الزهراء تتحول من جارية للخليفة الناصر إلى أعظم مدن الأندلس
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

باتت مرشحة لتندرج في قائمة التراث العالمي لمنظمة"اليونسكو"

الزهراء تتحول من جارية للخليفة الناصر إلى أعظم مدن الأندلس

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - الزهراء تتحول من جارية للخليفة الناصر إلى أعظم مدن الأندلس

الأندلس "إسبانيا حاليًا"
مدريد ـ العرب اليوم

تحول اسم "الزهراء" من اسم جارية لأعظم الحكام المسلمين في الأندلس "إسبانيا حاليًا"، إلى أعظم مدن الإسلام في القرون الوسطى. أطلالها التي تشيد بمجد الماضي، وما بلغته الحضارة الإسلامية من تقدم ورقي، باتت مرشحة الآن لتندرج في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة "اليونسكو" لعام 2018، وفقًا لموقع "يورونيوز"

شيدت الزهراء التي كان يطلق عليها البعض "فرساي العصور الوسطى"، من قبل ثامن خلفاء الدولة الأموية في الأندلس، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الملقَب بالناصر (912–961)، تخليدًا لذكرى أحب الجواري إليه، هذا الخليفة الذي حكم الدولة الأموية في الأندلس لمدة 50 عامًا، ولم يهنأ بالرفاهية سوى 13 يومًا كما كتب بخط يده في مذكراته، قد أمر بتشييد هذه المدينة بعد إعلان خلافته، ليستغرق بناؤها – كما ذكر المؤرخ الأندلسي ابن حيان – خمسًا وعشرين سنة، بدءً من أول يوم من محرم سنة 325هـ/936م.

تقع الزهراء، التي تضم كنوزًا أثرية كثيرة، على سفح "جبل العروس" شمال غرب مدينة قرطبة، وقد جعلها الخليفة مقرًا لدولته، لينأىَ عن صَخَب وضجيج قرطبة، إحدى عواصم الإسلام الكبرى، والتي كانت تنافس بغداد في الغرب، ، وظلت هكذا عاصمة لخلافة بني أمية في الأندلس لمدة أربعين سنة، وهي مدة حكم عبد الرحمن الناصر ونجله الخليفة العالم الحكم المستنصر" 350 ـ 366هـ"، الذي أطلق على عصريهما "ربيع قرطبة" ، وعندما أمسك الحاجب المنصور بن أبي عامر بقبضة الحكم في الأندلس، شيد مدينته الملكية الأخرى "الزاهرة" التي اشتقت اسمها من "الزهراء"، ونقل مركز الخلافة إليها في عهد الخليفة هشام المؤيد بن الحكم المستنصر.

وتضم الزهراء، التي تعرف اليوم بقرطبة القديمة، القصر الفخم الذي بناه عبد الرحمن الناصر، والذي يعد مِثالًا فريدًا في الروعة لما وصلت إليه العمارة الإسلامية، حيث بُنيت جدرانه بالرخام المطعم بالذهب والفضة، وكانت تحيط به التماثيل والتحف النفيسة.

أحاطت بقصر الزهراء الحدائق الغناء، وجلب إليها الخليفة الناصر الماء من جبال الثلج بقرطبة عبر أنابيب متقنة الصنع، وأنشأ بها قنوات لمد المدينة بالمياه، وزودها بشبكة أخرى لتصريفها، كما زخرت المدينة بالنوافير المائية، وصنعت أبوابها من العاج والأبنوس، ولقد تم توسيع مباني المدينة في عهد الحكم الثاني ابن عبد الرحمن الثالث، ولكن في العام 1010هـ ، نُهبت الزهراء على وقع الحرب الأهلية التي اجتاحتها، والصراع على الخلافة الذي عجل بسقوطها لتبدأ الأندلس عصر "ملوك الطوائف".

و أفاض مؤرخو الإسلام في وصف ما انتهت إليه تلك المدينة الملكية من العظمة والرقي، فقال في كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق": "مدينة عظيمة مدرجة البنية، مدينة فوق مدينة، فكان الجزء الأعلى منها قصورًا يقصر الوصف عن صفاتها، والجزء الأوسط بساتين، وروضات، والجزء الثالث فيه الديار والجامع".

شهدت المدينة أعظم قصص الحب العذري التي عرفها الأدب العربي، بين الوزير والشاعر الأندلسي أبو الوليد بن زيدون، وبين الأميرة الشاعرة ولادة بنت الخليفة المستكفي، وقد ذكرها ابن زيدون كثيرًا في شعره، ومنها قصيدته المشهورة:

إني ذكرتك بالزهراء مشتاقًا.. والأفق طلقٌ ومرأى الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله.. كأنه رق لي فاعتل إشفاقا
والروض عن مائه الفضي مبتسم.. كما شققت عن اللبات أطواقا
يوم كأيام لذات لنا انصرمت.. بتنا لها حين نام الدهر سراقا
كأن أعينه إذ عاينت أرقي.. بكت لما بي فجال الدمع رقراقا
لا سكن الله قلبا عن ذكركم.. فلم يطر بجناح الشوق خفاقا

وكانت الزهراء أيضًا مسقط رأس أعظم الأطباء في القرون الوسطى على الإطلاق، وهو الطبيب الجراح أبو القاسم الزهراوي، الذي كان كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف" مرجعًا في الطب لسائر أوروبا، حتى أطلقوا عليه "أبو الجراحة الحديثة".

تم أطلال المدينة الملكية اكتشافها للمرة الأولى عام 1911، ومنذ ذلك الحين أظهرت الحفريات الأثرية نحو 10% فقط من مباني المدينة البالغ مساحتها 112 هكتارًا، واليوم، تعد مدينة الزهراء موقعًا أثريًا يسعى إلى الحفاظ على خصائص العمارة الإسلامية، حيث لا يزال الموقع يحتوي على العديد من الأسرار، وهناك مواقع أخرى للتراث الإسلامي في إسبانيا سبق وأن تمّ الاعتراف بها من قبل منظمة اليونسكو، على غرار قصر الحمراء في غرناطة ومسجد قرطبة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزهراء تتحول من جارية للخليفة الناصر إلى أعظم مدن الأندلس الزهراء تتحول من جارية للخليفة الناصر إلى أعظم مدن الأندلس



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"

GMT 08:32 2021 الخميس ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاقم عجز الميزانية التونسية بنسبة 28 في المائة

GMT 06:18 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

بقلم : أسامة حجاج

GMT 23:32 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

فوائد جمة لاستخدام قناع الخيار لصاحبات البشرة الدهنية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia