متحف اللوفر في أبوظبي الأكبر إقليميًّا يفتح أبوابه أمام الجماهير
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

نظير عربي للمتحف الباريسي الأشهر حول العالم

متحف اللوفر في أبوظبي الأكبر إقليميًّا يفتح أبوابه أمام الجماهير

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - متحف اللوفر في أبوظبي الأكبر إقليميًّا يفتح أبوابه أمام الجماهير

متحف الوفر في أبوظبي
أبوظبي - العرب اليوم

يعدُّ متحف الوفر في أبوظبي أكبر متحف عربي على المستويين الكمي والنوعي، وفتح أبوابه للجمهور،  في قلب عاصمة الإمارات العربية المتحدة، وهو بمثابة نظيرٍ عربيٍّ نهضوي لمتحف لوفر الباريسي، يرمز إلى الانفتاح المتوازن على الثقافات الأوروبية والعالمية مقابل موجة الظلامية الأصولية ولعله يحضن الشرق والغرب معًا، واختيار متحف اللوفر كنموذج يحتذى لا ينفصل عن مكانته الإنسانية الشمولية، وهو أكبر المتاحف في العالم "أكبر من متحف المتروبوليتان في نيويورك ومتحف الأرميتاج في بطرسبورغ"، وأعرقها إيغالًا في التاريخ، شيّد قبل القرن الثاني عشر للميلاد، وعرف منذ ذلك الحين كمركز للسلطة الملكية وكقصر باذخ مع تراكم التحف الفنية وتعاقب أعمال كبار الفنانين المواكبة لسلسلة هؤلاء الملوك أو التابعة لقصورهم مثل ليوناردو في بلاط فرانسوا الأول، قرر لويس الرابع عشر أن ينقل قصر ملكة وإقامته الحاكمة العائلية إلى فرساي، وخصص فيه قلعة محصنة قادرة على حماية التراث الوطني والإنساني المتراكم في قصر اللوفر، وهكذا تحوّل رسميًا إلى المتحف المركزي وسط باريس على ضفة نهر السين اليسرى، متصلًا بحدائق التويليري، وسيكون عند إعادة التنظيم الحضري لباريس نقطة علام أساسية يحاذي شارع الريفولي الذي سيمثل في عهد نابليون الثالث والوزير ريشيليو الخط المستقيم الأفقي الذي شق العاصمة إلى نصفين، توسعت مجموعة مقتنياته مع الأيام بخاصة مع الاكتشافات في مصر وسورية ولبنان من قبل حملة بونابرت وفي العراق وفلسطين من قبل السلطة الإنجليزية، ثم حديثًا مع تتالي المزادات العلنية، ومضاعفة موازنات الاقتناء حتى أصبح اللوفر عاصمة العالم ثقافيًا وحضاريًا يعانق آثار القارات الخمس، فحملة بونابرت على مصر أدّت إلى فك رموز الكتابة الهيروغليفية وأسرار الأهرامات، وأصبحت المسلّة المصرية من أكبر الشواهد الحضارية في وسط ساحة الكونكورد، وإحدى العلامات الرئيسية في التنظيم الحضري المشار إليه، ناهيك عن نهوض الدراسات والتصاوير الاستشراقية.

يحضرني حوار أم كلثوم بمناسبة حفلتها الغنائية الباريسية عام 1969 عندما سألها صحافي من لوموند عن أجمل ما شاهدته في باريس؟ أجابته "المسلة المصرية"، فعلق بعفوية بدوره: تقصدين مسلة الكونكورد" أجابته بذكائها المعهود: "لا، أقصد المسلّة المصرية"، وازدهر اللوفر في عهد الرئيس شارل ديغول وتبادل رسائل مودة بالفرنسية مع أم كلثوم في حينها، ثم أدخل عن طريق وزيره الناقد والروائي أندريه مالرو الفن الحديث إلى اللوفر وعلى رأسه معارض بابلو بيكاسو، ثم أخرج أندريه مالرو منحوتات العبقري مايول من عتمة المتحف إلى رحابة حدائق التويليري في فترة تبشير الانطباعية بالتصوير في الهواء الطلق بدلًا من المحترفات، مجابهة لقزحية العين للنور الطبيعي. يصل عدد زواره إلى عشرة ملايين في العام.

وأُنشئ مع الرئيس ميتران هرم اللوفر من قبل مهندس معماري صيني استثنائي، فكان إحدى العجائب المعمارية لميتران، يهمنا في هذا المقام واحدة من هذه العجائب وهو بناء "معهد العالم العربي" من قبل أحد أشهر المهندسين في فرنسا والعالم وهو جان نوفيل الذي سيكون له شرف تصميم عمارة متحف لوفر أبو ظبي كتحفة معمارية أصيلة، تضاف إلى هذه العجائب الرائدة، وإذا عرفناه للمرة الأولى في عهد الرئيس ميتران فقد استمرت علاقاته وصدقيته ومشاريعه مع رؤساء الجمهورية المتعاقبين، مع جاك شيراك يصمم متحف "برانلي- شيراك" "أو الفنون الأولى"، ويستمر مع ساركوزي بمشروع متحف أبو ظبي، ومع هولاند بمشروع بناء "فيلهارموني باريس" "للكونسير والأوبرا وفرق العزف الكلاسيكية"،  إذا راجعنا تصميم عمارة "معهد العالم العربي" وجدنا أن الزخارف العربية المثمنة على الجدار الشمالي المقابل للشمس قد تحولت إلى "ديافراغم" مثل فتحات شفرات الكاميرا، تضيق مع سطوع الشمس وتتوسع دائرتها مع الضباب والغيم، هو ما ساعد على إسقاط ما يعرف "بالمطر الضوئي" بزخاته المتناثرة على الأروقة الجانبية.

واستعاد المهندس جان نوفيل هذه الطريقة المشرقية في بناء متحف أبو ظبي فبدأ برفيفه وكأنه مشكاة من الرذاذ الشمسي، ويبدو "غشتالت" العمارة وكأنه جزء من قبة مشرقية متعددة الرموز، فهي مرصّعة بزخارف الأرابسك المثقبة التي تسمح بتسلل النور عبر مصفاة مخرمة مثل المشربية أو بالأحرى مثل سقوف الأسواق القديمة كما هي في دمشق وحلب وتبريز.

أما هيكله العام فهو مستقبلي لأنه أشبه بالصحن الطائر أو المركبة الفضائية الساقطة في حي السعديات القديم، كما سقطت مركبة مركز بومبيدو ما بعد الحداثية في وسط سوق هال باريس، على الرغم من ذلك فإن رمز الخيمة الخليجية يزاحم بقية المجازات الرمزية، التناغم يقع في الاستراتيجية الرؤيوية الشمولية في العروض أبرزها سيكون المعرض الشمولي الإنساني عام ٢٠٢٠، والتي تتلخص بشعار التسامح ووحدة الفنون الإنسانية عامة، هو ما سمّاه الناقد مارتان بأشهر معارضه في عهد ميتران في مركز بومبيدو بعنوان "سحرة الأرض" بمعنى وللمرة الأولى اعتبار الفن المعاصر متعدد الوجود ما بين القطبين والمدار الأرضي، ترسخ هذا المفهوم بمتحف الفنون الأولى فأصبح ممنوعًا في المتاحف والدراسات مصطلح الفنون البدائية.

إن اختيار المعروضات بخاصة المعارة "ما بين السنتين ولأشهر عدة" يكشف هذه الصبوة التوحيدية التي لا تفرق بين حضارات الشعوب وبخاصة بين معتقداتها الروحية، يثيرنا في هذا المقام جمع في واجهة عرض واحدة نسخة القرآن المخطوط باللون الأزرق العريق إلى جانب نسخة لا تقدر بثمن عن توراة غوطية إلى جانب مخطوطات روحية بوذية طاوية ومخطوطات إنجيلية.

وتنتشر المعروضات الدائمة على مساحة 23 صالة عرض دائمة، إضافة إلى مساحة لمعارض موقتة. رُتبت المعروضات المستعارة والمحلية وفق سينوغرافيا التسلسل التاريخي ابتداءً من الألف الثامن قبل الميلاد، نعثر في هذا القسم على عجائب نادرة للفن الرافدي "تمثال الكاهن الأكادي غوديا المنحوت من حجر الديوريت العماني الأسود والذي تأثر بطريقته منذ بدايته النحات ألبرتو جياكوميتي من خلال تداخل الخطوط السالبة بالموجبة" والفن المصري بأشهر نماذجه تمثال الكاتب الذي يجلس القرفصاء ويضع صحيفة البردي على ركبتيه مستغرقًا في التدوين)ج، وبعض الفريسكات الفرعونية، والفن السوري القديم "تمثال حضارة ماري إلهة الخصوبة الأم" ،وسواها من الفنون اليونانية والرومانية والهلنستية ثم الفن الإسلامي بتنوعاته وأنواعه من المنزليات إلى النحاسيات والزجاجيات والفسيفساء وفنون الرقش بشتى مواده. 

وعرض نافورة أحد الأسود النحاسية المأخوذة من قاعة الأسود حول البركة في قصر الحمراء في الأندلس، وبعض الأزياء والسيراميك والسجاجيد وغيرها، لو بقيت هذه الآثار في مواقعها الجغرافية العربية لدمّرها الأصوليون ربما وهو ما فعله تنظيم "داعش" في الآثار الأكادية والآشورية والبابلية في الموصل وسواها، نعثر في معرض كنوز الذاكرة المتوسطية الأوروبية العربية "المعروفة باسم النهضوية" على ذخائر مدهشة تعرض للمرة الأولى خارج اللوفر من مثال لوحة دافيد الشهيرة "نابليون بونابرت يعبر جبال الألب على حصانه"، ولوحة جان فيرمير الهولندي بائعة اللبن، والكثير من لوحات مادونا للعبقري الإيطالي ليوناردو ديفنشي بما فيها بورتريه "سيدة القصر" ناهيك عن المجموعة الاستشراقية، وهكذا وصولًا حتى الانطباعية "بوابة الفن الحديث" كمناظر كلود مونيه وعازف الناي لإدوار مانيه، وأبرز أوتوبورتريه في المرآة لفان غوغ ثم بيكاسو وهنري ماتيس وصولًا حتى آندي وارهول، ويستحق هذا المتحف زيارات كثيرة، لا شك في أن ثقافة هذه المتاحف كفيلة بتصحيح ما أفسدته عقائد ظلامية.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متحف اللوفر في أبوظبي الأكبر إقليميًّا يفتح أبوابه أمام الجماهير متحف اللوفر في أبوظبي الأكبر إقليميًّا يفتح أبوابه أمام الجماهير



GMT 09:37 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

إعطاء إشارة انطلاق مشروع تهيئة متحف قرطاج ومحيطه المباشر

GMT 17:37 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الشؤون الدينية التونسي يعلن عن أكثر من 195 ألف مترشّح للحج

GMT 17:12 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تواصل أشغال ترميم مكتبة العطارين في المدينة العتيقة التونسية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"

GMT 08:32 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاقم عجز الميزانية التونسية بنسبة 28 في المائة

GMT 06:18 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

بقلم : أسامة حجاج

GMT 23:32 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

فوائد جمة لاستخدام قناع الخيار لصاحبات البشرة الدهنية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia