لندن ـ سليم كرم
اسْتَعِدُّوا لمواجهة الإعصار، إنها العبارة الأنسب على الإطلاق لوصف الموقف عندما يصل جوزيه مورينو القوي المدمر إلى تشيلسي، حيث يفتقد الدوري الإنكليزي إلى القوة الضاربة لهذا الرجل المخضرم الذي غادر النادي الأزرق منذ ستة أعوام، ورغم ذلك، فالدوري الإنكليزي من دون مورينو مكان أكثر هدوءاً واحتراماً. فجوزيه مورينو هو ذلك الدواء الذي يحتوي على مركب من العناد وإثارة الجدل المستمرة والمخاوف
والأخطار. وبمجرد عودته إلى الدوري الإنكليزي مرة ثانية ستهب العاصفة ويختفي الهدوء ويتلاشى الاحترام من ستامفورد بريدج. فجوزيه غالباً ما يطمس الخطوط الفاصلة بين العبقرية والحماقة.
ورغم أن الصفقة لا زالت مُعلَّقة بين تشيلسي ومورينو، إلا أن عودته إلى النادي الأزرق باتت من الأمور المؤكدة، فتشيلسي يبحث عن مدير فني جديد وجوزيه مورينو يريد العودة إلى قلعة ستامفورد بريدج، وهو ما يجعل الأمر شبه محسوم، وجوزيه مورينو مستعد لما ينتظره في الدوري الإنكليزي وما شهده الدوري الإنكليزي من تغيرات على مدار ستة أعوام تَغَيَّبَ خلالها مورينو عن بريطانيا.
من المعروف أن جوزيه مورينو عبارة عن عنوان رئيس متحرك في الصفحات الأولى للصحف والمواقع الإلكترونية، حيث يجيد اختيار طريقة ظهوره وما يفعله أثناء المواقف المختلفة ويعرف كيف يسرق الأضواء من غيره من المديرين الفنيين وحتى اللاعبين في فريقه أو في الفريق المنافس. يجمع جوزيه بين خصال عدة تجعل منه مديراً فنياً مميزاً أو قل فريداً من نوعه، حيث يعشق التحكم في الخصم ووضعه في الوضع الذي يريده وإجباره على تقديم الفوز هدية للفريق الذي يدربه هذا البرتغالي الصاخب. بالإضافة إلى هذه المهارات الفنية، يُعتَبَر مدرب ريال مدريد الحالي صانع أخبار مميز لديه حس درامي عالٍ وتذوق رفيع للمناسبة التي يعيشها.
إنه يعرف كيف يُشْغِل اهتمام الجماهير حيث يركل ويصرخ في أوقات لا يتوقع منه الناس أن يفعل ذلك فيها، إلا أنه يستحوذ على اهتمام الجماهير أثناء فعل ذلك، حيث يفعلها بطريقة خاصة جداً به وكأنه ساحر. ولكن للأسف الشديد، كانت تجربة مورينو في إسبانيا من أكثر التجارب التي أدت إلى خفوت نجمه بعض الشيء، وهو ما يشير إلى إمكانية عدم عودته بالصورة الصاخبة نفسها التي كان يبدو عليها أثناء وجوده في مقصورة القيادة في تشيلسي وربما لا يستطيع جذب اهتمام الجماهير بالدرجة ذاتها وربما يكون أيضاً قد فقد القدرة على تصدر الصفحات الأولى من الصحف والمواقع الإلكترونية.
ربما يعود مورينو إلى تشيلسي ببعض كيلو جرامات طرأت على وزنه والتي من الممكن أن تجعل حركته أبطأ من ذي قبل وتفقده الخفة التي كان يؤدي بها تلك الحركات الرائعة من ركل وإشارات وما إلى ذلك، إلا أن هذه الكيلو جرامات لن تتمكن من حرمان جوزيه من مهاراته اللغوية، حيث يصر على إجادة لغة الدولة التي يدرب بها فريق كرة القدم. فجوزيه يتحدث البرتغالية، لغته الأصلية، الإسبانية والإيطالية التي أجادها في ثلاثة أسابيع فقط من توليه تدريب إنتر ميلان. ولا عجب في ذلك على الإطلاق حيث يعتبر مورينو اللغة والكلمات من أهم أدوات عمله كمدرب ويولي التصريحات الصحافية وغيرها من أشكال التفاعل مع الصحافة اهتماماً بالغاً للغاية حيث يجيد اختيار الكلمات المناسبة للموقف الذي تقال فيه. ويدل على ذلك ما يمكن أن نتوصل إليه من عبارات جاءت على المدير الفني الحالي للريال والتي تصلح للاستعانة بها كأقوال مأثورة.
وفيما يتعلق بإدارة الفريق، هناك الكثير من المهارات اللفظية والنفسية التي يجيد مورينو استغلالها حيث يحسن إطلاق التصريحات الصحافية التي تزعزع الفريق المنافس وتعزز ثقة فريقه وتؤثر في قرارات الحكام.
كانت أغلب تصريحات جوزيه مورينو وتصرفاته أثناء المبارايات من أكثر الأشياء إثارة للجدل في الدوري الإنكليزي ولن ينسى جماهير تشيلسي ما فعله مع بينيتيز وقت أن كان في ليفربول من تصرفات وأفعال وما وجهه من إهانات لمشجعي ليفربول حيث أشار إليهم بالسكوت عندما تعالت هتافاتهم، ولكن لبراعته في الخروج من المواقف الصعبة، تخلص من الحرج عندما زعم أنه كان يشير إلى أحد الإعلاميين بالمدرجات. كان ذلك في لقاء تشيلسي وليفربول في إطار كأس كارلنج في 2005.
ودائماً ما كان جوزيه يعتقد أن أرسين فينجر يتلصص عليه ويراقب ماذا يفعل في مران تشيلسي وكيف يدير الفريق حيث كان فينجر دائم الحديث عن تشيلسي على حد زعم مورينو. أما المدير الفني الوحيد الذي سلم من لسان مورينو، فهو السير أليكس فيرجيسون حيث كانت العلاقة بينهما يسودها الود، وهو ما يرجح البعض أنه يرجع إلى الاحترام والتقدير الذي يكنه المدير الفني للريال لفيرجي حيث يعده أحد أهم رموز وركائز الكرة الإنكليزية.
وكانت الطبيعة الخاصة لشخصية جوزيه مورينو سبباً رئيساً في تركه العمل لصالح تشيلسي حيث كان رومان إبراهيموفيتش، المالك الروسي لتشيلسي، يحرمه من استخدام طريقته الخاصة في إدارة الفريق، وهو ما حمل المدير الفني البرتغالي على مغادرة ستامفورد بريدج. كما كان لجوزيه مورينو العديد من التصرفات غير اللائقة وأحياناً العدائية التي أثارت ردود أفعال يسودها الاستياء.
ومن أهم هذه التصرفات التي تُنسى ما أقدم عليه مورينو من وضع أصبعه في عين تيتو فيلانوفا أثناء نزول الفريقين إلى الملعب، وهو ما اعتذر عنه المدير الفني لريال مدريد وأعرب عن ندمه على تلك الفعلة.
الخلاصة أنه بغض النظر عن جنون جوزيه مورينو، لدينا رحلته من طالب في كلية التربية الرياضية إلى خريج تربية رياضية إلى مترجم للمدير الفني السابق لبرشلونة، بوبي روبسون، إلى مدير فني تمكن من تحقيق لقب دوري الأبطال مرتين في حياته المهنية وغير ذلك من الإنجازات والمحطات، والتي تُعتبر أسطورة في عالم كرة القدم بكل المقاييس..
أرسل تعليقك