدينة اشتهرت خلال عصور حكم أكد وأور وبابل .

وقام الملك الأكدي سرجون الأول بضمّها وبنى فيها معابد للإله إنانا كيش، استمرت خلال عصور البابلية القديمة، وفي العصور الكاشية وفي العصور الأشورية، ومرت ببعض الفترات المزهرة.

ومنذ أن قام فريق إنكليزيّ متخصّص في علم الآثار من متحف فيلد وجامعة أوكسفورد بالتنقيب في آثار مدينة كيش (80 كيلومترا جنوبي بغداد) بين عامي 1923 و1929، لم يجر في هذه المدينة التي يرجع تاريخها إلى نحو 5000 سنة ق.م، أيّ تنقيب آخر، بل غطّت رمال الصحراء الآثار الظاهرة، وباتت أطلالاً وكثبانًا رملية وتلالاً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة كيش العراقيّة كنوز أثريّة كشفتها الأمطار الغزيرة في مدينة كيش العراقيّة



GMT 09:37 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

إعطاء إشارة انطلاق مشروع تهيئة متحف قرطاج ومحيطه المباشر

GMT 17:37 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الشؤون الدينية التونسي يعلن عن أكثر من 195 ألف مترشّح للحج

GMT 17:12 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تواصل أشغال ترميم مكتبة العطارين في المدينة العتيقة التونسية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia