قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره داعش بدمّ بارد غير مبالٍ
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

سقطت ضحية سهلة في يدّ التتار الجُدد الذين دّمروا مواقعها الحضارية

قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره "داعش" بدمّ بارد غير مبالٍ

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره "داعش" بدمّ بارد غير مبالٍ

قلعة باشطابيا
بغداد – نجلاء الطائي

بُني سور نينوى القديم عام 80 هجرية / 669 ميلادية وذلك في عهد الخليفة الأموي محمد بن مروان، حيث كان هناك تهديدًا مستمرًا من جيوش نادر شاه لغزو الموصل، لذا قرر الخليفة بناء سور يحيطها للدفاع عنها وكان لا بد من وجود قلاع في جهات السور لإيواء الحرس وتوفير متطلباتهم، فكانت قلعة "باشطابيا" التي تقع على الشاطئ الأيمن لنهر دجلة إلى الشمال من ضريح الإمام يحيى بن محمد القاسم. وهي واحدة من بين سبع قلاع كانت ضمن سور الموصل القديم، وهي آخر ما تبقى منه.ِ

وبالرغم من أهمية القلعة وبرجها الأثري في الركن الشمالي الشرقي منها، إلا أن الاهتمام بها من قبل دائرة الآثار لم يبال بتساقُط أجزاء كبيرة منه ويبدو أن واقع المدينة الأمني الآن، ليأتي تنظيم "داعش" ليكمل عليها وهدمها بالكامل. وأشار الباحث حمزة حسان، أن الموصل تمثّل مركزاً سياحياً مهما، ليس على مستوى العراق فحسب، بل وحتى على المستوى العالمي، لكونها تملك مدناً أثرية كاملة مثل (نينوى القديمة)، و(النمرود)، و(الحضر)، ومنارة الحدباء، وقلعة باشطابيا وقره سراي، فضلاً عن العشرات من الجوامع والكنائس والمراقد والمزارات، ومتحف تاريخي يضم المئات من الآثار. وها هي اليوم مرت بالكامل وسقطت ضحية سهلة في يد التتار الجُدد الذين نهبوا حثيثا كل مواقعها الحضارية والتاريخية.

*بقايا قره سراي

إن إطلالة بقايا قره سراي المطلة على نهر دجلة شمال شرقي الموصل تشدّ الناظر إليها بسحرها وهي بقايا قصر السلطان بدر الدين لؤلؤ، و إحدى أهم المناطق التاريخية الأثرية في الموصل، بجانب السراي الأسود وهي الترجمة الحرفية لـ"قره سراي". وعندما تتحدث عن الموصل لابد أن يتجاذب أطراف الحديث قصة القلعة وقصر السلطان وعندما تنظر إلى الموصل من الجانب الأيسر للمدينة تقف القلعة منتصبة تبهرك بقدمها ووقوفها باصالتها التاريخ.

*مزار (يحيى بن القاسم)

بين قره سراي وباشطابيا على ضفة نهر دجلة اليمنى في الموصل يقع مزار (يحيى بن القاسم) بعتبته الفريدة في طرازها المعماري ومحرابها الذي يمثل الزخرفة الإسلامية وقد تآكله القِدَم وأصيبت العتبة الفريدة الجمال بشرخ طويل لم يستطع شاعر الموصل (حبيب أفندي العبيدي) أن يلحم الشرخ لا بكلماته الشعرية ولا بهجائياته للسلطة على الرغم من أنه سكن فيه مدة ليست باليسيرة وأقام مجلسه في تلك المنطقة النائية التي طالما زارها الموصليون في الربيع حيث العشب الأخضر وشقائق النعمان والدفلى. ولا ليلاً حيث يطوف الجان حول القلعة ويتراهن رجال المدينة الأشداء على من يستطيع أن يدق سكة قرب باشطابيا.

*غزو القلعة

عندما غزا (نادر شاه) كركوك وأربيل وبغداد اتجه صوب الموصل وهو يخطط لدحر الدولة العثمانية  بقطع السُبُل والموارد عنها. وما أن سمع والي الموصل (حسين باشا الجليلي) بالخبر عام 1748م حتى دعا رجال الموصل للاجتماع في (الجامع الاحمر) وقال لهم كلمته الشهيرة (الحياة أو الموت، الشرف أو الذل، الحرائر أو الجواري) فاشتعلت الدماء في صدور أهل المدينة ووضع كل موصلي خطبة حسين باشا قرطاً في أذنه وعزم على الدفاع عن أرضه وعرضه وبدأت مدافع طهماسب تصب حممها على المدينة وترد المدافع الموصلية دون أن تتلقى مساعدة من أحد فقد هرب سكان القرى والتجأوا إلى أسوار المدينة وجاءت جماعة من سورية أثارتها الحمية للدفاع عن المدينة العريقة أو لاتقاء شر طهماسب الذي كان عازماً على غزو سورية بعد احتلال الموصل، وتلاحمت السيوف عند القلاع وتركت (الدانات) فراغات في أسوار القلعة فسارع البناؤون لتشييدها وعندما ازداد الهجوم شراسةً وضعوا أجساد الموتى فوق السور وينوها بالجص والحجر.

قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره داعش بدمّ بارد غير مبالٍ

ولما شعر طهماسب أن جيشه لا يستطيع الاستيلاء على القلعة لجأ إلى الحيلة فحفر نفقين في أسفل القلعة وملأها بالبترول أملاً بأحراق القلعة برمتها فإذا شرارة تحرق البترول وتشعل الجنود الذين كانوا يدبرون هذه الحيلة. وفي اليوم الأربعين شعر طهماسب بالعجز فأرسل إلى والي الموصل حسين باشا الجليلي يطلب الاجتماع به لتسليم المدينة فأرسل له الوالي مفتي الموصل وقائدها وابن عمه ومعهم هدية وعرض بالانسحاب عن المدينة فتردّد طهماسب ثلاثة أيام وصحت المدينة في اليوم التالي فلم تجد أثرا لجيش طهماسب إلا أنه ترك خلفه خدمه وغجره ومرضاه، بعد أن تفشى بهم وباء الطاعون.

هذه القلعة التي تعد رمزاً لبطولة أهل الموصل يكثر النساء والرجال حولها في الربيع فهي متنزه لأهل المدينة حيث يعد الطعام والبيض المسلوق و(الكشكا، وكبة البرغل والدولمة والمخللات) ويتصايح الباعة (حلاوة الخضر، حلاوة الشكر، الكركري، حبة الخضراء، حب القرع، حب الشمزي، السسي، اللوزينة، شعر البنات، المعسلة، حلاوة من السماء) ويتهافت الأطفال والنساء بأيديهن المخضبة بالحناء وشفاههن المدبوغة بـ(الديرم) لشراء (القضامة) ويعتلي الشباب المتباهون بجمال أجسادهم قره سراي ويقفزون إلى الماء والفتيات ينظرن ويتأملن ويحلمن والسباق قائم على قدم وساق بين السباحين الماهرين، وقد علوا "الايوان" الذي كان يأمر وينهي منه (سلطان لؤلؤ) الذي نصّبه آخر الأمراء الأتابكيين وصياً على ولده الصغير بعد أن أصبح أميراً. إلا أنه غدر بالأمانة وكان هو الحاكم الناهي وعندما سار جيش (هولاكو) قاصداً الموصل أرسل اليه سلطان لؤلؤ الهدايا مع ولده وقادته ليرده عنه إلا أن هولاكو أرسل في طلبه واستولى على كل ما يملك وأخذ ولده إلى فارس ونكل به ووضعه في جلد خروف وعلقه في شمس آب حتى هرأ الدود جسده. وضرب مثلاً لكل متسلّط جبّار.

قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره داعش بدمّ بارد غير مبالٍ

 *الغناء في القلعة وخيانة لؤلؤ

احتار كاظم الساهر يومًأ ما أين يصور احدى أغنياته ، وبعد تفكير اختار قلعة باشطابيا وغنى هناك وطرب المراهقون، أما (اسحق الموصلي) فهرب من الموصل إلى بغداد وغنى للرشيد أجمل ألحانه ومرت الأيام وانتقم طهماسب لهزيمته أمام رجال الموصل الأشداء فتحيّن الفرصة بعد أن اختلط سكان المدينة حابلهم بنابلهم وجاء في جيش كبير ولم يحارب هذه المرة بل خرج في استقباله أتباع سلطان لؤلؤ وسلموا له المدينة وعندما دخلت الدبابات والمدرعات أحدث آلات القتال وسادت الفوضى وكسرت الأبواب وسرقت المصارف والمحال ونكل بالأبرياء. !!! هذا وأعلنت وزارة السياحة والآثار العراقية، أن تنظيم "داعش" فجر قلعة باشطابيا في مدينة الموصل.

قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره داعش بدمّ بارد غير مبالٍ

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره داعش بدمّ بارد غير مبالٍ قلعة باشطابيا صرح موصلي عابق بالتاريخ يُفجّره داعش بدمّ بارد غير مبالٍ



GMT 09:37 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

إعطاء إشارة انطلاق مشروع تهيئة متحف قرطاج ومحيطه المباشر

GMT 17:37 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الشؤون الدينية التونسي يعلن عن أكثر من 195 ألف مترشّح للحج

GMT 17:12 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تواصل أشغال ترميم مكتبة العطارين في المدينة العتيقة التونسية

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia