عناصر من الجيش الحكومي السوري
عناصر من الجيش الحكومي السوري
دمشق ـ جورج الشامي
استطاعت لجان التنسيق المحلية في سورية، مع انتهاء الأحد، توثيق 98 شهيدًا بينهم سبع سيدات وسبعة أطفال وخمسة تحت التعذيب، في حين استهدف "الحر" مطار منغ العسكري في حلب، وحاصر الفرقة 17 في الرقة، فيما سقطت قذائف سورية حكومية على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، في الوقت الذي أكد فيه "الحر"
أنه لا يزال يسيطر على مطار الضبعة العسكري، بينما دعا الائتلاف الوطني مقاتلي "حزب الله" إلى الانشقاق.
وسجلت اللجان المحلية مقتل ثلاثة وثلاثين في دمشق وريفها، عشرين في حمص، ستة عشر في درعا، أربعة عشر في حلب، ثمانية في إدلب، أربعة في دير الزور، وثلاثة في حماه.
وأحصت اللجان 356 نقطة للقصف كان أعنفها على القصير في حمص ومدن الغوطة الشرقية في ريف دمشق: القصف بالقنابل الكيماوية سجل في نقطتين على كل من حرستا والبحارية في ريف دمشق، القصف بالبراميل المتفجرة سجل في أربعة نقاط على مدن الغوطة الشرقية في ريف دمشق، القصير في حمص وسلمى في اللاذقية، والقصف بصواريخ أرض أرض سجل في القصير في حمص. أما القصف الصاروخي فقد وثق في 85 نقطة، والقصف بقذائف الهاون في 97 نقطة، والقصف المدفعي في 123 نقطة على مختلف المدن والبلدات السورية.
فيما اشتبك الجيش السوري الحر مع القوات الحكومية والمليشيات المساندة لها في 107 نقاط كان أعنفها في القصير في حمص: حيث صد "الجيش الحر" هجومًا لقوات "حزب الله" اللبناني وقتل عددًا من عناصره بينهم قادة وجرح العشرات.
وفي ريف دمشق تقدم "الجيش الحر" على جبهة المتحلق الجنوبي بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام قتل خلالها عددًا من عناصره وجرح العشرات، وفي حرستا استهدف "الحر" فرع المخابرات الجوية ومبنى وزارة الري وحاجز المواصلات وحقق إصابات مباشرة في صفوف قوات النظام، وفي الغوطة الغربية صد "الجيش الحر" محاولة قوات النظام اقتحام داريا ودمر دبابتين ووقتل وجرح عددًا من العناصر، كما صد محاولات اقتحام المعضمية.
وفي حلب استهدف "الحر" مطار منغ العسكري مما أدى إلى اندلاع حرائق في داخله. وفي الرقة واصل الحر" حصاره للفرقة 17 واستهدف مقراتها بقذائف الهاون.
وفي درعا دارت اشتباكات عنيفة بين "الحر" وقوات النظام في معظم حواجز المدينة تمكن "الحر" من خلالها من قتل العديد من العناصر وتدمير عدد من الآليات.
وفي إدلب اشتبك الحر مع قوات النظام في معرة النعمان وكبدهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، ودمر عددًا من الآليات والمدرعات في مناطق مختلفة من سورية.
وبث ناشطون في الثورة السورية، تسجيلاً من داخل مطار الضبعة العسكري في حمص، يثبت أنه لا يزال في قبضة الجيش الحر، نافيًا ما تردد من أنباء عن سيطرة القوات الحكومية، فيما كشفت مصادر عسكرية سورية، عن أن القوات الحكومية تمكنت من اقتحام مطار الضبعة العسكري شمال المدينة، والذي يعد خط الدفاع الرئيسي المتبقي للمقاتلين المعارضين المتحصنين في شمال المدينة.
ولا تزال المعارك العنيفة التي تشهدها مدينة القصير الإستراتيجية في حمص مستمرة، وسط محاولات من قبل القوات الحكومية و"حزب الله" للتقدم إلى نحو المدينة القريبة من الحدود مع لبنان، بالتزامن مع تعزيزات من الدبابات والمدفعية دفع بها الجيش الحكومي و"حزب الله" إلى محيط القصير تتعرض المدينة وقرى الحميدية وعرجون والضبعة لقصف عنيف من الطيران الحربي وصواريخ أرض أرض، وتدور معارك طاحنة في القصير هي الأعنف منذ هجوم القوات الحكومية ومقاتلي الحزب اللبناني على المدينة الإستراتيجية قبل أسبوع، ويتراوح معدل القصف بين 30 إلى 40 قذيفة في الدقيقة.
