رام الله ـ وليد أبوسرحان
هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء الخميس، بالذهاب إلى المنظمات الدولية والانضمام إليها، في حال أخلّت إسرائيل باتفاق إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ ما قبل "اتفاق أوسلو" الشهير، والذين يبلغ عددهم 104 أسرى، والذي أطلق سراح دفعة منهم مكونة من 26 أسيرًا، بعد استئناف المفاوضات مع إسرائيل برعاية أميركية. وشدد عباس، في مقابلة ضمن برنامج
"حكي على المكشوف"، بثتها فضائية فلسطين، وقناة "الفلسطينية"، على أن "المفاوضات الجارية حاليًا بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تقوم على أساس حدود الأراضي المحتلة عام 1967، مع إمكان دراسة تبادل نسبة محدودة جدًا بالقيمة والمثل للأراضي، والدولة اليهودية ليست شأننا، وأنه لا تنازل عن حدود 1967 كحدود للدولة الفلسطينية، ولا سلام من دون القدس عاصمة لها، وأن الجانب الفلسطيني وافق على تأجيل انضمام فلسطين إلى الهيئات والمنظمات الدولية لمدة تسعة أشهر، مقابل الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو، والبالغ عددهم 104 أسرى، وأن قضية الانضمام إلى المنظمات والهيئات والمواثيق الدولية غير مرتبط بعملية المفاوضات، ولم نقبل أن نذهب إلى المفاوضات مقابل وقف الانضمام إلى هذه الهيئات، وهذا الموضوع طرح بعد الاتفاق على العودة إلى طاولة المفاوضات".
وأشار الرئيس الفلسطيني، إلى أن "اتفاق إطلاق سراح أسرى ما قبل أوسلو، يُنفّذ من خلال الإفراج عن 26 أسيرًا كل ثلاثة أشهر، وإذا أخلّ الجانب الإسرائيلي بالتنفيذ، فهذا يلغي الاتفاق بشأن تأجيل الانضمام إلى المنظمات الدولية"، مضيفًا أن "المفاوضات ستبقى جارية حسب المدة المتفق عليها مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وهي تسعة أشهر، وأن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وتأكيده أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، وإصراره على اعترافنا بيهودية إسرائيل، يدل على أنه لا يريد استمرار المفاوضات، وأنه في حال التوصل إلى أي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي سيُعرض على الاستفتاء العام، فالشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة هو الذي يُقرر قبوله أو رفضه".
ولفت الرئيس الفلسطيني إلى عدم وجود دعم مادي للقدس، وعدم تنفيذ القرارات الصادرة عن القمم العربية، ودعوة البعض إلى عدم زيارة المدينة المقدسة يضرّ بصمود أبنائها، مشددًا على أنه "لا يحق للجانب الإسرائيلي تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا أو مكانيًا، وأن القدس الشرقية للفلسطينيين، وإذا كانوا يريدون السلام فليبتعدوا عن هذه الأفعال، نحن نريد السلام عبر طريق المفاوضات الجارية والتي حددت مدتها بتسعة أشهر، وأن ما يحدث الآن من انتهاكات إسرائيلية خطر جدًا، وما يجري في القدس في منتهى الخطورة، وأن المستوطنين يدخلون يوميًا ويقتلون ويعتدون على المواطنين الفلسطينيين، والجيش الإسرائيلي لا يُحرك ساكنًا بل يقف يحميهم، وهذا قد ينسف كل شيء في المنطقة، والجهود الدولية المبذولة لتحقيق السلام، وقد حذرنا الجانب الإسرائيلي والأميركي، ونحن الآن بصدد التفكير بالذهاب إلى مجلس الأمن"، فيما خاطب الشعب الإسرائيلي قائلاً "إذا كنتم تريدون السلام فأعطونا حقنا بإقامة دولتنا المستقلة على حدود عام 1967".
وبشأن الأوضاع الداخلية، أكد عباس، أن "الوضع الاقتصادي صعب للغاية، والسبب الرئيس في ذلك هو الاحتلال، لأنه يستغل مواردنا وأراضينا، مما يفاقم أوضاعنا الاقتصادية الصعبة، لذلك علينا تحمل مسؤولياتنا، ضمن القانون، وأدعوا الفلسطينيين الأغنياء في كل مكان، وأتمنى أن تُعمم تجربة التكافل الأسري، فلو تكفّل كل غني وأصحاب رؤوس الأموال بأسرة، أو فتح مشروعًا لها، لساهم في حل الأزمة، وأن الأوروبيين أكدوا للسلطة مرارًا وتكرارًا أنهم مرتاحون جدًا من الموقف السياسي الفلسطيني، وتوصلوا إلى قناعة وبالإجماع بمقاطعة منتجات المستوطنات، وملتزمون بتنفيذ القرار في 1/1/2014، ومن حقنا أن نطالب العالم كله بمقاطعة المستوطنات المُقامة على أرضنا ومنتجاتها، وأن إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بالأغوار والاستيطان فيها ليس لأسباب أمنية، وإنما لأسباب اقتصادية، فلديهم مشاريع استثمارية ضخمة في الأغوار تدر عليهم أرباحا ضخمة"، موضحًا أنه "لن يسمح بعودة الفوضى والانفلات الأمني إلى الضفة الغربية، وأن الشعب كله يرفض الفوضى، ونحن قادرون على إنهاء ظاهرة الانفلات الأمني".
وفي ما يخص المصالحة الفلسطينية، قال الرئيس الفلسطيني، "إن اتفاقي الدوحة والقاهرة ينصان على الذهاب إلى انتخابات وتشكيل حكومة تكنوقراط، لكن (حماس) في الفترة الأخيرة بدأت تتحدث عن تشكيل حكومة، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات، فلماذا؟ وقد تعقّد ملف المصالحة أكثر بسبب علاقة (حماس) بالنظام المصري في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، وتدخلها في الشؤون المصرية الداخلية، وأنه رغم كل ذلك نحن لا نريد أن نكرِّس سياسة الانقسام، و(حماس) جزء من الشعب الفلسطيني، ويجب أن تشارك في العملية الديمقراطية"، مشددًا على ضرورة توفير المستلزمات الحياتية كافة لأهالي غزة، عبر الطرق الرسمية، وإغلاق الأنفاق التي يستفيد منها البعض لجني الثروات الطائلة على حساب مصالح المواطنين.
وعن التوجه إلى الأمم المتحدة، أفاد عباس، أن "حصول فلسطين على عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة بصفة دولة مراقب، كان تتويجًا للجهود الدبلوماسية التي بذلناها لتثبيت الحق الفلسطيني وتحويل الأرض الفلسطينية من أرض متنازع عليها، كما كانوا يدّعون، إلى أراضي دولة تحت الاحتلال، وأن التصويت غير المسبوق الذي حصلت فلسطين عليه في الأمم المتحدة يؤكد أن العالم يقف مع الحق والعدل، وأنه بدأ يفهم ويقتنع بأن الشعب الفلسطيني يريد السلام، ويجب رفع الظلم عنه، ويجب أن يحصل على دولة".
وبشأن الأحداث الجارية في الدول العربية: قال عباس، "لدينا قضية أسمى من القضايا كافة، ونتألم لما يحدث من أزمات في الدول العربية، ولكن قضيتنا لا تسمح لنا أن نكون طرفًا في هذا، لا نتدخل في هذا الصراع، ونتمنى أن تحل هذه القضايا داخل إطار كل بلد، لأننا لا نقبل بأن يتدخل أحد في شؤوننا، ونحن ضد أي تدخل خارجي في شؤون الدول العربية".
أرسل تعليقك