ارتفاع عدد اللاجئين السوريين إلى مليوني شخص
دمشق ـ جورج الشامي
حثّ رئيس أركان الجيش السوري الحر "المعارض" اللواء سليم إدريس، الكونغرس الأميركي على دعم قرار الرئيس باراك أوباما الخاص بالتدخل في سورية، محذرًا من "استخدام الجيش الحكومي السلاح الكيميائي من جديد"، فيما كشف عضو بارز في الائتلاف الوطني عن جهود يبذلها الائتلاف لإقناع الكونغرس
بالتصويت بالموافقة على شنّ ضربة ضد سورية.
وقال اللواء إدريس، في حديث إلى محطة "سي إن إن"، إنه تحدث في وقت سابق الإثنين، هاتفيًا مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وناقش معه خطة واشنطن بشأن سورية، وأنه يتفهم عملية اتخاذ القرارات في الدول الديمقراطية، وأن الحصول على تفويض الكونغرس سيُعزز قرار التدخل، وسيُشجع دولاً أخرى على المشاركة في حملة دولية ضد حكومة دمشق.
ورأى قائد الجيش السوري الحر، أن "الحكومة السورية قد تستخدم في الأيام أو الأسابيع المقبلة، السلاح الكيميائي من جديد، لقتل 20 أو حتى 30 ألف شخص، وأن الجيش الحر يأمل في أن يتخذ الكونغرس قرارًا صحيحًا ويدعم أوباما"، فيما نفى إمكان وقوع أسلحة غربية في أيدي متطرفين، قائلاً أن "المتشددين الإسلاميين يُمثلون قسمًا صغيرًا من المقاتلين في سورية، وأن الحر لا يتعاون معهم".
وأكد مصدر من داخل الائتلاف الوطني السوري، فضّل عدم ذكر اسمه، أن "مكتب الائتلاف في واشنطن، شكّل خلية عمل بالتنسيق مع هيئة الائتلاف السياسة والأمانة العامة، لمتابعة الرأي العام الأميركي، لا سيما أعضاء الكونغرس، وإقناعهم بأهمية التصويت الإيجابي، وأن الائتلاف يعمل على تشكيل وفد لزيارة العاصمة الأميركية ولقاء أعضاء الكونغرس، بالتزامن مع تنفيذ الائتلاف حملة إعلامية وإعلانية لإقناع الرأي العام الأميركي بعدالة الثورة السورية".
من جهة ثانية أعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، في بيان لها، الثلاثاء، أن عدد اللاجئين السوريين تخطى المليونين لاجء، في حين كان عددهم قبل عام واحد 230 ألفًا و671 لاجئًا، انضم إليهم 1,8 مليون لاجئ جديد خلال الأشهر الـ12 الأخيرة.
وقال المفوض الأعلى للاجئين انطونيو غوتيريس، في البيان، "إن سورية أصبحت مأساة هذا العصر الكبرى، كارثة إنسانية مشينة مع ما يواكبها من معاناة وعمليات تهجير لم يشهدها التاريخ الحديث، وأن العزاء الوحيد هو الإنسانية والأخوة اللتين تبديهما دول الجوار في استقبالها هذه الأعداد الطائلة من اللاجئين وإنقاذ حياتهم".
وأوضحت مندوبة المفوضية انجلينا جولي، أن "العالم يجازف بتغاضيه الخطير عن الكارثة الإنسانية السورية، وإذا استمر تدهور الوضع بهذه الوتيرة، سيزداد عدد اللاجئين، ويمكن أن تصل بعض البلدان المجاورة إلى نقطة اللاعودة، وأن العالم على خلاف مأساوي حيال طريقة وقف النزاع السوري، لكن يجب ألا يكون هناك أي تذمر من الحاجة إلى تخفيف الآلام البشرية، علينا أن نساعد ملايين الأشخاص الأبرياء المطرودين من منازلهم، وأن نزيد قدرة البلدان المجاورة على التعاطي مع هذا التدفق للاجئين".
وأشارت الحصيلة التي أعلنتها المفوضية، الثلاثاء، إلى مليوني سوري مسجلين بصفة لاجئين، أو في انتظار تسجيلهم، وفي نهاية آب/أغسطس الماضي، بلغ عدد اللاجئين 110 آلاف في مصر، و168 ألفًا في العراق، و515 ألفًا في الأردن، و716 ألفا في لبنان، و460 ألفًا في تركيا، وقرابة 52% من هؤلاء اللاجئين هم أطفال في السابعة عشر من العمر أو ما دون، وأعلنت المفوضية العليا للاجئين في 23 آب/أغسطس، أن عدد الأطفال بين اللاجئين السوريين تخطى المليون، فيما أعلنت المفوضية عن عقد اجتماع على المستوى الوزاري للبلدان التي تستقبل اللاجئين لمناقشة زيادة المساعدة الدولية، الأربعاء المقبل، في جنيف.
وسط ذلك اعتبر مشرّعون أميركيون أن التفويض الذي طلبه الرئيس باراك أوباما من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية في سوريا فضفاض، في حين حذر السناتور الجمهوري جون ماكين من أن رفض الكونغرس التفويض سيكون كارثة، فيما يناقش برلمان فرنسا الأربعاء الملف السوري بجلسة "من دون تصويت" بينما تتحرك باريس بشكل مكثف لتشكيل ائتلاف دولي داعم لمعاقبة النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيميائية، والذي كشفت المخابرات الفرنسية تفاصيل استعماله من قِبَلِ دمشق قبلَ نحو أسبوعين بالغوطة قرب دمشق.
وقال رئيس الحكومة جان مارك أيرولت إن "نقاشا برلمانيا حول الوضع في سوريا سيجري الأربعاء، إلا أنه سيكون "من دون تصويت".
وبذلك الخيار يرفض أيرولت طلبات فئة من المعارضة تسعى لإعطاء الكلمة للبرلمان قبل الموافقة على أي عمل عسكري في سوريا، على غرار ما حصل في بريطانيا والولايات المتحدة.
وقال أيرولت إنه "مهما كانت الاحتمالات فإن القرار الأخير لرئيس الجمهورية ولن يؤخذ إلا بعد تشكيل ائتلاف دولي".
وأضاف أن "الرئيس فرانسوا هولاند يواصل عمله لتشكيل هذا الائتلاف في أسرع وقت ممكن لمعاقبة النظام السوري على استخدامه السلاح الكيميائي".
وقد وجد هولاند نفسه بموقف حساس بشأن سوريا بعد أن قرر البيت الأبيض إحالة مسألة التدخل العسكري في سوريا إلى التصويت بالكونغرس الذي لن يجتمع قبل التاسع من سبتمبر/أيلول.
وقالت رئيسة لجنة الدفاع بالبرلمان الفرنسي باتريسيا آدام إنه "إذا رفض الكونغرس الأميركي التدخل، فإن فرنسا لن تقوم به".
وإثر لقاء أمس الاثنين استمر أكثر من ساعتين مع ممثلي الكتل البرلمانية، اعتبر أيرولت أن "لا أحد ينكر حقيقة" الهجوم الكيميائي في 21 أغسطس/آب ومسؤولية دمشق عنه.
وأضاف أن "فرنسا عازمة على معاقبة استخدام نظام بشار الأسد للسلاح الكيميائي وردعه عن اللجوء إليه مجددا عبر عمل حازم ومتناسب". وكرر أن الهدف ليس "إسقاط" نظام الأسد ولا "تحرير سوريا".
وقد وجه الرئيس السوري بشار الأسد الاثنين في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية "تحذيرا خاصا إلى باريس من مغبة المشاركة بأي عمل عسكري ضد سوريا وتأثير ذلك على مصالح باريس، وحذر من خطر اندلاع "حرب إقليمية" في حال توجيه ضربة عسكرية محتملة إلى بلاده".