وأرجع خبراء عسكريون تصعيد القصف إلى فشل القوات الحكومية و"حزب الله" في تحقيق مكاسب، رغم محاولات اقتحام المدينة من تسعة محاور من الجهات الشرقية والجنوبية والغربية، حيث يؤكد "الجيش الحر" أنه يسيطر على الموقف في الجبهة الشمالية في محاور الحميدية والضبعة، وفي الجبهة الجنوبية يسيطر على الموقف من حاجز سمير رعد إلى حاجز المشتل حتى حاجز الغيطة، أما من الجبهة الشرقية فلم تفلح القوات الحكومية في التقدم رغم تعزيزات أدخلتها إلى المربع الأمني المتمثل في مفارز الأمن العسكري، والأمن السياسي، والمصرف الزراعي.
وقال مقاتل معارض من بعلبك، إن "حزب الله" اقتحم المدينة، لكنه تفاجأ بخروج مقاتلي "الجيش الحر" من الأنفاق وإحباط الهجوم، ويبدو أن "الجيش الحر" يستخدم الأنفاق في مناورات قتالية بإخفاء قواته ومفاجأة الخصم أثناء تقدمه.
وبث المركز الإعلامي السوري، تسجيلاً صوتيًا لمحادثة تم اختراقها عبر جهاز اللاسكلي بين أحد مقاتلي "حزب الله" في القصير وغرفة عمليات الحزب، حيث أظهر الحوار بين الطرفين استنجاد أحد مقاتلي الحزب على جبهة القصير بقائده على الجانب الآخر، ومطالبته له بمزيد من الدعم، بعد أن حاصره مقاتلو "الجيش الحر" من كل الجهات، حيث قال المقاتل لقيادته إنه لا يستطيع أن يرى مقاتلي "الجيش الحر"، بينما هو ورجاله مكشوفون من الجهات الأربع "للجيش الحر".
ولم تلق مدينة القصير، التي تبعد عن مركز مدينة حمص 35 كم، اهتمامًا كبيرًا من الحكومة السورية على مدى أربعين عامًا من حكم "البعث"، وأهملت بشك كبير رغم غناها بالثروات الطبيعية سواء على مستوى المنتجات وبخاصة "الزيتون"، وأيضًا المواقع الأثرية المنتشرة في أنحاء المدينة وما حولها.
وسيطرت ألوية معارضة "مسلحة" تابعة للجيش الحر و"جبهة النصرة" على مركز المدينة، وعلى مختلف القرى والبلدات التابعة لها، والتي تقدر بـ40 قرية وبلدة، في العام الماضي، ومنذ ذلك الوقت تحاول دمشق اقتحام المدينة وإعادة السيطرة عليها، استطاع خلالها "الجيش الحر" صدّ جميع هذه المحاولات، ولكن في 19 أيار/مايو الجاري بدأت حملة ضخمة من الحكومة السورية، مدعمًا بقوات من "حزب الله" اللبناني، لتتضارب الأنباء عن السيطرة، وليتبادل الطرفان الأخبار عن الواقع على الأرض، فمرة تقول الحكومة السورية إنها أعادت السيطرة على أجزاء كبيرة من المدينة وقراها المتفرقة، ومرة يؤكد الجيش الحر "المعارض" وقوفه في وجه كل المحاولات، وهنا يأتي السؤال ما هي حقيقة ما يجري هناك، وما أهمية هذه المنطقة، وما التركيبة الديموغرافية لها، وغيرها من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة.
ويبلغ سكان مدينة القصير 40 ألفًا، ومعظمهم من المسلمين السنة، فيما القرى المحيطة بالمدينة يُقدر عدد سكانها بأكثر من 60 ألفًا، وتتوزع القرى الـ40 بين 11 قرية شيعية، و4 قرى مسيحية، والباقي من القرى المنتمية إلى الطائفة السنية، ولعل أهمية هذه المدينة بمركزها وقراها في الأزمة الحالية في سورية هو وجودها على الحدود السورية اللبنانية من جهة، ولتوسطها البلاد واعتبارها طريق إمداد بين الشمال والجنوب السوري من جهة أخرى، إضافة إلى كونها جزءًا من المخطط الخاص بإقامة دولة علوية في امتداداها للساحل السوري.
وتسعى المعارضة إلى السيطرة على المدينة لقطع طريق الإمداد بين الشمال والجنوب، ولعزل الجنوب السوري، للتفرغ لمعركة دمشق، فيما تطمح قوى الحكومة السورية و"حزب الله" عبر هذه المعركة لضم المدينة إلى المناطق التي تسيطر عليها على الساحل، حيث تعدّ المدينة التي تقع جنوب طرطوس، وبانياس التي تقع شمال طرطوس، المدينتين الوحيدتين اللتين لا تسيطر عليهما الحكومة في المنطقة، كما أن الهدف الأول للحكومة هو فصل الحدود ومنع الدعم العسكري الذي يصل قوى المعارضة من خلالها.
