واشنطن ـ يوسف مكي
أكَّدَ مسؤولون في الحجز العسكري على متن سفينة بحرية تابعة للقوات الأميركية في البحر المتوسط، الأحد، أنه تم القبض على ناشط ينتمي لتنظيم "القاعدة" من قِبل قوات الولايات المتحدة في ليبيا، مطلع الأسبوع، ويجري التحقيق معه، ومن المتوقع أن يتم إرساله إلى نيويورك للمحاكمة الجنائية. ويُنظر إلى الناشط، والمعروف
باسم أبو أنس الليبي، باعتباره عنصرًا مهمًا للمخابرات، حيث يمتلك معلومات عن تنظيم "القاعدة" ترجع لأيامها الأولى تحت قيادة أسامة بن لادن في السودان منذ عشرين عامًا.
ويَتبَع قرار حجز أبو أنس واستجوابه لأغراض استخبارية من دون حضور محامٍ نمطًا استُخدم بنجاح من قبل إدارة أوباما مع غيره من المشتبه في أنهم "إرهابيون"، وأبرزها في قضية أحمد عبد القادر ارسام، وهو قائد عسكري سابق مع حركة "الشباب" الصومالية وهي جماعة إسلامية.
وتم القبض على ارسام في العام 2011 من قِبل الجيش الأميركي في خليج عدن والتحقيق معه على متن سفينة تابعة للبحرية لمدة شهرين تقريبًا من دون أن ينصح بحقوقه أو يتم تعيين محامٍ له.
بعد انقطاع دام أيامًا عدة، تم إبلاغ ارسام بحقوقه، تنازل عنها، وتم استجوبه لمدة اسبوع تقريبًا من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، ثم أُرسل إلى مانهاتن للمحاكمة.
وأكّد مُدّعون اتحاديون في وثائق المحكمة: "اعترف لاحقًا بأنه مذنب ودأب على التعاون مع الحكومة ، وتوفير المعلومات الاستخباراتية عن المتآمرين معه، الذين كان من بينهم "عناصر مشتبه في أنها إرهابية دولية رفيعة المستوى".
يقيم أبو أنس على متن السفينة "يو إس إس سان أنطونيو"، وقد تم جلبها خصيصًا لهذه المهمة.
واتهم أبو أنس "49 عاما" الذي وُلد باسم نزيه عبد الحميد، في مانهاتن في العام 2000، بتهمة التآمر مع بن لادن في مؤامرات لمهاجمة قوات الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية واليمن والصومال، وكذلك في العام 1998 في احداث تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ، كينيا ، ودار السلام ، تنزانيا ، التي أسفرت عن مقتل 224 شخصًا.
ووُصف بأنه خبير الكمبيوتر الخاص بـ "القاعدة"، وساعد على إجراء المراقبة من السفارة في نيروبي، وفقًا للأدلة التي تمّ التوصل إليها في التحقيقات الخاصة بالتفجيرات، فقد وجدت السلطات دليلاً متعلقًا بتنظيم "القاعدة" في مقر أبو أنس في مانشستر، إنكلترا.
والدليل هو رسالة مفصّلة عن كيفية تنفيذ مهام قتالية، وهو يركز على وثائق مزورة، منازل آمنة، والمراقبة، والاغتيالات، رموز وتقنيات الاستجواب، بالإضافة إلى تدمير السفارات ومهاجمة المراكز الاقتصادية الحيوية، وأنه يؤيد استخدام المتفجرات لانها تسبب للعدو الرعب المطلق والخوف".
ومن غير المعروف ما إذا كتب أبو أنس هذه الرسالة، ولكن الادعاء قدمه كدليل في محاكمة أربعة نشطاء في العام 2001 أدينوا في التفجيرات، ومحاكمة أحمد خلفان غيلاني، أول معتقل سابق في خليج غوانتانامو في كوبا، يحاكم في النظام الفيدرالي.
وتم استخدام الدليل أيضًا في محاكمة 2006 في ولاية فرجينيا عن ما إذا كان سيتم فرض عقوبة الإعدام على زكريا موسوي، ما يُسمّى الخاطف الـ 20 في مؤامرة 11 أيلول/ سبتمبر "حصل على عقوبة السجن مدى الحياة".
وأكدت وزارة الدفاع في بيان، الاحد، أن أبو أنس "المعتقل حاليًا قانونيًا وفقًا لقانون الحرب في مكان آمن خارج ليبيا".
وأوضح البيان: "الأولوية الأولى بالنسبة إلينا إلقاء القبض على المشتبه في أنهم إرهابيون، والحفاظ على فرصة لانتزاع معلومات استخبارية قيّمة يمكن أن تساعدنا في حماية الشعب الأميركي".
وتم القبض على أبو أنس من جانب القوات الأميركية بمساعدة من مكتب التحقيقات الفدرالي ووكلاء "C.I.A" والبحرية، وفي الوقت ذاته نفذت غارة على الساحل الصومالي، في محاولة للقبض على زعيم بارز من حركة "الشباب"، وهي المجموعة التي نفذت مجزرة في مركز للتسوق في نيروبي قبل أسبوعين.
وأكد مسؤول أميركي آخر أن غارات الكوماندوز في ليبيا والصومال صُممت للقبض على الأهداف المقصودة، وليس لقتلهم بطائرات من دون طيار، وهو السلاح الذي تستخدمه إدارة أوباما لمكافحة الارهاب.
أبو أنس واحد من نحو عشرين متهمًا تم اتهامهم في محكمة اتحادية في مانهاتن في سلسلة من الاتهامات، بدأت في العام 1998، عندما اتهم بن لادن، والتي توسعت على مر السنين لإضافة عناصر أخرى.
وتم القبض على أبو أنس وعدد قليل من النشطاء، ويُعتقد أنه تبقّى على قيد الحياة بشكل عامّ، وأبرزهم أيمن الظواهري، نائب بن لادن، الذي نجح في الوصول لمنصب زعيم تنظيم بعد أن قُتل بن لادن في عملية اميركية 2011.
شهد واحد من مساعدي بن لادن وهو سوداني يدعى جمال أحمد الفضل الذي انشق عن الجماعة في منتصف 1990، وأصبح الشاهد المتعاون مع الحكومة الأميركية، في العام 2001 أن أبو أنس كان مهندس الكمبيوتر الذي يدير أجهزة الكمبيوتر في الجماعة.
وكان أبو أنس أيضا جزءًا من فريق صغير من عناصر "القاعدة" في 1990، وقد سافر إلى نيروبي وتولى مراقبة السفارة الأميركية وأهدافًا أخرى محتملة ليتم تفجيرها، وفقًا للائحة الاتهام وغيرها من الأدلة.
وأكدت الحكومة أنه تم عرض صور ورسوم البيانية، وتقرير مراقبة بعثة نيروبي على بن لادن في الخرطوم.
ولاقى خبر القبض على أبو أنس ترحيبًا من قِبل أفراد أُسر الضحايا.
وأكد أحدهم "بالطبع، قلوبنا ما زالت مرتبطة إلى حد كبير بذلك اليوم. إنها رسالة تذكير إلى المحاكم وغيرها من الجهات المعنية أن الشخص الذي يتم محاكمته أثر في أناس حقيقيين، الناس الذين كانوا يمثلون بلادهم في الخارج".
أرسل تعليقك