وتزامن ذلك مع نشر الحكومة الفرنسية وثيقة استخباراتية رفعت عنها السرية حول "البرنامج الكيميائي السوري" و"حالات سابقة لاستخدام عناصر كيميائية" و"الهجوم الكيميائي" الذي وقع قبل نحو أسبوعين.
وتتضمن الوثيقة التي أصدرها جهازا المخابرات العسكرية والخارجية، خمس نقاط تشير إلى أن "الأسد مسؤول عن الهجمات"، واعتبرت أن ذلك "يمثل تهديدا كبيرا للأمن الوطني والعالمي".
كما تتضمن صورا بالأقمار الصناعية تظهر أن الهجمات شنت من مناطق تسيطر عليها الحكومة إلى الشرق والغرب من دمشق وتستهدف مناطق تسيطر عليها المعارضة، مشيرة إلى أن قوات الأسد قصفت مناطق الهجوم بعد ذلك لمحو الأدلة.
كما اعتبر مصدر حكومي فرنسي أنه "على عكس الهجمات السابقة التي استخدمت كميات صغيرة من المواد الكيميائية ولم تكن تهدف إلى ترويع الناس، كان هذا الهجوم تكتيكيا واستهدف استعادة أراضٍ".
من جهة أخرى بدأ المشرعون الأميركيون الاثنين العمل على إعداد نسختهم من مشروع قانون للتفويض باستخدام القوة العسكرية في سوريا في ظل تخوفهم من أن يفتح المشروع الذي أعده الرئيس أوباما الباب أمام إمكانية استخدام القوات البرية أو شن هجمات على دول أخرى.
وقال مسؤول بالحكومة الأميركية إن "البيت الأبيض مستعد لإعادة صياغة المشروع لتهدئة مخاوف المشرِّعين"، وأضاف أن "الحكومة مستعدة لإجراء تعديلات "في إطار الضوابط التي شرحها الرئيس من قبل".
ويتضمن الاقتراح الأولي لأوباما الذي أصدره البيت الأبيض يوم السبت، تفويض الرئيس باستخدام القوات المسلحة "بما يراه ضروريا ومناسبا فيما يتصل باستخدام أسلحة كيميائية أو أسلحة دمار شمال أخرى في الصراع السوري".
ومن الواضح أن الاقتراح يسمح أيضا باتخاذ إجراء عسكري للحيلولة دون نقل هذه الأسلحة من سوريا وإليها.
ومع أن التفويض فيركز على استخدام أسلحة كيميائية ضد معارضي الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين ونصف العام في البلاد، إلا أنه لم يحدّد إطارا زمنيا لأي عمل عسكري أو يقصره على سوريا ولم يحتو على قيود أخرى كافية بصورة واضحة لإرضاء الكثير من المشرعين الأميركيين.
وقال مساعد في مجلس الشيوخ الأميركي إن السناتور الديمقراطي روبرت مننديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وهاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس تباحثا الاثنين بخصوص نص النسخة المعدلة من مشروع التفويض التي يعدها مجلس الشيوخ.
وقد تبدأ اللجنة مناقشة نسخة مجلس الشيوخ من المشروع يوم الأربعاء لطرحه على المجلس بكامل أعضائه لمناقشته في الأسبوع المقبل.
ومن المقرر أن يعود مجلسا النواب والشيوخ من عطلتهما الصيفية يوم التاسع من سبتمبر/أيلول المقبل وينبغي أن يوافق المجلسان على التفويض، ولم يتضح ما إذا كانت حكومة أوباما تضمن كسب أصوات كافية للموافقة عليه.
وكان أوباما قال إنه ليس ملزما بالحصول على تفويض من الكونغرس لتنفيذ ضربة عسكرية في سوريا.
وقال النائب جيمس مكغفرن الديمقراطي عن ماساشوستس "مشروع القرار الذي يقدمونه الآن واسع جدا، وأعتقد أن من يتعاطفون مع الحكومة الأميركية قد يجدون صعوبة في كسب التأييد له".
