القاهرة ـ محمد الدوي
أكّد وزير الخارجية نبيل فهمي، الأربعاء، أنّ أزمة اختطاف الدبلوماسيين والموظفين العاملين في السفارة المصرية لدى ليبيا تؤثر في العلاقات المصرية - الليبية، مبيّنًا أنَّ التأثير هو أن تترك انطباعًا سلبيًا لدى الرأي العام هنا وهناك، لافتًا إلى أنَّ العلاقات مع أميركا أمر حتمي، لما لها من مكانة دوليّة، ولكنها تتطلب حوارًا استراتيجيًا حقيقيًا
.
وأوضح فهمي، في تصريحات صحافية، أنه "لا مساس بالعلاقات على الإطلاق"، مؤكّدًا أنّ "احتجاز واختطاف أيّ مواطن، لاسيما من يعمل في المجال الدبلوماسي لتمثيل بلده لدى الطرف الآخر، مقابل مقايضة، هو أمر غير مقبول، ويتعارض مع كل المواثيق الدولية، وضمانات التمثيل الدولي"، مشيرًا إلى أنه "ليس هناك غرض مصري على الإطلاق من احتجاز أيّة شخصية ليبية، أو غيرها، دون وجه حق (رئيس غرفة ثوار ليبيا الذي احتجز في مصر)، فهناك تحقيق يجري، إذا انتهى إلى إدانته بشيء معين فمن الطبيعي أن تكون هناك إجراءات قانونية، مع إعطائه كل الضمانات القانونية التي يحتاجها، وإذا انتهى التحقيق دون ذلك فمن الطبيعي أن يجري الإفراج عنه".
وعن الشأن السوري، أوضح فهمي أنَّ "الخارجية المصرية ترى أنّ المسألة السورية أصبحت جيوسياسية، وليست سورية - سورية فقط، والأطراف غير السورية أصبحت أكثر من السورية، وعلى الرغم من أنَّ القضية سياسية، فهناك معاناة إنسانية غير مقبولة، ولن يتحملها أيَّ شعب"، مشيرًا إلى أنَّ "هذا المسار لن ينجح إلا إذا اتفقنا على بناء سورية جديدة، تحافظ على كيان الدولة السورية، ووحدة الأراضي السورية، لكن المنظومة السياسية يكون هيكلها جديدًا، وتفاصيلها تكون وفق خيارات سورية".
وأضاف "لهذه الاعتبارات اقترحت مصر أن يكون هناك مسار إنساني، في إطار بناء الثقة، خلال المفاوضات الجارية، وأن يكون هناك مسار مواز للمفاوضات السياسية، وكذلك أن تكون هناك اتصالات مع الأطراف الدولية والإقليمية المختلفة، التي إما تحارب بالوكالة أو تدعم الأطراف المختلفة".
وعن إدارة الدبلوماسية المصرية، أكّد وزير الخارجية أنَّ "الأصح هو دبلوماسية المبادرة والعمل الإيجابي، فنحن لا نهاجم أحدًا، ولا نقبل بأن يهاجمنا أحد"، مبيّنًا أنَّ "الأسابيع والأشهر الأولى، التي تلت ثورة 30 يونيو، نظرًا لضخامة الحدث، وتكراره مرتين في عامين ونصف العام (الثورة وإطاحة الرئيس)، كان من الطبيعي خلالها أن ينظر العالم كله تجاه مصر، متسائلاً عن حقيقة الوضع، وبالتالي قمنا بشرح ما حدث، والالتزام ما زال موجودًا، والمرجع الأساسي لكل هذا التحرك أعاد الارتياح والتوافق إلى الشعب، لأن الذي حدث في عام 2013 حمل رسالة 2011 نفسها، أيّ أنّ الرأي العام غير قابل للوضع السياسي القائم، أيًا كانت التفاصيل، ومن الذي يرأس".
وتابع "بعد خريطة الطريق كان هناك إلحاح من الدول الصديقة قبل الدول الأخرى على استعادة مصر مكانها، نريد أن نعود إلى المبادرة، ونريد أن نتطلع إلى المستقبل، باعتبار أن ما يدور في مصر ينعكس على كل المنطقة، وبدأنا عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقبلها كان السودان وجنوب السودان، قاصدين بذلك إعطاء رسالة للعالم، ولمصر، بأن العمق الاستراتيجي هو السودان ثم فلسطين والأردن، باعتبارها القضية الأساسية والمحورية".
وبشأن تطور العلاقات مع الولايات المتحدة، أكَّد فهمي أنَّ "التعامل مع أميركا، نظرًا لأهميتها السياسية والأمنية والاقتصادية، أمر حتمي لكل دول العالم، قد يكون التعامل إيجابيًا في جانب وسلبيًا في جانب آخر، لكن لا بد من التعامل معها".
واستطرد "على الجانب الآخر، بالنسبة للشرق الأوسط، لا بد من التعامل مع مصر وتأثيرها الحضاري والاجتماعي والسياسي لدى كل الدول العربية، أيًا كانت العلاقة، إيجابية أو سلبية، أو فيها دفء أو فيها برود، وحين تقول إنني لن أتعامل مع أكبر اقتصاد في العالم فأنت هنا تضيع الفرصة على نفسك، والعكس صحيح، كانت هناك بلا شك حساسيات ومشاكل، وأنا وصفت العلاقة بأن فيها ضبابية، وحدث في البداية تحسن، لكنه لم يستقر، كان في ذهنهم أن يرشحوا بعض الناس (لتولي السفارة لدى القاهرة)، وهذا ما قيل في الصحف، ثم غيروا رأيهم، أو كما يقال في الصحف إنهم غيروا رأيهم بشأن مرشح، نحن لم يصلنا حتى الآن مرشح رسمي، وعندما يصلنا ترشيح سنبحث هذا، لكن السفارة الأميركية لدى القاهرة قائمة وتعمل، وأهم شيء في المرحلة المقبلة، على ما أعتقد، هو الحوار الاستراتيجي، لأنه سيكون حوارًا بالمعنى الحقيقي".
وشدّد على أنَّ "الحوار يجب أن يتضمن القضايا التي تهم أميركا ومصر، وكيف يجري التعامل معها في نقاط الاتفاق والاختلاف، فقد نتفق في موضوع، وفي موضوع آخر لا، وقد نكون متفقين في عشرة موضوعات، وفي موضوع واحد لا، أو العكس".
وعن المساعدات، أشار إلى أنّ "جانبها المدني محدود للغاية، وكانت موقوفة جزئيًا نتيجة لموقف الإدارة الأخير، إنما مع إقرار المساعدات في الميزانية الجديدة سننظر في الإجراءات".
وفي سياق العلاقات المصرية التركية، أكّد فهمي أنه "حتى الآن من السابق لأوانه أن نقول أنّ هناك تحسنًا، هناك ترقب بيننا وبين تركيا، أحيانًا تكون هناك مواقف سلبية، وأحيانًا تجد أن هناك مواقف إيجابية، بعضها قد يعكس سياسة، وبعضها قد يكون رد فعل لشيء معين، أو حتى قد يكون غير صحيح، وهم بالتأكّيد يتابعون الوضع في مصر، ويتصورون أنّ هذا موقف سلبي، أو موقف إيجابي، بينما ربما لم يكن قد اتخذ أيّ موقف أصلاً".
أرسل تعليقك