ويُعتبر الوضع الحالي في المدينة وما حولها ونسب السيطرة بين الجيش الحر من جهة والجيش الحكومي وعناصر "حزب الله" من جهة أخرى، موضع خلاف حاليًا في غياب الإعلام المستقل فيها، وللتغطية الإعلامية المقتصرة على الطرفين، حيث يبث كل طرف أخبار انتصاراته وسيطرته على المناطق تباعًا.
وعلم "العرب اليوم"، في ظل هذا الخلاف، أن مركز المدينة بشكل كامل لا يزال تحت سيطرة قوى المعارضة، ولا صحة للأخبار التي تتحدث عن سيطرة الجيش السوري لشمال المدينة وغربها، في حين أن بعض القرى وبخاصة من جهة الحدود اللبنانية أصبحت تحت سيطرة دمشق و"حزب الله".
وفي ما يتعلق بمطار الضبعة العسكري الذي سيطر عليه الجيش الحر في السابق، فقد شهد محاولات عدة لاقتحامه من قبل القوات الحكومية، ولكن حتى الآن لم تنجح في ذلك، بل على العكس، حيث أحكم الجيش الحر السيطرة عليه، وعلى ما حوله بشكل كامل.
وتتأرجح موازين القوى في معركة القصير يوميًا، وفي الأيام الأخيرة عادت الموازين لصالح قوى المعارضة، بعد أن تفوق الجيش السوري و"حزب الله" في الأيام الأولى للمعركة، فالدعم جاء الجمعة والسبت عبر مقاتلين وصلوا القصير قادمين من حلب من "لواء التوحيد"، أكبر الألوية المقاتلة في سورية، و"جبهة النصرة" الفصيل الأقوى على الأرض في الداخل، وهذا ما دفع في المقابل "حزب الله" إلى إرسال عدد آخر من قواته إلى المنطقة، ورغم خلافية حجم تواجد الحزب في المعركة، فإن "العرب اليوم" علم من مصادر في طرفين ومن مصادر محايدة، أن عدد المقاتلين اللبنانيين اللذين يتواجدون حاليًا في القصير يتراوح بين 10 و15 ألف مقاتل، في حين أن القوات الحكومية على الأرض ليست بالعدد الكبير، ولا تزيد عن 5 آلاف مقاتل، ويدك سلاح الجو والأرض الحكومي القرى والبدلات ومركز المدينة من بعيد، من دون دخول الاشتباك إلا بشكل محدود.
وأشاع "حزب الله" في البداية، أنه يحمي القرى الشيعية من "قوى تكفيرية"، ولكن مع الوقت تخلى عن هذا الهدف، ليصبح دعمًا لقوى الممانعة في دمشق في حربها من الإرهاب، في حين شهدت المعركة في الأيام الأخيرة استخدام الصواريخ البالستية من الطرفين، ولكن بشكل أكبر من قبل القوات الحكومية و"حزب الله"، فصواريخ أرض أرض التي استخدمها الجيش السوري أدت إلى تهدم أحياء في الكامل داخل بعض القرى ومركز المدينة التي تسيطر عليها قوى المعارضة وتحولت إلى ركام، في حين أن كل تقدم حكومي وسيطرته على إحدى القرى يترافق مع حرق للمنازل والمرافق العامة، ومجازر بحق المدنيين الذين يعدون الحاضن الاجتماعي للجيش الحر.
ودعا الائتلاف الوطني في المعارضة السورية، مقاتلي "حزب الله" إلى الانشقاق، في حين تحارب عناصره المعارضة في سورية، ووعد الأمين العام للحزب حسن نصر الله، السبت، بـ"النصر".
وأوضحت المجموعة الرئيسة للمعارضة السورية، المجتمعة في إسطنبول، "لقد أجبر الرئيس السوري بشار الأسد الجيش السوري على قتل المواطنين، صارفًا إياه عن دوره الأساسي في حماية الشعب، مما دفع شرفاء الجيش إلى الانشقاق عنه، والوقوف في جانب الحق"، مضيفة "اليوم يُكرر (حزب الله) نفس الخطأ، فيجبر بعض أبناء لبنان على قتل السوريين، مما سيدفع من دون شك الشرفاء منهم إلى اتخاذ موقف يليق بأبناء المقاومة الحقيقية"، مؤكدًا "حرصه على السلم الاهلي في لبنان، وأنه يبدي استهجانه لدعوة زعيم (حزب الله) إلى نقل أي خلاف داخل لبنان إلى سورية وتصفيته فيها، في موقف لا يعبر إلا عن اضطراب مطبق لبوصلة الحزب، أو يكشف عن أنها كانت ضائعة على طول الخط".
أرسل تعليقك