وقال السناتور روي بلانت الجمهوري عن ميسوري للصحفيين بعد إفادة سرية استمرت ثلاث ساعات للمشرعين يوم الأحد "التفويض الواسع الذي طلبه الرئيس يثير الكثير من القلق في نفسي وعند الآخرين". وأضاف قوله "أعتقد أنه سيتم تقليص هذا التفويض الأسبوع المقبل".
وقال بعض المحللين القانونيين إن طلب أوباما التفويض باستخدام القوة العسكرية قد يفسح المجال أمام اتخاذ إجراء عسكري ضد دول أخرى غير سوريا إذا اعتبر أنها على صلة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
ورغم تأكيد البيت الأبيض المتكرر على أن العمل العسكري الأميركي في سوريا لن يتضمن "قوات برية"أ فان الكثير من المشرعين يريدون أن ينص التفويض على عدم إرسال قوات أميركية إلى سوريا.
وقال معظم المشرعين إنه إذا اتخذ أي إجراء عسكري فإنه يجب أن يقتصر على الضربات الصاروخية في الأراضي السورية أو تقديم مساعدات للمعارضين الذين يقاتلون للإطاحة بالأسد.
وقال النائب الديمقراطي كريس فان هولن عن ماريلاند إنه يريد توضيح التفويض بحيث ينص على عدم إرسال قوات أميركية إلى سوريا. وأضاف أنه يريد بعد توجيه ضربة أولية أن أي استخدام آخر للقوة يجب ألا يحدث إلا اذا استخدمت حكومة الأسد الأسلحة الكيميائية مرة أخرى.
في هذه الأثناء قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين الاثنين إن تصويت الكونغرس برفض طلب الرئيس باراك أوباما الموافقة على قرار يجيز استخدام القوة في سوريا سيكون "كارثيا".
وقال ماكين بعد اجتماع مع أوباما في البيت الأبيض الاثنين إن "تصويت الكونغرس ضد القرار سيكون في رأيي كارثيا. هذا الأمر من شأنه المساس بصدقية الولايات المتحدة والرئيس الأميركي. لا أحد يتمنى ذلك".
وأضاف ماكين -الذي يدعو إلى عملية عسكرية واسعة النطاق في سوريا- "نريد العمل على القرار للقيام بشيء يحصد دعم الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ".
وقال ماكين وهو جمهوري إنه وجد الاجتماع مشجعا، لكن ما زال أمام الإدارة "طريق طويل" حتى نصل إلى اعتماد القرار.
وأوضح أنه والسناتور الجمهوري ليندسي غراهام- الذي حضر أيضا الاجتماع مع أوباما في البيت الأبيض- يحبذان تعديل القرار لتوسيعه حتى لا يكون مجرد رد على استخدام أسلحة كيميائية على أيدي حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وتابع "نريد النص على هدف يؤدي تحقيقه مع الوقت إلى الحد من قدرات بشار الأسد وزيادة وتطوير قدرات الجيش السوري الحر والحكومة السورية الحرة حتى يمكنهما أن يزيدا القوة الدافعة في ساحات القتال".
ويؤيد ماكين وغراهام منذ فترة طويلة التدخل الأميركي ضد الأسد، بينما حاول الرئيس الديمقراطي أوباما البقاء خارج الصراع حتى الآن.
من جهة أخرى يشارك وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان جون كيري وشاك هيغل اليوم الثلاثاء في جلسة استماع برلمانية في مجلس الشيوخ الأميركي للدفاع عن القيام بتدخل عسكري في سوريا.
وصرح مصدر في مجلس الشيوخ لوكالة الصحافة الفرنسية بأن المسؤولين سيقدمان شهادتهما أمام لجنة الشؤون الخارجية التي سيشارك فيها أيضا رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي.
وسيعود كيري الأربعاء إلى الكابيتول لحضور جلسة استماع في مجلس النواب.
أرسل تعليقك